النكتة السياسية: سلاح شعبي في مواجهة الأحداث الضاغطة
نشر بتاريخ: 09/02/2011 ( آخر تحديث: 10/02/2011 الساعة: 09:32 )
عمان -معا- "توقيعات" لفظية سريعة، تطلقها العواطف المتأججة، وأحيانا توصف النكتة السياسية بأنها رسالة شديدة المرارة، والتي يعتبرها المختصون بأنها تندرج تحت بند "جلد الذات".
وعلى الرغم من أن منابع النكتة تظل مجهولة، في العادة، وتتباين الفروقات حيالها بين شعب وآخر، غير أنه لا يختلف اثنان أن الشعب المصري هو سيد النكتة السياسية، من دون منازع، حتى في أحلك الظروف.
وثمة نكات سياسية شهيرة عرفت في مصر أيام الرئيس جمال عبدالناصر؛ منها، مثلا "أن رجلا من القاهرة سمع أن الرز متوفر في الإسكندرية، فسافر إليها في القطار كي يشتريه، وفي القطار سأله الكمساري، مسافر فين وليه؟ مسافر اسكندرية عشان أشتري الرز"، ولما وصل القطار إلى طنطا (وتبعد عن الإسكندرية حوالي 100 كلم)، قال له الكمساري "انزل هنا"! فسأله طيب ليه وإحنا لسه موصلناش اسكندرية؟ فأجابه "مش انت رايح اسكندرية عشان تشتري رز؟".. أيوه. "طب انزل، الطابور بيبدا من هنا"!
وعلى الرغم من أن هذه النكتة في الأصل ليست مصرية، وإنما بولندية وتحكي عن أزمة اللحوم، لكنها آلمت (عبد الناصر) للغاية، إلى درجة أنه استدعى وزير التموين وأمره بتوفير الأرز بأية طريقة.
وفي النكتة السياسية، وضع الزميل والكاتب عادل حمودة كتابا شهيرا يحمل عنوان "النكتة السياسية - كيف يسخر المصريون من حكامهم"، تحدث فيه عن العديد من النكات التي واكبت عددا من السياسات والرؤساء لغاية العهد الحديث، وترك في نهاية نسخته من الكتاب، عددا من الصفحات البيض الخالية من أي حرف.
لكنه في لفتة معينة دعا القراء إلى "أن يسجلوا النكات ويكتبوها بدقة، من أجل التاريخ، ومن أجل الأجيال القادمة، لعلها تحظى ذات يوم بفرصة النشر بعد عمر طويل".
ويعتبر اختصاصي علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية د. حسين الخزاعي، أن النكتة السياسية تعد "أحد أهم أشكال المقاومة الثقافية في مجتمع يعاني من الاحتقان والضغط بكل أشكاله".
ويؤكد أن النكتة هي الشكل الفني للسخرية، وهي البناء المعماري للنقد الساخر من المجتمع والمؤسسات والأفراد، لافتا إلى أنها وليدة أشكال سوسيولوجية محددة تاريخيا واجتماعيا.
ويوضح أن الأشكال السوسيولوجية والمجموعات الاجتماعية هي التي تبدع وتنتج النكتة من مواقع انتمائها ومواقفها.
كما أن عملية التصاق النكتة بمجتمعات معينة، تعود إلى كون هذه المجتمعات هي من يسوقها ويروجها، وفق الخزاعي، الذي يؤكد أن لكل الفئات نكتهم الخاصة، كالمعلمين، والطلبة، والأطباء، وغيرهم.
ويشاطره الرأي أستاذ العلوم السياسية د.محمد المومني، الذي يؤكد أن "محاولة وقوفنا على الظاهرة السوسيولوجية للنكتة السياسية، مرده إلى ملاحظة تتمثل في ظاهرة (التسييس الزائد عن اللزوم) للمجتمع، بفعل أشكال الضغط، وبحكم التحولات السريعة التي تزيد من قوة الضغط الاقتصادي والاجتماعي، وما يتبعه من ضغوطات نفسية قوية على الفرد والجماعة".
ومع وجود ضغوط كثيرة على المجتمع، وانعدام منابر الديمقراطية، فإن معظم البلدان التي تعاني من انعدام الحريات الفردية والجماعية السياسية وغير السياسية، تتوجه إلى إنتاج أشكال وأساليب مقاومة لكسر "المحظور"، وفق المومني.
ويشير إلى أن هذا الأمر يحدث في جميع الطبقات والفئات الاجتماعية، مع ملاحظة ندرة إنتاج النكتة السياسية، وسيطرة النكتة الاجتماعية بشكل عام.
أما عن النكتة السياسية في الوطن العربي، فيبين المومني أن الجزائر عرفت النكتة السياسية في عدة مراحل، وشهدت أشكالا تطورية، وتحديدا بعد الحصول على الاستقلال، وهي مراحل سياسية وتاريخية.
