الجمعة: 04/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشعبية تنظم ندوة سياسية حول دلالات وآفاق الانتفاضة الشعبية التونسية

نشر بتاريخ: 27/01/2011 ( آخر تحديث: 27/01/2011 الساعة: 17:37 )
غزة - معا - نظمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمدينة غزة اليوم ندوة سياسية حول "دلالات وآفاق الانتفاضة الشعبية التونسية بتوسع"، وبمشاركة عدد من النخب السياسية والثقافية الفلسطينية.

وأكد المتحدثون خلال الندوة التي أدارها عضو اللجنة المركزية الفرعية للجبهة الشعبية وسام الفقعاوي أن الانتفاضة التونسية فاجأت الجميع، ولم يكن يتوقع أحد أن تنجح في تغيير النظام.

وأثار الفقعاوي في مستهل الندوة عدداً من التساؤلات التي فتحت الباب للنقاش والمداخلات من قبيل كيف يمكن للثورة أن تحافظ على انجازاتها في وجه التحديات المركبة التي تعصف بالحالة التونسية؟ وهل يمكن أن نتوقع انتفاضات مشابهة في العالم العربي الأخرى خصوصاً وأن تحركات مشابهة اندلعت في عدد من الدول العربية؟.

وأكد المحلل السياسي والأكاديمي د. ابراهيم ابراش أن هناك حراكا في العالم العربي من السودان الى اليمن ومن غزة الى مصر الى الجزائر غير مسبوق في تاريخ المجتمعات العربية منذ ما بعد الاستقلال وهو يختلف عن "انقلابات" سميت بثورات، فما يجري هو حراك شعبي جماهيري.

وقال:" ان الثورة فعل مركب تاريخي اقتصادي اجتماعي ثقافي، وما يجري في العالم العربي يدخل في نطاق أزمة دولة لا أزمة نظام كما حدث في تونس"، مشيرا الى أن المجتمع التونسي من اكثر المجتمعات العربية تجانساً وهو ما مكن ثورته من سرعة الانتشار، داعياً إلى النظر الى ما جرى بحذر، فالحكم يحتاج الى دراسة معمقة أكثر، وإلى مراقبة مآل هذه الثورة.

وقال أن أي ثورة تمر بمرحلتين، مرحلة الهدم، ومرحلة البناء، متسائلا:"الى أي مدى تستطيع الثورة التونسية أن تعيد بناء النظام التونسي بشكل أفضل من السابق؟".

ونبه من محاولات لحرف الثورة عن مسارها من قبل عناصر داخلية وخارجية، كما نبه من اشغال الشعوب العربية بمشاكلها وهمومها الداخلية، الأمر الذي ستستغله الدولة العبرية سواء على صعيد التسوية أو التصعيد اتجاه غزة.

وأكد ابراش أنه لا يوجد شعب من دون أوراق قوة، وأهمها هو الشعب نفسه، كما أن الغرب لا يحمي أعوانه وأتباعه، وهذا يعطي دروس لكل الحكام العرب.

من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أنه لا يمكن استخلاص الدروس من الانتفاضة التونسية بعد، فالأمر يحتاج الى دراسة عميقة الى حد كبير، مستبعداً أن يكون للايدي الخارجية دور فيما حدث.

واستبعد عوكل كذلك أن تكون العوامل الطبقية هي المحرك للانتفاضة التونسية، مؤكداً أن الظروف الطبقية في تونس بالقياس مع الدول العربية غير جاهزة لاطلاق ثورة شاملة بهذا النوع، كما أن الثورة بدأت من المناطق المهمشة ثم انتقلت بعد أيام إلى العاصمة ولم تكن ذات أعماق طبقية.

واعتبر أن المحرك للانتفاضة التونسية كان موضوع الحريات والديموقراطية، مشيراً إلى أن الاحتكار السياسي والاعتراف بتعددية شكلية أدت على حالة من الاحتقان الشعبي، كما اعرب عن اعتقاده أن تسخير عدد كبير من الشعب التونسي لخدمة 14 مليون سائح سنوي ضمن ثقافة الاسترقاق العصري يمكن أن تكون عامل لاندلاع الثورة، الا أن هذا العامل وغيره يحتاج الى دراسة أكثر.

واستعرض عوكل دور القوى السياسية والمجتمعية في تونس في الانتفاضة، مؤكداً أنها لم تكن المحرك لها والتحقت بشكل متفرق بها الا أن الاحزاب السياسية لم يستطع حتى الآن التقاط هذه الانتفاضة والحفاظ على أهدافها عبر تشكيل قيادة موحدة، وكان الدور الأكبر والأبرز للاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره القائد النقابي والسياسي للعمال والفقراء.

