السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حزب الله وخلق الله/ بقلم : محمد عبد النبي اللحام

نشر بتاريخ: 01/08/2006 ( آخر تحديث: 01/08/2006 الساعة: 22:52 )
خيوط الروابط الجغرافية والسياسية والديمغرافية والثقافية ما بين فلسطين ولبنان عميقة وذات أوجه شبه تصل لحد الشراكة في عقود من القهر المشترك والدم المشترك والمصير المشترك والفكر الذي اثر وتأثر في الآخر فلنا عندهم ولهم عندنا .

وما لفت نظري جملة المفارقات على هامش الأحداث الصاخبة التي تشهدها الساحة اللبنانية والساحة الفلسطينية من تباين صحي أحيانا ومسيء أحيانا أخرى.

ففي الوقت الذي خرج فيه السيد حسن نصر الله على وسائل الإعلام منتشيا بنصر الصمود وبإلتفاف الجماهير العربية وحتى العالمية المسحوقة وذلك قبل مؤتمر روما وبكل ثقة ومسؤولية وطنية قال انه يسلم أمر التفاوض بشأن الجنديين الأسيرين و تتمت العملية الساسية للحكومة ويمثلني في ذلك السيد نبيه بري.

وفي المشهد المقابل وأثناء مؤتمر روما خرجت الجزيرة بصوت وصورة السيد مشير المصري الناطق بلسان حركة حماس ليقول (من غير المسموح لأحد التفاوض او تقرير مصير الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط سوى الجماعة التي خطفته) .

ففي الوقت الذي سلم السيد نصر الله أمر القضية اللبنانية للحكومة لأن الواقع لم يعد مختزلا بقضية جنديين بل بقضية وطن ومصير شعب ومعادلات دولية وإقليمية يدركها السيد نصر الله ويتعامل معها بحنكه تكسبه المزيد من الاحترام ومن نصر سياسي وجماهيري بعد النجاحات في ساحات المعارك الحربية .

وعندما قال السيد نصر الله الحكومة يدرك تماما ان ذلك يعني انه يسلم للسنيورة والحريري ولجنبلاط ويعني ذلك المعسكر المعادي له سياسيا والمصطف في الخندق الأمريكي والأوروبي والذي يسعى لطحن حزب الله وإخراجه من الساحة .

وعودة لتصريح السيد مشير المصري الذي جاء ردا على تصريح دبلوماسي هادئ للرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما قال في روما موضوع الجندي الاسرائيلي الأسير لدينا في طريقة للحل مع التذكير أن هناك عشرة الاف اسير فلسطيني يقبعون في السجون الإسرائلية مطالبا العالم بضرورة الافراج عنهم.

وكأن الرئيس عباس قد كفر وكان لزاما على المصري ان يرده عن دين الكفر .
وكان يجب على الرئيس عباس ان يقول في روما ( والله لا أعرف شيء عن الجندي أسألوا مشير المصري والخاطفين ).

فشتان ما بين حنكة نصر الله وخلق الله .

وفي معرض المقارنة وجدنا السيد نصر الله كيف تعامل مع تداعيات الانتصار العسكري والسياسي عام 2000 والمعاملة المحترمة للجماهير حتى تلك الخائنة والعميلة التي ذبحت المقاومة وأوقعت بها اكبر الضرر أثناء الاحتلال الاسرائيلي للجنوب ولم نسمع حتى بتصفية أي عميل أو بسلب أو نهب بل سلم الأمر للدولة وعالج الامر بحكمه ورويه وبكل عقلانية وطنية غيورة حريصة جعلت أسهمه تصعد ليس لدى الشيعة فحسب بل لدى السنة وقطاعات مسيحية واسعة تجندت له اليوم بعكس عام 1982 لنجد لحود وعون وغيرهما من رموز التمثيل المسيحي في لبنان يتجندون ويصطفون بجانبه مما يؤهله ليكون القوى البرلمانية الأول في البرلمان اللبناني القادم رغم ان حجم الشيعة لا يؤهل لذلك ولكن حجم الالتفاف سيؤهل لتحالفات جديدة ويقلب الخريطة البرلمانية بقيادة لاعب الارتكاز نصر الله .

