الأربعاء: 25/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

هديل ابو تركي.. يُتم من نوع جديد وطفولة قيد التنفيذ

نشر بتاريخ: 04/12/2010 ( آخر تحديث: 06/12/2010 الساعة: 11:39 )
الخليل- معا- هذه هي المرة الثانية التي تمتد فيها مخالب الاحتلال لزهرة من هذا الوطن، لم تطرق بابها بل انتزعتها في وضح النهار، فعندما دقت الساعة الثلاثين دقيقة بعد العاشرة معلنة بزوغ نهار يوم جديد لترفع الستارة لتبدأ الحكاية بأبعاد ودهاليز متقوقعة، ليشهد منتصف نوفمبر من هذا العام وخلف رتوشه متأرجحة الغياب، ودونا عن مثيلاتها اللواتي يجلسن على مقاعد الدراسة، تحرم هديل أبو تركي ابنة خليل الرحمن والتي لم تتجاوز سنين عمرها سوى خمسة عشر عاما ونيف.. فباتت مقيدة اليدين ومعصوبة العينين.. فإلى متى؟.

كثيرون يرهقهم اليتم بغياب أحد الوالدين، أما أبو تركي فقد أرهقها اليتم بوجودها خلف القضبان وبتغييب مفتعل للوطن من أحدهم.

لقد تعبت من الرجوع ... وإعادة سرد تفاصيل الجرح.. جرح عمرها الذي جفف صخور أملها بعد جولة الاعتقال الثانية، فتقول: لأول مرة أرى كاميرات المراقبة الدائمة، وذلك بغرفة التوقيف القذرة وغير المريحة بالطبع، وأرى ذاتي أنني لم أعد صغيرة.. ربما تجاوزته بعشرة أعوام على الأقل.. لقد تجاوزت مرحلة وبدأت بأخرى.. وهي ضرورة اعتيادي على الجدران الضيقة المحيطة بي ففي المرة الأولى اعتقلت انا وأمي لمدة شهر.. فأين قوانين حقوق الإنسان؟ هل هي مجرد حبر على ورق؟.


"تعبت جدا، أخذوني للتحقيق في ما يسمى (كريات أربع) وبقيت جالسة على كرسي مقيدة ولمدة يومين. في أول يوم منعوا عني مقومات العيش: الماء والغذاء، لقد اعتدت على الصوم على طريقتهم الخاصة ليحضروا لي في اليوم التالي وجبة غداء وسط تهديدات باستمرار اعتقالي لعامين آخرين".


بعض عبارات قالتها "الطفلة الاسيرة" وهي شائكة في دوامة من الاندهاش وعدم فهم ما يجري تاركة المجال لخيالها الواسع في ايجاد ترجمة لما يحدث لتتوقف عند حقيقة اللامفهوم. وكيف ترى تفسيرا لما يحدث وخاصة ان الفلاسفة واصحاب الخيال الاوسع من خيال تلك الصغيرة لم يستطيعوا تفسير ذلك المشهد سوى بترك علامات استفهام متواصلة لا تنتهي!.


بعنفوان حياتهم، يقتادهم الاحتلال الى غرف التحقيق واحدا تلو الاخر، ليحفر الاحتلال عميقا في أوردتهم وشرايينهم وكافة تفاصيل حياتهم..فلابد أن يتميز الفلسطينيون حتى بألمهم، لا سيما أطفالهم.. وأستذكر هنا بعض ما قيل في اطفال فلسطين.

يا أيها الأطفال: قد..حارت جميع الألسن

تهوى الجبال وتنحني..وجباهكم لا تنحني

أطفالنا في قدسنا..ثبتوا ثبات المؤمن

من ينقذ الأطفال..من..يحمي الشذا في موطني؟