تقرير اخباري: جحيم الجنود في الجنوب.. "العشرات اغتسلوا بدمائهم بين اشتال الزعتر"
نشر بتاريخ: 15/08/2006 ( آخر تحديث: 15/08/2006 الساعة: 21:48 )
بيت لحم- معا- وصف احد الجنود الاسرائيليين الذين دخلوا الى قرية دبل جنوب لبنان ودخلوا احد منازلها الذي احاله حزب الله بصواريخه المضادة للدبابات الى جحيم قبل ان ينهار على من فيه ويقتل تسعة جنود الوضع بقوله " دخلنا فقتلنا وخرجنا " .
واسمع جنود الوحدة مراسل "يدعوت احرونوت" الذي اجرى اللقاء شكواهم المرة من نقص التجهيزات خاصة اجهزة الرؤية الليلية والاتصال وباقي التجهيزات الضرورية حيث اكد احد هؤلاء بانه وزملاءه جمعوا مبلغ 20 الف شيكل من اجل استكمال بعض تجهيزاتهم الناقصة على حسابهم الشخصي .
واسهب احد الجنود الذين نجوا من جحيم قرية دبل في سرد تفاصيل مسيرتهم الليلية الى تخوم القرية حيث لقوا حتفهم على يد حزب الله وقال " كانت الساعة الحادية عشرة والنصف من الليلة الواقعة بين يوم الثلاثاء والاربعاء حين شرع الجنود وعلى ضوء القمر المكتمل بمسيرتهم نحو البلدة سالكين طريقا كانت جرفات الجيش قد شقتها باتجاه القرى والبلدات اللبنانية وسرنا كتيبتين واحدة اثر الاخرى تحت وقع الصمت المطبق ولم يكن لدى جميع الجنود اجهزة رؤية ليلية فانا مثلا لم يكن معي مثل هذا الجهاز الامر الذي صعب من مهمتي صحيح ان ضوء القمر الساطع ساعدنا على معرفة موضع اقدامنا لكن هل يدخل احد على ضوء القمر ؟ ان هذا الامر خطيرا جدا وخلق هذا الامر شعورا سيئا وتحدثنا عن وفرة الرجال وقلة التجهيزات تصور ان قائد الكتيبة لا يعرف مكان نائبه عدا عن مئات الرجال من خلفك وامامك وتحيط بك الجبال لقد شعرنا ان رجال حزب الله يتعقبوننا طوال الوقت ".
واضاف الجندي الاسرائيلي " عندما وصلنا تخوم قرية دبل سمعنا صوت تبادل اطلاق النار وتلقينا امرا بالانتظار على قارعة الطريق حيث افترشنا حقائبنا مكشوفين من كافة الاتجاهات بشكل يستطيع اي شخص مشاهدتنا حتى تجاوزنا احدى الكتائب الامر الذي استمر مدة ساعة ونصف وحين اجتازت الكتيبة الطريق كان هناك ارباك مطلق حيث يدور الحديث عن كتيبة احتياط جنودها بالغين ولا يمررون اي شيئ مرور الكرام واشتكوا من اشياء كثيرة لكن حديثهم كما هو معروف لن يصل الى المراتب العليا ".
واستمر الجندي بروايته وقال " عندما اجتازتنا كتيبة الاحتياط جلسنا اكثر من نصف ساعة حتى نقرر اي البيوت ندخل وتناقش القادة هل ندخل البيت المقصود في الخطة ام ندخل الى بيت اخر وهذا الامر اضاع وقتا لا يقدر بثمن حيث اطلت الشمس معلنة ساعات الصباح الباكر ناشرة اضواء النهار الامر الذي لم يترك امامنا خيارا حيث قالوا لنا ادخلوا المنزل الذي يتسع الى عشرة رجال وليس كتيبتين وحذر قائد الفصيلة قائد الكتيبة بان دخولنا للمنزل خطأ وهناك عدد كبير من الرجال ولكن قائد الكتيبة رفض طلبه التوزع على اكثر من منزل وقال لهم ننتقل الى اي مكان اخر ".
وشكلت الدقائق الخمس والعشرين التي استغرقها دخول الجنود الى المنزل لحظات حاسمة فعندما دخل عشرات الجنود لكل طابق من طوابق المبنى الذي اتضح بانه مخزن لتجفيف الزعتر كانت خلية تابعة لحزب الله قد اكتشفت امرنا في هذا المكان السيئ جدا حسب وصف احد جنود سلاح الهندسة الذي قال " لقد كان عدد الجنود في المنزل كبيرا جدا وسادت المكان فوضى كبيرة لحظة دخولنا وبداية الامر تمركزنا جميعا في الطابق العلوي من البناية قبل ان ننقسم الى قسميين واحد في الطابق العلوي والاخر نزل الى الدور السفلي حيث اقتحمنا باب الحديد ووضعنا حارسا على المدخل واخذ كل منا مكانه مفترشا حقيبته ومستغرقا في نوم عميق وقلنا لقادة الوحدات مستهزئين شو الضاحية هذه ؟ فأجابنا قائد الفصيلة باننا سنبقى داخل المنزل حتى ساعات المساء لقد كان هناك الكثير من عدم المسؤولية فقد خرج ودخل الكثير منا في وضح النهار وكأننا في شارع شمارياهو وليس في لبنان ولم يقل لنا اي واحد بان الخروج ممنوع ".
