الخميس: 03/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

تهويد القدس رياضيا. بقلم :جواد عوض الله

نشر بتاريخ: 11/01/2011 ( آخر تحديث: 11/01/2011 الساعة: 16:49 )
سعت إسرائيل وما زالت بكل الوسائل للتضييق على الشباب الفلسطيني وحصار رياضته التنافسية والترويحية ، فأعاقت حركة لاعبيه ومنتخباته واعتدت على منشآته وملاعبه ، ووصلت أبعد من ذلك حيث تحضر حاليا بلدية الاحتلال في القدس برئاسة" نير بركات"لاستخدام الرياضة كأداة سياسية لفرض رؤيتها في المناطق الفلسطينية، وخاصة في القدس الشرقية، بتنظيم ما يسمى : ماراثون القدس الدولي الأول .

من هنا فان ما تقوم به إسرائيل من خلال بلديتها بالقدس المحتلة عبر تنظيم هذا الماراثون الرياضي ، يتجاوز مبادئ الرياضة وحدود 67،ويتجاوز سياسة الحصار والتضييق علينا رياضيا، بل يأتي في إطار سياسي، منسجما مع سياسة التهويد لمدينة القدس من خلال الرياضة, ولتغير انساب معالمها المقدسة على الصعيد الرياضي العالمي، فمنظومة الأماكن الدينية والتاريخية والحضارية التي يحويها الموقع الإلكتروني الترويجي للماراثون ، كالمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وأسوار المدينة المقدسة وغيرها من أماكن أثرية وحضارية ودينية فلسطينية في القدس الشرقية ضمنت لشعار الماراثون ،وللموقع، لتحاول بلدية الاحتلال بذلك إيهام العالم بأن هذه المنظومة العربية الفلسطينية تنسب لدولة إسرائيل.

إن هذا الماراثون المسيس والمجير رياضيا ليس اقل خطورة من أي أسلوب استخدمه الاحتلال ،كالاستيطان وهدم البيوت الفلسطينية وتهجير سكانها الأصليين ، للاستحواذ على القدس وتهويدها، والخطورة لا تتوقف عند خط سير الماراثون فقط ،حيث يخترق أراضي محتلة في مناطق 67" " واعتراضنا لا يجب أن يربط بتغير مساره ، إلى داخل الخط الأخضر ، وإننا إذ نقدر لشركة " اديداس " الرياضية، ربط رعايتها بتغير مسار سباق الماراثون وجعله داخل الخط الأخضر ، كما تقول بعض الصحف الأجنبية"واشنطن بوست ونيويورك تايمز، ومعاريف الإسرائيلية والذي جاء بناء على ضغط مؤسسات حقوقية وبعض الشخصيات اليسارية الإسرائيلية،ومنهم أعضاء في مجلس إدارة بلدية الاحتلال، كما أوردت بعض المواقع والصحف،وربما هناك شخصيات وجهات أخرى محلية اجتهدت في هذا الموضوع وطالبت الشركة الراعية بتغير مسار الماراثون لكي لا يمر بالقدس الشرقية،ومنهم الأخ حاتم عبد القادرمسؤول ملف القدس في حركة فتح، واحمد الرويضي رئيس وحدة القدس في الرئاسة،وصديقي احمد البخاري (تجمع قدسنا الرياضي)،كما تقول المواقع الرياضية المحلية، وهنا نقدر الاجتهاد في العمل ،ولكن،نحن بحاجة الى تنسيق وتوحيد الجهود،والخطاب،فالرد على هذا النشاط (الماراثون)بحاجة الى خطة مدروسة ومعدة جيدا، وعلى كافة الصعد، والمجالات.

