فياض: بإنهاء الانقسام نستكمل الجاهزية الوطنية لاقامة الدولة
نشر بتاريخ: 02/03/2011 ( آخر تحديث: 02/03/2011 الساعة: 16:43 )
رام الله- معا- أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض خلال حديثه الإذاعي الأسبوعي أنه وفي إطار تقييم اللقاءات التي تمت مع مختلف القوى السياسية، ومع مكونات وأطياف المجتمع الفلسطيني وأطره ومؤسساته، للتشاور معها حول تشكيل الحكومة الجديدة، وكذلك في الحوارات التي سبقت هذه اللقاءات، والتي استهدفت جميعها فحص واقع الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة بهدف استكمال هذه الجاهزية، وتوفير متطلبات ضمان تحقيقها، وما يستدعيه ذلك من ضرورة تشكيل حكومة تعكس أوسع ائتلاف وطني ومجتمعي، وتتمتع بالكفاءة والفاعلية والقدرة على الاستجابة لاحتياجات المواطن، من ناحية، والنهوض الشامل بكامل طاقات شعبنا لاستكمال تلك الجاهزية، من ناحيةٍ ثانية، وبما يساهم في حث الخطى وسد الثغرات لانجاز ما تبقى من خطة السلطة الوطنية حتى سبتمر القادم، يتضح بصورة جلية أن الثغرة الأكبر أمام إمكانية تحقيق ذلك تتمثل في حالة الانقسام.
وقال: "هذا الأمر يدعو إلى ضرورة الاجتهاد من قبل الجميع، وإعمال العقل بهدف بلورة تصور يُمكّن من الإجابة على هذه المعضلة الوطنية". وأضاف: "إن النجاح في تحقيق هذا الأمر من خلال بلورة خطة قابلة للتطبيق العاجل سيضعنا في موقف أفضل لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته أزاء الوفاء باستحقاق سبتمبر 2011، والمتمثل في إنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967، وبحيث يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته المباشرة لتحقيق ذلك".
وشدد رئيس الوزراء أن استكمال الجاهزية الوطنية، وسد هذه الثغرة الأساسية في الوضع الداخلي الفلسطيني، سيقطعان على اسرائيل محاولاتها المستمرة للهروب من الاستحقاق الأكبر المطلوب منها، والمتمثل في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الداعية إلى إنهاء الاحتلال، والذي طال أمده.
وقال:" فالانقسام المستمر منذ ما يقارب 4 سنوات يتكرس ويتحول إلى واقع مؤلم يتعمق يومياً، ويتحول إلى حالة استعصاء تشكل خطراً فعلياً على مشروعنا الوطني برمته، الأمر الذي يستدعي التدخل لإنهائه باقصى سرعة، حيث لا دولة دون إنهاء هذا الانقسام. وهذا ما كنت دوماً أقصده بالقول: كما لن تكون لنا دولة دون القدس، فإنها لن تكون دون قطاع غزة".
وأضاف: "إن إنهاء الانقسام، بما يُعيد الوحدة لشطري الوطن، يُمثل أولوية قصوى على درب استكمال الجاهزية الوطنية لاقامة الدولة، ولإغلاق الباب أمام الذرائع الإسرائيلية حول الادعاء بعدم جدارة شعبنا وعدم جاهزيته بسبب هذا الإنقسام. وهذا ما يضعنا أمام تحدٍ يتمثل في ضرورة الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقنا جميعاً، وبذل أقصى ما نستطيع لسدِّ هذه الثغرة التي تهدد بصورة فعلية إمكانية قيام دولة فلسطينية على كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967، في قطاع غزة والضفة الغربية وفي القلب من ذلك كله القدس الشريف، العاصمة الابدية لهذه الدولة".
وحول مبادرته لإنهاء الإنقسام، قال رئيس الوزراء: " أمام هذا التحدي، كان لا بد من المبادرة والتحرك السريع للوفاء بهذا الاستحقاق الداخلي وإغلاق هذا الفصل الكارثيّ والمأساوي من تاريخ شعبنا، الأمر الذي دفعني إلى المبادرة بالإعلان عن اقتراحٍ عمليّ وبسيط، بل وأعتقد أنه يمُّكن من الإنهاء الفوري للانقسام، والبدء في إعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، كخطوةٍ نحو تحقيق المصالحة الوطنية باعتبارها نتيجة تتبلور تدريجيا،ً لا شرطاً لإعاده الوحدة، وذلك بفعل ما ستحدثه الوحدة من تحول إيجابي في الوضع الفلسطيني، وما ستولده من مناخات إيجابية تساهم في تهدئة للنفوس، وتحسن في المزاج الشعبي العام".
