الأربعاء: 02/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

ازمة ثقة بين اصحاب المركبات الحديثة والكراجات القديمة

نشر بتاريخ: 09/01/2011 ( آخر تحديث: 10/01/2011 الساعة: 08:48 )
رام الله - معا - " لا اثق في الكثير من اصحاب كراجات تصليح المركبات ، لان جهلهم في التعامل مع سيارتي قد يلحق كوارث بمركبتي الحديثه"، هذا الموقف الذي ابداه المواطن محمد سليم من العديد من اصحاب كراجات التصليح يعكس مواقف الاف المواطنين الذي قاموا بشراء مركبات حديثة خلال الاعوام القليلة الماضية ليواجهوا مشكلات عدم قدرة العديد من اصحاب كراجات التصليح التعامل مع تلك المركبات الحديثة التي بدأت تنتشر على شوارع مدن الضفة الغربية.

ويقول سليم الذي يقود مركبة حديثه من نوع سكودا " ليس كل الميكانيكية يعرفون التعامل مع المركبات الحديثة، فقد تخسر مركبتك اذا سلمتها لميكانيكي غير مؤهل للتعامل مع هذا النوع من المركبات"، اضاف " الامر لا يتوقف عند هذا الحد بل قد تضطر لدفع مبالغ مالية كبيرة جراء جهل الميكانيكي سيما عندما يخبرك بان الخلل في قطعة ما داخل المركبة وتكتشف ان المساءلة مرتبطة بخلل اخر ".

غيض من فيض

وروى سليم قصة وقعت مع احد اصحاب محال تصليح المركبات في رام الله عندما اخبره بحاجته تغيير اجزاء من ماتور المركبة مقابل 2000 شاقلا ، الامر الذي دفعه بالاتصال بميكانيكي تربطه معه علاقة صداقة في طولكرم حيث طلب الاخير منه احضار سيارته الى طولكرم ليكتشف ان المشكلة في مركبته مغايرة تماما وقام باصلاح مركبته مقابل 200 شاقلا .

ويقول سليم " المشكلة ان الاف المركبات بدأت تدخل للبلد دون وجود ميكانيكيين مؤهلين للتعامل مع المركبات الحديثة وفي حال قررت ارسال المركبة للشركة الوكيلة فان ذلك يعني انك ستدفع مبالغ مضاعفة باعتبار ان تلك الشركات تحاسب صاحب المركبة على الساعة "، مؤكدا في الوقت ذاته وجود مشكلة حقيقية في هذا المجال يعاني منها اصحاب اغلبية المركبات.

ويدعم سليم فكرة ضرورة تأهيل اصحاب الكراجات وتطوير قدراتهم في مجال اصلاح المركبات خاصة ان اغلب اصحاب هذه الكراجات يعملون في هذه المهنة من خلال مهارات اكتسبوها بالممارسة وليس التعليم الجامعي وحتى من الكليات المتوسطة.

ويتفق صاحب محل اصلاح المركبات ، الميكانيكي امجد الهودلي ، مع وجود اشكالية حقيقية فيما يخص اصلاح المركبات الحديثة من قبل الميكانيكيين لكنه يقول " لا يمكن التعميم لان هناك ميكانيكيون لديهم مهارات التعامل مع المركبات الحديثة وهناك اخرون يجهلون فعل ذلك ".

واضاف " الامر المتفق عليه هو حاجة اصحاب هذه المحال لد ورات تدريب وتاهيل لكي يكونوا قادرين على تقديم الافضل للزبائن "، مشيرا الى ان المشكلة تكمن بالاساس في ان اغلبية من اصحاب محال اصلاح المركبات امتهنوا هذه المهنة اما بسبب فشلهم الدراسي او بالوارثة عن ابائهم.

وقال " انا شخصيا لا تواجهني اية مشاكل في اصلاح المركبات الحديثة، لكن بحكم الاحتكاك مع الزبائن يمكن اكتشاف مشكلة حقيقية في هذا الجانب"، مؤكدا ان مسؤولية تاهيل وتدريب اصحاب محال اصلاح المركبات تقع على كاهل وزارة النقل والمواصلات باعتبار انها المسؤولة عن تنظيم هذا القطاع.

ويتفق احد اصحاب شركات استيراد المركبات الحديثه للاراضي الفلسطينية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، في وجود اشكاليات حقيقية وعديدة في هذا المجال حيث تلتزم الشركات المستوردة للمركبات الحديثة بادخال قطع غيار للمركبات ضمن صلاحيات وواجبات عملها في هذا المجال لكن المشكلة تكمن في المواطن العادي يتعرض للاستغلال من خلال مضاعفة اجرة الصيانة، ما يدفع اغلبية اصحاب المركبات الحديثة خاصة ممن قاموا بشراء تلك المركبات من خلال القروض البنكية، للتوجه الى محال اصلاح المركبات العادية للاستفادة من انخفاض اسعار التصليح ليجدوا انفسهم في ورطة تعريض مركباتهم لمشاكل ميكانيكية وفنية بسبب عدم قدرة اصحاب تلك المحال والعاملين فيها على التعامل مع هذه المركبات.

