الجمعة: 04/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

غزة: مات الولد... وتصريح المغادرة لم يصل بعد!

نشر بتاريخ: 06/01/2011 ( آخر تحديث: 07/01/2011 الساعة: 07:30 )
غزة- معا- في شهر سبتمبر- أيلول عام 2010 اكتشف الاطباء في غزة أن الشاب أنس صالح يعاني من "انسداد الوريد الكبدي" وبسبب عدم توفر العلاج الطبي اللازم في قطاع غزة، فإن حالته تدهورت وأصبح يعاني من فشل كبدي حاد ،ليصاب بالتهاب الكبد الوبائي ليحصل في اعقاب المرض على تحويله طبيه إلى مستشفى المقاصد الخيرية في القدس لتلقي علاج طبي طارئ لإنقاذ حياته، حيث كان يجب وللضرورة أن يحضر إلى المستشفى بتاريخ 26/12/2010.

أسرة المريض تقدمت بتصريح مغادرة لابنها انس وبعد ثلاثة عشر يوماً من تقديم طلب التصريح وهو موعد دخول المريض للمستشفى، أبلغ الجيش الإسرائيلي مكتب الارتباط الفلسطيني أن على المريض المثول للتحقيق لدى جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) بتاريخ 30/12/2010 لكي ينظر في طلبه.

أنس بالطبع لم يستطع تلبية الطلب الاسرائيلي لانه كان غائبا عن الوعي قبل ذلك التاريخ، ولم يتمكن من المثول للتحقيق لتتدهور صحته أكثر فاكثر، وينقل إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، حيث كان قد فقد الوعي ودخل في حالة غيبوية.

وحسب الإفادة التي قدمها والد المريض، فقد تلقى مكالمة هاتفية بتاريخ 28/12/2010 من شخص عرّف نفسه على أنه يمثل جهاز الشاباك، وقال للأب إن على ابنه المريض الحضور إلى التحقيق في اليوم التالي. وقد أبلغ والد المريض هذا الشخص أن ابنه في حالة غيبوية، وطلب السماح لابنه بالمغادرة للحصول على العلاج الطبي دون مزيد من التأخير.

تجدر الإشارة إلى أنه خلال هذا الوقت تم تقديم مستندات طبية تؤكد الحالة الصحية للمريض للسلطات الإسرائيلية. كما تم تقديم تقرير طبي نهائي يؤكد خطورة الحالة الصحية للمريض بتاريخ 29/12/2010.

وتوفي المريض في مستشفى الشفاء بمدينة غزة عند الساعة السادسة من مساء يوم السبت الموافق 1/1/2011، وحتى اليوم لم ترد السلطات الإسرائيلية على طلب التصريح.

وقال البروفيسور تسفي بنتويتش، رئيس رابطة أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل: "إنه كان يمكن إنقاذ حياة هذا المريض لو منح تصريح مرور بشكل فوري لإجراء جراحة طارئة".

وفي يوم الأربعاء الموافق 2/1/2011 تقدم مركز عدالة (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل)، باسمه وبالنيابة عن رابطة أطباء لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان، بشكوى للمدعي العام الإسرائيلي يهودا وينستين، وللمدعي العام العسكري الإسرائيلي أفيخاي ميندلبليت تطالب بفتح تحقيق جنائي وبمحاكمة المتسببين بوفاة أنس صالح، البالغ من العمر 20 عاماً من سكان قطاع غزة، الذي توفي في مستشفى الشفاء بمدينة غزة بتاريخ 1/1/2011 بسبب مرض في الكبد جراء تعنت سلطات الاحتلال معه.

وقدمت الشكوى المحامية فاطمة العجو من مركز عدالة نيابةً عن المريض، الذي قام مركز الميزان ورابطة أطباء لحقوق الإنسان بتوثيق حالته.

وقد دافعت منظمات حقوق الإنسان في الشكوى بأن حرمان المرضى من الحصول على تصاريح خروج من غزة في مثل هذه الظروف يمثل فعلاً منافياً للواجب القانوني المتمثل في تقديم الرعاية الطبية اللازمة لإنقاذ حياة المرضى، ما أدى إلى التسبب في الوفاة، أو على الأقل التسريع في وفاة المريض.

ورأت هذه المؤسسات أن هذا الفعل يدعو للاشتباه بتورط المسؤولين عن ذلك بتهمة القتل (الجزء 298 من قانون العقوبات الإسرائيلي للعام 1977)، أو التسبب بالموت بسبب الإهمال (الأقسام 304 و 309 من قانون العقوبات الإسرائيلي للعام 1977)، وبالمسؤولية عن وفاة شخص عاجز، عدا عن انتهاك واجب الشخص المسؤول (الأقسام 322 و 337 من قانون العقوبات الإسرائيلي للعام 1977).

من جانبة قال محمود أبو رحمة من مركز الميزان لحقوق الإنسان: "إن الحصار الإسرائيلي قد خلف آلالاف من الضحايا الذين يعانون من عدم توفر الرعاية الصحية، رغم أنها متوفرة على بعد ساعة واحدة في السيارة عنهم"، مشيراً إلى أن "مركز الميزان ورابطة أطباء لحقوق الإنسان تابعا المئات من الحالات لمرضى أعاقت السلطات الإسرائيلية وصولهم إلى العلاج الطبي خارج قطاع غزة، حيث فقد كثير منهم حياتهم، فيما اعتقلت السلطات الإسرائيلية بعضهم، وأطالت الرد على كثير من طلباتهم للحصول على تصريح لفترات طويلة"، مؤكداً على أن هذا الوضع لا يزال قائماً ويتسبب في ظروف غير إنسانية للمرضى، وأنه في حال استمرت هذه الممارسات فإنها ستسبب الكثير من المعاناة لمرضى آخرين من قطاع غزة.

وطالبت رابطة أطباء لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان ومركز عدالة، السلطات الإسرائيلية، بتقديم الأشخاص المسؤولين عن منع أنس صالح من مغادرة قطاع غزة للحصول للمحالمة لمنع تكرار مثل هذه الحالات في المستقبل.

وطالبت المؤسسات الثلاث إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها القانونية تجاه سكان قطاع غزة، وضمان وصول المرضى للعلاج الطبي الى اي مكان من وطنهم.