التطبيع حلال ام حرام ؟ ولماذا حاور الله ابليس ؟
نشر بتاريخ: 19/05/2005 ( آخر تحديث: 19/05/2005 الساعة: 22:12 )
بقلم : ناصر اللحام
التطبيع ، هو السعي الى القبول بما هو غير مقبول ، وبالمعنى المجازي هو القبول بالعمل او الفهم المشترك مع اسرائيل او مؤسساتها او اذرعها الامنية والنقابية والسياسية والصحافية والثقافية والاقتصادية وغيرها .
وفيها قولان ، قول يحرم التطبيع بجميع اشكاله على اساس انه تفريط بحق الضحية في الرفض ، ودعوة الى استمرار الاغتصاب السياسي والامني والجتماعي والثقافي والاقتصادي ،بحجج وادعاءات لا تخلو من الميل الى عدم الرغبة في الصمود والدافعية للتفريط دون سبب وعادة لجني مكاسب مالية او لوجستية او لجهل مطبق بعواقب الامور وحجم الضرر الذي سيسببه ذلك للقضية واصحابها او للفوائد التي ستجنيها اسرائيل حتى لو لم يتسبب ذلك بالضرر للفلسطينين .
وقول اخر ، يرى في التطبيع شكلا من اشكال (الهروب الى الامام) وان الاستمرار في عملية الهروب الدائم من اسرئيل قد تسبب في نسيان فلسطين واهلها ومنح الفرصة للحركة الصهيونية للا ستفراد بفلسطين واهلها والنتيجة باتت واضحة ،ويرى هذا الفريق ان عملية الاحتضان الاجباري لاسرائيل قد اصبحت امرا محتوما ، ويهمس اصحاب الفريق بالقول ( ان اسرائيل يقتلها السلام ، في حين تعتاش هي على الحرب ) ويهمسون ايضا ( اذا كانت قيادة الفلسطينين نفسها تتهافت على اسرائيل فلماذا يلوموننا ؟؟ ).
وبين القول الاول والثاني يبرز فريق ثالث يطالب باعفاء الفلسطينين من هذا الجدل لانهم مضطرون لحمل النقود الاسرائيلية التي يرسم عليها صور بن غوريون وهرتسل وجابوتنسكي ومقاطع التوراة ، وهم ينتخبون للكنيست ويذهبون للمشافي الصهيونية وحتى انهم اقاموا مسجدا في الكنيست ، وهم مضطرون لان يشربوا حليب المستوطنات وان ياكلوا لحوم خراف الكيبوتسات اليهودية وحتى انهم يستخدمون ورق التواليت الاسرائيلي ويشترون لنسائهم الاغراض الشخصية الخاصة جدا من الصناعات الاسرائيلية ، حد وصل الامر ان فدائييهم ورجال المقاومة من حماس وفتح وغيرها يحملون البنادق الاسرائيلية والسلاح الاسرائيلي والرصاص الاسرائيلي ويرتدي الاستشاديون احيانا على رؤوسهم قبّعات المتدينين اليهود للدخول الى الحافلات الاسرائيلية الى جانب انهم يتحدثون اللغة العبرية ويدرسونها لاولادهم!
فكيف سيحاربون التطبيع اذن ؟ ثم اليس من الحماقة ان نطلب من الاعرج ان يكسرعصاه على راس عدوه ؟
وفي حقيقة الامر ، انني وجدت عند الفرقاء ما يكفيهم للاقتناع والتمسك بوجهة نظرهم ، ووجدت بعد بحث واستفسار ان الحسم في هذا الامر قد يكون سهلا خارج فلسطين ، اما في داخل فلسطين فهذا الامر شبه مستحيل .
ولان عشرات المؤسسات غير الحكومية الفلسطينية التي يقودها رموز وطنيون تشارك في مشاريع مشتركة مع الاسرائيلين بغض النظر عن التسميات اللازمة فقد رفض اصحاب هذه المؤسسات اعتبار هذه المشاريع تطبيعية وقالو بعد رفض ذكر اسمائهم ( ان هذه المشاريع لا تختلف اصلا عن مشروع اقامة السلطة الفلسطينية نفسها ، وانه ورد في الفقرة 13 من احد ملاحق اتفاقية اوسلو ان على السلطة الفلسطينية اقامة مشاريع مشتركة مع الاسرائيلين وان الاموال التى تاتي من الغرب بموجب ذلك هي من حق الفلسطنين مثلما الاسرائيلين ) .