وتضاعفت هذه الاشكاليات التي تواجه اصحاب المركبات مع الاقبال الكبير من قبل المواطنين على شراء مركبات حديثة مستفدين من القروض التي تقدمها البنوك في هذا المجال حيث اشارت سلطة النقد الفلسطينية عبر مسؤولين فيها الى ان قروض تمويل السيارات من البنوك بلغت 92 مليون دولار ما يشكل 3% من قيمة التسهيلات، الامر الذي يكشف عن المبالغ الطائلة التي دفعها المواطنين لقاء شراء مركباتهم.

وحسب ما اعلنه مدير عام جهاز الشرطة الفلسطينية اللواء حازم عطا الله قبل يومين، فان 85 الف مركبة حديثة دخلت للسير على الطرقات والشوارع في الضفة الغربية، موضحا ان هذا العدد الكبير من المركبات بدأ يسير على الطرق القديمة الى حد ان هذه الطرق لم تعد قادرة على استيعاب هذا الكم من المركبات بسبب ضيق مساحتها.

ويقول سليم " ليس من المعقول ان يشتري مواطن سيارة بقيمة 100 الف شاقل ثم يقوم بتسليمها لاي ميكانيكي لا يعرفه او لا يثق بقدرته على اصلاحها في حال تعرضها لخلل معين"، الامر الذي يحتم على الجهات المختصة ذات العلاقة تحمل مسؤولياتها تجاه هذا الوضع.

ولكن في المقابل فانه ليس من المعقول ان يجري ترخيص محال لصيانة المركبات واصلاحها بدون ان يكون صاحب هذا المحل مؤهلا وقادرا على تقديم خدمة اصلاح المركبات للمواطنين؟.

تاهيل اصحاب الكراجات

ويؤكد من جانبه خليل ابو العرايس رئيس النقابة العامة لخدمة المركبات في محافظة رام الله والبيرة ، وجود حاجة ملحة لتطوير وتاهيل اصحاب محال اصلاح المركبات من خلال وضع خطة رسمية لهذا الغرض، مشيرا الى ان النقابة كانت طلبت في وقت سابق من وزارة النقل والمواصلات ضرورة الزام الشركات المنتجة للسيارات والتي لها وكلاء معتمدين في فلسطين بضرورة اشراك اصحاب محال اصلاح المركبات في دورات تدريبية في هذا المجال خاصة ان هناك قرابة 10% من اصحاب هذه الجامعات يحملون شهادات جامعية.

وقال ابو العرايس " اذا تم اخذ 10 من هؤلاء للتدريب فانهم يتولون تدريب البقية وبذلك نحقق الهدف المرجو عبر تطوير قدرات ومهارات اصحاب هذا المحال لتقديم افضل الخدمات للزبائن".

واشار الى ارتفاع تكاليف اصلاح المركبات لدى الشركات الموردة خاصة ان تلك الشركات تحاسب المواطن على سعر الساعة وليس على اصلاح المركبة اما وذلك بعكس صاحب الكراج".

المركبات وقطع الغيار

واشار ابو العرايس الى وجود اشكالية اخرى لها علاقة في هذا الموضوع وهي انتشار الكراجات وبيع قطع الغيار للمركبات دون حصول اصحابها على التراخيص، الامر الذي يلحق ضرر بالغ لهذه المهنة، موضحا انه على سبيل المثال يوجد في محافظة رام والبيرة قرابة 200 كراج مرخصا لاصلاح المركبات وبيع قطع الغيار في حين ان عدد الكراجات غير المرخصة يصل الى 300 كراج .

وحسب معايير واسس تسجيل محال الكراجات ومحال بيع قطع الغيار فان ابو العرايس اشار الى مجموعة من هذه المعايير التي منها حصول صاحب المحل على شهادة تاهيل وتدريب اضافة الى شهادة خبرة في هذا المجال ، وشهادة مدرسية لا تقل عن الصف التاسع وان لا يقل مساحة الكراج عن 120 متر اضافة الى توفر المعدات ومخطط موقع وموافقة البلدية.

ودعا ابو العرايس المواطنين الى التوجه والتعامل فقط مع اصحاب الكراجات المرخصة لما في ذلك حفاظا على مصالحهم اذا ما وقعت اشكالية بينهم وبين صاحب الكراج، موضحا انه بامكان اي مواطن التعرف على المحل المرخص من خلال الكارمة الخضراء وشهادة الترخيص التي يجب تعليقها في اماكن واضحة للزبائن.

واشار ابو العرايس الى ان النقابة تتلقى العديد من شكاوي المواطنين على اصحاب الكراجات وبيع قطاع الغيار خاصة تلك المحال غير المرخصة، موضحا ان النقابة تتلقى بمعدل 5 شكاوي شهريا.

الوزارة تتبنى الاقتراح

في وزارة النقل والمواصلات اكد مسؤولون رسميون لـ( معا)، ان تاهيل اصحاب الكراجات وبيع قطع الغيار الذي اثارته معا معهم يحظى باهتمام كبير من قبل المسؤولين في الوزارة وان هذا الاقتراح سوف يتم وضعه ضمن خطة عمل الوزارة لتطوير هذا القطاع، موضحين ان العمل جا ر من خلال اللجنة الفنية التابعة للوزارة من اجل بحث اليات تطبيق مثل هذا التوجه باعتبار انه يفي بحاجة اعداد كبيرة من المواطنين من اصحاب المركبات الخاصة.