ولا يختلف الخزاعي معه، إذ يبين أن النكتة السياسية والاجتماعية مرتبطة بالمراحل السياسية أصلا. وعادة ما تكون النكتة السياسية ملتصقة برئيس الدولة أو بمسؤول، أو بأفراد بسطاء، كما تخضع النكتة في إنتاجها وتوزيعها إلى ذلك الشرط الخصوصي، المتمثل بالمصدر المجهول، وفق الخزاعي.
والنكتة بشكل عام وسيلة دفاع متعارف عليها في علم النفس، بحسب اختصاصي الطب العام د. جمال الخطيب الذي يبين أن النكتة وسيلة دفاعية مدروسة بالأزمات وغيرها.
ويكثر استخدام النكت لدى الناس عند الشعور بالكبت والأزمات، وتعمل على حماية الإنسان في مواجهة الأمور، لكن النكتة السياسية تزيد في وقت الأزمات السياسية، خصوصا أنها كلام لا يحاسب عليه الشخص.
ويعتبر الخطيب أن النكتة السياسية هي "رأي الشخص بشكل جاد ورادع، وتعكس فهم الأفراد للأحداث من حولهم، وشكل من أشكال التنفيس".
خبير التراث نايف النوايسة يلفت إلى أن النكتة، كالمثل الشعبي، تبدأ من فرد، فيتبناها الجمع، وتنتشر عن طريق إعادة إنتاج النكتة بطريقة موسعة، فـ"الراوي الواحد يستطيع أن يرويها لمجموعة أو لفرد، وقد يعيد روايتها في اليوم الواحد أكثر من مرة، وهؤلاء المستمعون الذين طربوا للنكتة، سرعان ما يعيدون نشرها بطريقة أوسع، وهكذا".
ويضيف أن النكتة تكشف عادة عن الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع، وهي تحاول نقد هذه الأوضاع والالتفاف على بعض المحظورات.
أيضا، يلفت إلى أن النكتة السياسية تدخل في نطاق الأدب الشعبي التهكمي المعارض للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وكجنس أدبي يتصدى للشأن العام، تتمتع النكتة السياسية بمزايا استثنائية تجعل منها سلاحا نقديا فتاكا.
"ليس للنكتة السياسية مؤلف معروف، بل عدد غير محدود من الرواة الذين يتفننون بسردها والتنويع والإضافات على النص الأصلي"، وفق النوايسة.
ويصف النكتة السياسية بأنها تنتشر في صفوف الجماهير انتشار النار في الهشيم، منشئة نوعا من طقوس التواطؤ السري بين الراوي والمتلقي.
نكت أطلقها الشعب المصري تعبيرا عن الحالة السياسية السائدة
* رابطة النجارين تسأل الرئيس عن نوع الغراء الذي يستخدمه
* الكرسي نفسه اهترى يا ريس.. حرام عليك
* مصري بسأل محشش لو انتصرنا على مبارك شو بصير؟ حكاله بنلعب مع تونس على النهائي.
* يا راجل خلاص بقى.. ما دايم إلا الله.
* ردا على شعار الشعب يريد تغيير الرئيس: الرئيس يريد تغيير الشعب.
* أوباما: شو رأيك تكتب رسالة وداع للشعب؟
مبارك: ليه هو الشعب مسافر فين؟
* الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي طلب من برنامج ما يطلبه المستمعون اهداء الرئيس المصري حسني مبارك أغنية المطربة نجاة "بستناك".
* حسني مبارك بالطيارة بحكي لمرتو بدي أرمي 100 جنية وأفرح عائلة مصرية. حكتلو ارمي 50 بـ 50 وفرح عائلتين. حكالوا جمال ارميهم 25 وفرح 4 عيل. نط قائد الطيارة حكالو ارمي نفسك وفرح 80 مليون واحد.
* الرئيس المصري يهدي الشعب أغنية اخصمك آه أسيبك لا.
* جمال مبارك وعلاء بيتعاركوا مين يمسك الحكم وبعدين دخل عليهم ابوهم ومعاه وزير التربية والتعليم، فالريس قال انا مش عارف اعمل ايه مع العيال دي الاثنين عايزين يمسكوا الحكم وطبعا ده ماينفعش، فرد الوزير وقال ينفع ياريس فترة صباحية وفترة مسائية.
* حسني مبارك بيسأل زين العابدين انت كم يوم صمدت حتى هربت قاله اسبوع. حسني.. يخرب عقلك لو صبرت اسبوعين كان طرنا مع بعض.
* الشعب زائد حرية ناقص واحد هو الريس = الحال عال وكويس.
عن الغد الاردنية