وأقول لشركة "اديداس" ولغيرها ،تغير خط السير لا يكفي ،ولن نكون أغبياء ونتوقف هنا، ولن نقزم ابعاد هذا الماراثون السياسي، فقط في هذه الجزئية ،– خط سير الماراثون - رغم أهميتها ، حيث يقول "نير بركات" رئيس بلدية الاحتلال : إن مسار الماراثون يمر في مقطع قصير بالقدس الشرقية ،ويرى في ذلك واقع وطبيعي بالنسبة لهم، فكلها القدس الإسرائيلية ،وعلينا التأكيد أن احتجاجنا على الماراثون ورفضنا له ،يجب ان لا يتوقف عند الطلب من الشركة الرعاية له بتغير المسار ، وتهديدها بمقاطعة العرب والمسلمين بالعالم لمنتجات الشركة من الأدوات الرياضية فقط ، فاعتراضنا على الشركة الراعية، يتجاوز خط سير الماراثون الذي يمر بوادي الجوز والبلدة القديمة والشيخ جراح وشعفاط ، وغيرها من مناطق في "هذه المدينة العربية الفلسطينية المحتلة في عام "67" وينطبق عليها ما ينطبق من قرارات دولية على باقي الأراضي المحتلة ، بل ويصل اعتراضنا أبعد من ذلك بكثير.

والسؤال: هل درست شركة اديداس شريط الفيديو الترويجي الذي يدعو فيه "نير بركات " رئيس بلدية الاحتلال العالم للمشاركة في هذا الماراثون، قبل الموافقة على الرعاية ووضع علامتها التجارية عليه ؟ والإجابة المنطقية والمهنية تقول يفترض بها ذلك ،فهو من أسس الرعاية والتسويق الرياضي.

نعم،من النتائج نفهم الموافقة ،فشركة (adidas) هي الراعي الرئيسي لهذا الحدث ، وتضع شعارها على موقع الماراثون ، http://www.jerusalem-marathon.com الذي يمرر كافة الرسائل السياسية التهويدية الترويجية التي تريدها بلدية الاحتلال للعالم،حيث يبدأ الفيديو "بصورة لقبة الصخرة ،ويمر بصورة لكنيسة القيامة وباب العمود وينتهي الفيديو الترويجي بصورة عامة للبلدة القديمة "،وكذلك يعرض موقع "يوتيوب" استعدادات المشاركين وتدريباتهم لخوض هذا الماراثون، وفي العمق من الصورة تظهر مجموعة هذه المقدسات وأسوار البلدة القديمة ويرافق ذلك ،تعليق ،وترجمة،وتعريف بأنها منظومة لتاريخ وجغرافيا إسرائيلية ، إذن هذه جزء من رسائل الماراثون الخطيرة ،فمحاولة تغير أنساب هذه المعالم وهذه الأماكن الدينية والحضارية والتراثية الفلسطينية الواقعة في القدس الشرقية ونسبها إلى إسرائيل واضحة ، وبذلك توافق الشركة الراعية على الفيديو الترويجي وعلى ما جاء فيه من رسائل سياسية ،وعلى غير ذلك من منظومة الماراثون ،غير ذاك المتعلق بخط السير،وهنا الخطورة الأكبر في الشركة الراعية .

والتساؤل : ألا تعلم الشركة الراعية "adidas " ، ووكلائها في المنطقة والعالم أن هذه المنظومة من الأماكن الدينية والحضارية والتاريخية ببلدتها القديمة بالقدس الشرقية تمثل " الرمزية الفلسطينية" ..... ؟؟!.

اذن بالنسبة لنا، ترعى "اديداس" ماراثون تقيمه وتعقده دولة احتلال- ممثلة ببلديتها المقامة في المناطق المحتلة 67، ويسرق إضافة لمروره في الأراضي المحتلة ، منظومة مقدرات ومكونات رمزية فلسطينية ،فالجغرافيا والتراث والحضارة والمقدسات وحتى التاريخ ، الكنعاني العربي ينسبه لإسرائيل كما موقع " الماراثون " يشير إلى ) 3000) الآلاف سنة من التاريخ ، وصولا الى سرقة اسم المدينة الرمز والعاصمة لفلسطين " القدس" ويكنى الماراثون باسمها "ماراثون القدس الدولي الأول، THE FIREST INTERNATIONAL JERUSALEM MARATHON

