الديمقراطية تدعو السلطة لمراجعة التزاماتها بالاتفاقيات والانقسام
نشر بتاريخ: 17/03/2011 ( آخر تحديث: 17/03/2011 الساعة: 16:47 )
رام الله-معا- رحبت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالمبادرة التي أطلقها الرئيس محمود عباس أمام اجتماع المجلس المركزي من أجل تجاوز الانقسام، ودعت الجبهة خلال كلمتها الرئيسية في الاجتماع والتي ألقاها فهد سليمان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية إلى إيجاد صيغة متكاملة تضع حلولاً لتجاوز العقبات التي عرقلت حتى الآن نجاح الحوار الوطني، وشدد سليمان على أن الحوار لا ينبغي أن يبداً من الصفر، ولا أن يستمر بالدوران في حلقة مفرغة، وهو ما يؤكد الحاجة إلى مقاربة جديدة تقوم على المباشرة فورا في تنفيذ ما اتفق عليه وصولاً إلى الانتخابات وإحالة ما يبقى من ملفات خلافية إلى المؤسسات المنتخبة.
ولفت سليمان إلى أن ما تم الاتفاق عليه ليس ثانوياً، بل هو جملة من قضايا الإجماع الوطني التي تشمل قاعدة سياسية وتنظيمية مشتركة قوامها إعلان القاهرة (آذار 2005) + وثيقة الوفاق الوطني (حزيران 2006) + نقاط الإجماع بين الفصائل والشخصيات المستقلة في حوار القاهرة (آذار 2009)، وصيغة ثابتة لتأطير الحوار الوطني الشامل تتمثل في اللجنة العليا برئاسة رئيس اللجنة التنفيذية وعضوية الأخيرة إلى جانب رئيس المجلس الوطني والأمناء العامين للفصائل وعدد من الشخصيات المستقلة التي يتم التوافق عليها بين أعضاء اللجنة العليا في أول اجتماع تدعى إليه.
وتابع أن بالإمكان إضافة ما من شأنه أن يكسر الحلقة المفرغة التي دار فيها الحوار الوطني حتى الآن بسبب احتكامه عمليا إلى قاعدة مفادها " ما لم نتفق على كل شيء، لا نكون قد اتفقنا على شيء"، وذلك من خلال اعتماد مقاربة جديدة تنطلق من المباشرة فوراً في تنفيذ ما تم الإجماع عليه وصولاً إلى الانتخابات وإحالة ما تبقى من خلافات للبت بها من قبل المؤسسات المنتخبة.
واضاف أن الانتخابات ليست منطقة محايدة أو خياراً محسوماً، فهناك من يسعى إليها، وهناك من يحاول تلافيها لذلك ندعو إلى سلة من الإجراءات، بكفالة عربية ودولية، تضمن حرية الانتخابات ونزاهتها، بما في ذلك التمهيد لها بإعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية ومحكمة الانتخابات وفقاً لما تم الاتفاق عليه، كما وإلى إطلاق سراح جميع المعتقلين لأسباب سياسية أو أمنية، سواء في الضفة أو غزة، وصولاً إلى تشكيل لجنة مشتركة تكلف بالإشراف على تنفيذ الترتيبات السياسية والتنظيمية والأمنية المتفق عليها لضمان نزاهة الانتخابات، وهذا في حال تعذر إقامة حكومة وحدة وطنية تقوم بالمهمات المذكورة.
وقال أن البعض يسعى للتعاطي الاستخدامي، أو الأحادي الجانب مع هذه المقترحات، فهناك من سيسعى، ربما، إلى مأسسة اللجنة العليا مع تجنب الانتخابات، وهناك من سيسعى، ربما، لعقد الانتخابات بمعزل عن الاصلاحات أو حتى بدونها، من هنا الإصرار على التعاطي مع هذه المقترحات ككل متكامل وملزم، من أول الطريق وحتى نهايته التي نتمنى صادقين وسنسعى جاهدين أن تتجسد بإزالة الانقسام على طريق استعادة وحدة وطنية حقيقية على أسس ديمقراطية، تنهض بأعباء استراتيجية عمل وطني يحقق الخلاص الوطني لشعبنا بعد تخليصه من مظالم وشرور الاحتلال والاستيطان.
وقال أن مظاهر النهوض الثوري والاستنهاض العام التي تشهدها الحالة العربية، تنبىء بمرحلة جديدة تهل بشائرها على المنطقة، عنوانها: الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، كما عنوانها: حق تقرير المصير، التحرر الوطني، والتنمية المستقلة. ولا يمكن لهذه الحالة الصاعدة والمتصاعدة إلا أن تنعكس ايجاباً على مسار النضال الوطني الفلسطيني، على مستوى تعاظم التأييد السياسي خارجياً، وتنامي الفعل النضالي ميدانياً، وبما يتيح تعميق الحوار على مضامين رئيسية لحسم اعتمادها كخيارات وطنية يعمل الكل الفلسطيني تحت رايتها، اليوم وقبل الغد، بعيداً عن مواقف الانتظار والتأجيل التي يعززها الكلام، لا بل الاكثار في الكلام عن استحقاق افتراضي بعد نصف عام من يومنا، أطلقت عليه تسمية استحقاق أيلول 2011، لا لسبب وجيه سوى أن ثلاثة أمور التقت عند هذا التاريخ: تمني الرئيس الأميريكي أمام الأمم المتحدة بانضمام دولة فلسطين المستقلة إليها، واستهداف إعلان الرباعية الدولية إنجاز جدول أعمال المفاوضات، التي لم تنطلق أصلاً، وعزم الحكومة الفلسطينية على الانتهاء من بناء مؤسسات الدولة، الأمر الذي ما زالت تعترضه صعوبات جمّة، ليس أقلها الاحتلال.
