أسرار الطابق الـ 9 في" ماسبيرو"
نشر بتاريخ: 15/02/2011 ( آخر تحديث: 16/02/2011 الساعة: 09:31 )
بيت لحم- معا- اظهر تحقيق اجرته صحيفة "الاهرام" هول الفساد المستشري في هيئة الاذاعة والتلفزيون المصرية بقيادة وزير الاعلام انس الفقي.
فقبل خمس سنوات.. أحكم أنس الفقي وزير الإعلام السابق قبضته علي مبني ماسبيرو وأزال كل العقبات التي كانت تحول دون قيامه بأكبر عملية إهدار للمال العام.
طبقا لتقارير الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات, ومسؤولين في جهاز الإذاعة والتليفزيون الذين تحدثوا للأهرام: واستقدم معه شلة من معاونيه.. اختارهم بعناية فائقة, ممن اكتسبوا ثقته في أثناء فترة توليه رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة ومنحهم صلاحيات واسعة بالمخالفة للوائح العمل باتخاد الإذاعة والتليفزيون.
ومنح كل منهم دورا محددا ليكونوا بمثابة أدواته.. فأسند لأحمد طه وظيفة معاون الوزير للشئون الفنية, وأحمد سليم لتشئون مجلسي الشعب والشوري وتلك المهمة أسندها إليه بعدما أنقذه من قبضة الرقابة الإدارية.. بينما أسند الي إبراهيم عوض الإشراف علي مكتبه بكل ما فيه من أسرار وحكايات, في حين عهد الي رشا شكري سكرتيرته الخاصة أخطر وأهم ملف لإهدار المال العام.. ذلك الملف الذي سماه بالتطوير, بينما تولي أحمد عبداللطيف مسئولية رئاسة لجنة شراء المواد الأجنبية.
من الطابق التاسع بمبني ماسبيرو استشري الاهدار ليمتد إلي كل قطاعات الاتحاد, ولم تفلح جهود مجموعة الرقابة الإدارية المعنية بشئون الإعلام مناهضته أمام نفوذ أنس الفقي وضغوط مارسها لتحجيم دور ضابط الرقابة الإدارية وأسفرت ضغوطه عن تلاشي دورهم خلال العام الماضي وتكدس ملف كبير متخم بالمخالفات والتجاوزات بحق المال العام في جهاز الرقابة الإدارية لم يستطع أحد التصرف فيه!!؟
وكما لم يستطع أحد إعادة الأمور الي نصابها الطبيعي في المخالفات المالية التي رصدها ضباط الرقابة الإدارية.. فلم يستطع أحد التصدي لمخالفاته القانونية بشأن ملف الترقيات للقيادات العليا, وقد رصد الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة مخالفات صاارخة تكشف الفساد الإداري وتوجد نمطا من الأداء يرتكز الي إهدار الكفاءات وتغييب العدالة, والإطاحة بالمواهب وكثيرا ما حذر رئيس الجهاز صفوت النحاس من مغبة ذلك وتأثيره علي جودة المنتج الإعلامي ولم يلتفت إليه وزير الإعلام وإن كان قد نهره ذات مرة في اتصال تليفوني وحثه علي عدم التدخل في شئون الإعلام.
وقد حمل تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات تنامي ديون اتحاد الاذاعة والتليفزيون وتجاوزها مرحلة الخطر في أكبر عملية اهدار للمال العام بلغت إجمالي عجز يصل الي11 مليار و 540 مليونا و 921 ألف جنيه.
ولم يلتفت وزير الإعلام السابق الي ما طالب به الجهاز المركزي للمحاسبات بالحد من الاعتماد علي القروض طويلة الأجل من بنك الاستثمار القومي لتمويل الاستخدامات المختلفة وتحمل أعبائها التي تستنفد جانبا كبيرا من الايرادات التي يحققها من نشاطه الجاري.. حيث بلغت قروض بنك الاستثمار وفق التقرير5 مليارات 791 مليونا و 974 ألف جنيه بزيادة 654 مليونا و 295 ألف جنيه عن العام الماضي وتحمل الاتحاد فوائد بلغت 1053 مليونا و 649 ألف جنيه.
وكشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وجود مشروعات بدون دراسات جدوي وتأخر تنفيذها وأهدرت اكثر من 58 مليون جنيه.
واذا كان تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات قد رصد مخالفات تستوجب المساءلة القانونية لوزير الإعلام السابق من واقع مستندات رسمية, فإن الواقع يكشف عن فساد من نوع آخر ارتكبه أنس الفقي.
نعود لوقائع غاية في الخطورة في أكبر عملية إهدار واستيلاء علي المال العام.. نبدأها من حاشية أنس الفقي وأتباعه وبالتحديد ملف تطوير التليفزيون التي اختلف فيه مع سوزان حسن رئيس التليفزيون السابقة وأطاح بها من منصبها بعملية منظمة تبدو بعيدا عنه علي غير الحقيقة.. فقد أزاحها ليجعل سكرتيرته الخاصة رشا شكري القابضة الوحيدة علي ملف التطوير الذي أهدر فيه وحده ما يزيد علي ملياري جنيه ولم يحقق فيه تغيير الشاشة المطلوب.
