قصة مختبر الذهب في وزارة الاقتصاد وشكاوى وخوف الموظفين
نشر بتاريخ: 22/02/2011 ( آخر تحديث: 23/02/2011 الساعة: 10:52 )
رام الله – معا-" كلما ابتعدت عن مكان واجواء العمل فان نسبة الرصاص في جسمي تتناقص وكلما عدت فانها ترتفع"، هكذا لخص رئيس قسم تحرير الذهب، سنا حساسنة، الوضع في مقر وزارة الاقتصاد الوطني الذي يخصص كمبنى يضم عدد من الاقسام ابرزها مختبر فحص الذهب ومركزا لدماغة الذهب، ويحوي عشرات الموظفين التابعين للوزارة التي تتخذ مقرا رئيسا اخرا يضم مكاتب كبار المسؤولين في الوزارة .
رغم الحاجة لاجهزة مختصة للكشف عن اثار مخاطر صهر عينات الرصاص والفضة والذهب والابخره الناتجة عن ذلك، الا ان مجرد زيارة ذلك المقر والتنقل بين اقسامه فان الزائر العادي يمكنه استشعار المخاطر الصحية والبيئية جراء انتشار روائح متنوعة وغير طبيعية، ما يستدعي ضرورة التدخل العاجل لاجراء الفحوصات المخبرية وقياس مدى التلوث الحاصل واثره على صحة هؤلاء الموظفين الذين يمضون ساعات العمل الرسمي بداخل ذلك المبنى .
وكالة (معا) زارت المكان وتابعت حيثيات وتفاصيل ما جرى من احداث في داخل هذا المبنى عندما هرع عشرات الموظفين هاربين من المقر بعد انتشار انباء عن تعطل عمل الفلاتر المسؤولة عن شفط الابخرة الناتجة عن صهر عينات الذهب والفضة والرصاص في المختبر، ما ادى الى اثارة موضوع هذا المقر وطبيعة المخاطر التي تهدد صحة العاملين فيه
وما دفع وزير الاقتصاد الوطني د.حسن ابو لبدة الذي اعلن لـ(معا) انحيازه الكامل لمطالب العاملين والموظفين في ذلك المبنى، الى اعطاء تعليماته الى كافة المسؤولين في الوزارة بتسهيل عمل الصحافيين ووسائل الاعلام المحلية للتحقيق في وضعية هذا المبنى والاستماع الى اراء المسؤولين والموظفين حول هذا الموضوع المهم، متهما في الوقت ذاته ما وصفهم بـ"الطابور الخامس" لاثارة زوبعة والتشكيك في موقفه ازاء التعامل مع مطالب الموظفين العاملين فيه.
حساسنة يقول " انا اعمل في هذا القسم منذ سنوات طويلة ومسؤول عن تحرير الذهب ، ولا يمكن انكار وجود تلوث ومخاطر جراء تعرض الموظفين للابخرة والتعامل مع الفضة والرصاص على وجه التحديد"، مؤكدا في الوقت ذاته ان الفحوصات المخبرية للموظفين والتي اشتملت على عينات دم وفحوصات مخبرية اظهرت ان نسبة الرصاص في اجسام الموظفين لم تتجاوز النسبة المسموح بها حسب المعايير والمقاييس الدولية.
واشار حساسنة الى ان ادارة المبنى رفعت اكثر مرة طلبات مكتوبة للوزارة من اجل تحسين شروط السلامة العامة وحماية صحة الموظفين ، الا انه لغاية الان لم يتم الاستجابة لهذه المطالب بسبب التذرع بان اقسام هذا المبنى غير واردة في موازنة الوزارة.
وزير الاقتصاد الوطني د. حسن ابو لبدة ، قال في اجتماع موسع عقده اليوم مع جميع الموظفين والعاملين في ذلك المبنى" اذا كان هناك خطر بمقدار واحد بالالف على صحة أي موظف فان الواجب المبادرة للعمل من اجل تحسين ظروف الصحة والسلامة العامة التي تحمي صحة الموظفين لان صحة الموظف اهم لنا من أي شيء اخر"، مؤكدا اهمية تشكيل لجنة من الموظفين لمتابعة اوضاع هذا المبنى ورفع توصيات من اجل معالجتها.
