الجمعة: 04/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

كرة القدم الفلسطينية إلى أين * بقلم : سياف عمارة

نشر بتاريخ: 30/01/2011 ( آخر تحديث: 30/01/2011 الساعة: 21:05 )
كرة القدم بمفهوم بسيط هي لعبة جماعية يلعبها 22 لاعبا تعتمد على كرة ، وجميعنا يفهم ما معنى كرة القدم , فالأطفال والرجال والعمال وأي شخص ما يلعبها في أوقات الفراغ ، ومع التطور الذي طرأ على العالم في العقد الماضي أصبحت الشعوب تهتم كثيرا بكرة القدم حتى أصبحت اللعبه الشعبية الأولى في العالم ، ومع التطورات المتلاحقة أصبح لكرة القدم شأن على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للدول حتى وصل الحال إلى ثقافة ومستويات جديدة لم تكن موجوده من قبل تسمى الاحتراف الرياضي .

بدأ الاحتراف في أوروبا ثم انتقل بعد ذلك إلى سائر القارات واصبح هذا المحترف محطا للأنظار ومحسودا من قبل الكثيرين الذين يتمنون أن يصلوا ما وصل إليه ، ولكن يجب أن نكون على ثقة ودراية أن فكرة الناس عندنا عن الاحتراف هي أن اللاعب يلعب والنادي بالمقابل يقدم له المال ... وبالتأكيد ليس هذا هو الاحتراف بمعناه الحقيقي والذي نسعى للوصول اليه .

فالاحتراف استمرار التدريب باشكاله المتنوعة يوميا ولساعات طويلة, والاحتراف يعني الالتزام بالانظمة والقوانين والتوازن بين الغذاء الجيد والنوم لساعات تكفي للشعور بالراحة والصحة , والاحتراف هو التفرغ من اجل لعبة كرة القدم .. في بلادنا لا يمكن القول اننا وصلنا الى مرحلة الاحتراف , بل اننا وصلنا الى مرحلة شبه الاحتراف.

فإذا نظرنا إلى أوروبا باعتبارها رأس الهرم في تطبيق الاحتراف نجد ان الاحتراف الأوروبي واحدا من أقوى مستويات الاحتراف الرياضي في العالم وأشدها التزاما بشروط وقوانين الاحتراف ، فلا تستغرب يوما عندما تتواجد في دولة أوروبيه أو تشاهد التلفاز وترى في إحدى قاعات المحاكم لاعبا أو مدربا أو إداريا أو حتى رئيس نادي يقف في قفص الاتهام ويخضع إلى المحاكمة لتجاوزه معايير الاحتراف، هذا لأن الاحتراف في أوروبا يحدد طريقة التعامل بين اللاعب والنادي كتعامل الشركة مع موظفيها من حيث المبدأ ، ولكن ضمن شروط العقد الاحترافي الذي يطبق بحذافيره .

وبالعودة إلى واقعنا العربي والفلسطيني ، فيجب في البداية أن نشكر جميع القائمين على المسيرة الاحترافية في رياضتنا ، ونتمنى أن نرتقي إلى المستوى الاحترافي الذي نطمح إليه ، وهذا الأمر يحتاج إلى جهد وعمل متواصل من جانب المسئولين على الرياضة والنوادي ، ولكن لا بد لنا من الاعتراف انه من الصعب أو حتى من المستحيل أن نصعد إلى القمة مرة واحده بل نبدأ بخطوات متتابعة لذا نحتاج إلى خطة موضوعه من القائمين والخبراء في الرياضة الفلسطينية .

و علينا أن نبدأ بتطبيق الاحتراف وفق قوانين ونظم تحكم ذلك ، وعملية الاحتراف هي منظومة متكاملة تبدأ من بوابة النادي وصولا إلى رئيسه ، وأننا في فلسطين قد تخلفنا عن الركب الرياضي في مجال الاحتراف وذلك بسبب الظروف السيئة التي مرت وما زالت تمر بنا جراء الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي لا يريد أن يرى علم فلسطين يرفع في المحافل الدولية في كافة المجالات ، لكن بفضل الجهود الجبارة التي قام بها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم دخل الاحتراف عالمنا الرياضي الفلسطيني بقرار من رئيس الاتحاد الفلسطيني اللواء جبريل الرجوب لكن هذا القرار الجريء قد يشكل عبئا يفوق إمكانيات انديتنا على المدى الطويل , لذا فنحن أحوج ما نكون إلى ثقافة الاحتراف وان تكون كل المنظومة الرياضية تسير في مضمار الاحتراف من ملاعب وحكام وإداريين ولاعبين وإعلاميين ،وهذا يتطلب العمل سويا من اجل تغيير المفاهيم الخاطئة التي كانت تسود الحركة الرياضية في فلسطين وما زالت .

و في حال تطبيق الاحتراف بنسبة كبيرة في فلسطين علينا ان نعمل بشكل جدي لتطوير هذه التجربة على الصعيد المحلي لأن في ذلك فائدة اقتصادية واجتماعية وتتعدى ذلك إلى الايجابيات على الرياضة الفلسطينية عامة ، لذا من الضروري ايجاد بيئة اندية تسير وفق القواعد الجيدة للاحتراف ووفق الضوابط والشروط التي تخص تعاقد اللاعبين المحترفين وتنقلاتهم بين الأندية .

ان تقديم الدعم المالي الملائم وتيسير إجراءات عقود اللاعبين وتنقلاتهم يزيد من التنافس والإبداع بين اللاعبين ، وينعكس ذلك بالأثر الايجابي على تحسن مستوى الأندية الرياضية وازدهار الرياضة عامة ، ويجب العمل على تحويل الانديه كشركات خاصة وإقامة المنشات الحيوية التي تغطي مصاريف النوادي الفلسطينية حتى تكون قادرة على تغطية بعضا من مصاريفها ودفع رواتب اللاعبين بانتظام بالإضافة إلى تقوية البنية التحتية الرياضية بإنشاء الملاعب وفق المعايير الآسيوية والدولية ، وان يتوفر لدى كل ناد محترف ملعب معشب خاص به لكي يتدرب اللاعبون عليه بانتظام ، فالنوادي في الضفة الغربية تعاني من التكاليف الباهضة بسبب الانتقال من منطقه الى أخرى لاجراء التمارين و الحصص التدريبية على ملاعب معشبة لذا نحن بحاجه إلى جهد بناء ومتواصل من قبل المسؤولين والاداريين واللاعبين والجمهور و علينا أن لا نيأس لأننا نتقدم خطوة خطوة نحو الأمام فلا بد من أن يأتي الوقت بإذن الله الذي نرى فيه رياضتنا الفلسطينية متقدمة ونشاهد لاعبين على طراز عال ودوري محلي قوي وجمهور رياضي يتحلى بالأخلاق العالية حتى نكون قادرين على منافسة الدول العربية والوصول إلى مراحل متقدمة في سلم الترتيب العالمي الرياضي .