السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

" الموظفون" في الارض .. عيل الصبر !!

نشر بتاريخ: 04/09/2006 ( آخر تحديث: 04/09/2006 الساعة: 10:26 )
بيت لحم- معا- كتب المحرر السياسي- في اليوم الثالث من الاضراب الشامل الذي اعلنه نحو "165" الف موظف هم مجموع موظفي القطاع العام، مطالبين برواتبهم التي انقطعت منذ أكثر من ستة أشهر، تزداد حدة الأسئلة المطروحة، حول المدى الذي سيبلغه هذا الاضراب، والتداعيات المترتبة عنه، على كافة مفاصل الحياة اليومية للمواطن المثقل بالهموم والتحديات والاوجاع، والطريقة التي سيتعامل بها المسؤولون "حكومة ورئاسة" مع حالة الشلل التي تضرب المؤسسة الفلسطينية وسط حالة من العوز والجوع والنقص في الانفس والثمرات.

صحيح ان الاضراب يشل حياة المواطنين ويضاعف معاناتهم، لكن الصحيح ايضاً ان الموظفين ما كانوا ليلجأوا الى هذا السلاح والذي يصفه معارضو الاضراب في سياق السجال الدائر بين الحكومة والرئاسة بـ "غير التقليدي الذي يستهدف اسقاط الحكومة"، لولا ان عضهم الجوع، وعض أبناءهم، ومس كرامتهم، جراء ما أصابهم من إهانة كبيرة نجمت عن قلة ذات اليد، والعجز عن الوفاء بأبسط متطلبات الحياة اليومية لاطفالهم، الذين صبروا ستة أشهر كاملة لم يروا خلالها بارقة أمل واحدة تلوح في الافق، بل مزيداً من الاجراءات التضييقية على كافة الصعد، ما دفعهم الى الخيار الصعب، ضد ولي الامر " حكومة ورئاسة" لحمله على تدبر امره في ايجاد المخارج المناسبة لهذه الازمة التي تعصف بالوطن، وهي أزمة اذا ما تركت دون علاج ستكون مرشحه الى تفاقم لا يعلم الا الله المدى الذي ستبلغه، او الانعكاسات السلبية التي قد تترتب عليها، لتصيب بنية المجتمع الفلسطيني، ونسيجه الذي ظل عصياً على "النكث" طيلة سنوات النضال الطويلة الماضية، رغم ما واكبها من تحديات وصعوبات ظل خلالها المواطن امنا على قوته وقوت عياله .

واذا كان خروج الموظفين الجائعين، الصابرين المعذبين في الارض، اجراء طبيعياً لمن لم يجد قوته وقوت عياله، فإن الطبيعي ايضاً ان يشكل مثل هذا المشهد الذي ينفطر له القلب وتهتز له النفس من اقطارها، حافزاً اضافياً للسلطة " حكومة ورئاسة" لان تلتقي على كلمة سواء تقصر فيها من عمر الاضراب، وتوسع بها على الموظفين سبل حياتهم وتحفظ لهم كرامتهم، وتقدم لهم حلولاً بدل ان تزيدهم احباطا على احباطهم وتسد السبل في وجوههم.

لقد عيل صبر الموظفين الكاظمين الغيظ والصابرين على "اللاواء" من كآبة المنظر وسوء المنقلب التي آلت اليها احوالهم وتغيرت فيها حياتهم, حتى غلبهم الدين وضاقت عليهم الارض بما رحبت.

اما وقد لم يبق في قوس صبر الموظفين منزع من ضيق الحال وسوء المأل فلا اقل والحال يغني عن السؤال ان نسارع الى اجتراح وسائل عبر صيغ توافقية وطنية تتجاوز المصالح الحزبية الضيقة، تكفل كسر الاستعصاء الحكومي ذي اللون الواحد لصالح كافة الوان الطيف الوطني التي لا تستطيع اعفاء نفسها من مسؤولية الانحباس المالي والسياسي، بالجلوس في مقاعد المتفرجين حتى تسقط الحكومة تحت وقع الاضرابات وصرخات الجوعى.. فالشرر ان تطاير سيطال كل من يهمه او لا يهمه الامر، فكبير النار من مستصغر الشرر.