الخميس: 10/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

قانا المخضبة بدماء اطفالها غيبت قصدا عن الصفحات الاولى للصحف الاسرائيلية التي تعاملت معها كحادث سير !

نشر بتاريخ: 31/07/2006 ( آخر تحديث: 31/07/2006 الساعة: 18:21 )
بيت لحم - معا- احتلت مجزرة قانا التي اودت بحياة ستين مواطنا لبنانيا بينهم 30 طفلا عناوين الصحف العالمية وملات شاشات التلفزة العالمية لساعات طويلة من البث المباشر امس لكنها لم تجد لها موقعا على الصفحات الاولى للصحف العبرية الصادرة اليوم .

فقد ابرزت الصحف العبرية الرئيسية الثلاث قرار اسرائيل تعليق الغارات الجوية لمدة 48ساعة وكأنه حدث الساعة دون ان تضع مجزرة قانا حتى في خلفيات القرار المشفوع بتهديد الموت بمواصلة تلك الغارات في حال تعرضت اسرائيل للهجوم .

وتناولت الصحف الثلاث مجزرة قانا من زاوية خدمتها لمصالح حزب الله دون ان تغفل الاشارة المباشرة لمسؤلية الحزب عن تلك المجزرة الرهيبة .

واجمعت الصحف الثلاث على عدم منح حزب الله فرصة الاستفادة من تلك المجزرة في تحقيق هدفه المتمثل بوقف غير مشروط لاطلاق النار .

وجندت الصحف الكثير من الكتاب والمحللين الذين تنافسوا على نشر مقالاتهم وتحليلاتهم التي تدعو الى عدم التوقف عند هذه النقطة والاستمرار في القتال رغم اسفهم الخجول لما حدث في قانا .

فقد نشر المحلل والكاتب بن كسفي مقالا في صحيفة معاريف بعوان " لن نتراجع " التي لم تذكر المجزرة لا على صفحتها الرابعة وتحت عنوان " الغارة التي احرجت اسرائيل " استهله بسيناريو كلمة لرئيس الوزراء وجهها لزعماء العالم قال فيها " اعزائي زعماء العالم ان العين لتدمع والقلب ليحزن حين مشاهدة صور قانا القاسية لكنني اقول لكم ومن القدس بان دولة اسرائيل لن توقف عملياتها ضد لبنان ".

اما صحيفة "يديعوت احرونوت" الاوسع انتشارا فقد غطت المذبحة من زاوية قرار تعليق الغارات فعنونت خبرها الرئيسي بان اسرائيل خضعت لضغوط الولايات المتحدة وعلقت عملياتها الجوية في اعقاب احداث قانا دون ان تصفها حتى بالقصف على قانا وكأن الامر لا يعدو كونه احداث شغب من طرفيين متقابليين .

واستعانت الصحيفة بعدد لا بأس به من الكتاب والمحللين الذين مهروا مقالتهم باسمائهم الكبيرة مثل المحلل الكس فشمان الذي نشر مقالا على الصفحة الاولى حمل عنوان "ممنوع التوقف " استهله بالقول بانه ليس فقط يجب ان لا نتوقف بل يحظر علينا التوقف دون ان ينسى تذكير القراء باعراف واخلاق اسرائيل التي تحترم الحياة الانسانية .

ولم تشذ صحيفة "هأرتس" المحسوبة على اتجاه اليسار الاسرائيلي كثيرا عن القاعدة فزينت صفحتها الاولى بقرار تعليق العمليات الجوية مع عنوان جانبي باحرف صغيرة وان كانت باللون الاحمر حول مقتل المدنيين اللبنانيين في قانا مستخدمة صيغة المبني للمجهول في وصف المجزرة وكأن المدنيين قتلوا بفعل حادث سير او كارثة طبيعية او على يد مجهول مستعينة هي الاخرى بكتابها ومحليليها الذين اجمعوا تقريبا على تحميل حزب الله مسؤولية المجزرة وفي احسن حالاتهم دعو الى عدم تمكين حزب الله من الاستفادة منها معتبرين توقيتها الافضل بالنسبة للسيد حسن نصرالله .

وحتى ننصف الصحيفة فقد سعت الى تمييز نفسها عن شقيقاتها بنشرها اسفل صفحتها الاولى مقاطع من روايات ضحايا المجزرة وشهاداتهم مرفقة بصورة لمواطن لبناني يشير بيده الى مجموعة من الجثامين الملقاة على ارض قانا المخضبة بدماء اطفالها .