ومن الواضح أن هذه الأمور التي تنتسب إلى دائرة التمني والاستهداف والعزم، وإن بخلفية ايجابية، لا يمكن اعتبارها كافية من أجل الترويج لاستحقاق مفترض ينبغي الاستعداد لملاقاته، فالوقائع السياسية الصلبة تقطع بانسداد أفق العملية السياسية، وتقدم مشروع الضم والاستيطان والمناورة على الرأي العام الدولي بمشروع دولة الحدود المؤقتة غير المطروح أصلاً للتطبيق، إنما يتطلب مراجعة سياسية شاملة لمسيرتنا للخروج من المأزق الاستراتيجي الذي زج فيه المشروع الوطني الفلسطيني نتاجاً لمسيرة أوسلو.
إن كل ذلك يقتضي الشروع باعتماد المؤسسة الفلسطينية، من المجلس المركزي ابتداءاً، استراتيجية وطنية بديلة، من أبرز محاورها: إنهاء الانقسام. وتقوم هذه الاستراتيجية أولاً على المقاومة الشعبية ضد الجدار والاستيطان والاحتلال، وتوسيع دائرتها حتى تتحول إلى انتفاضة شعبية شاملة ترفدها حركة جماهير للاجئين من أجل حق العودة، مترافقة مع تعزيز لدور ومساهمة الجاليات الفلسطينية في العملية الوطنية. وتقوم هذه الاستراتيجية ثانياً على تصعيد التحرك السياسي الفلسطيني دولياً، إن لوقف الاستيطان، أو للإعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس وبسط سيادتها إلى حدود 4 حزيران 67، أو حمل المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسؤولياته لمحاسبة إسرائيل على جرائم الحرب التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، أو تشجيع الحملة الدولية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، أو تكثيف العمل من أجل إنهاء الحصار الجائر المفروض على غزة.
وأخيراً وليس آخراً: التأكيد الرسمي المعلن على حق م.ت.ف. والسلطة الفلسطينية في إعادة النظر بالتزاماتها وفقاً للاتفاقيات المبرمة، والبدء بخطوات عملية مدروسة على هذا الصعيد سيما في المجالين الأمني والاقتصادي، وذلك درءاً لمخاطر استمرار فرض التعايش مع احتلال زهيد الكلفة لجيشه، ومدرار العائد لخزينة دولته.
لا يجوز أن يبقى الانقسام ذريعة للتهرب أو التنصل من معالجة عدد من القضايا التي تمس الحياة اليومية للمواطنين في الأراضي الفلسطينية من جهة، والسعي الدائب، من جهة أخرى، لضمان سلامة اللاجئين من أبناء شعبنا في البلدان العربية الشقيقة وصون حقوقهم المدنية والانسانية. هذا دون أن ننسى القضايا المتعلقة بتفعيل مؤسسات م.ت.ف. وسد الفراغ الناجم عن غياب الرقابة على أجهزة مؤسسات السلطة الوطنية بسبب شلل المجلس التشريعي.
حيث يضيق المجال لتناول هذه العناوين الحيوية بما تستحقه من اهتمام ننتقل فوراً – وبإشارة سريعة – إلى ملف الحريات العامةالتي تدهورت إلى حد مقلق في الفترة الأخيرة، سواء في قطاع غزة أو الضفة، والتي نطالب من على هذا المنبر بضرورة وضع حد نهائي للتجاوزات والانتهاكات التي يجري تبريرها زوراً بذريعة الانقسام ومنطقه المقيت.
في كل ما سبق، بإمكان المجلس المركزي أن يقر توجهات، كما بوسعه أن يعتمد توصيات، تطبق بهذا القدر أو ذاك تبعاً للأوضاع التي تتشكل بعد انفضاض أعماله. غير أن هذا التقليد – إذا جاز التعبير – لا يمكن أن يسري على قضية بالأهمية المحورية التي تعود إلى مسألة بمكانة إنهاء الانقسام التي لا يمكن أن يستقيم الأداء الوطني بدونها في إطار استراتيجية العمل المعتمدة مهما كانت مفرداتها.. حيث يصبح المطلوب من هذا المجلس المركزي أن يتخذ قرارات نافذة وذات طابع ملزم تحال للمتابعة والتطبيق إلى المستوى التنفيذي الأول في نظامنا السياسي، أي إلى اللجنة التنفيذية التي تصبح معنية – والحال هكذا – بتقديم كشف حساب عن هذا الجانب، والذي نأمل بحرارة أن يقتصر على الانجازات المحققة، إلى الدورة القادمة للمجلس المركزي.