الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الجيش الإسرائيلي مسيس أم لا ؟

نشر بتاريخ: 12/01/2011 ( آخر تحديث: 13/01/2011 الساعة: 11:13 )
القدس - تقرير معا - الجيش الإسرائيلي لم يكن يوما بعيدا عن تجاذبات السياسة الإسرائيلي ولم يكن منذ حكومة بن غريون الأولى بمنأى عن الساسة وتدخلاتهم. بل ان غالبية قادة اسرائيل السياسيين لهم اصول عسكرية واضحة مثل " شارون ، رابين ، باراك ، يغال الون ، عيز وايزمن ، رفائيل ايتان عامي ايلون " وغيرهم كثر

ولم تكن ما عرف بوثيقة غلانت الأولى من نوعها في تاريخ الجيش الإسرائيلي الذي طالما تفاخر قادة إسرائيل ببعده عن السياسة وانه يمثل جهة تنفيذية فقط .

واذا اردنا العودة للتاريخ وصولا لأول حكومة إسرائيلية والتي عرفت حينها باسم " الحكومة المؤقتة " يتضح جليا بان البعد السياسي لم يكن غائبا عن تشكيل الجيش الاسرائيل وان الصراع السياسي لم يكن غريبا عن هذا الجيش وانما كان عاملا أساسيا في تشكيلة وتركيبة الجيش الاسرائيلي. حيث قام بن غريون بإعادة تشكيل الجيش وإبعاد معارضيه من الصف القيادي العسكري الأول تمهيدا لطردهم نهائيا من صفوف الجيش .

بن غوريون وبدايات الجيش الاسرائيلي

بن غريون وفقا للمصادر التاريخية الإسرائيلية وكما نشرت صحيفة معاريف العبرية في عددها الصادر يوم ألجمعه 20/8/2010 نكل بقادة "البلماخ" شبه العسكرية وطرد قادتها من صفوف الجيش لاعتبارات سياسية داخليه غلفها بطابع عسكري مهني .حينها رفض بن غريون تعين رئيس البلماخ وأكثر الشخصيات العسكرية شهره قبل إقامة دولة اسرائيل يغال الون في منصب أول رئيس أركان للجيش الناشئ وذلك فور انتهاء حرب 48 الأمر الذي أدى إلى استقالة الون من الجيش ليتبعه بعد وقت قصير العديد من كبار ضباط البلماخ وعلى رأسهم مؤسس وقائد هذه المنظمة " يتساحق سديه " ما فسر حينها في الأوساط السياسية بالتنكيل السياسي بقادة بلماخ .

ولم تكن منظمة "الهغاناة" الشهيرة ببعيدة عن تنكيل بن غريون السياسي فبادر خلال حرب 48 إلى عزل " يسرائيل غليلي" الذي وقف حينها على رأس القيادة القطرية للمنظمة وعمل وزيرا للدفاع في الحكومة المؤقته وهذه الخطوة كانت سياسية بامتياز مع غلاف عسكري اصبغه عليها بن غريون . وتؤكد المصادر التاريخية الإسرائيلية بان خطوة بن غريون كانت انتقاما من الهغاناة التي تميل سياسيا نحو حزب " مبام " اشد خصوم حزب مباي حزب بن غريون. وأثارت هذه الخطوة في حينها الكثير من الصخب واللغط السياسي والاتهامات الموجه ضد بن غرين الذي يستغل الجيش لتصفية خصومه السياسيين .

ولم يقف الصراع السياسي بين حزبي "مبام" و "مباي" عند هذا الحد حيث قدم عدد كبير من كبار ضباط الجيش استقالاتهم احتجاجا على تعيينات عسكرية فرضها بن غريون الذي فضل تعيين من خدموا في صفوف الجيش البريطاني في أهم وارفع المناصب العسكرية على حساب مقاتلي الهغناه والبلماخ. مقربون من بن غريون اكدو حينها ان هذه التعيينات جرت على أساس الانتماء السياسي للضباط بعيدا عن الاعتبارات المهنية والعسكرية التي كان يتغنى بها بن غريون تبريرا لخطواته الانتقامية .

