الجمعة: 27/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد عامين: عائلة العثامنة تحاول الحياة بين"غيوم الخريف"والرصاص المصبوب

نشر بتاريخ: 29/12/2010 ( آخر تحديث: 29/12/2010 الساعة: 14:08 )
غزة- تقرير "معا"- ما زالت عائلة العثامنة تحلم بغد مشرق يمحو أثار الجريمة التي ارتكبت بحق أبنائها مرتين الأولى في مجزرة آل العثامنة في بلدة بيت حانون التي حملت اسم "غيوم الخريف" والثانية في الحرب الأخيرة على قطاع غزة في عزبة عبد ربه التي حملت اسم "الرصاص المصبوب" التي خلفت ورائها شهداء.

أما لعائلة العثامنة فقد خلفت الحرب الكثير من الحزن والأسى فقد اعتقل احد ابنها كما هدمت آلة الحرب الإسرائيلية ستة من بيوتهم ليجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها مشردين بلا مأوى يحميهم كما أصيب اثنان من أبنائها بمرض السكري نتيجة الخوف والذعر الذي صاحب حصارهم في العزبة لمدة أحد عشر يوما.

"كنا فوق الريح وشي لا يصدق أن ترى نفسك تحت الأرض ليس معنا ثمن كيس طحين"، هكذا عبرت سهى العثامنة لمراسلة "معا" هدية الغول عن حالهم بعد الخسائر التي تكبدوها خلال الحرب على غزة فقد جرفت قوات الاحتلال أرضهم وهدمت بيوتهم وشردت العشرات منهم فبين من إستاجر لنفسه بيتا ومن وجد نفسه لاجئا عند أهل زوجته اضطر أفراد عائلة العثامنة أن يباشروا البناء على نفقتهم إلى حين بدء الاعمار في قطاع غزة.

رائد العثامنة صاحب فيلا في منطقة عزبة عبد ربه وأحد أفراد العائلة الذين تركوا بيت حانون بعد المجزرة التي ارتكبت بحقهم في العام 2006 تحت عنوان "غيوم الخريف"يروي قصته مع الهدم والتشريد فيقول:" رحلت من بيت حانون بعد المجزرة مباشرة وذلك خوفا على أطفالي الذين المهم رؤية الدماء والاشلاء وهنا في عزبة عبد ربه باشرت في بناء فيلا من ثلاث طوابق حيث استمر بنائها من العام 2005 حتى أواخر العام 2007 سكنت فيها لمدة 13 شهر إلى أن تم تدميرها بشكل كلي في العام 2008 خلال اجتياح قوات الاحتلال لمنطقة عزبة عبد ربه".

90 ألف دولار هي تكلفة البيت الذي كان يعيشه أطفال رائد العثامنة إلا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي وفي دقائق معدودة حولت هذا المبلغ إلى مجموعة من الركام والدمار فلا بيت طين ولا كرفانة تعوضهم.

ويؤكد العثامنة أنه بعد مرور عامين من الحرب على غزة لا جديد يذكر في حياتهم إلا بيت الطين الذي منحتهم إياه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الاونروا وبحسب مشاهدتنا للمكان فان جدران المنزل مشققة يخشى سكانه أن يسقط على رؤوسهم خلال ساعات الليل.

فتقول سهى:" البيت لا يصلح للسكن... أخاف أن تقع جدرانه فلا أطيق المكوث بداخله إن كنت وحيدة".

أفراد ال العثامنة الذين شردتهم الحرب بدأ يفكرون في بدائل إلى حين الاعمار فبينما تعيش العائلة في بيت الطين قام اثنان من إخوته ببناء غرفتين ومطبخ وحمام وذلك بصب البطون بدون شبابيك ولا أبواب ولا اسمنت والسقف عبارة عن "اسبست" من الزينكو أما الجزء الآخر من العائلة ورائد واحد منهم فما زال يقطن بيتا بالإيجار في بيت حانون أما زوجة أخيهم المعتقل فعادت إلى أهلها إلى حين الإفراج عن زوجها وائل العثامنة إلي اعتقل خلال الحرب تاركا ورائه خمسة من الأبناء،إلا أن الأخبار عن شقيقهم وائل ليست كثيرة فهو يقبع في سجن نفحة وتم تمديد اعتقاله الإداري لمدة 6 أشهر ما يزيد عن أربع مرات.

رغم مصاب العائلة الكبير، بيوت مدمرة، ابن معتقل منذ سنتين، ابناء أصيبوا بمرض السكري خوفا وذعرا من جرائم عايشوها دقيقة بدقيقة الا أن رنين البنت الكبرى لرائد العثامنة استطاعت التفوق في الثانوية العامة خلال تلك الفترة وحصلت على معدل 92% مكنها من دراسة تجارة انجليزي هذا ليس ما طمح له ولكنه أفضل المتوفر.

ويقول رائد: "كانت رنين خلال الحرب في التوجيهي ولك نتوقع لها أن تنجح رغم انها من المتوفقين ولكنا فاجأتنا وفاجأت الجميع بمعدلها الذي لم يمكنها من دراسة الطب الذي لطالما حلمت به"، مبينا أن الاجواء التي صاحبت تشردهم من المنزل وسكنهم لدى العائلات وتردي احوالهم الاقتصادية رجعت ساهمت في تخوف رنين من عدم قدرة العائلة على تدريسيها في الجامعة.

وقال: "رنين كانت خائفة أن لا ادرسها ولكن ضغطنا على حالنا ودرسناها ولكن يبقى أنه ليس لديها مكان مهيئ للدراسة خاصة أنها كانت تمتلك غرفة لوحدها أما اليوم فهي تعيش في بيت صغير يحيط بها إخوتها من كل صوب فتصبح معها الدراسة أمرا صعبا".

ويحاول رائد أن يبعث الأمل أن يرفع معنوياتهم من جديد بأن غدا يحمل بين طياته مستقبلا مشرقا رغم عدم اقتناعه بذلك وأنهم في القريب سينتقلون إلى بيت أفضل من الذي كانوا يسكنونه دون أن يدري متى هذا الزمن القريب معربا عن أمله أيضا من أن يتمكن من تحقيق حلم ابنه أن يدرس في المانيا.

ويقول رائد أنه سيشعر بالسعادة عندما يشعر الفلسطينيون بالاستقرار والاطمئنان والسلام" اشعر بالسعادة إذا كانت الطريق معبدة بالأمن والإنسانية وأن أرى أطفال فلسطين و ليس أطفالي فقط سعداء ومرتاحين فهذا يجعلني سعيدا".

وتستمر حياة رائد وأسرته والتي زينها مجدي بقدومه منذ سنة ونصف ليجدد الامل في نفوس هذه العائلة ويثبت أن بعد كل مصاب يولد للعائلات الفلسطينية أشبال تعوض من مات من شبابها وتستمر قصة النضال والتضحية.