في ضوء هذا التحليل ،فان الموقع الالكتروني لبلدية الاحتلال ،باستخدامه كافة المواقع الدينية والأثرية الإسلامية والمسيحية الفلسطينية،ويروجها للعالم وينسبها لكيانه إسرائيل كما يدعي، لم يكن عبثا،بل مخططا ومدروسا، فالموقع اسقط كثير من الجغرافيا والمدن في داخل 48،وابرز بتركيز كبير "القدس العربية المحتلة في 67"،وحتى جزء يبدو من مدينة اريحا التاريخية، نعم موقع مزود بمناظر مدينة القدس ويركز على بلدتها القديمة بأسوارها ،ومقدساتها الإسلامية والمسيحية"كالمسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة " في الترويج الإعلامي عالميا لهذا الماراثون الدولي والذي سيعقد في 25 آذار من العام الجاري 2011، محاولا إيصالها للعالم ،للمشاركين والمتصفحين أيضا لهذا الموقع ،على أنها أماكن ومنظومة وطنية تاريخية إسرائيلية ، في قلب عاصمتهم الأبدية "القدس" كما يزعمون .

ومرة أخرى ،فكل ذلك يروج برعاية هذه الشركة،وعليه نقول للشركة رعايتكم على الموقع الإلكتروني موجودة لكل هذه المنظومة، وبأكثر من لغة مفهومة ،بالإنجليزية والفرنسية والأسبانية والإيطالية ،والعبرية،وهذا معناه موافقتكم على تمرير كافة المعلومات الموجودة في الموقع الالكتروني إلى كافة أرجاء العالم على أنها إسرائيلية، ،عذرا " اديداس "عليك الانسحاب من رعاية الموقع الإلكتروني أيضا، فتغير خط السير لا يكفي ،ولن يثنينا عن تغير موقفنا الرافض لهذا الماراثون السياسي.

وفي المقابل على عاتقنا، وعلينا في فلسطين الوقوف بحزم للرد على هذا النشاط السياسي الاحتلالي ، المقدم في قالب رياضي ، حيث تحاول إسرائيل من خلاله بلديتها " المشاركة في تهويد القدس رياضيا،والترويج سياسيا وسياحيا وتراثيا لكيانها الغاصب على الصعيد العالمي ، وقد وجدت إسرائيل في الرياضة باعتبارها نشاط إنساني يصل كافة الشعوب ولغة عالمية مفهومة لكل الأجناس والأعراق ،طريقة من أفضل الطرق ووسيلة من أسرع الوسائل لإيصال رسائلها لذلك ، وينبغي إقصاء اللامبالاة من أجندتنا انطلاقا من عجزنا عن فعل شي .

فإضافة إلى اختراق مسار الماراثون أراض محتلة عام ال67"في وادي الجوز والشيخ جراح وغيرها، حيث يسير بمحاذاة البلدة القديمة وأسوارها ويخترق شوارعها ،فمن ناحية أخرى فهو مصحوبة بفلسفة ماكرة ،وأكثر خطورة، حيث يكنى الماراثون باسم "القدس " في كناية عن اسم العاصمة لإسرائيل ، أسوة بماراثون العواصم كما يدعون ،ويعملون ليمررون ، ويظهر في شعاره أسوار البلدة القديمة للقدس العربية مع ظهور إحدى مآذن المسجد الاقصى ، ومعروف رياضيا أن رسالة الماراثون تعكس في شعاره(انظر موقع الماراثون) .

إضافة لذلك ، يدمغ الماراثون بالنسخة الأولى "ماراثون القدس الدولي الأول"في إشارة إلى تخطيط وقرار مسبق باستمرار وتنظيم عقده في المستقبل بشكل دوري وسنوي بالنسخة الثانية والثالثة ،.وهكذا ..،ولن يكون مجرد نشاط رياضي عابر، بل مخطط له ولرسائله جيدا من قبل "نير بركات"،الذي شارك شخصيا في أكثر من ماراثون رياضي عالمي في الخارج كما ذكر الفيديو الترويجي ، ويحاول استنساخ تلك التجارب من ماراثون العواصم على واقع المدينة المقدسة ، وقد لجأ لفتح المجال لأكبر عدد من المشاركين الدوليين والأسرائيلين فيه،الى تقسيم الماراثون إلى مسافات مختلفة 10.km، ،ونصف ماراثون 21.km، وماراثون كامل 42.km ،لإتاحة الفرصة لحشود كبيرة للمشاركة فيه ،لتمرير رسائله السياسية.

