تصميم متحف التراث الفلسطيني في جنين الأول من نوعه في شمال الضفة
نشر بتاريخ: 23/01/2011 ( آخر تحديث: 23/01/2011 الساعة: 12:52 )
جنين- تقرير معا- يشكل متحف التراث الفلسطيني في قرية حداد السياحية في مدينة جنين حاضنة تاريخية وثقافية رسمت بعناية وإبداع لتجسد حلم رجل الأعمال لفلسطيني إبراهيم حداد، الذي قال في حديث مع مراسل "معا" في جنين رائد ابوبكر انه كان يحلم منذ صغره بإقامته.
فالمتحف هو فكرة جمعت بين التراث والثقافة من جهة وجذب السياح إلى محافظة جنين من جهة أخرى، وتصميمه يعد الأول من نوعه في شمال الضفة الغربية عموما وفي محافظة جنين خصوصا، جسد فيه إبراهيم حداد فلسطين التاريخية منذ وجود الصليبيين وفتح القدس على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،كما جسد فيه حياة الشعب الفلسطيني في كافة أشكاله مما ينعش الذاكرة بجمال وروعه الحياة الفلسطينية في تلك الفترة.
يقول إبراهيم حداد إن فكرة إقامة المتحف انطلقت من قناعته بالتراث الفلسطيني والذي يشكل احد أهم عناصر الهوية الوطنية، ويسهم أيضا في تنشيط الحياة السياحية الداخلية خصوصا في شمال الضفة الغربية وتحديدا محافظة جنين، التي تزخر بالمواقع الأثرية والسياحية التي يمكن استغلالها.
كما أوضح حداد أن تراث أي شعب لا يصاب بالجمود وإنما يكتسب في كل عصر حيوية ودينامكية جديدة تمكنه من الاستمرار والتفاعل، مشيرا انه رغم صغر حجم الشعب الفلسطيني كوحدة سكانية مقارنة بالشعوب الأخرى إلا انه يمتلك تراثا غنيا يتوجب حمايته وتطويره.
وعند دخولك المتحف تواجه أمامك البيت الفلسطيني القروي الذي عكس صورة البيت سابقا من حيث التقسيم وطرق إعداد الطعام والجبنة وغيرها من المواد الغذائية المصنعة منزليا، بالإضافة إلى وجود حظيرة الحيوانات البيتية داخل البيت الفلسطيني القروي والطابون.
إلى جانبه نرى البيت الفلسطيني المدني والذي يتكون من الغرف الأساسية، وهي "السلملك" والذي يستخدم للرجال كمجلس للسهر ولعب الورق والطاولة ،"والحرملك" الذي يستخدم للنساء.
كما أن البيت الفلسطيني المدني يتكون من طابقين العلوي ويصنع من خشب الروزانا ويخصص لسكن الأبناء من العرسان والأرضي يكون مخصصا لاستخدام العائلة.
بجانب البيوت الفلسطينية جسد حداد التعليم في فلسطين سابقا حيث خصص جناحا خاصا له يمثل الكتاتيب التقليدية عند الشيوخ ويكون التعليم في المساجد ،ويضم جناح التعليم أدوات التدريس القديمة وطريقة تقديم الطلبة للشيوخ الطعام والهدايا مقابل أجرة التعليم.
ورغم أن إبراهيم حداد يعتنق الديانة المسيحية إلا انه جسد العهدة العمرية التي أعطاها عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسكان القدس عندما دخلها فاتحا في العام السابع عشر للهجرة، حيث قال عن العهدة "أنا افتخر بالعهدة العمرية عندما أعطى الأمان للصليبيين خلال دخوله القدس مشيرا إلى انه يؤمن بوحدة الديانات المسيحية واليهودية والإسلامية وقد جسد ذلك في المتحف ".
وفي جناح القدس نرى انه المتحف جسد امرأة تلبس الزي الفلسطيني المقدسي بجانب المدينة التي تضم مساجدها وكنائسها، والشاذوف الذي يعد أداة لنشل المياه من الآبار والينابيع، كما حرص حداد على تخصيص جناح للعرس الفلسطيني والذي يبدأ من زفة العريس على الخيل والمبارزة والزي الفلسطيني بكافة أشكاله واستخداماته، وعلى مقربة منه جناح المقهى الفلسطيني الذي يجمع رواده على طاولة واحدة في لعب المنقل وورق الشدة والطاولة وبجانبها محل البقالة والعطارة.
أما بالنسبة للحرف والمهن القديمة التي اندثرت معظمها في وقتنا الحاضر فلم ينسى حداد ذلك، فمن الحرف على الطريقة القديمة التي اندثرت مهنة الحدادة بالكير والفحم الحجري ومعداته، والفواخرجي صانع الأطباق والأواني الفخارية، والاسكافي صانع الأحذية ومصلحها، والبيطار صانع سروج الخيل والمزارع الذي يستخدم الدواب والمحراث القديم في الزراعة إلى جانبه الخياط بكامل معداته القديمة والغزل والنسيج وطريقة الكي القديمة، ولم ينسى مهنة البحار وصور شواطئ حيفا الذي كان يصنع شباك الصيد وصانع القوارب ومعداته.
بجانب جناح الحرف نرى جناح الحمام التركي والحلاق الذي كان يقوم بعمل الطبيب ويطلق عليه "الحكيم" حيث كان الحلاق يداوي بالأعشاب ويخلع الأسنان بجانب حلاقته للرؤوس والأذقان، كما انه لم ينسى الآلات الموسيقية الشعبية مثل الطبل والعود والصاجات والدف والربابة واليرغول والمجوز، كما أن المتحف حوى على مجموعة متنوعة من الصور ببينها صور التقطها مستشرقون وصور لفلسطين التاريخية وصور لفلسطين قبل 300 عام وصور لقادة دخلوا التاريخ.
ويقول حداد انه من الأسباب التي جعلته في إقامة المتحف هو ما يراه من الجيل الجديد الذي نسي تراث أجداده، فالعديد منهم خلال زيارته المتحف يتفاجأ مما يراه ويستغرب كيف كان يعيش أجداده ومعظم الأدوات والحرف نسيها الجيل الجديد.
وأضاف نرى في هذه الأيام الجميع يتحدث عن المسلسلات التركية التي طغت على الفضائيات والجميع يتحدث عن التراث التركي ونسوا التراث الفلسطيني، وبذلك نجحت ولو بنسبة بسيطة أن اذكرهم عبر المتحف بالتراث الفلسطيني.
وأوضح انه لو استثمر أمواله في أي مكان في العالم لحقق أرباحا مضاعفة لكن المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق أصحاب الأموال توجب الاستثمار داخليا وتنشيط الحركة الاقتصادية، مشيرا انه يمتلك الكثير من المقومات التي تؤهله للاستثمار في الخارج وكثيرا ما نصح بذلك إلا انه صمم على الاستثمار في مدينته التي ولد وعاش فيها.
كما أكد على انه لم يتلق أي مساعده أو دعم من أي جهة كانت حكومية أو خاصة ،مشيرا إلى أن العديد من الجهات مقصرة في إقامة متحف تجسد التراث الفلسطيني، فمحافظة جنين غنية بالمواقع الأثرية وبالقطع الأثرية فيجب استغلالها والحفاظ عليها لتتناقل بين الأجيال القادمة وتبقى مرسخة في أذهان الجميع.