معركة التفتيشات عن أجهزة خلوية داخل سجون الاحتلال ذريعة لإذلال الأسرى
نشر بتاريخ: 29/12/2010 ( آخر تحديث: 29/12/2010 الساعة: 16:56 )
بيت لحم -معا- أفاد تقرير صادر عن وزارة شؤون الأسرى أن عام 2010 كان من أكثر الأعوام في تاريخ الحركة الأسيرة الذي شهد عمليات تفتيش واقتحام لغرف وأقسام وزنازين المعتقلين في سجون الاحتلال تحت حجة البحث عن أجهزة خلوية لدى المعتقلين.
وقال التقرير أن 120 حالة مداهمة واقتحام جرت في السجون خلال عام 2010، تخللها اعتداءات واستفزازات للمعتقلين واتخاذ إجراءات عقابية قاسية بحقهم، وخلق حالة من عدم الاستقرار في صفوفهم، الى درجة أنه لم يبق أي سجن إلا وتمت مداهمته واقتحامه تحت حجج وأسباب أمنية.
قوات قمع خاصة:
الاقتحامات التي تجري للسجون، تتم بشكل مفاجئ، وفي كثير من الأحيان في ساعات متأخرة من الليل، حيث يكون الأسرى نائمين، ومن خلال وحدات خاصة للقمع تابعة لإدارة السجون تسمى "قوات نحشون"، وهي فرقة مدربة ومجهزة بكل أدوات القمع والبطش، وتكون مسلحة ببنادق الغاز المسيل للدموع، وقنابل الصوت، والهروات، والرصاص المطاطي، وتمتاز بقسوتها وبطشها، وتتلقى تعليماتها من جهاز الشاباك الإسرائيلي.
وتقوم هذه الفرقة بعملية عزل المعتقلين في غرفهم وأقسامهم ومنع أي حركة، وتفتح عليهم الأبواب بشكل مفاجئ، وتوقظهم من النوم، وتبدأ بعملية تفتيش واسعة ذات طابع إرهابي ومروع، ويبدأ تفتيش الأسرى واحدا واحدا، ويجبر الأسرى على التعري، ومن ثم يتم عزلهم في غرف أخرى لحين انتهاء التفتيش، ويتخلل ذلك ضرب أي أسير يرفض التفتيش العاري، أو يتمرد أو يحتج على هذه السياسة، ومن ثم يتم قلب محتويات غرف الأسرى وتدميرها والعبث بها بطريقة وحشية وسادية تتجاوز مفهوم التفتيش، الى درجة أنه في بعض السجون تم حفر أرضية الغرف وجدرانها، وتفكيك أجهزة التلفاز وتخريبها، والعبث بالمواد الغذائية والملابس الشخصية للأسرى.
الأسير ناصر أبو حميد المعتقل في سجن عسقلان قال أن غرف المعتقلين تبدو بعد أي عملية تفتيش كأنها ساحة معركة، كل شيء فيها مقلوب رأسا على عقب، فكأن قنبلة ألقيت في هذه الغرف فدمرت كل ما فيها.
أما الأسير كريم يونس المعتقل في سجن هداريم فيقول أن يوم التفتيش من قبل قوات "نحشون" يعتبر يوما قاسيا ومرهقا في حياة الأسرى، حالة استنفار وقوات مدججة تحيط بالأسرى وكثير من الأحيان تكون هذه القوات مرتدية أقنعة سوداء حيث تبدو ساحة الأسرى كأنها ميدان لمعركة عسكرية.
ولا تراعي هذه القوات أي حالة مرضية أو حالة إعاقة في السجن، ولا تراعي كبار السن، ولا تسمح لأحد بالتكلم، فلا تعرف سوى الضرب والإهانة والإذلال للأسرى، وحتى أدوية المرضى يتم العبث فيها وغرف المرضى في مستشفى الرملة لم تكن بمنأى عن هذه الاقتحامات والمداهمات.