وفي الصورة الفلسطينية المقابلة خرج السيد خالد مشعل المعهود بالوقار والاحترام وعلى غير العادة وذلك بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية التي كانت قبل أعوام خيانة لتصبح امانة ويقول لخصومة السياسيين ( ـأذهبوا فأنتم الطلقاء) وكلنا يعرف مناسبة هذا القول وتبعه بجملة من التجريحات والتخوينات والهرطقات حتى خرجت المظاهرات والاحتجاجات التي لم تشهد لها البلاد مثيلا في مثل هذه المناسبات حتى خسر الرجل ثقة الكثير من المستقلين حتى من مؤيدي خصومه السياسيين الذين دعموا حزبه السياسي نكاية بتنظيماتهم في حين كان بمقدوره ان يواصل الزحف ويكسب قطاعا أوسع .

وعلى مدار الحرب المشتعله عسكريا وسياسيا خرج السيد نصر الله اكثر من مره على وسائل الاعلام مفندا وموضحا ومجيبا ودالا على كل التسأولات والاستفسارات والإشاعات ومنوها ومشيدا دون أي تجريح أو شتم او تهديد او وعيد كاسبا جولة اخرى في معمعان المعارك ولم نسمعه يقول مثلا ( اقرؤوا ما بين السطور ) ولا غيرها من التفوهات الدافعة لحرب اهليه . وهو الرجل الحاكم على ترسانة أسلحة أثبتت نجاعتها وقدر الأحتلال صواريخة بحوالي 30 الف صاروخ لم نشاهدها وهي تتساقط عبر السنوات الماضية على الشمال بمناسبة ودون مناسبة ولم تكن قضيته يوما قضية استعراض عسكري بل قضية سياسية.

ومن هذا المنطلق كان يسخر عسكره وسلاحه لسياسته وليس العكس نعم وليس كما هو حادث في بلادنا عندما يمتلك احد أي جسم يشبه الصاروخ يتصرف به على مزاجه الخاص ووفق اجندته الحزبية وقد تكون الشخصية احيانا حتى وصل الامر بالحكومة الإسرائيلية لطلب المساعدة الامريكية والعالمية للحماية من صواريخ القسام وذلك بتزويدها بعتاد مضاد وكلنا يعرف كم هي حجم الأضرار المادية والبشرية نتاج ذلك مقارنة مع حجم الدمار والأضرار الذي لحق بنا سياسيا وعسكريا وبشريا واقتصاديا من آلة البطش الأسرائيلية .

ونحن لسنا في معرض تبرئة الاحتلال صاحب السبب الرئيس وكل ما عداه هو نتيجة ولكن ذلك لا يمنع أن نختار شكل ووقت وعناصر المعركة لا ان تبقى الشماعة جاهزة للهروب اليها وقتما نشاء ونحن أحوج ما نكون للتعلم من حزب الله ونصر الله الذي سبق ودعمناه وساعدناه نعم فوزير دفاع حزب الله كما يسموه هو عماد مغنيه احد أشبال حركة فتح الذي تتلمذ في القوة 17 وبقي في بيروت والتحق بحزب الله بعد خروج الثورة من هناك والمطلوب رقم واحد بعد نصر الله لأجهزة المخابرات الإسرائيلية ولامريكية .

وأتمنى أن لا يتعلم حزب الله منا وان لا نشاهده يقصف مقرات الجيش ويلقي القنابل عليها ويذبح عناصر الأجهزة بدم بارد ويفجر رؤوسهم بقوة تنفيذيه وان لا يجسس ويخون الجيش الذي قصفت مقراته ورداراته دون حول له ولا قوة حتى سقط منه بعض الشهداء وعندنا 40% من أعداد الشهداء أبناء أجهزة أمنية .

فالفرق واضح بين حزب الله وخلق الله...... ولله في خلقه شؤون