الخميس: 03/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

معا لجعل فلسطيننا بيتا رياضيا أمميا بامتياز... بقلم: المتوكل طه

نشر بتاريخ: 27/02/2011 ( آخر تحديث: 27/02/2011 الساعة: 15:12 )
ملاعب بيتية وطموح لهدف عالمي
معا لجعل فلسطيننا بيتا رياضيا أمميا بامتياز

تتفتح يوم الأربعاء، في التاسع من آذار شقائق نعمان فلسطين، مثلما عزف زهر لوزها أنشودة الإرادة، ليكون هذا الموعد علامة فارقة في الذاكرة، وليستضيف هذا التفتح حدثًا كرويًا استثنائياً، ويشكل أضلاع مستطيل ملعب بيتي متناسق.

هناك على ضفاف القدس المحتلة، أو إيلياء، أو يبوس، أو زهرة المدائن، أو مدينة الله، سيخطف ملعب الشهيد فيصل الحسيني الأنظار، لتسحر فلسطين التي لازالت تحلم بانجلاء ليل الظلم والبطش، وحالات الحصار المجنونة، ولتتوقف شهوة القتل عن العبث بدمنا ودمعنا.

ماذا يعني أن تحمل فلسطين وأرضها وعشاقها وعصفور شمسها مباراة لكرة القدم؟ إنها ستكون فاتحة لبدايات الإعلان عن ثراها وثرياها كملعب بيتي، في مستطيل أخضر يصمد بشموخ الصخرة والقيامة، ويحلق كنسور الكرمل السامق، ويغني مثل تل العاصور الأبي، ويأبى كحال عيبال بناره ورقته، ويعانق الأغوار الصامدة، والسهول الأخاذة.

وراء الكرة ما وراء السحر، وخلف الملعب البيتي ما خلفه؛ فعند فلسطين المكان وفيه، سيشهر أول موعد للقاء دولي كروي ورسمي تتعطش له فلسطين منذ العام 1934، يوم أقيمت تصفيات كأس العالم، وشاركت فيها سواعد رعيلنا الأول. فدافعت-وقتئذ- سواعدنا وسيقاننا وعيوننا عن ألوان حلمنا، ومنذ ذلك اليوم لم ترجع لنا ركلة بداية، ولم نشهد ودًا رياضياً في قلب ملعب بيتي مضياف.

في التاسع من شهر آذار الأرض والأم والكرامة والحياة والأقحوان والزعتر، يستضيف الأحفاد منتخب تايلند الأولمبي، في إطار التصفيات التمهيدية المؤهلة لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لندن العام 2012.

إن فلسطين قادرة على أن تعبر هذا الامتحان، وتحرز هدف النصر ليس أمام المتخب الضيف فحسب، ولكن عندما ستسجل بنجاح قدرتها للتحول إلى ملعب بيتي للفرق الأممية والمنتخبات غير الفلسطينية. كيف لا، وهي تمتلك احتياطيًا هائلاً من ثروة الشباب، الذين بوسعهم تقديم ضمانات أكيدة، على قدرتنا في مجابهة الصعاب واجتيازها.

وحينما يكون هذا المستطيل الأخضر الشامخ قاب قوسين أو أدنى من القدس، مسرحاً ومساحة وفضاءً لاعتبار فلسطين ملعباً بيتياً، يستضيف الفرق المشاركة غير الفلسطينية للمنافسة على أرض فلسطين، فهذا أمل يصيب القلب بالفرح والعين بنشوة الضربة الأولى، وصافرة الحكم بالتحليق، وراية المساعد بالخفقان، وهتاف الجمهور بالصخب، وتسديد الركلة ومعانقة الشباك بالجنون في لعب نظيف، منزوع من البطاقات الملونة، ومسكون بالروح الرياضية العالية.

تقف فلسطين قبل الامتحان لتكرم وتكرّم وتجود وتبدع، وتثبت أن جوقتها الرياضية تستطيع العزف على أوتار النجاح، فاتحاد الكرة برئاسة الأخ جبريل الرجوب قادر على فعل هذا، والتفاف شعبنا ومحبي رياضتنا، وحريتنا سيفلحون في المهمة.

إن اتحاد الكرة واللجنة الخاصة باللقاء يصلون الليل بالنهار بغية تطبيق النموذج الدولي في استضافة اللقاءات الدولية والمعايير وكراسة الشروط العالمية الخاصة بها. إن عشاق الكرة، والمفتونين بسحر الملاعب، وأبناء شعبنا كلهم هم الرهان وصمام الأمان نحو العبور، لتقديم مباراة دولية نموذجية، ونظيفة، وحماسية، حتى نسجل هدف الظفر للعبور إلى مصاف الملاعب البيتية في دول الأرض.

الرياضة ليست بشأن يخص الرياضيين والشباب وحسب، بل هو ملف يطال السياسة والاقتصاد والثقافة والسياحة، ويسلط الضوء على شعبنا الذي يصر على حقه في الحرية، ويقدم شهادة على قدرته في الإبداع، رغم جدار الفصل العنصري الذي قطع الطريق على فضاءاتنا، أو الاستيطان والتهويد والذبح اليومي.

ستحرك الكرة بصولاتها وجولاتها، الحياة الاقتصادية، وستنشط السياحة وتعرف بأمكنتها وعبق تاريخها الراسخ في أعماق الأرض ، وستنقل في بث حي ومباشر إصرار الفلسطيني على الصمود، وتوقه اليومي للحرية، وسهره على الإبداع لينسج قصة إرادة يغلّفها النجاح.

سيدبّ هذا الحراك الكروي الحياة في أطراف الوطن وأوصاله، وينعش سياحتنا المحاصرة، ويعرّف الضيوف بحقيقة قضيتنا. إنه ثقافة، واقتصاد، ورسالة سياسية مزدوجة، وفرصة لرسم شريان حياة متسلحة بالأمل وصناعته.

لنرجح شعاراً واحداً قبل ركلات الترجيح، أو انطلاق صافرة الحكم، وحماسة اللاعبين: معا لجعل فلسطيننا بيتا رياضا أمميا بامتياز. وبكل ثقة سيصير الشعار واقعة بهمة الشباب والشيب، وسيتدفق الأمل في شوارعنا ونفوسنا، بنجاحنا في امتحان لا هدف فيه سوى الإرادة والبقاء والانتصار.