وأضاف: "لقد استند هذا التوجه إلى ضرورة أن يتم تركيز الجهد في هذه المرحلة على عنوانٍ واحد يتمثل في الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تنطلق من ترسيم المفهوم الأمني الممارس فعلياً من قبل حركة حماس في قطاع غزة، والمعتمد رسمياً من قبل السلطة الوطنية في الضفة الغربية، والقائم على استبعاد خيار العنف في سعي شعبنا المشروع لنيل حقوقه الوطنية، سيما أن المقاومة الشعبية السلمية أثبتت في محطاتٍ أساسية وهامة امتلاكها لقوة مادية وأخلاقية هائلة قادرة على نقل قضيتنا إلى لحظة الاستحقاق التاريخي لخلاص شعبنا من نير الاحتلال.
وتابع: "هذا ما أكدته تجربة الانتفاضة الأولى، وما زكته الثورات الشعبية والشبابية في الدول العربية، والتي اتسمت جميعها بالطابع السلمي الديمقراطي، وبحيث تُعهد لحكومة الوحدة، التي ستعمل على نطاق الوطن برمته، في الضفة الغربية وقطاع غزة، مهمة الإشراف على تنفيذ هذا المفهوم الأمني من خلال الترتيبات المؤسسية القائمة في الضفة والقطاع، كما هي دون أي تغيير، بالاضافة إلى مهامها الاعتيادية الكاملة، وفي مقدمة ذلك البدء في إعادة اعمار وبناء ما دمره الاحتلال في قطاع غزة لحث الخطى نحو استكمال الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة، والبدء بالتوازي مع ذلك في العمل الحثيث على إعادة توحيد الوطن ومؤسساته، وتوسيع مساحة الحريات العامة، وحماية الحريات الخاصة والفردية، وتفعيل المبادرات الكفيلة بحماية النسيج الاجتماعي ونشر ثقافة التسامح، وبحيث يؤجل البت في أية قضايا خلافية للاتفاق بشأنها لاحقاً، وبما يُمكن من التقدم بشكل تدريجي نحو مجمل الخطوات التي تؤدي إلى تحقيق المصالحة الوطنية وترسيخها".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن أبناء وبنات شعبنا إلتقطوا ما وفرته اللحظة التاريخية الراهنة لتعزيز دورهم، ومشاركتهم في تحمل المسؤولية أزاء مستقبل الوطن وأوليات الشعب، وخاصةً الشباب، سيما في ضوء إنجازات أشقائهم العرب في تحقيق مطالبهم المشروعة في المشاركة السياسية والبناء الديمقراطي، وأدركوا أن مستقبل فلسطين ونيل استقلالها، يرتبطان جوهرياً بإنهاء الانقسام.
وقال: "لذا فقد كان من الطبيعي أن يتسع نطاق تحرك المجموعات الشبابية لتتوحد خلف شعار لشعب يريد إنهاء الانقسام". وإذ أحيي هذه التحركات نحو تحقيق هذا الهدف، فإنني أضم صوتي في التأكيد على أن الشعب يريد إنهاء الانقسام والانضمام لهذه التحركات. وأضيف، نعم الشعب يريد إنهاء الانقسام، ونعم الشعب يستطيع إنهاء هذا الإنقسام". وتابع: "وعلينا جميعاً مسؤولية المساهمة في توفير الوسائل والأدوات والافكار التي تُمكن من تحويل هذا الشعار إلى خطةٍ ملموسة وقابلة للتنفيذ، وصولاً إلى هدفنا الأشمل والمتمثل في تحقيق المصالحة الوطنية، وهو استحقاق وطني لا يمكننا تجاوزه أو القفز عنه، إذا ما أردنا فعلاً تحقيق الاستقلال الوطني، وحماية المنجزات الديمقراطية التي حققها شعبنا عبر كفاحه الطويل. وبالتأكيد، فإن شعبنا ضحى بالغالي والنفيس لتحقيق ذلك".
وشدد فياض على أن الأفكار التي طرحها تمثل اجتهاداً شخصياً، ليس إلا. وقال: " إلا أنني أعتقد بجدوى المضي بها قدماً حتى النهاية، ليس فقط لأنها لا تنطوي على أي خسارة لأي طرف فحسب، بل لما تحمله في ثناياها من إمكانية فعلية لوضع الكل الفلسطيني على درب المصالحة الوطنية الشاملة، والتي لا بد أن تتحقق إذا ما كان لشعبنا أن يحقق آماله وتطلعاته الوطنية".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن المهمة قد تبدو صعبة، ولكن الثقة كبيرة بأن الاخلاص لضرورة تحقيق الوحدة كفيلٌ بمساعدتنا على تحقيقها كي نواصل العمل والسير بخطواتٍ ثابتة نحو انهاء الاحتلال. وقال: "لا مجال أمامنا لإضاعة المزيد من الوقت، وعلى من يرفض ذلك أن يفسر للناس لماذا يرفض، أو على الأقل ما هو بديله لإنهاء الانقسام. إذ لا مجال للاستمرار في إبقاء مستقبل فلسطين وحرية شعبنا فيها رهينةً بأيدي من يرفض الانصياع لإرادة الشعب في الوحدة والتي هي شرط أساسي لتحقيق الاستقلال... ونعم، بإنهاء الإنقسام، نستكمل الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة".