الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

أسئلة في الإعلام الالكتروني وحرية الرأي - بقلم مهيب النواتي

نشر بتاريخ: 13/07/2005 ( آخر تحديث: 13/07/2005 الساعة: 15:07 )
كتب مهيب النواتي لوكالة معا :- تثير تعليقات القراء على غالبية المقالات والتقارير والأخبار المنشورة في مواقع الإعلام الالكتروني كثيرا من الأسئلة حول حرية الرأي والتعبير, ومما لا شك فيه أن قضية " التغذية الراجعة " أو ما يمكن أن نٌعَرِفَه بردود فعل القراء على الرسالة الإعلامية, مسالة هامة من أسس العمل الصحفي, وقلما نجد كِتابا إعلاميا منهجيا اغفل هذه القضية, وللحقيقة فان المرسل الإعلامي فردا كان أم مؤسسة لا بد وان يستفيد من ردود الفعل هذه أو " التغذية الراجعة " في تقييم أمور رسالته الإعلامية, فمن خلالها يستطيع المرسل إدراك وصول رسالته بالمعنى الذي يريد من عدمه.
لكن للحقيقة وكما قالت فان ردود الفعل التي يسجلها القراء على اختلافها وتنوعها بين الرافض والمؤيد والمعترض والناقد والمتدخل في أحقية النشر من عدمه باتت تؤثر على جدوى وفاعلية الرسالة الإعلامية, لدرجة أن كثيرا من القراء باتوا يبتعدون عن تسجيل آرائهم على الرسالة الإعلامية في مقابل تسجيل آراء على الآراء التي يقدمها آخرين, الأمر الذي بات يثير تساؤلات كثيرة حول حرية الرأي والتعبير وجدواها, خاصة أن كثيرا من التعليقات وردود الفعل تأخذ مناحي تبتعد في مجملها عن مفهوم " التغذية الراجعة " المرادة من إفساح المجال أمام القاريء للتعبير عن وجهة نظره تجاه الرسالة الإعلامية المعروضة. إضافة إلى أن عددا لا باس به من هذه الردود أيضا يأخذ جوانب التجريح والتشويه والاتهام في كثير من الأحيان سواء للكاتب أو للمؤسسة.
وهنا يكمن السؤال الجوهري هل يمكننا أن نعتبر ردود القراء هذه هي رسائل تغذية راجعة مهما كانت, لذا فانه يجب علينا احترامها وعدم العبث بها وعرضها كما هي دون حسيب أو رقيب ؟؟ أم أن شطط بعض القراء وابتعادهم عن جوهر الرسالة الإعلامية في ردودهم يعطي للمسؤول في المؤسسة أحقية التدخل للعبث في هذه الردود فيحذف بعضها ويمنع بعض آخر ويسمح لواحد أن يكتب ردا أكثر مما تحتمل الرسالة, بينما يكتفي بعرض علامات استفهام !! أو علامات سؤال ؟؟؟ تكون تعليقا لأحد القراء.
لا شك أن تكنولوجيا المعلومات والنشر التي تمثل طفرات يوما بعد يوم في عوالم الإعلام أصبحت تهتم بآراء القراء هذه على اعتبار أن تفاعل القراء مع المؤسسة بات من أهم مقاييس ودلالات نجاح هذه المؤسسة, هذا النجاح الذي بات يقاس على سبيل المثال بمدى وحجم زوار المواقع الإعلامية على شبكة الانترنت, فكلما زاد عدد الزوار زادت أهمية المؤسسة, ولا شك أن إفساح مجال للقاريء للتعبير عن وجهة نظره بات عاملا هاما في تواصل هذا القاريء مع مؤسسته الإعلامية, فهو إذا ما أرسل تعليقا فانه يظل في حالة تواصل مع هذا التعليق بشكل يستمر مع استمرار عرض الرسالة الإعلامية, كما أن بعض القراء يتابعون التعليقات على اعتبار أنها جزء لا ينفصل عن الرسالة الإعلامية. بينما يرى آخرون وفقا لاستطلاع صغير أعددته قبل كتابة هذا المقال أن متابعة التعليقات جزء من التسلية التي قد لا توفرها الرسالة الإعلامية ذاتها.
وقد لا نغالي إذا ما قلنا أن عددا لا باس به من مواقع الإعلام الالكتروني قد اكتسب شهرته من خلال ردود قراءه, لدرجة أن القاريء لم يعد يهمه التدقيق في فحوى الرسالة الإعلامية بقدر ما يهمه تسجيل رأيه ومتابعته وتسجيل آراء على الآراء.
قد تكون من حسنات الإعلام الالكتروني انه أفسح مجالا للقاريء لتسجيل رأيه بسرعة لم تكن متاحة في الماضي في أي من الوسائل الإعلامية غير الالكترونية, وقد يكون هذا الرأي تجسيدا عمليا للمفهوم العلمي للتغذية الراجعة وقد لا يكون, لكن المشكلة الحقيقية المسجلة على هذه الردود هي هل يترك لها العنان من منطلق حرية الرأي والتعبير, أم يسلط عليها الرقيب لكي لا تخرج عن المفهوم الحقيقي للفعل ورد الفعل أو ما يعرف بالرسالة الإعلامية والتغذية الراجعة من مستقبلها ؟؟ سؤال قد لا يكون من السهل الإجابة عليه, لكنه يمثل إشكالية حقيقة من إشكاليات الإعلام الالكتروني الذي ما زال في بداية عهده رغم عظم سطوته.