تعاملت سكرتيرته مع ملف تطوير برامج التليفزيون وفق رؤية رسمها الفقي.. فاختارت شركة مونتاج وجرافيك لإجراء التطوير ومنحتها أموالا ضخمة دون قواعد محددة وضربت عرض الحائط بضوابط وإجراءات حاكمة في تنفيذ هذه النوعية من الأعمال وخرج ما تم تنفيذه بمعرفة تلك الشركة غير صالح هندسيا وذا مستوي فني ضعيف, ومع ذلك حصلت الشركة علي كامل مستحقاتها البالغة 27 مليون جنيه. والي جانب ذلك, كان إدخال برامج الفورمات الأجنبية الي التليفزيون بابا خلفيا للحصول علي العمولات ونهب الأموال وعهد الي عدد من المنتجين تنفيذ هذه النوعية من البرامج. وبرغم أن لوائح اتحاد الإذاعة والتليفزيون تمنع إسناد البرامج للمنتج المنفذ, إلا أنها تجاوزتها ومنحتهم في سبيل إنتاج هذه البرامج 960 مليون جنيها.
فصول اهدار المال العام ممتدة ومتشعبة في ماسبيرو, ويأتي المشهد الأكثر خطورة في إسناده لعدد من المنتجين إنتاج أعمال برامجية دائمة علي قنوات التليفزيون منهم زوج مذيعة شهيرة بقناة خاصة الذي ينتج بمفرده أربعة برامج ويحصل سنويا نظير انتاجها علي ما يزيد علي 27 مليونا, والرجل الذي ينتج وحده جنيع الأغاني الوطنية لوزارة الإعلام طوال الفترة الماضية البالغة 20 أغنية بما قيمته 65 مليون جنيها.. إضافة الي 17 أغنية أخري تم شرائها بـ 13 مليونا ولم تنفذ.
وأيضا المنتج المتزوج من ابنة مسئول كبير برئاسة الجمهورية ومنحه أنس الفقي العام الماضي وحده 15 مليون جنيه نظير إقامة الاحتفال بمرور 50 عاما علي التليفزيون وتنظيم مهرجان الرذاعة والتليفزيون الدورة الماضية.
وما يثير الشك والريبة ويفتح الباب للظنون, موافقته علي تقدير قيمة دقيقة الإعلان داخل برنامج البيت بيتك بـ8 آلاف جنيه, بينما كان يبيعها المنتج بـ 46 ألف جنيه للعملاء.
ليس ذلك فقط وانما أسقط له إعلانات غير مباشرة في البرنامج ما ق يمته 14 مليون جنيه.
نموذج آخر تجسد فيه الفساد المالي والإداري بكل تفاصيله في الذي منحه الفقي صلاحيات رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون وبات رؤساء القطاعات يعملون وفق توجيهاته وأوامره وأشرف علي انتاج جميع الأغاني وغيرها من الحفلات التابعة لرياسة الجمهورية والتي تقام بميزانية سرية تجاوزت 8.5 مليون جنيه العام الماضي فقط.
ويشهد ستوديو5 بالتليفزيون علي واقعة لإهدار المال العام عندما أراد أنس الفقي تجديد الاستوديو وتطويره مستعينا في ذلك بشركة أجنبية ـ كي تقيم ستوديو عالميا لقناة إخبارية جديدة وانفق عليه في البداية 38 مليون جنيه وأعاد بعدها انفاق 15 مليون جنيه أخري ولم تخرج القناة حتي الآن الي الوجود.
وأجبر المهندس قطاع الهندسة الإذاعية علي شراء 38 سيارة إذاعة خارجية بقيمة 110 مليون جنيه دون حاجة الاتحاد إليها وجميعها معطلة عن العمل.
وهناك رئيسه لاحدي القنوات تعد صورة صارخة بعدما أقدم علي ترقيتها الي درجة وكيل وزارة في وقت لم تكن حتي قد حصلت علي درجة مدير إدارة.. بل ومنحها أجرا نظير لبرامجها 15 ألف جنيه عن الحلقة.. إضافة الي راتبها الشهري كرئيس قناة 45 ألف جنيه بالمخالفة لقواعد اتحاد الاذاعة والتليفزيون, بل ومنحها 450 ألف جنيه في شهر رمضان الماضي كأجر عن برنامج يوم واحد.
لم يتوقف جبروت الفقي الإداري طوال أكثر من خمس سنوات عند هذا الحد, وامتد به الي تعطيل اختصاصات وصلاحيات جميع قيادات اتحاد الاذاعة والتليفزيون وحال دون قيامهم بمهام وظيفتهم ووضعهم أمام المسئولية.. قبض علي كل شئ في يده ولم يستطع أحد من القيادات مخالفته وعطل عمل اللجان ومنح نفسه كل الصلاحيات.
تلك هي واقع الفساد التي يزخر به مبني ماسبيرو خلال تولي أنسي الفقي وزارة الإعلام نضع امام الجهات الرقابية لتحقيق فيها. وكشف ابعادها.