روائي فلسطيني ينتقد تقصير نجيب محفوظ تجاه القضية الفلسطينية واخر يدافع عنه بقوة
نشر بتاريخ: 31/08/2006 ( آخر تحديث: 31/08/2006 الساعة: 13:15 )
بيت لحم- معا- رغم الفخر الذي يشعر به المواطن الفلسطيني تجاه اديب عربي عظيم مثل نجيب محفوظ, الا ان وسائل الاعلام الفلسطينية كانت قليلة الاشارة الى تاريخ الرجل, ولم تذهب بعيدا في تمجيد سيرته, مثلما فعلت مع الشاعر السوري محمد الماغوط, واكتفت بالحد الادنى من واجب العزاء, ونسخت ما كتبته وكالات الانباء الاجنبية, دون محاولة لاضافة جوانب اخرى.
بل ان البعض لم يخف انتقادات حادة ضد محفوظ، وفي حديث مع الروائي الفلسطيني احمد رفيق عوض قال لوكالة "معا" انه ورغم اقراره بالقيمة الادبية العظيمة للروائي الراحل نجيب محفوظ, الا انه يأخذ عليه موقفه غير الملتزم بالهموم العربية والقضية الفلسطينية بالذات, وانه لا يقبل اي تبريرات من اي مثقف عربي ولا يعتبرها كافية لتنصله من دوره التاريخي".
وانتقد عوض نجيب محفوظ في مواقفه السياسية وسرعة تأييده لاتفاقيات السلام بين الراحل السادات وبين اسرائيل على حساب القضية الفلسطينية وانه كان يبخل على الفلسطينيين بمواقفه الداعمة والمؤيدة علنا رغم الكوارث التي مر بها الفلسطينيون.
وردا على سؤال حول هذا الموضوع واذا كان الروائي او الشاعر يجب ان يحاسب على مواقفه السياسية قال احمد رفيق عوض " ان نجيب محفوظ كان قطريا اكثر منه عروبيا وانه نجا بنفسه من قضايا وهموم الوطن العربي ليغرق في هم الحي والحارة الى جانب انجرافه في قصة اولاد حارتنا نحو اللادينية " .
وقال عوض وهو روائي فلسطيني له العديد من الروايات وحاصل على جوائز محلية وعربية " ان نجيب محفوظ اختار الدرب السياسي الاسهل دون ان يقدر قيمة ورورة مواقفه كاديب عربي وانه لم يسجل لنفسه اية مواقف مشهودة على صعيد الهم العربي واكتفى بمجاراة هموم الحياة في الاحياء والازقة".
وفي الختام قال الشاعر الفلسطيني وليد الشيخ" دعونا ننظر الى المستقبل، ها قد اصبح مقعد نوبل للادب شاغرا ونتمنى ان يحصل اديب عربي على هذا المقعد والقراء ينتظرون فارسا جديدا".
وقد توفي الروائي المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب للعام 1988 صباح امس في القاهرة اثر اصابته بجلطة في القلب عن عمر يناهز 95 عاما.
ونعى الرئيس المصري حسني مبارك الاديب الكبير نجيب محفوظ. وقال مبارك ان نجيب محفوظ انحاز بقلمه لشعب مصر وتاريخه وقضاياه وعبر بابداعه عن "القيم المشتركة للانسانية ونشر بكتاباته قيم التنوير والتسامح النابذة للغلو والتطرف وكان حصوله على جائزة نوبل للآداب اعترافا باسهام الفكر العربي في حضارة الانسانية وتراثها المعاصر".
وحصل محفوظ على عدد كبير من الجوائز والاوسمة كان ابرزها جائزة نوبل للآداب عام 1988. وتخصص عائدات كتب نجيب محفوظ التي اشرف قسم النشر في الجامعة الامريكية على ترجمتها الى مختلف لغات العالم منها لجائزة تمنح باسمه وبمبادرة منه في يوم عيد ميلاده لتشجيع الكتاب الروائيين العرب وقد بدأ بمنحها قبل عشرة اعوام. ومحفوظ تزوج 1954 وانجب ابنتين.
من جانب اخر نشر الكاتب والشاعر الفلسطيني احمد دحبور تحت عنوان " عمنا نجيب محفوظ " في صحيفة الحياة الجديدة فقال :نجيب محفوظ الذي ملأت حكاياته ورواياته وقصصه عالم العرب في القرن العشرين وبعضا من القرن الواحد والعشرين، لم يغادر مصر الى اي قطر عربي الا في رحلة محدودة جدا الى اليمن.
