عندما يصبح معبر "رفــــح" مكاناً للموت.. والجهل.. والتشرد.. والضياع!!
نشر بتاريخ: 05/08/2006 ( آخر تحديث: 05/08/2006 الساعة: 17:33 )
خان يونس- معا- يعيش المواطنون الفلسطينيون الذين قدموا إلى قطاع غزة، لزيارة عائلاتهم وأسرهم ولقضاء إجازاتهم السنوية برفقتهم، سواء كانوا موظفين في دول الخليج، أو طلاباً في إحدى الدول العربية أو الأجنبية، ظروفاً وأوضاعا مأساوية محزنة، في ظل استمرار إغلاق معبر رفح البري لأكثر من 40 يوماً دون وجود نوايا او افاق حول إعادة فتحة مرة أخرى أمام حركة المسافرين.
فهولاء المواطنون على اختلافهم وتنوع ظروفهم لم يكونوا يعلمون أن رحلة السفر إلى غزة لقضاء إجازة ممتعة مع الأهل بالرغم من القصف والتدمير والإجتياحات، سوف تحول حياتهم إلى عالم المجهول، فجزء كبير من هؤلاء المواطنين أما أن تأخر عن موعد دراسته أو امتحاناته، وإما فقد او على وشك فقد اقامتة في الدول التي قدم منها، وآخر مهدد بفقدان عملة بسبب تأخرة، وآخر يلقط انفاسه الاخيرة, وأصبحت حياته بيد الله لأنه لم يتمكن من السفر إلى الخارج لتلقي العلاج الطبي اللازم.
انقطاع عن الاهل:
وتقول المواطنة زينب وادي، وهى إحدى الطالبات في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، "انا لا اعرف مصيري ألان, اهلي متواجدون في المملكة العربية السعودية, وأنا في غزة، عندما أغلق المعبر كنت أتقدم للامتحانات في الجامعة الإسلامية، ومنذ اكثر من 40 يوما انتظر فتح المعبر لأتمكن من الوصول الى أسرتي".
وتضيف وادي وعلامات الحزن والقلق تعلوان وجهها "مشكلتي ليس هنا! وانما تكمن في أن اقامتى في السعودية قد انتهت، ولا اعرف ماذا افعل الآن, السعوديون لن يدخلونني بدون إقامة، وهنا لا اعرف تدبر أمري لان جميع أسرتي وعائلتي في السعودية".
مرضى بحاجة ماسة للعلاج :
أما المواطن حسن الهندي وهو مريض بالفشل الكلوي وحالته تدهورت بشكل كبير كونة لم يستطع مغادرة قطاع غزة لتلقي العلاج وأجراء العمليات الجراحية, فيقول بمرارة:" أنا اب لثمانية أطفال صغار, وهم بحاجة إلى من يرعاهم ويوفر لهم لقمة العيش، كنت صاحب محل للثلاجات فاضطررت الى بيعه لأوفر ثمن دوائي وطعام أبنائي بعد أن أصبحت عاجزاً عن العمل! وبعد أن تدبرت أمري للحصول على أموال للعلاج, أغلق المعبر وها انا انتظر الفرج من الله لكي يتم فتح المعبر.
ويضيف وهو يحبس دموعة انا بحاجة ماساة للذهاب للعلاج في الخارج، لان أطفالي بحاجة لي، ولا يوجد معيل لهم غيري, والظروف الاقتصادية والمعيشية باتت صعبة جدا وقاسية.
وفي هذا الإطار اوضح الدكتور معاوية حسنين مدير عام الطوارئ والاسعاف في وزراة الصحة في تصريحات صحافية أن أكثر من 200 مريض مصابين بأمراض سرطانية بحاجة ماسة لعمل فحوصات بالإشعاع والمسح الذري أو استكمال العلاج بالأشعة العميقة، أو عمل جلسات علاج كيميائي.
وأشار إلى أن هناك عقوداً مبرمة مع المراكز الطبية المتخصصة في جمهورية مصر العربية والأردن ودول أخرى، منوها إلى أن هناك ما يزيد على 470 مريضاًَ يحتاجون للمراجعة في الخارج.
التهديد بقطع الرزق:
اما قصة المواطن احمد أبو الحصين فهي مغايرة تماماً، فهو لا يعرف متى سيعود لأسرته وعمله في احدى دول الخليج، بعد أن تم إغلاق المعبر.
ويقول أبو الحصين:"منذ سنين احلم بزيارة الأهل والأحباب في قطاع غزة، لكن يبدو أن هذه الزيارة ستكلفني الكثير، مشيراً إلى انه تلقى إنذاراً نهائياً بالفصل من قبل الشركة التي يعمل بها جراء تغيبه الطويل عن العمل".
ويضيف "لا ادري ماذا سأفعل، مستقبلي المهني أصبح في خطر ومستقبل أسرتي بات مهدداً، نتيجة استمرار الإغلاق غير المبرر للمعبر" مبيناً أن فترة إجازته انتهت منذ عشرين يوماًً.
من جهته، أكد الطالب حسام الطويل أن استمرار إغلاق معبر رفح سيؤثر على مستقبله الأكاديمي والتعليمي، موضحاً ان العشرات من الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون في الجامعات العربية والأجنبية اصبحوا مهددين بعدم القدرة على الالتحاق بجامعاتهم نتيجة عدم مقدرتهم على الوصول إليها، بسب اغلاق المعبر الوحيد الذي يمكن الخروج منه الى خارج القطاع.
وصب الطويل جام غضبة على المراقبين الدوليين بسبب مواقفهم المنحازة لإسرائيل في قضية المعبر, حسب قوله.
خمسة الاف مواطن محتجزون على المعبر:
وقال مصدر مسؤول في وقت سابق: إن ما يقارب خمسة الاف مواطن بحاجة الى السفر السريع معظمهم من المرضى، والطلاب والمغتربين الذين انتهت إجازاتهم السنوية والدراسية، ويرغبون بالعودة إلى أعمالهم ودراستهم بالخارج.
ويتضح من ذلك ان معبر رفح اصبح اشد قسوة والماً للمواطن الفلسطيني الذي يبحث عن منفس للحرية والشعور بالكرامة، بعد انسحاب الإحتلال من قطاع غزة، ولكن القطاع اضحى سجناً كبيراً يهدد الناس بالجهل والموت، والتشريد، وقطع الأرزاق، والغربة في الوطن.. فهل من ضمير حي يلبي حاجات المنكوبين!!.