أجهزة البلفون والزيارات العائلية:
تتذرع إدارة السجون وأجهزة الأمن الاسرائيلية بوجود أجهزة هاتف خلوية لدى المعتقلين، وان هذه الأجهزة والاتصالات تشكل خطرا على أمن دولة اسرائيل، وأن هذه التفتيشات والحركات الحربية والعسكرية في داخل السجون هي من اجل إلقاء القبض على هذه الأجهزة.
وحسب ما يقول الأسير علاء أبو جرارة المعتقل في سجن نفحة الصحراوي، أن طبيعة التفتيشات تتجاوز هذا الادعاء وهدفها إذلال الأسرى وتدمير نفسياتهم ووضعهم في أجواء إرهابية وضغوط عصبية ونفسية وعدم استقرار في حياتهم داخل السجون.
وأشار الى أن قوات نحشون حاصرت سجن نفحة لمدة أربعة أيام واستمر تفتيش غرف الأسرى وأجسامهم وأغطيتهم وملابسهم بأسلوب همجي وتدميري وكأنهم يبحثون عن صواريخ أو قنابل حيث منع الأسرى من الخروج الى ساحة النزهة، ومن نقل المرضى للعيادات ، ومن وقف زيارات الأهالي، إضافة الى ضرب أي أسير لأي سبب تافه وغير منطقي.
وقال الأسير جمال الرجوب المعتقل في سجن رامون أن من حق الأسرى الاتصال بذويهم في ظل رفض إدارة السجون السماح للأسرى بذلك، وقد تقدم الأسرى أكثر من مرة بطلب السماح لهم الاتصال بذويهم وخاصة في حالات معينة كحالة مرض أقرباء الأسير أو في حالة الوفاة، ولكن بدون أي جدوى.
ويعيش الأسرى في حالة عزلة تامة عن عائلاتهم في ظل سياسة منع الزيارات لمئات من الأسرى، حيث منعت إدارة السجون و بقرار سياسي أهالي قطاع غزة من زيارة أبنائهم منذ أربع سنوات ولا تزال 1200 عائلة من الضفة الغربية محرومة من الزيارات بدون أية أسباب منطقية.
ويعتبر منع الزيارات والذي يستخدم كعقوبة جماعية وفردية للأسير، ومن الاتصال داخل السجون من الأسباب الرئيسية التي تدفع الأسرى للبحث عن أي طريق للإتصال بذويهم وأقاربهم.
ويستهجن الأسير عثمان مصلح في سجن عسقلان إدعاءات أجهزة الأمن بمنع العديد من العائلات من الزيارة حيث وصل الأمر الى منع عدد من الأمهات من زيارة أبنائهن تحت حجة ( عدم وجود صلة قرابة) واعتبر ذلك استهتار بالأسرى وبكل القوانين والشرائع الدولية والإنسانية.
إن كثير من الأسرى لم يرى ذويه منذ 8 سنوات، وقد توفي أمهات وآباء للأسرى دون أن يحظوا بزيارة أبنائهم، وهذا يخالف اتفاقيات جنيف والقوانين الدولية الإنسانية التي تلزم دولة الاحتلال بتوفير زيارة بشكل منتظم للأسير.
وقد أصبحت الزيارة عقوبة وتعذيب للأسير وذويه، وإن تمت هذه الزيارة فإنها تتم من خلال لوح زجاجي لا يظهر الأسير من خلفه إلا كشبح ولا يستطيع الحديث مع ذويه بشكل طبيعي، بالإضافة الى حرمان أطفال الأسرى من مصافحة أبائهم أو معانقتهم.
التمييز بين الأسرى:
التفتيشات والمداهمات لغرف الأسرى ومن خلال حملات قمعية مكثفة ليل نهار بذريعة البحث عن أجهزة خلوية لا تجري في أقسام وغرف السجناء اليهود إطلاقا بل يسمح لهم بالاتصال التلفوني مع ذويهم وباستقبالهم في زيارات دائمة ومتواصلة ودون حواجز.
السياسة الاسرائيلية وجهاز القضاء الإسرائيلي يعمل وفق سياسة عنصرية تميز بين الأسير الفلسطيني والسجين اليهودي ولا يحصل الفلسطينيين على أية حقوق ممنوحة للسجناء اليهود.