ومع ذلك تابعه العرب، ان لم يكن جمهور مثقفين فجمهور متعطشين الى الأفلام المقتبسة عن اعماله من المحيط الى الخليج. وقد كنت واحدا من الآلاف الذين حجوا الى مصر بهدف رؤية نجيب محفوظ. وكانت مصادفتي السعيدة الاولى صيف 1977، عندما كان يقضي ساعة صباحية في مقهى ريش، الا يوم الجمعة فقد كان الوقت يتمدد حتى يتحول الى جلسة مفتوحة مساء. وأذكر انني سألته ببراءة عن سبب عدم كتابته اي شيء عن فلسطين. فضحك بعد صمت، وقال:
"يا بني أنا روائي أساسا، ومادة الرواية هي الناس بهمومهم المفصلة الصغيرة والكبيرة. فما الفائدة من أن أمنح احدى شخصياتي بطاقة هوية فلسطينية واذا بالشخصية تطلع في النتيجة فلسطينية؟".
والواقع انني كنت متسرعا في سؤالي. ففي نهاية روايته - حب تحت المطر- التي تعالج توابع زلزال هزيمة 1967، وفي الصفحة الأخيرة من الرواية، تومض شخصية الفدائي الفلسطيني أبي النصر الكبير كأمل واقتراح وسؤال متفائل. وفي عام 1988، الذي فاز فيه عمنا نجيب محفوظ بجائزة نوبل، كتب اربع مقالات اسبوعية في مجلة المجلة السعودية التي تصدر في لندن، فأعطى صوته للانتفاضة الفلسطينية التي كانت في ذروة انطلاقتها.
ويوم فاز بنوبل، كلفني الأخ ابو عمار بارسال برقية تهنئة للأديب العالمي باسمه شخصيا، واشرت في هذه البرقية الى شخصية ابي النصر الكبير، فسعد نجيب محفوظ بذلك وقال في عدة أحاديث صحفية ان الفلسطينيين يذكرون له ذلك.
وعندما بدأت بمشروع عيد الاربعاء، مقالتي الاسبوعية كل اربعاء في الحياة الجديدة، كان طبيعيا ان تكون دراستي الاولى خاصة بأحد اعمال نجيب محفوظ، وهو آخر مجموعاته القصصية: القرار الأخير..
ترى ما الذي سأكتب لدمعة الاربعاء القادمة؟ لو اردت ان اغطي اعمال هذا العملاق بواقع مقالة في الاسبوع عن كل عمل له، لما كفتني سنة كاملة، وهذا مستحيل طبعا..
فهل اعتبر نفسي على موعد مع القراء الاربعائيين، بغض النظر عن عددهم، في مقالة اجمالية تحاول الاحاطة بهذه القامة التي ما عرف الأدب العربي المعاصر نظيرا لها؟
سأحاول.. ورحم الله عمنا وأديب أمتنا الخالد الذي رحل ناقص عمر، فهو لم يكمل المئة.. وكنا لنستزيد، لكن الله، جلت رحمته، يفعل ما يريد..
ووصف الرئيس مبارك في بيان صدر عن رئاسة الجمهورية نجيب محفوظ بانه "علم من اعلام الفكر والثقافة، وروائي فذ ومفكر مستنير وقلم مبدع وكاتب خرج بالثقافة العربية وادابها الى العالمية". ونعى مبارك "هذا المصري البار لشعب مصر وأمتها العربية والعالم"، معربا "عن خالص عزائه ومواساته لاسرة الفقيد الراحل ولمحبيه والعارفين بفضله".
ولد محفوظ عام 1911 في القاهرة وله نحو خمسين رواية من اشهرها ثلاثية "بين القصرين" "قصر الشوق" و"السكرية" و"اولاد حارتنا" التي منع الازهر نشرها. وتخرج في جامعة القاهرة وعمل في وزارة الاوقاف وتولى ادارة الرقابة على المصنفات الفنية وخلال ذلك كتب سيناريو عدد كبير من الافلام. وتوقف محفوظ عن الكتابة بعد ان هاجمه اسلامي وطعنه في رقبته في 1994. الا انه في السنوات الثلاث الاخيرة كان يكتب قصصا قصيرة اطلق عليها اسم "احلام فترة النقاهة". وقد كتب ما يقارب السبعين من هذه "الاحلام" الصوفية والفلسفية.