كاتبان اسرائيليان: حرب الهواء بين وسائل الاعلام لا تقل ضراوة عن تلك التي تجري على الارض
نشر بتاريخ: 05/08/2006 ( آخر تحديث: 05/08/2006 الساعة: 19:06 )
بيت لحم -معا- اعتبر الكاتبان الاسرائيليان بن كلفان ويعوز سيبر في مقال نشراه اليوم في صحيفة "كول هزمان " ان الجيش الاسرائيلي يخوض الى جانب معركته المسلحة التي يستخدم فيها طيرانه ومدفعيته وسلاحه البري بكل مركاباته يخوض معركة من نوع اخر لم يعهدها رئيس اركانها "ميري رعغ" وذخيرتها قنوات التلفزة والراديو والانتر نت هي معركة البث المباشر حيث يقابل اعداء متمرسيين صعبي المراس هم الناطقون باسم حزب الله اضافة الى صاروخ الكاتيوشا المسى قناة المنار الفضائية .
وللتدليل على اهمية البث المباشر الذي وصفه بالسلاح الحاسم في هذه المعركة والاكثرة دقة حتى من سلاح الجو ساق الكاتب مثال التغطية الاعلامية التي رافقت مجزرة قانا وقال " لم تكد طائرات سلاح الجو ان تحط على مدارجها قادمة من قرية كفر قانا حيث نفذت غارتها الفاشلة حتى كان المحليلون الاسرائيليون امثال اهود يعاري وعديد غرنوت وتسفيكا يحزقيلي يعتلون اثيرهم ويفتحون مواجات بثهم المباشر محليلين ومعليلين ومقدرين لاثار المجزرة على سير العمليات العسكرية واخذوا يعرضون مباشرة اراء العالم العربي وردات الفعل المسجلة هناك ويمكنك مشاهدة سيارات البث المباشر تسبق سيارات العناية المكثفة التي تسارع الزمن للوصول الى ميدان المعركة حيث الجرحى والمصابون في دلالة على اندلاع معركة مختلفة الشكل بين حزب الله واسرائيل لكنها لا تقل كراهية ... تلك المعركة التي ستحسم نتيجة القتال بشكل لا يقل عن دور سلاح الجو ودقته في اصابة الاهداف .
ويحاول الجيش الاسرائيلي مواجهة الحرب الاعلامية والمفتوحة وساعات البث المباشر التي ذهبت بواقعية الرقابة العسكرية ادارج الرياح وبددت التعتيم الاعلامي الذي حاول فرضه على مجريات الحرب دون ان ننسى مواقع الانترنت التي ضربت وبقوة غلاف السرية الذي احاط بمعظم حروب اسرائيل ولم تبق سوى هواء مفتوح وساعات طويلة من البث المباشر لا تحتمل الفراغ وطرفين يتنافسان عليها في معركة شديدة القسوة .
قبل خمسةعشر عاما وجدت اسرائيل نفسها في حرب لم تكن تريدها اندلعت بعيدا عنها في منطقة الخليج وضعت الجمهور الاسرائيلي تحت الضغط وحولت الناطق العسكري نحمان شاي الى رمز من رموزها وذلك بسبب تجرؤ صدام حسين على اطلاق عدة صواريخ باتجاه منطقة غوش دان المنطقة "A " ولكننا نسينا ان التعتيم الاعلامي في تلك الحرب كان مطبقا الامر الذي جعل كل اسرائيلي يقطب حاجبية غضبا على اسرار الدولة المغلقة واليوم وكل مواطن يستطيع بعد ثانية ونصف الثانية ان يعرف بالضبط اين سقطت الكاتيوشا وبامكان اي فرد ان يبدي رأيه يبدو الامر مبالغا فيه ووقحا قياسا مع حرب الخليج .
لقد كان الناطق بلسان الجيش يتحكم بكل مصادر المعلومة فيما يتعلق بعدد ومكان سقوط الصواريخ دون ان يعطي ايا منا تحليلا او تفسيرا يتعدى ما يصرح به شاي وكلنا نذكر نحمان شاي وكان من الممكن القيام بعمل مشابه خلال الحرب الحالية ولكن من المهم انني شخصيا لم اسيطر على الفنيين وغيرهم سوى لحظة بث تعليمات الجبهة الداخلية .
يدعي معاصرو حرب الخليج الاولى انها اول حرب بثت على الهواء مباشرة وقد يكونوا محقين في ذلك لكننا اذا نظرنا الى الاعلام الاسرائيلي الداخلي نجد ان الحرب الحالية حرب يتيمه من حيث التغطية الاعلامية المباشرة لدرجة تقترب مما يحدث في الافلام واذا رجعنا الى حرب لبنان الاولى سنجدها كارثة اعلامية حسب وصف مدير القناة الاولى سابقا يائير سطيرن عدا عن الاخفاقات العسكرية حيث اضيف الى الرقابة العسكرية شيئ اطلق عليه حينها " الرقابة الذاتية " حيث جرت عدة محاولات لوقف بث نشرتها الاخبارية رغم خلوها من اية تفاصيل سرية وتخلل كل مساء نقاشات حادة مع ناطق الجيش في ذلك الوقت .
