الأحد: 29/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

وداعا يا غزة...... بروسبار بيطون اول مستوطن ينسحب من قطاع غزة

نشر بتاريخ: 12/07/2005 ( آخر تحديث: 12/07/2005 الساعة: 03:42 )
معا- كتب رئيس التحرير- من أصل 270 عائلة يهودية تسكن في مستوطنة " نتسانيت" شمال قطاع غزة, قرر المستوطن " بروسبار بيطون " Brosbar Biton اخلاء منزله قبل شهر من الموعد النهائي المقرر في منتصف آب القادم.

ففي حين كان مجلس " ياشاع" الاستيطاني يعلن بدء اقامة مدينة خيام امام مدخل مستوطنات " غوش قطيف" جنوب قطاع غزة لاستيعاب عشرات الاف اليهود المتضامنين الذين جرى دعوتهم للمؤازرة, كان " بيطون" يستعين بعاملي صيانة لنزع ابواب الخشب الداخلية لمنزله ونقلها للساحة الخارجية, وقام بخلع المطبخ و" الجاكوزي" وحتى مفاتيح الكهرباء في الجدار, فاخذ معه كل ما يمكن حمله, وكل ما يمكن انتزاعه من الجدران, ولم يتردد في استخدام المطرقة في ضرب هذا الجدار أو ذاك لسحب اسلاك الكهرباء أو مواسير المياه, وفي الفناء الخارجي حمل ما استطاع من أواني الحديقة أو أوعية الزهور.

وبينما يقوم عاملان بحمل ما يجري إنتزاعه من الجدران يقول " بيطون" : "حين يضع الجيش الحواجز العسكرية في الاسبوع القادم سأغادر انا وعائلتي هذه المستوطنة وسأقبل بالتعويضات, وأبدأ حياتي من جديد في مكان آخر".

ويبدو هذا المستوطن في حالة نفسية هادئة ومستقرة, وكان عملية اعادته الى اسرائيل ليست صعبة كما وصفها المتطرفون, فهو يتحدث بهدوء وقناعة وطموح كبير لتلقي التعويضات والمكافآت التي ستقدمها الحكومة, هذا من جانب.

ومن جهه ثانية, يحاول السيد" بيطون" ان يتحدث عن ألم الفراق وضرورة وداع الاصدقاء, ولكنه اتخذ قراره للبدء من جديد في حياة جديدة دون الاخرين" سأحاول ان ابدأ من جديد بعد الخروج من هنا", وأحد لا يعلم اذا كان هؤلاء المستوطنون سيعيشون في اسرائيل او انهم سيفضلون السفر الى دول اخرى في العالم وفي حساب كل عائلة منهم ما يقارب النصف مليون دولار.

ومن الواضح تماما ان وسائل الاعلام الاسرائيلية لا تجرؤ على الحديث حول هذا الموضوع, لانها ستخرج عن المشهد المتوقع, والذي ينحصر حاليا في الحديث عن ألم الفراق ووجع الاقتلاع, تماما مثلما يفضل الجميع ان لا يتحدث عن الثروة التي تركها رجل ميت لعائلته بينما لا يزالون في مرحلة دفنه, ولكن هذا لا يعني أبدا انهم يفكرون في ذلك حتى داخل المقبرة واثناء عملية الدفن.

ولإعطاء الأمر حقه, لا شك بان عملية الانتقال من بيت الى بيت مؤلمة وشاقة, وحتى لو عاش الآدمي في كهف جبلي لعدة سنوات فانه سيألفه, ويعز عليه للحظة ان يغادره الى قصر جميل, فهذه هي سيكولوجيا السكن, وعشق المكان الذي يمضي فيه المرء سنوات من حياته, لكن وبالمقابل, وأمام السؤال اذا كان الانسان يتخطى هذه المشاعر لصالح أمنه وأمن اطفاله, وأمن مجتمعه والسلامة العامة, فإن الصفقة ستكون عادلة.

ومن غرائب الحياة ان ترى مستوطنا تسقط القذائف الفلسطينية على سطح منزله كل يوم ويجري اطلاق النار باتجاهه كل ساعة يشعر بالالم لفراقه غزة وانتقاله الى عسقلان الجميلة وعلى شاطيء البحر, وربما يختلف المحللون على ذلك, ولكن السيد " بيطون" حسم الأمر وخطا الخطوة الاولى باتجاه المستقبل الجديد.