خلال ندوة نظمها مركز "مدار" :بركة يقول ان قدرات إسرائيل على الإيذاء لا تزال مثبتة
نشر بتاريخ: 03/09/2006 ( آخر تحديث: 03/09/2006 الساعة: 16:52 )
رام الله -معا- دعا النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إلى تقنين النشوة والتريث في تقديرات قدرات إسرائيل في أعقاب الحرب على لبنان، لأن قوة إسرائيل على الإيذاء لا تزال مثبتة، وهذا ما قد نشهده مستقبلا في حال تبدلت القيادة، أو أن تقرر القيادة الحالية السعي لإثبات قدراتها.
جاء هذا في الندوة التي عقدها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، "مدار"، في رام الله يوم أمس السبت، شارك فيها إلى جانب النائب بركة، الصحفي والناقد أنطوان شلحت، والباحث فادي نحاس، وأدار الندوة المدير العام لمركز "مدار"، الدكتور مفيد قسوم، وبحضور جمهرة كبيرة من الباحثين والمحللين السياسيين والمسؤولين في أجهزة السلطة الفلسطينية وعدد من الفصائل الفلسطينية.
وقال بركة في كلمته:" إذا كان هناك من يعوّل على التحقيقات في إسرائيل حول مجريات الحرب، فالأمر الثابت هو أن أهم استخلاصات هذه التحقيقات هو أن على إسرائيل أن تكون أكثر عدوانية في أكثر من مفهوم، فأي قيادة ستأتي بعد هذه القيادة ستبادر لمزيد من التصعيد في السعي لإثبات قوة إسرائيل".
واضاف بركة:" إن هذا ما نراه منذ الآن في طلب زيادة ميزانية الجيش بثلاثين مليار شيكل (6,7 مليار دولار) في السنوات الثلاث القادمة، من أجل تعزيز قوة الجيش أكثر، واستعداد لحروب مستقبلية تخطط لها إسرائيل".
وأشار بركة إلى ست نقاط كمعالم أساسية بعد الحرب على لبنان من ناحية إسرائيل، أولا: هناك نقاش داخلي في إسرائيل حول الأولويات الاستراتيجية، وهذا ما قرأناه أيضا لدى زئيف شيف، الذي قال في مقال له، أنه آن الأوان لإحداث انقلاب في التفكير الاستراتيجي في إسرائيل، داعيا إلى أن لا تكون القضية الفلسطينية على رأس أولويات إسرائيل، وإنما المشروع النووي الإيراني، وهذا يشير إلى محاولات إسرائيل لاستبعاد أولويات القضية الفلسطينية كعنصر أساسي وأول للصراع في المنطقة.
ثانيا: إن إسرائيل تعلن أنها أرادت من هذه الحرب على لبنان إعادة تأهيل قوة الردع لديها، التي تراجعت بعد الانسحاب من جنوب لبنان في أيار العام 2000، ولكن ما هو واضح أن إسرائيل لا تريد إعادة ترميم قوة ردعها أمام حزب الله وإنما أمام الفلسطينيين، وهي تريد من خلال العدوان على لبنان، ان تعرض مدى قدرتها على الإيذاء.ثالثاً: لأول مرّة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي هناك موقف عربي يجاهر بإدانة طرف عربي يواجه إسرائيل وهذا لم يحصل في السابق. ورابعا: هناك من يعلن ان الحرب على لبنان ألغت ما يسمى بـ "خطة التجميع"، المبنية بالأساس على الاحتفاظ على أكثر ما يمكن من الأرض وأقل ما يمكن من الفلسطينيين، ولكن هذا ليس صحيحا، لأن هذه الخطة هي قيد التنفيذ ونحن نرى هذا من خلال مواصلة بناء جدار الفصل العنصري، وتوسيع الاستيطان في الكتل الاستيطانية.
فخطة التجميع ليست نزوة أولمرتية، وإنما تجسيد لفكر استراتيجي، وهي كما خطة "فك الارتباط" حل الوسط التاريخي بين قطبي الحركة الصهيونية.
وخامسا: إن أولويات الميزانية في إسرائيل ستتغير لتمول الميزانية والميزانيات القادمة خسائر ومصاريف الحرب على لبنان. وسادسا: على الرغم من كل ما نسمعه حول الأزمة السياسية في إسرائيل فإن الحكومة الحالية لن تسقط، وبشكل خاص لن تسقط على خلفية الحرب على لبنان، وإذا ما سقطت بعد عام فإن هذا سيكون على خلفية فضائح الفساد.
وحول انعكاسات نتائج الحرب على لبنان على القضية الفلسطينية، قال بركة، إن مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس محكوما لنتائج الحرب على لبنان، وإنما لمعطيات خاص أخرى، وهي الأوضاع الداخلية على الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية وموازين القوة في العالم.
واضاف بركة، إن مواجهة إسرائيل تتطلب الإجابة على سؤال هام، وهو ما إذا الصراع في المنطقة هو صراع وجود، أم صراع تحرير، فإسرائيل تريد للصراع ان يكون صراع وجود للسعي إلى التخلص من أكثر ما يمكن من الفلسطينيين من وطنهم، والسيطرة على أكثر ما يمكن من الأرض.