شارون وحرب 82
هذا في التاريخ البعيد نسبيا وإذا تقدمنا قليلا نحو عام 82 يتضح جليا حينها سيطرت الجيش على ناصية القرار السياسي حينها رفض شارون الذي كان وزيرا للجيش بالتعاون مع رئيس الأركان حينها رفائيل ايتان الالتزام بقرار الحكومة وقف تقدم القوات على بعد 40 كلم من خط الحدود اللبنانية واصدر تعليماته باستمرار التقدم حتى بيروت التي حاصرها قرابة ثلاثة أشهر الأمر الذي اثأر أزمة حادة بينه وبين رئيس الوزراء في ذلك الوقت مناحم بيغن .

وفي الاشهر الماضية هزت الجيش الإسرائيلي ما بات يعرف " بوثيقة غلانت " التي "أثبتت" الشرطة الإسرائيلية بأنها مزيفة لكن الواقع يشير الى عكس ذلك .

ماذا جاء في الوثيقة
1- تشويه صورة رئيس الاركان الحالي غابي اشكنازي الذي تنتهي ولايته في شباط 2011 ودق الأسافين بينه وبين وزير الجيش ايهود باراك تمهيدا لشطبه من خلال حملة إعلامية مركزة ومخططة .
2- تشويه صورة بقية المرشحين لتولي منصب رئاسة الأركان حتى يخلو الجو للجنرال " يوأف غلانت ".
3- بعد تحقيق " النجاح " يعين العقيد طال روسو قائدا للمنطقة الجنوبية وترقيته لرتبة عميد.
4- تعين قائد المنطقة الشمالية الحالي غادي ايزينكوت نائبا لرئيس الأركان " رفض تولي هذا المنصب وفضل البقاء في موقعه سنة أخرى "

ماذا تحقق من هذه الوثيقة ببساطة كل ما ذكر " تم تعين غلانت رئيسا للأركان واقرت لجنة تيركل " المسئولة عن فحص إجراءات تعيين كبار قادة الأمن" هذا التعيين. وكذلك تعين روسو قائدا للمنطقة الجنوبية خلافا لغلانت نفسه .

اثار هذه الازمة
1- زعزعت ثقة الجمهور بقيادته العسكرية .
2- تركت اثارا قاسية على تعامل جنرالات الاركان الاسرائيلية فيما بينهم " ازمة ثقة "
3- خلقت أزمة ثقة بين المستويين القيادي والتنفيذي في الجيش .
4- انعكست على تدريبات الجيش حيث جرى إلغاء عددا من التدريبات لانشغال الجنرالات بحربهم الخاصة.
5- اظهرت مدى سوء العلاقة بين وزير الجيش باراك ورئيس الأركان الحالي اشكنازي .
6- اوجد تسرع باراك في اختيار خليفة رئيس الأركان " قبل ستة أشهر من نهاية ولايته "جيشا برأسيين لا يتفقان ولا يحترم احدهما الأخر " وهذه سابقة في تاريخ الجيش الاسرائيلي حيث جرت العادة الإعلان عن خليفة رئيس الأركان قبل شهرين أو ثلاث على ابعد تقدير .
7- فتحت هذه الفضيحة الجيش الإسرائيلي أمام تحقيق خارجي "الشرطة "وذلك لأول مرة في تاريخ الجيش الذي كان يحقق مع نفسه.
8- طريقة إعلان باراك عدم نيته التمديد لاشكنازي شكلت اهانة كبيرة لجنرال يعتبر الأكثر شعبية من بين رؤساء أركان الجيش كافة.

واذا اردنا الحديث اكثر عن دور الجيش الجيش الاسرائيلي فيمكن الحديث ايضا عن دور الجيش وضباطه في قيادة المشاريع الاقتصادية الإستراتيجية مثل " الكهرباء والماء والهايتيك " التكنولوجيا المتقدمة محطات الوقود وشركات التوزيع وغيرها وكذلك دور الجيش في صياغة السياسة من خلال التقديرات الأمنية التي يقدمها للحكومات الإسرائيلية التي غالبا من تلتزم بها وتجعلها أساسا في تحديد سياستها الخارجية.