الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

برشلونة.. فريق من عالم آخر...

نشر بتاريخ: 30/11/2010 ( آخر تحديث: 30/11/2010 الساعة: 14:49 )
بقلم: محمد زهران

أمام أكثر من 400 مليون مشجع حول العالم، أثبت فريق برشلونة الاسباني، وبما لا يدع مجالاً للشك، أنه الفريق الأول في العالم و بفارق كبير جداً عن أقرب منافسيه.

فريال مدريد الذي أنفق خلال السنتين الماضيتين أكثر من 400 مليون يورو في شراء أفضل اللاعبين في العالم وعلى رأسهم البرتغالي كريستيانو رونالدو ظهر في مباراة الأمس "الكلاسيكو" كالحمل الوديع أمام سطوة كتالونية قام بها ميسي ورفاقه، فالخماسية الكتالونية في مرمى كاسياس ترافقت مع أداء مذهل واستعراضي حيث قام لاعبي البرشا ب684 تمريرة صحيحة في المباراة وسيطرة كاملة على المباراة من خلال امتلاك الكرة بنسبة 67% من عمر اللقاء مع فرص كثيرة ضائعة لتسجيل أهداف أخرى.

برشلونة الذي وجد نفسه متقدماً على الغريم بنتيجة 2-0 بعد 18 دقيقة وبنتيجة 4-0 في الدقيقة 58 فقط من عمر اللقاء كان وفياً لتقاليده، فقد لعب برشلونة بطريقته التي يتميز بها عن باقي أندية العالم، ذلك النهج الذي أسسه الأسطورة الهولندي يوهان كرويف من خلال الكرة الهجومية الشاملة والذي يتعلمه أبناء النادي منذ الطفولة ويتقدمون به عبر الفئات السنية ليصبحوا نجوماً في الفريق الأول يتقنون هذا النهج المميز من كرة قدم تجمع ما بين المتعة و الأهداف بأداء هجومي شامل.

"برشلونة ... فريق من كوكب آخر" هكذا كان عنوان صحيفة ليكيب الفرنسية بعد مباراة الكلاسيكو بالأمس، وفي الحقيقة، فان برشلونة يبتعد كثيراً عن مستوى باقي فرق العالم سواء في اسبانيا أو في باقي دول أوروبا، فريال مدريد الذي لم يخسر أي لقاء منذ بداية الموسم حتى الأمس لم يخسر بالخمسة بسبب ضعفه بقدر ما هو بسبب قوة برشلونة.

فالفريق الكتالوني الذي يمتلك طريقة اللعب الخاصة به والتي يحفظها اللاعبون عن ظهر قلب، طبق أسلوبه بالأمس بشكل مثالي، فكان سريعاً في تناقل الكرات بين أقدام اللاعبين وكان حريصاً على عدم فقدان الكرة للمنافس وحريصاً ايضاً على استخلاصها منه بأسرع وقت ممكن، كما انه كان يلعب بروح عالية و باحساس كبير في المباراة وبثقة كبيرة بالنفس، هذه التكتيكات التي اندمجت بالأمس مع مهارة لاعبين هم الأفضل في العالم أمثال ليونيل ميسي و أندرس انيستا وتشافي هيرناندز أفرزت لنا برشلونة الذي رآيناه كلنا بالأمس.