من جانبه، أعرب عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية، ومسؤول الدائرة الثقافية فيها المفكر غازي الصوراني عن تفاؤله من أن الشعوب العربية على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخ العرب المعاصر، تم التمهيد لها عبر ما جرى من انتفاضة شعبية في تونس.

ولفت الصوراني إلى أن هذه الندوة السياسية التي تتناول الثورة التونسية بالتحليل تتزامن مع الذكرى الثالثة لرحيل القائد الثوري جورج حبش، الذي ناضل طوال حياته من أجل الثورة والوحدة العربية، مؤكداً أن ما يجري في الدول العربية على تماس مباشر مع الاهداف التي ناضل من أجلها المؤسس الحكيم والجبهة الشعبية وكل قوى اليسار.

واعتبر أن الرسالة الجماهيرية التي بعثت بها الانتفاضة التونسية التي عبرت الحدود أكدت لكل دكتاتور عربي بأن شعبه قادر على ازاحته بلا رجعة، وأن الاعتماد على القوى الامبريالية نوع من الوهم في لحظة الانفجار الشعبي.

وأضاف الصوراني أن سمات جديدة ظهرت في الانتفاضة التونسية تمثلت في معارضة بديلة في الانترنت، روادها من الشباب الذين يتواصلون عبره بشكل غير اعتيادي بالإضافة إلى دور الفضائيات التي لعبت دوراً في نقل الصورة والأخبار والأحداث المتعلقة بالانتفاضة الشعبية، والتي ساهمت بالفعل في تعميمها ونشرها.

ولفت الى أن الانتفاضة في تونس عبرت أيضاً بالمعنى الماركسي عن وصول التراكمات الكمية الداخلية الى مرحلة القطاع والتحول النوعي، مشدداً على أن مظاهر التبعية والتخلف والافقار في كل الدول العربية والأزمات المتراكمة فيها لا يمكن لأي مطلع أن يتجاهل أنها ستؤدي حتماً للتمرد على هذه الأوضاع.

وأعرب الصوراني عن خشيته من أن يكون هناك مخطط لإنتاج نظام سياسي ديمقراطي ( جديد) عبر قيادة الجيش، مشيراً أن الجيش في البلدان العربية هو عامل محدد رئيسي في مجريات الحياة اليومية والسياسية، والتأثير عبر دوره وما يملك من إمكانيات في غياب أو ضعف أو تفكك الأحزاب والقوى اليسارية في هذه البلدان.

إلا أنه استدرك قائلاً:" أنه مطمئن بالنسبة لتونس بسبب وجود عدد من الأحزاب الديمقراطية واليسارية القادرة على متابعة ما يجري أولاً بأول".

وأكد الصوراني أن هناك مظاهر أساسية وأزمات اقتصادية وسياسية في البلدان العربية، سيكون لها تأثير كبير في انتفاضات جديدة مثل تونس، مشيراً أن هناك مؤشرات ثلاث تفيد ذلك وهي استفحال هيمنة التحالف "الامبريالي الصهيوني" على مقدرات شعوبنا، والتعقد الشديد وطمس صور الصراع الاجتماعي لتعبر عن نفسها في صورة مشوهة لصراعات دينية أو طائفية أو نزاعات إقليمية، إلى جانب التفكك والتجزئة التي بدأت تنخر في الجسد العرقي من السودان، للعراق، لليمن، والثالثة والأهم وهي تفاقم مظاهر التبعية والإفقار والتخلف في كل البلدان العربية.

وعن الاستخلاصات التي يمكن الاستفادة منها من انتفاضة الشعب التونسي هو أهمية البعد الاجتماعي، والانتفاضة الجماهيرية من أجل التغيير الاجتماعي.

وأعرب الصوراني عن أمله أن يكون هذا الحراك مقدمة لحراك أشمل بالمعنى الموضوعي عبر القوى اليسارية التي يقع على عاتقها الدور الأكبر في توضيح الأفكار المركزية التوحيدية لجماهيرها في البلدان العربية.

وشدد الصوراني على أن هناك مهمة ملقاة على عاتق قوى اليسار الديمقراطي الجذري في تسييس جماهير الفقراء والتركيز على مطالبها والاهتمام بها، وبمطالبها التحررية والديمقراطية، مشدداً على ضرورة استعادة المواقف الثورية ضد التحالف الامبريالي "الصهيوني" وإزاحة القوى البرجوازية بكل تلاوينها، والاهتمام بأن تصبح الكتلة الشعبية من الجماهير كتلة معادية لأنظمة التحالف الكمبرادوري.