وبعد ثلاث ساعات من النوم العميق استفاق الجنود على صوت انفجار هائل هز جدران المبنى الصغير وفجأة سمعنا انفجارات جدية حسب وصف احد الجنود واراد قائد الفصيل ان يتأكد بواسطة جهاز الاتصال ان كان الجيش مصدر هذه الانفجارات ام لا معتقدا بان قوات الجيش تقصفهم عن طريق الخطأ وركض باتجاه الشباك حيث يوجد جهاز الاتصال الوحيد الا ان الصاروخ الاول كان اسرع منه ودخل عبر الباب الرئيسي واصابه بجراح وانا اصبت بلهب الصاروخ في ظهري وشظية في في قدمي وامتلا الجو بالغبار ولم استطع رؤية شييء واكتفيت بالصراخ واستندت الى احد الجدران وقمت بفحص نفسي لمعرفة فيما اذا اصبت ام لا وفي اللحظة الاولى لم اميز اذا كنت حيا ام ميتا وكان البيت مغبرا ومظلما وساد شعور جهنمي ويستغرقك عدة ثواني حتى تبدأ بالرؤية مجددا وتشاهد من حولك واصيب الجندي يوني بن مورن الذي وقف بجانبي وساهمت الذخيرة الكثيرة التي احضرها الجنود في زيادة قوة وعظمة الانفجار والصدمة كانت كبيرة من خلال الغبار وبين شتلات الزعتر اغتسل عشرات الجنود بدمائهم وكان بعضهم قد فارق الحياة ".
وواصل الجندي روايته من مبنى الجحيم وقال " حاولت اخراج ضمادة من جعبتي الشخصية الامر الذي استغرقني عدة ثوان لانني كنت في صدمة مطلقة وجاء المسعف يئير ليساعدني وقد علت الصرخات المدوية في كل مكان وسادت الفوضى المكان ولا تستطيع فهم وادراك ما تشاهده فترى صديقك الذي شاركك الضحكات والرحلات وقد فقد قدمه اوعينه انه لامر قاس جدا لقد ضمدت صديقي ميرون وكان دمه ينزف مثل الماء وشعرت بالعجز ولم ادرك حينها كيف حافظ على وعيه ولم يفقده وحاولت انا وجندي اخر اخراج ميرون ووضعه على نقاله وعندما حاولنا فتحها انفجر صاروخ اخر وشعرت فورا باصابتي في يدي اليسرى وشاهدت عظام يدي وقد خرج من مكانها واصيبت ايضا في رأسي وخفت ان المس جرحي لانني لم اعرف ماذا سأكتشف ونزفت الكثير من دمي وصرخ علي المسعف طالبا مني الصعود الى اعلى الى مكان اخلاء الجرحى وركضت باتجاه الجبل وقد ضع لي جندي الاتصال شيئا يغلق الاوردة منع استمرار النزيف واستمرت في هذه الاثناء الفوضى داخل المبنى حيث حاول من لم يجرح انقاذ الاخرين ".
وقال احد ضباط الفصيل حاولت النهوض لكن قضيبا معدنيا كان قد انغرس في جسدي واسقطني ارضا وسحبته من جسدي وصرخت على المسعف بانني امتلك قاطع نزيف في حقيبتي ووجدت جهاز الاتصال وطلبت من قائد الكتيبة استدعاء فرق الانقاذ واخرجنا الكثير من الجرحى فمن حملته قداماه خرج سائرا عليها ومن لم تحمله خرج زاحفا وحينها ادرك الجنود بانهم ضحية التحضير الخاطئ حيث برز نقصا حادا في مادة الميروفين حيث قال احدهم بانهم لم يجدوا ما يسكنون به اوجاعهم ولم تقتصر الضائقة على الجرحى فقد عانى من حاول استدعاء الانقاذ ولم يستطيعوا ذلك بسبب النقص في اجهزة الاتصال لقد شعرنا بالعجز التام ولم يكن لفصيلتنا اية وسيلة للابلاغ عن الاصابات حيث خرجنا الى العملية بجهاز اتصال واحد لم يعد صالحا بسبب خلل ما ولم نجد الجندي الذي يحمل الجهاز بسبب عدم قدرتنا على الاتصال به ".