واشار ابو لبدة الى ان العمل جاري من اجل بناء مبنى جديده وتخصيصه لاغراض المختبر ودماغة الذهب ، مؤكدا دعمه لهذا المطلب ، لكنه رفض اية محاولات لما وصفه بتشويه موقفه ازاء هذه القضية وازاء الموظفين العاملين فيه.
واكد ابو لبدة وجود تقصير فاضح على مستوى الشؤون الادارية في هذا المبنى لكنه قال " البعض وجد ما حدث في هذا المبنى للاصطياد في المياه العكره "، مؤكدا ان كل الملفات الخاصة بهذا المختبر يجب ان تكون مفتوحة امام الرأى العام وانا اضم صوتي لضرورة العمل من اجل ضمان الحد الادنى من شروط الصحة والسلامة العامة للموظفين.
واشار ابو لبدة الى انه منذ توليه منصبه كلف احد المسؤولين لمتابعة موضوع المبنى دون تحقيق نتائج ملموسه، وجرى البدء باجراءات نقل كل الموظفين لمكان اخر بما في ذلك تخصيص قطعة ارض للمختبر.
واضاف " لا يجوز البعض ان يستغل أي تطور في هذه الوزارة من اجل ركوب موجة الطابور الخامس"، نافيا بشكل قاطع الادعاءات بانه طلب من أي موظف عدم فتح هذا الموضوع تحت طائلة المسؤولية.
وقال موجها حديثه للموظفين " أي واحد من المعنين شاهدني بالامس فعليه ان يقف ويقول انه شاهدني ، واي واحد تحدثت معه "، وتابع " اخبرني احد الموظفين بان هناك موظفين في مكتب الاخ نوفل (وكيل الوزارة) ، فقلت له انا خجلان اشوفهم ، وانا متبني لمطالبهم لانني منذ ان توليت منصبي وجدت تقصير فاضح في الشؤون الادارية للحفاظ على الحد الادنى من الكرامة الانسانية للناس لانه ليس نظيفا ولا يوجد فيه تدفئة ومجاريه لا تعمل وكل ما يمكن ان يندى له جبين الوزير والغفير".
واضاف " ما يزعجني ان البعض وجدها فرصة للمس بالوزير وتصفية حسابات "، موضحا ان عمر هذا المبنى يزيد عن 12 عاما .
وقال " يجب ان تفتح كل الملفات لهذا المختبر من اول يوم وحتى اخر يوم "، رافضا الادعاءات بانه منع أي موظف للحديث عن هذا الموضوع، مشيرا الى كلف ثلاثة موظفين للاشراف على السلامة العامة في المبنى.
وكيل وزارة الاقتصاد الوطني عبد الحفيظ نوفل، اكد ان وصلت معلومات حول ما يجري في المبنى الامر الذي دفعه على الفور للتوجه الى مقر المبنى للوقوف على حيثيات الموضوع ، مشيرا الى انه بقي في المبنى والتقى مع المسؤولين فيه الذين اكدوا عدم وجود خطر كما جرى تصويره وان الموضوع نتج بالاساس عن انقطاع التيار الكهربائي ما ادى الى توقف عمل الفلاتر بسبب ذلك.
واشار عبد الحفيظ الى تم اخباره بان المسؤولين على ادارة المبنى يحرصون على اجراء فحوصات مخبرية للموظفين بانتظام في مختبرات محلية وخارجية وجرى فتح حوار مع الموظفين وطلبنا منهم مغادرة المبنى والعودة في اليوم التالي من اجل الوقوف على كافة التفاصيل.
واوضح عبد الحفيظ ان بعض الاطراف حاولت استغلال الموقف وتصعيده بصورة غير منطقية من اجل تشويه موقف الوزارة .