واضاف شتيرن ان طواقم التلفزيون والاذاعة التي رافقت القوات الاسرائيلية في غزوها للبنان عام 1982جرى تجنيدها ضمن صفوف قوات الاحتياط وذلك بهدف الحفاظ على حقهم في التعويض في حال اصيب او قتل احدهم ولكن السبب الرئيسي لتجنيدهم هو تمكين القائد العسكري من فرض رقابته على ما يكتبون ويبثون واصدار الاوامر المباشرة لهم كونهم جنودا الامر الذي يبدو هذه الايام كحلم سيئ .
وقال افيغدور كهلاني الذي قاد احدى الفرق العسكرية في حرب 1982 ان تجنيد المراسلين ضمن قوات الاحتياط جعل الجميع يركض خلف وسائل الاعلام الاجنبية مع ان مراسلينا كانوا على متن الدبابات الاولى مثل رون بن يشاي لكن تقاريرهم كانت تبث فقط في ساعات المساء وتحمل التصور الذي كنت اريده لتلك الحرب .
وتساءل الكاتب فيما اذا كانت التغطية الاعلامية المفتوحة خلال تنفيذ العمليات العسكرية امرا مفيدا للجمهور الجالس امام الشاشات ام لا ؟ وفيما اذا كانت تضيف شيئا جديدا ام انها تجتر بعض المعلومات التي تلقى لها وتبصقها في وجه الجمهور ؟ ؟
واجاب الكاتب على تساؤلاته على لسان نحمان شاي الذي اعتبر التغطية الاعلامية الموسعة امرا سيئا للجيش مستدركا بان السيطرة على المعلومات اصبحت صعبة هذه الايام ولهذا يتعاون الجيش مع الاعلام لمصلحته حيث من الافضل له ان يقود المعلومات ويوجهها وان لا يتركها نهبا للاشاعات وان لا يسمح للتقارير غير الصحيحة برؤية النور في وضع تتنازع فيه الحقيقة مع السرعة فاذا اردت ان تكون موضوعيا ودقيقا فعليك الانتظار اما اذا اردت السرعة فستخرج فورا بالمعلومات التي بحوزتك .
ويرى دان شمرون رئيس الاركان السابق بالتغطية الاعلامية المفتوحة امرا كارثيا مشبها الامر بوقوف مدفعجي تابع لحزب الله على بعد 300 متر من الحدود الشمالية ومع اننا جميعا نريد اعلاما مفتوحا ومنفتحا الا اننا يجب ان نتذكر حالة الحرب الذي نعيشه الذي يحتاج منا القليل من الشعور والالتزام الوطني والتنازل عن السبق الصحفي والتصرف بمسؤولية .
واخيرا اعتبر شتيرن التغطية الاعلاية امرا سيئا بالنسبة للجيش الذي لا يريد ان يعرف احدا ما يقوم به ولكن الاعلام مختلف عن الجيش ورغباته لانه ملزم بتزويد الجمهور باكبر قدر من المعلومات .
نظير مجلي احد المحليلين العاملين في صحيفة الشرق الاوسط اثنى على محاولات الناطقة بلسان الجيش تفسير وتوضيح الموقف الاسرائيلي مضيفا بان الخلل ليس في عمل الناطقة وانما في عمليات الجيش الاسرائيلي ذاتها التي يصعب تفسيرها وتبريرها .
وعلى الجانب الاخر من المتراس الاعلامي تقف قناة المنار والناطقون بلسان حزب الله الذين درسوا خلال السنوات الماضية المجتمع والاعلام الاسرائيلي حسب قول البرفسور اودي ليبل خبير علم النفس السياسي في جامعة بن غريون الامر الذي مكنهم من مهاجمة الجمهور الاسرائيلي عبر محطتهم الفضائية في مناطق ضعفه التي درسوها ومن هنا تنبع عظمة تأثير اعلام حزب الله والمصداقية الكبيرة التي حظي بها زعيمه حسن نصرالله في اوساط الجمهور الاسرائيلي الذي استطاع ان يوجه السهم تلو الاخر الى نحر القادة الاسرائيليين .
واضاف خبير علم النفس عندما خرج عمير بيرتس واعلن ان الجيش احتل بنت جبيل وخرج على اثره حسن نصرالله ونفى ذلك مؤكدا بان الجيش سيمنى قريبا بخسائر كبيرة وهكذا كان مما حول خطاب بيرتس الى هذيان واذا اعلن اولمرت بان حادثا ما وقع لسفينة الصواريخ وخرج خلفه نصر الله ليعلن ان الحادث فشل عملياتي سيضع الجمهور الاسرائيلي في حيرة من امره لا يعرف يصدق من ويعتمد على من وفي اسرائيل يصنعون خيالا يسارع نصر الله الى تبديده .
الحرب النفسية بين قناة المنار وشبكات التلفزة الاسرائيلية جدية بشكل كبير حسب وصف خبير الاعلام ومحلل في قنوات التلفزة العربية اديب خوري مخول عندما قال " المنار وقنوات التلفزة الاسرائيلية مسلحة بالجنرالات تتصارعان على الرأي العام وتحاولان الحفاظ على حالة ضبابية ونصراللة يتحدث الى الاسرائيليين وليس بالضرورة عبر المنار التي يخصصها للحديث الى اللبنانيين .