الجمعة: 20/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

اضرابات وتحركات العاملين في القطاع الحكومي الفلسطيني بين النقابي المطلبي والسياسي

نشر بتاريخ: 03/09/2006 ( آخر تحديث: 03/09/2006 الساعة: 14:52 )
بقلم الكاتب الصحافي حسن عبدالله - ستة شهور والعاملون في القطاع الحكومي لم يتقاضوا رواتبهم، الامرالذي فاقم الازمة الاقتصادية التي يعاني منها الفلسطينيون جراء استمرار الاحتلال. لكن اللافت هنا انه لاول مرة يعلن المعلمون الاضراب مع بدء العام الدراسي، حيث لم تفتح المدارس ابوابها في الموعد الذي كان محددا لذلك، وبالتالي فان مصير العام الدراسي في الضفة والقطاع سيرتبط بصرف او عدم صرف الرواتب الخاصة بالمعلمين والفنيين وجميع العاملين في سلك التربية والتعليم.
ومعلوم ان قضية الرواتب ليست مقتصرة على المعلمين بل على العاملين في الوزارات والمؤسسات الحكومية كافه ، الذين نفذوا بدورهم اضرابات متقطعة في الايام القليلة الماضية، بيد ان اضراب المعلمين سيكون الاكثر تأثيرا، نظرا لانعكاساته على ما يقارب المليون طالب وطالبة.

الاضرابات والتحركات الاحتجاجية التي باتت مظهرا مألوفا ويوميا في المناطق الفلسطينية والمطالبة بصرف الرواتب، اخذ يحملها البعض اكثر مما تحتمل من خلال تسييسها وتوجيهها ضد الحكومة، من منطلق ان حكومة لا تستطيع صرف رواتب العاملين في وزاراتها هي حكومة فاشلة ويجب ان لا تستمر.

ومن الواضح ان عملية التسييس هذه تخلط ما بين النقابي المطلبي والسياسي، لان الحكومة الفلسطينية الحالية ليست مسؤولة عن الحصار الذي تمارسه اسرائيل وامريكا وبعض الاطراف الاوروبية بهدف الضغط على الحكومة واسقاطها. لكن واستنادا الى الكثير من المراقبين والمحللين، يؤخذ على هذه الحكومة انها ومنذ البداية استبقت الامور واعطت وعودا بقرب حل ازمة الرواتب، واكدت قدرتها على فعل ذلك بطرقها الخاصة، لتأتي التطورات وتبرهن ان هناك تسرعا في اطلاق الوعود كونها افتقرت الى قراءة دقيقة للواقع.

ويمكن القول في اطار التسييس المبالغ فيه للتحركات المطلبية، ان حركتي فتح وحماس تبالغان في التسييس، فالاولى من خلال وضعها المشكلة جميعها في سلة الحكومة. والثانية اي حماس، من خلال تصغير القضايا المطلبية، والنظر بريبة الى اي تحرك، والاكتفاء بالدعوة الى الصبر.

فلا الموقف الاول اصاب الحقيقه ، ولا الموقف الثاني. فالحكومة الفلسطينية التي يزج بوزارائها ونوابها في الاعتقال وتحاصر دوليا في محاولة للالتفاف على ما افرزته الانتخابات الفلسطينية، ليست مسؤولة عن حصار الشعب الفلسطيني لانها جزء منه، وبالتالي هي محاصرة. ولايجوز في المقابل لهذه الحكومة التقليل من معاناة الناس، وعدم تقدير حجم معاناة اب لا يجد في جيبه ثمن شراء بضعة كتب و كراسات مدرسية لطفله، او حتى ثمن شراء حذاء جديد له، اضافة الى عدم القدرة على دفع فواتير المياه والكهرباء وحتى ان بعض الموظفين اصبحوا معدمين ولايملكون اجرة التنقل من البيت الى المؤسسة الحكوميه.

ان الضغوط الاقتصادية الممارسة على الفلسطينيين تحمل اهدافا سياسية من الاطراف الضاغطة، اهمها اسقاط الحكومة وضرب قوة المثال في المنطقة العربية، بحيث لا تتجرأ الشعوب على انتخاب نواب يخرجون عن مقاسات امريكا واسرائيل والدول الاوروبية. لكن لايجوز لنا نحن الفلسطينيين ان نتماهى مع هذه الاهداف وان نسيس التحركات المطلبية في الاطار الذي ترغبه اسرائيل وامريكا. وامام هذا فان سؤالا يطرح نفسه، هل يمكن لنا ان نفصل النقابي والمطلبي فصلا تعسفيا عن السياسي كما كان يفعل الاقتصاديون الروس في سنوات ما قبل الثورة الاشتراكية؟، الجواب كلا فالنقابي لا يجوز فصله عن السياسي، بيد ان الازمة الاقتصادية هنا مرتبطة باطراف دولية وبجهات خارجية. اذن كيف يمكن التصرف ازاء ذلك؟!
اعتقد ان التعامل مع القضية في اطارها وفي حدودها وضمن مقاساتها يشكل جزء من الرؤيه. فالمطلوب عدم تحميل الحكومة اسباب الازمة الاقتصادية لانها حقيقة ليست مسؤولة عنها. وانما يجب محاسبة الحكومة ديمقراطيا ومن خلال المؤسسات وعلى المدى القريب و البعيد من خلال صندوق الاقتراع انطلاقا من خاصنا الفلسطيني وليس من اشتراطات الاخرين، على كيفية معالجتها للازمة وعلى اية اخفاقات في التعامل معها ولماذا لم تجترح وسائل ابداعية والاكتفاء بالتوصيف ، وهذا بالطبع يتم في الاطار المؤسساتي والديمقراطي وليس من خلال انقلابات ..