وردا على اتهام بان هذه المؤسسات يسيل لعابها امام تذكرة سفر او رحلة الى جزيرة خضراء او حفنة من عشرات الاف الدولارات فتتنازل عن ثوابت المقاومة وتبدا بالتنظير للفهم المشترك وغيرها من عبارات التهريج السياسي ، قال مدير مؤسسة رفض ذكر اسمه : ( غير صحيح ، واذا كان ولا بد فتفضل ووجّه هذا السؤال الى السلطة الفلسطينية التي تضع اموالها في بنوك تل ابيب وان الرئيس عرفات نفسه وهو رمز الوطنيين والثوابت كان يشجع ذلك ، ولا تزال القيادة تعمل على التنسيق الامني والمخابراتي مع اسرائيل ، فتتركهم الصحافة وتاتي لاتهامنا نحن؟؟ ) .
في لقاء خاص مع المفكر الاسلامي عبد الرحمن عباد ... وعلى خلفية الفتوى التي اصدرها المجلس الاعلى الشرعي في القدس والتي تنص على نبذ كل من يساهم في بناء جدار الفصل العنصري وتطليق زوجته وعدم دفنه في مقابر المسلمين , قال لنا المفكر والباحث الاسلامي د. عبد الرحمن عباد وهو عضو من اصل 27 عالم مسلم في دار الفتوى الشرعية بالقدس ان الفتوى اجتهاد .
وردا على اسئلة كثيرة وجهناها له قال عباد ان الضرورات تبيح المحظورات احيانا وانطلاقا من تعقيد الوضع الاقتصادي عند العامل الفلسطيني فان السنوات العجاف والفقر وارتفاع نسبة البطالة في صفوف الفلسطينيين الى 87% يدفع بدار الفتوى الاسلامية في القدس الى اخذ ذلك بالاعتبار وهو الامر الذي ياخذه رئيس دار الفتوى فضيلة الشيخ د. عكرمة صبري بالاعتبار .
ثم اعتبر عباد ان الدين يسر وان الفتاوي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار الدور البطولي الطوعي الذي يلعبه المواطن دفاعا عن القدس وان هذا الشعب المرابط يجب اخذه باللطف واللين وليس بالقسوة والتنفير القاسي .
وحاول هذا المفكر الفلسطيني - ربما من باب الاحتياط الامني- الابتعاد عن اسئلة تخص الفتوى في امور العمليات الاستشهادية واشار الى ان الاستشهاديين عادة ما يلجأون الى زعمائهم السياسيين للحصول على فتوى منهم ولا يتوجهون لطلب رأي دار الفتوى فيها .
وفي سؤال (استفزازي) لدار الفتوى حول قدرة المؤسسة على الفتوى في امور الاتفاقيات السياسية ,اكد لنا ان فتوى صدرت تحرم اتفاقية جنيف مثلا .
س:وهل اتفاقية اوسلو حلال ام حرام ؟
فأجاب ان اتفاقية اوسلو لها عدة اوجه من الرؤيا وتجب محاكمة كل بند فيها على حدة فأعادة 40000 فلسطيني الى ارضهم شيء والتعاون الامني شيء آخر وهكذا .
وردا على سؤالنا اذا كان التطبيع مع العدو حلال ام حرام ؟
اجاب المفكر الاسلامي الفلسطيني د.عبد الرحمن عباد بسرعة يقول ان الحديث او الحوار او الالتقاء بالعدو في ظروف تشبه ظروف الفلسطينيين ليس حراما اذا كان الهدف منه الحوار او الشرح او الدعوة فالله سبحانه وتعالى حاور ابليس اكثر من مرة ما يدل على ان الحوار والنقاش نقطة مركزية في الاسلام وهي ليست مرفوضة وخصوصا اذا كان المسلم مجبرا على الالتقاء ويفرض عليه العيش في نفس المكان مع العدو او الخصم .
وتعقيبا على سؤالنا اذا يجوز لمفتي مسلم من خارج فلسطين ان يفتي في شؤون المسلمين داخل فلسطين اكد ان ذلك صحيح طالما استوفى شروط جمع المعلومات الصحيحة من مصادرها المتنوعة وقال ان الفتوى اساسها المعرفة الواسعة ومن يملك القدرة على حفظ القرآن كلملا وتفسيره كلملا واجادة اللغة العربية كاملة والالمام بعلم الحديث النبوي الشريف وحداثة الفكر والقيادة فهو يستطيع ان يفتي .