ومن ناحية أخرى فان عقده للعالمية " الدولي" والتسجيل فيه دون وسيط وجسم رياضي كاتحادات ألعاب القوى وغيرها من مؤسسات رياضية،حيث تتم عملية التسجيل للمشاركة عبر الموقع الإلكتروني ، وكذلك الترويج له بأكثر من لغة ،مما يتيح اكبر فرصة للتسجيل والمشاركة، وهذه مدروسة أيضا من خلال استهداف الجميع وفتح المجال لجعل المشاركة فيه مفتوحة لكافة الدول والأعمار والأجناس والأعراق من كل دول العالم، ممن يحترفون الرياضة وغيرهم من الهواة،نعم ،فالرسائل لم تكن رياضية لهذا المارثون ليكن المستهدفون منه الرياضيون فقط .

إن إسرائيل تحاول تهويد القدس بكل الوسائل ،بالاستيطان والجرافات وبالتهجير القسري للفلسطينيين تارة،وهدم المساكن والفنادق والبيوت تارات ،و سياسيا وثقافيا وسياحيا وصولا إلى تهويد القدس رياضيا ،ولما لا، أرى أنها من ابرز واخطر المحاولات، حيث تقدم في قالب (حضاري رياضي ) ماكر!،
فإسرائيل وهي تهود القدس ، تحاول تقديم نفسها كنموذج حضاري بين عواصم الدول العالمية بتنظيم هكذا ماراثون رياضي ،أسوة بماراثون ،نيويورك وباريس وبرشلونة ولندن وغيرها من سباقات ماراثون العواصم ،وعليه ليست المعضلة والمشكلة والخطورة في خط سير الماراثون ان مر بالقدس الشرقية ، ام لا ،بل فيما يسعى ان يمرره هكذا ماراثون وما يسرقه من منظومة عربية فلسطينية تاريخية ودينية وتراثية وحضارية وجغرافية وينسبها إلى إسرائيل،
ولمعرفة المزيد عن هذا الماراثون ،انظروا:
http://WWW.JERUSALEM-MARATHON.COM .
وليلقي بعضنا ومن لديه اهتمام لنصرة القدس نظرة عبراليوتيوب:
YOUTUBE.JERUSALEM MARATHON

أملي بالمرجعيات الوطنية السياسية والدينية والرياضية والتراثية والحضارية العمل على تشكيل لجنة موسعة،من المؤسسات الحكومية والأهلية الرياضية)،لمواجهة هذا النشاط بحملة وطنية وعربية واسلامية،وبخطة شاملة،فالقدس بحاجة لنصرة الجميع وتحتاج لجهد المجموعة، مع العلم أن هذا الماراثون يأتي بعد ماراثون عربي فلسطيني، أقرته جامعة الدول العربية وسمي )ماراثون القدس الدولي الأول )وعقد في العام الماضي بشهر أيار ، بتاريخ 27- 5 -2010، في بلدة ابوديس ، بالقرب من القدس القديمة ، لتقوم هذه اللجنة ببلورة الأفكار والمقترحات،وإعداد تصور وفق خطة إستراتيجية ،إعلاميا،وإداريا وسياسيا ودبلوماسيا،وتجنيد كافة المؤسسات والاتحادات والهيئات والمنظمات الشعبية والمدنية لترجمة خطتها، وليس بعمل فردي أو ارتجالي " اقرب إلى لغة العونة " ، ويمكننا أن نستغل ملتقى الأعلام الرياضي العربي المزمع عقدها هنا في فلسطين في نهاية هذا الشهر، للعمل على مواجهة هذا النشاط بكل اللغات داخليا وخارجيا فلسطينيا وعربيا،ودوليا ،رسميا وأهليا،رياضيا وسياسيا ،ودبلوماسيا،ولنعمل جميعا للرد على الاحتلال في تهويد القدس رياضيا.


[email protected]