عائلة الزعانين في بيت حانون.. شلال دم لاينقطع .. هدم للبيوت وتجريف لمئات الدونمات الزراعية
نشر بتاريخ: 29/08/2006 ( آخر تحديث: 29/08/2006 الساعة: 18:23 )
غزة - معا - لطالما كان الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون لكي يعيشوا في المناطق الحدودية مرتفعا فالكثير من العائلات الفلسطينية عانت من سقوط القذائف قرب منازلها أو بداخلها أو من استشهاد أبنائها وتجريف أراضيها وغير ذلك من قساوة الاجتياحات التي تأكل الأخضر واليابس بجنازير الدبابات وأفواه الجرافات.
وعائلة " الزعانين " في بيت حانون مثال مؤلم لما تعانيه العائلات الفلسطينية من قتل لأبنائها وتدمير لمزارعها وبيوتها على أيدي الآلة العسكرية الإسرائيلية التي لا يروق لها إلا العبث في ممتلكات المواطنين أحيانا وفي أرواحهم أحيانا كثيرة .
وكأن الاجتياحات المتكررة لتلك البلدة تأبى أن تمر دون أن يكون في هذه العائلة شهيد أو جريح علاوة على اقتلاع أشجار الزيتون والبرتقال التي زرعها أجدادهم منذ سنوات طويلة فأصبح جذر هذه الشجرة ممتدا في أعماق الأرض لكي يؤكد الوجود الفلسطيني عليها.
فأعوام الانتفاضة كانت شاهدة على غزارة الدم الذي نزف من أبناء تلك العائلة فأكثر من 15 شهيدا وعشرات الجرحى وأكثر من 1000 دونم جرفت وقد كان اخر الشهداء شاب استشهد بالامس عند عبثه بقذيفة وجدها في مزرعتهم .
وتتجسد الماساة في عيون الامهات فها هي " أم باسل الزعانين" وبعد أن غاب عنها ابناها "باسل واحمد" لعدة دقائق لميلبثا ان عادا اليها أشلاء بفعل صاروخ من طائرة استطلاع إسرائيلية سلب حياة عمهم الذي كان يرافقهم وقتل الصاروخ كل ما يمكن أن يسعد تلك الأم حاضرا ومستقبلا لتعيش رفيقة للحزن وصديقة للألم وأختا للبكاء .
ومن نفس العائلة ولكن مع " أم فاكر" التي خرج فاكرها مع أخيها رشدي في ليلة حالكة الظلام لكي يكون نصيبهما قذيفة لم تبق في أجسادهما ما يودع
تلك الليلة لن تنساها هذه الأم التي كتب عليها أن تكون أختا وأما لروحين في الجنة بإذن الله.
وغيرهن العديد من الأمهات اللائي أصبح للدمع مجرى على وجوههن لكي يجعل خريطة الحزن شاهدة على الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ويكون غضب الأمهات اقصر الطرق نحو الانتصار.
كلما حاولنا إجراء حوار مع هؤلاء الأمهات وبمجرد أن نسألها عن شيء يخص أبناءها ينفرط قلبها من الحزن ولا تستطيع الحديث إلا بكلمات متقطعة لا تفهم منها إلا الدعاء للشهداء و على اليهود.
يقول "محمد الزعانين" ابن عم للشهداء:" لا نلبث في العائلة أن نلملم الجراح من شهيد أو عدة شهداء حتى يأتي خبر بشهيد آخر أو قصف منزل للعائلة أو تجريف بيارة لأحد أقربائنا ويضيف محمد أصبحنا نحلم بالشهداء وفي كل جلسة نتحدث عنهم وكل حياتنا ترافقنا خطاهم وهمساتهم"
وأشار محمد أن من أصعب الأيام التي مرت على العائلة عندما استشهد ابن عم له بصاروخ طائرة استطلاع فهب أخوه وعمه لنقله إلى المستشفى وفي طريقهم استهدفتهم طائرة أباتشي بصاروخ آخر لتمزق الثلاثة إلى أشلاء.
حيث وصل الخبر إلى العائلة كالصاعقة ثلاثة من زينة شبابها في لحظة واحدة يصعدون الى السماء فأصبح الجميع يجري في الشوارع بدون وعي وإدراك لا يدري أين يذهب ومن يواسي من.
هذا هو الحال وليس بحال أصعب من هذا قتل وتدمير وتشريد فإلى متى سيبقى الفلسطيني يعاني والى متى سيبقى الحزن أخا له والدمع شرابه ولون الدماء أكثر ما يراه.