من جانبه اوضح المهندس يعقوب شاهين مدير عام المعادن الثمينة والذي يداوم في ذلك المبنى، ان المقر غير ملائم وان انقطاع الكهرباء ناتج عن ضغط على استخدام الكهرباء الامر الذي يؤدي الى نقطاع متكرر للكهرباء وبالتالي توقف ماتورات الشفط للابخرة ، موضحا ان كميات العينات التي يتم صهرها في المختبر هي كميات قليلة جدا ولا تؤدي الى مخاطر صحية سيما ان معدل ونسبة الرصاص هي اقل من المعدل الطبيعي .
وقال شاهين" لو كان هناك خطر لما تواجدنا نحن في المبنى "، في حين اكد عدد من الموظفين بان المشكلة تكمن في عدم معرفة وتاكد الموظفين العاملين في المبنى من الوضع الحقيقي ما يستدعي توعيتهم بشكل متواصل حول هذا الامر ونشر الطمأنينة لديهم بدلا من تركهم عرضة للشائعات والمخاوف.
واكد رئيس نقابة الموظفين في الوزارة احمد الاحمد ، بان النقابة لديها موقف واضح وهو اهمية معاينة المكان واجراء فحوصات مخبرية للموظفين للتاكد من السلامة الصحية ، موضحا ان النقابة اعترضت على المبنى لدى الوزير في وقت سابق وقال لنا بالحرف الواحد انا متبني لمطالبكم.
واضاف " ما يهمنا حقيقة هو توفير الاجواء الصحية للموظفين ".
الى ذلك اكد موظفين رسميين باهمية العمل من اجل توفير متطلبات الحفاظ على الصحة العامة موضحين انه جرى رفع تقارير وتوصيات اكثر من مرة دون الحصول على اجابات وردود واضحة في هذا الخصوص، مؤكدين في الوقت ذاته رفضهم لاثارة ما وصفوه بالضجة وافتعالها بهدف تشويه الوزارة على حد قولهم.
وتصل عدد العينات التي يتم فحص قرابة 240 الى 300 عينة من الذهب في المختبر شهريا من اجل التأكد من مطابقتها للمواصفات والمعايير العالمية قبل انزالها للسوق حيت يعمل في مختبر فحص العينات ثلاثة موظفين.
واكد يعقوب شاهين بان الوزارة تحرص على اجراء فحوصات منتظمة للموظفين والعاملين في المبنى واطلعنا على كشوفات باسماء موظفين جرى اخذ عينات منهم وارسالها للفحص المخبري منذ بداية الشهر الجاري وان الوزارة بانتظار وصول النتائج .
واوضح ان اغلب الفحوصات السابقة اظهرت نتائجها بان مستوى نسبة الرصاص في اجساد الموظفين هي ضمن المعدل الطبيعي الذي لا يجب ان يزيد عن ما نسبته 20 في حين ان النتائج تثبت بان النسب اقل بكثير من ذلك المعدل.
وحسب الموظفين فان قصة اخلاء المقر وقعت بسبب توقف الماتورات الخاصة بشفط الابخرة حيث بدأ احد الموظفين العاملين بالطلب من الموظفين بحسن نيه اغلاق الابواب والنوافذ تحسبا لاستنشاقهم الابخرة ، الامر الذي جاء عسكيا وسبب حالة من الذعر لدى الموظفين الذين غادروا المبنى على الفور وسط احداث ضجة غير مسبوقة.
ورغم الحديث عن ان معدلات الرصاص لدى الموظفين في ذلك المبنى الذين يتواجدوا فيه لمدة تصل الى 7 ساعات، الا ان المشكلة التي بحاجة لمتابعة تكمن في ان المبنى يقع في منطقة سكنية وان ابخرة الرصاص الذي يتم شفطها في اعلى البناية قد تتكثف وتتجمع فوق المبان السكنية المحاذية للمبنى ما يستدعي من الجهات ذات العلاقة الكشف وفحص المواطنين المجاورين خاصة انه حسب المختصين ومنظمة الصحة العالمية يؤكدون ان ابخرة الرصاص تعد من المواد الخطر جدا على صحة المواطن ويجب اتخاذ افضل السبل لضمان عدم استنشاق المواطنين لها او تعرضها لها.