تجرعنا مرارة الذل - موظفون عضهم الجوع وغلبتهم الديون يتحدثون عن انحباس الرواتب قبل ان يشهروا سيوفهم في وجوه المسؤولين
نشر بتاريخ: 29/08/2006 ( آخر تحديث: 29/08/2006 الساعة: 19:24 )
الخليل-معا- حمل العديد من موظفي القطاع العام في محافظة الخليل الرئيس محمود عباس ورئيس حكومته اسماعيل هنيه والمجلس التشريعي مسؤولية تردي اوضاعهم مطالبين بضرورة الاسراع في ايجاد حل لانحباس رواتبهم .
يأتي ذلك مع اقتراب يوم السبت القادم الموعد الذي حددته نقابة الموظفين الحكوميين لبدء الاضراب المفتوح في كافة المؤسسات والوزارات الحكومية ، احتجاجاً على عدم تلقيهم الرواتب منذ ستة اشهر.
في هذا التقرير نسلط الضوء على وضع الموظفين بعد انقطاع الرواتب عنهم ، وكيفية قضاء حياتهم اليومية .
وننوه الى ان غالبية الموظفين الذين التقتهم ( معا ) رفضوا الكشف عن اسمائهم واكتفوا بمسماهم الوظيفي.
مدير عام في احدى الوزارت في محافظة الخليل قال ( لمعا ) " فقدت كرامتي ، واصبحت مذلولاً في هذا المجتمع في الشارع وفي البيت ، اشعر بانني اتسول لاعيش ، التزمت بيتي ولم اعد استطيع الخروج منه كما كنت افعل في السابق خوفاً من عيون الدائنين التي تلاحقني في كل مكان".
واستطرد قائلاً " أكثر ما يشعرني بالخزي والعار والداي الكبيران في السن ،فأنا مقصر في حقهما بحيث لا استطيع ان ارسل لهما شيئاً وتمر اسابيع دون ان اشاهدهما ، وكله بسبب عدم صرف الراتب".
ونفى ان يكون اضرابه وزملاؤه عن العمل في وزارتهم ، سياسياً او حزبياً وقال " نحن ليس لنا اية علاقة بالسياسة ، نحن عاملون ونريد اجرنا ، نريد استعادة حريتنا في التنقل والخروج من السجن الاختياري - المنزل - نريد ان نسير حياتنا اليومية ، كنا نأكل اللحمة مرة واحدة في الاسبوع ، واليوم حينما نريد شراء اي شيء نبحث عن السعر وليس الجودة ثم اننا لا نريد ان نشتري لابنائنا مسلتزمات المدرسة والعام الدراسي الجديد ."
وحمل " المدير العام" كما حمل زميل له في وزارة اخرى ويعمل "مديرا عاما ايضاً السلطة الوطنية والحكومة والمجلس التشريعي مسؤولية تردي الاوضاع لدى موظفي القطاع العام وطالباهما بتوفير رواتبهما ودفع رواتب الشهور الست الماضية او جدولتها ، حتى يستطيعا جدولة ديونهما وحياتهما المعيشية .
وأضاف مدير عام اخر ( لمعا ) رفض الكشف عن اسمه " اريد منك ان تنقل رسالة الى الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الفلسطينية واعضاء المجلس التشريعي ، على لساني ، وهي ، "انا مواطن و مدير عام في احدى الوزارات الفلسطينية وحالي كحال العشرات من موظفي الدولة ، احاول جاهداً الاقتصاد في نفقاتي ، ابني نجح في الثانوية العامة ولم ارسله للجامعة ، شركة الاتصالات الفلسطينية قطعت الهاتف عنا لعدم التسديد وهو افضل لي حتى لا تتراكم الديون اكثر ، سيارتي تقف منذ شهرين امام منزلي واذهب مع زوجتي للعمل مشياً على الاقدام ، لم اشتر قرطاسية للاولاد حتى يذهبون للمدرسة في انتظار منحة او هبة من احدى المؤسسات الخيرية العاملة او منحة من احدى الدول الصديقة ، ولم اجد سبيلا امامي الا الانضمام الى بقية زملائي واعلن الاضراب عن العمل حتى تجدوا وسيلة تعيدنا الى سابق عهدنا ."
و قال مستهزئا من الوضع " انا انتخبت الاخوة في حماس من قناعتي التامة بهم ، وأرفض كتاب وزير الصحة الذي يتهمنا به بخدمة الاحتلال الاسرائيلي ، نريد لقمة عيشنا ليس اكثر او اقل ، ونحن لم نطلب منهم الاستقالة ، ولكننا نطلب منهم توفير احتياجاتنا فقط . "
ويوافقه الرأي رائد والذي يعمل كفراش في احدى الجامعات بالخليل ، والذي يتقاضى راتبه بانتظام من الجامعة ، حيث قال ( لمعا ) " انا انتخبت حماس لانني مقتنع بها ، نحن اخترنا ونتحمل النتائج ، لكن الضغوط الداخلية والخارجية لم تعطنا الفرصة لاختبار اختيارنا ، والدي يعمل مدير مدرسة في وزارة التربية وشقيقي يعمل مدرسا ، ولدي ثلاثة اخوة يدرسون في الجامعة وأخ اسير افرج عنه مؤخراً ، اصبحت براتبي البالغ 300 دينار أردني المعيل الوحيد للاسرة المكونة من 12 فردا ."
وعن كيفية انفاق الثلاثماية دينار قال رائد " نحن بحاجة الى 56 شيكلا يومياً مواصلات للوصول الى مراكز عملنا وللجامعات ، ما يقارب 120 - 140 دينار شهرياً كمواصلات وسبعين دينار اجرة منزل اخي الشهرية وما تبقى للطعام . "
وطالب رائد رئيس الحكومة الفلسطينية بالعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على خدمة مصالح الشعب الفلسسطيني .
محافظ الخليل السيد عريف الجعبري موظف كبقية موظفي القطاع العام والذي يصل راتبه الشهري الى ثلاثة آلاف دولار امريكي ، بالاضافة الى عقار يملكه ويؤجره قال " "منذ ستة اشهر لم اتقاض الراتب وأحاول جاهداً الاقتصاد قدر الامكان في المصروفات والابتعاد عن اية مصاريف ترهق مكتب المحافظ ، وانا لا اختلف عن اي موظف من موظفي السلطة الوطنية ، والعقار الذي املكه وأؤجره بالكاد يفي احتياجاتي الشخصية مع ابني الذي يدرس في الجامعة . "
ويأمل محافظ الخليل ان تقوم السلطة الوطنية والحكومة الفلسطينية بتوفير رواتب الموظفين في اسرع وقت حتى تنتهي الضائقة المالية والمعيشية والاجتماعية لدى المواطنين والموظفين .