الجمعة: 15/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

معلقون إسرائيليون: جيشنا مصاب بثقافة الكذب

نشر بتاريخ: 02/09/2006 ( آخر تحديث: 02/09/2006 الساعة: 20:02 )
تل ابيب -معا- صالح النعامي - طالب معلقون إسرائيليون لجان التحقيق التي تشكلت في أعقاب الحرب بين إسرائيل وحزب الله بالتحقيق في تجذر ما أسموه ب " ثقافة الكذب " وإستشرائها في الجيش الإسرائيلي وقياداته، معتبرين أن هذه " الثقافة " كان لها بالغ الأثر في دفع الدولة العبرية للفشل في الحرب الأخيرة في مواجهة حزب الله.

وفي ندوة عقدتها القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلية الليلة الماضية، قال آرييه شافيط المعلق السياسي في صحيفة " هآرتس " أن الكذب تحول الى أحد معالم التعامل داخل الجيش حيث يحرص قادة الجيش على الكذب من أجل التغطية على أوجه تقصيرهم في أداء مهامهم.

وضرب شافيط مثالاً يدلل على مدى استشراء ظاهرة الكذب لدى قادة الجيش، منوهاً إلى أن التقرير الذي صدر العام الماضي عن مأمور قسم الشكاوى في الجيش يؤكد بصراحة أن قادة الفرق والألوية في الجيش أبلغوه أنهم قاموا بإصلاح أوجه الخلل الذي أشار اليها تقريره في العام 2004، مؤكداً أنه فوجئ عندما تبين له أن قادة الجيش كذبوا عليه ببساطة، حيث أنهم لم يقوموا بإصلاح أوجه الخلل.

وأشار شافيط الى أن قادة الجيش ابتداء من رئيس هيئة الأركان والجنرالات الذين يلونه في المستوى القيادي كذبوا خلال فترة الحرب على المستوى السياسي، بحيث أنهم كانوا يخبرون الحكومة أنه حققوا انتصارات على حزب الله ليتبين فيما بعد أنهم لم يحققوا شيئاً، وتحديداً ادعاء قادة الجيش أن سلاح الجو قام بتدمير كل بطاريات اطلاق الصواريخ بعيدة المدى التي يملكها حزب الله، ليتبين بعد ذلك أن تقارير قادة الجيش كانت كاذبة، وذلك لأن حزب الله واصل اطلاق هذه الصواريخ حتى آخر يوم من هذه الحرب.

مستوى جندية وقيادة متدن:

من ناحيته اتفق يغآل سيرنا المعلق السياسي في صحيفة " يديعوت احرنوت " أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً مع ما جاء على لسان شفيط، مشيراً إلى أن أخطر ما كشفت عنه الحرب الأخيرة هو تدنى مستوى الجندية والقيادة في الجيش الإسرائيلي بشكل فاق كل التوقعات.

وقال سيرنا أنه أجرى حوارات مع العديد من الجنود والقادة في يوم الثاني عشر من تموز الماضي وهو اليوم الذي قام فيه مقاتلو حزب الله بقتل ثمانية جنود وأسر اثنين اخرين، ليتبين له أن كلاً من القادة والجنود تصرفوا بشكل سلبي جداً وينم عن غياب الدافعية للقتال.

وشن سيرنا هجوماً على قيادة الجيش متهماً إياها بالسيطرة على الدولة. وقال أن الجيش قام " بإختطاف الدولة، بحيت تحولت الحكومة الى أسيرة لدى قيادة هذا الجيش ".

وأكد سيرنا أنه في الوقت الذي تدنى فيه مستوى الأداء المهني العسكري للجيش في ساحات القتال كما ظهر في الحرب الأخيرة بشكل واضح، زاد تأثير القيادة العسكرية على دوائر صنع القرار في الدولة بشكل لم يسبق له مثيل.

وشدد سيرنا على أن المستوى السياسي ممثل في الحكومة أصبح هو الذي يتلقى تعليماته من قيادة الجيش، مع أن النظام الديموقراطي يفترض أن يخضع المستوى العسكري للمستوى السياسي وليس العكس.

وأكد سيرنا أنه يتوجب أن تتخلص الدولة العبرية من قياداتها العسكرية، بحيث لا يصبح رؤساء الوزراء والوزراء من ألوية الجيش المتقاعدين، الذي اعتبرهم " ضيقي أفق "، بحيث لا يفكرون إلا في الخيارات العسكرية لحل المشاكل التي تواجه الدولة، ويستثنون بإصرار الحلول السياسية، سيما فكرة التوصل لتسويات سياسية مع المحيط العربي.

من ناحيته يشير أودي سيغل المراسل السياسي في القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى أن المستوى السياسي أودع مصير الدولة في أيدي الجيش، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزير حربه عمير بيريتس كانا يتباهيان طوال فترة الحرب أنهما فوضا الجيش بأن يقوم بكل ما يراه مناسباً من أجل حسم الحرب.

جيش في مهام شرطة:

من ناحيته قال أمنون أبراموفيتش كبير المعلقين في قناة التلفزة الثانية أنه يتوجب على أي لجنة تحقيق تود فحص مسار الحرب الأخيرة مع حزب الله أن تحقق في الأسباب التي قادت الى هذه النتيجة غير المرضية لإسرائيل.

واعتبر ابراموفيتش أن أحد أهم الأسباب كانت بلا شك تحول الجيش للاهتمام بالاعمال التي تقوم بها الشرطة في أي مكان في العالم، مشيراً الى أنه أوكلت للجيش تنفيذ عمليات الاعتقال والاغتيال ضد نشطاء المقاومة الفلسطينية.

ويضيف أبراموفيتش أن قيادة الجيش لم تعد تذكر أن مهمته الأساسية تنفيذ عمليات حربية في مواجهة جيوش أو خوض حرب عصابات في مواجهة مقاتلين اشداء كما كانت عليه الأمور في الحرب الأخيرة في مواجهة حزب الله.

ونوه ابراموفيتش إلى أن الجيش من أجل أن يقوم بأعمال الشرطة في الضفة الغربية وقطاع غزة قام بإرسال ثلاثين كتيبة للضفة وعشر كتائب لقطاع غزة، معتبراً ذلك استنزافا حقيقيا للجيش ولقدراته التي تم توجيهها الى غير مكانها الصحيح على حد قوله.

من ناحيته أشار شافيط الى أن دوائر صنع القرار في الدولة العبرية أرادت أن تجعل من الحرب الأخيرة مع حزب الله نقطة تحول لترميم قوة الردع في مواجهة العرب، لكن في نهاية الحرب تبين أن إسرائيل فقدت عملياً قوة الردع في مواجهة العرب.

واعتبر سيرنا أن أخطر ما ميز قادة الجيش الإسرائيلي هو أنهم اعتادوا على الاستخفاف بالعدو العربي والاستهانة بقدراته بشكل جعلهم يخوضون المعارك وهم مطئنون الى نتيجة الحرب ستكون في صالح الجيش الإسرائيلي.