فالسجين اليهودي "يغال عمير" قاتل اسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي يحظى بالزيارات العائلية الدائمة والاتصال الهاتفي واستلام الكتب والصحف وغيرها وهذا ينطبق على بقية السجناء اليهود والسجناء الجنائيين.
كسر إرادة الأسرى:
المراقب لما يجري في ساحة السجون، يستنتج انه يتم بقرار سياسي رسمي ومتعمد، يستهدف كسر إرادة الأسرى وحصارهم وعزلهم ويغطي ذلك بقوانين وتشريعات إسرائيلية متسارعة مثل قانون شاليط وقانون منع المحامي من لقاء الأسير مدة عام وقانون القاتل غير الشرعي، وتعليمات الزيارات التي تحصر زيارة الأسير فقط لأقاربه من الدرجة الأولى وغيرها من الإجراءات التي تنتهك الحد الأدنى من حقوق الأسير.
وقد كان ذلك واضحا من خلال سلسلة من العقوبات القاسية بحق الأسرى في أعقاب القيام بالمداهمات والاقتحامات في هذا السجن أو ذاك، ولم يبق أي سجين أو أسير إلا و تعرض لمجموعة من العقوبات التي شملت أيضا أهالي الأسرى.
ومن هذه العقوبات: حرمان الأسير من الزيارة مدة محدودة تتراوح بين شهر و6 شهور، والحرمان من الكنتين ومن التعليم الجامعي ومن مشاهدة القنوات الفضائية ومن إدخال الملابس والصحف والكتب وفرض الغرامات المالية عليهم.
وكثير من الأسرى يتم معاقبتهم بالعزل الانفرادي المحدود او المفتوح تحت حجة ضبط جهاز بلفون معهم، فالأسير أحمد المغربي معزول في زنازين انفرادية منذ 6 سنوات تحت ذريعة أنه تحدث عبر جهاز بلفون مع الخارج.
وبدأت إدارة السجون تطبق سياسة العقوبات الجماعية في حال ضبط جهاز بلفون في غرفة أو قسم، حيث يتم معاقبة كافة سكان القسم أو الغرفة بالحرمان من الزيارات مدة محدودة، كما حصل مع قسم 7 في سجن مجدو حيث حرموا من الزيارة لمدة شهرين.
ولم تخل أية عملية مداهمة من صدامات مع الأسرى والاعتداء عليهم وضربهم بشكل وحشي كما جرى في سجن عوفر، حيث أصيب 60 أسيرا بجراح أثر عملية اقتحام وحشية لإحدى الأقسام في السجن.
وهذه العقوبات تشمل أهالي الأسرى، حيث تم تشديد إجراءات الزيارة عليهم ، من خلال تفتيش النساء بشكل جسدي، وكذلك تفتيش الأطفال بشكل مذل، ووصل الأمر الى حرمان الأطفال من الزيارة في سجن مجدو تحت حجة تهريب أجهزة خلوية معهم.
وقد اعتقلت أمهات وشقيقات أسرى بتهمة محاولة تهريب أجهزة خلوية خلال الزيارة كما حصل مع شقيقة الأسير جمال الهور في سجن رامون.
وشرعت إدارة السجون بتركيب أجهزة تشويش في كافة السجون بهدف منع الأسرى من الاتصال عبر أجهزة بلفون مهربة معهم، مما أثار مخاوف الأسرى وقلقهم من الإصابة بأمراض خبيثة بسبب ما تصدره هذه الأجهزة من إشعاعات تسبب الأمراض والإضرار بصحتهم إضافة الى قيامها بحملة تنقلات واسعة بين حين وآخر في صفوف الأسرى.
إن ساحة السجون بدت في مشهد عام 2010 ساحة اشتباك يومية وعلى مدار الساعة وهي مواجهة بين سياسة الانقضاض على حقوق الأسرى الإنسانية والأساسية وبين إرادات المعتقلين المصرّة على الدفاع عن كرامتها وحقوقها ، ولا زال الاشتباك قائم والمعاناة مستمرة...