في كرة القدم العصرية، حيث الهالة الإعلامية التي تصاحب الفريق البطل، يصعب على الفرق الكبرى وعلى اللاعبين الكبار إيجاد الحافز للاستمرار بالمنافسة بعد فوزهم بالبطولات، وعلى اعتبار أن برشلونة فاز في الموسمين الماضيين بكل البطولات التي يمكن أن يفوز بها أي فريق في العالم وحصل على إشادة كل متتبعي كرة القدم بسبب كرة القدم الممتعة والفائزة التي يقدمها، فقد يكون من بين أصعب المهام التي على مدرب برشلونة – بيب غوارديولا - القيام بها هو إيجاد الحافز والرغبة بالاستمرار بتحقيق الفوز والبطولات، ولكن من الواضح أن نادي ريال مدريد دائماً ما يساهم في تسهيل هذه المهمة على غوارديولا، فالنادي الملكي الذي أصبح يعيش في ظل برشلونة انفق مئات الملايين من اجل التعاقد مع لاعبين نجوم في الموسم الماضي، الأمر الذي خلق الحافز لدى لاعبي برشلونة لتحقيق الفوز على ريال مدريد بنجومه الكبار فكان فوز البرشا الموسم الماضي في بطولة الدوري الاسباني وكأس السوبر الاسباني وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية وكان ايضاً فوز البرشا بمبارتي الكلاسيكو الذهاب والإياب على نجوم ريال مدريد وأولهم البرتغالي كريستيانو رونالدو و البرازيلي كاكا.

في الموسم الحالي، قام ريال مدريد بالتعاقد مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينهو، ذلك المدرب القوي تكتيكاً وصاحب الشخصية الاستفزازية. مورينهو، الذي يلقب نفسه بال " special one" ، والذي عمل مترجماً في نادي برشلونة في فترة تدريب الانجليزي روبسن للنادي الكتالوني، قام بعد مباراة انتر ميلان ضد برشلونة في نصف نهائي أبطال أوروبا الماضي بالركض على ارض الكامب نو معقل برشلونة احتفالاً بتأهل فريقه إلى نهائي الأبطال، الأمر الذي استفز مشاعر الكثير من مشجعي برشلونة.

كما قام مورينهو ومنذ بداية الموسم الحالي بانتقاد حكام الدوري الاسباني واتهامهم بمحاباة برشلونة من اجل الضغط عليهم ليساعدوه في ايقاف برشلونة وقام ايضاً باتهام " بريسيادو " مدرب فريق الراسنغ سانتاندير بأنه أعطى الفوز لبرشلونة قبل اللقاء بسبب إشراكه عدد كبير من اللاعبين الاحتياط علماً أن الراسنغ خسر فقط بنتيجة 1-0 على ارض الكامب نو و هو ايضاً اتهم الكثير من الأندية في اسبانيا بأنها لا تلعب ضد برشلونة بالجدية المطلوبة و هو الذي قال بسخرية حول عدم تسجيل مهاجم ريال مدريد هيغوين لأهداف في بداية الموسم " هناك أندية جلبت مهاجمين بعشرات الملايين و لم تسجل أهداف " في إشارة إلى عدم تسجيل ديفيد فيا مهاجم برشلونة لأهداف مع فريقه الكتالوني في الفترة الأخيرة.

من جهته، قام كريستيانو رونالدو مهاجم ريال مدريد بالتقليل من أهمية فوز برشلونة الأسبوع الماضي على فريق الميريا بنتيجة 8-0 بقوله "سنرى إذا كان برشلونة قادراً الأسبوع القادم على تسجيل ثمانية أهداف في مرمانا" .

كل هذه الاحداث التي جرت خلال الأسابيع الماضية كانت تسهل على غوارديولا إيجاد الحافز لدى لاعبيه للفوز في المباريات و لتقديم أفضل ما لديهم، فكانت النتيجة التي رأيناها بالأمس ... إعصار كتالوني في الكامب نو جرف غرور مورينهو بكرة قدم حقيقية جمعت بين المتعة والأهداف والفوز والصدارة. فرد ديفيد فيا على مورينهو بتسجيل هدفين في مرمى ريال مدريد و اظهر برشلونة سبب ظهور منافسيه ضعفاء أمامه وفي النهاية وبالرغم من أنها لم تكن ثمانية، الا أنها كانت خماسية يا رونالدو.

برشلونة أنصف كرة القدم.. فأنصفته.. وكل كلاسيكو وانتم بخير