وتابع بركة، بالنسبة للفلسطينيين يجب ان تكون هذه معركة تحرير، وليس التماشي مع التمنيات الإسرائيلية، يجب أن لا تكون لجدينا مصلحة في عرض القضية كقضية وجود، فإقامة دولة فلسطينية وفق الحل التاريخي الذي اقره الشعب الفلسطيني يلقى تأييداً أكثر لدى الرأي العام العالمي.
واوضح بركة، انه يجب أن يكون لدينا برنامج سياسي وليس مجرد رؤية سياسيا، برنامج سياسي يخرج للعام ويحاصر إسرائيل في الأسرة الدولية، وأشار إلى أن إسرائيل تقول إنه بالإمكان فحص المبادرة السعودية بصيغتها الأصلية، وليس بعد أن تحولت إلى مبادرة عربية، توضح فيها أكثر جانب حق العودة للفلسطينيين.
وقال بركة، إن إختراق الساحة الدولية بمشروع سياسي هو التحدي الأكبر أمام الفلسطينيين في هذه المرحلة لكسر الجمود الذي تفرضه إسرائيل كونها معنية به.
الأوضاع السياسية والفشل العسكري:
هذا وقدم الصحفي والناقد أنطوان شلحت مداخلة حول الأوضاع السياسية في إسرائيل في أعقاب الحرب على لبنان.
وقال إن الحكومة الإسرائيلية رضخت إلى مطالب الجيش، ولم تتصرف كحكومة مدنية، وهذا هو النهج المتبع في حكومات إسرائيل باستثناء أربع حالات في تاريخ إسرائيل أقدم فيها رؤساء الحكومات على خطوات ذات طابع استراتيجي خلافا لرأي قيادة الجيش في كل واحدة من هذه الحالات.
وتابع شلحت قائلا، إن هذه الحالات الأربع كانت حينما قرر رئيس الحكومة مناحيم بيغن الانسحاب من صحراء سيناء المصرية، والحالة الثانية حينما قرر رئيس الحكومة يتسحاق رابين التوجه إلى مسار أوسلو، والثالثة حينما قرر رئيس الحكومة إيهود براك الانسحاب من جنوب لبنان في أيار/ مايو العام 2000، والحالة الرابعة والأخيرة حتى الآن، كان حينما قرر رئيس الحكومة أريئيل شارون الانسحاب من داخل قطاع غزة.
وأشار شلحت إلى أن الأزمة السياسية الحاصلة في إسرائيل نابعة من أزمة "الأيديولوجية الصهيونية"، وانهيار الأيديولوجيات في إسرائيل، وهذا الأمر انعكس ليس فقط بعد ظهور نتائج الحرب على لبنان، وإنما في نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة، حين فاز حزب "الليكود"، والذي اعلن أنه حزب وسط، ولكنه فعليا حزب يميني، وليس لديه موصفات أحزاب الوسط المعروفة.
وقال شلحت إن الساحة الإسرائيلية شعرت بخيبة أمل أمريكية من الاداء الإسرائيلي العسكري في الحرب على لبنان، حيث كانت توقعات الولايات المتحدة أكثر بكثير من النتائج الحاصلة.
وحول الحلبة الحزبية والسياسية في إسرائيل، قال شلحت، إن نتائج الحرب والنقاش الصاخب الذي تلى الحرب ينعكس مباشرة على الأحزاب في إسرائيل، ولكن بشكل خاص على حزب "العمل" الذي يتخبط في مواقفه بسبب دور رئيس الحزب، وزير الأمن عمير بيرتس، الذي هو أيضا بات يتقلب في مواقفه من تداعيات الحرب، والمثال الأبرز على هذا هو موقفه من إقامة لجنة التحقيق الرسمية، التي بات يؤيدها، رغم ان الوزراء السبعة من الحرب في الحكومة منقسمون في رأيهم بين مؤيد ومعارض. واستبعد شلحت انهيارا سريعا للحكومة الحالية جراء نتائج الحرب.
وقدم الباحث فادي نحاس مداخلة حول الاداء العسكري الإسرائيلي في الحرب على لبنان، فقال إن فشل الهجوم العسكري الإسرائيلي اثبت منذ الساعات الأولى للحرب، ومنذ تلك اللحظة بدى واضحا تعثر الإداء العسكري الإسرائيلي.
وقال نحاس :"إن إسرائيل تفاجأت بالقوة العسكرية لدى حزب الله الذي اعتمد السرية في ادائه العسكري، ونجح في فرض معادلات جديدة في قوانين الحرب بين العرب وإسرائيل، بحيث أنه ضرب العمق الإسرائيلي بقدر ضرب إسرائيل للعمق اللبناني، بغض النظر على حجم الضرر بين الجانبين".
كذلك فإن إسرائيل فشلت في حسم المعركة من الجو كما توهمت بداية، وفشل أيضا طابع الرد التقليدي لديها في حروبها ضد العرب، وكل هذا أدى إلى فشل إسرائيل في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها لنفسها في بداية الحرب.