الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

المطارد المعتقل باسم التميمي- زوج أسيرة وشقيق شهيدة

نشر بتاريخ: 26/03/2011 ( آخر تحديث: 27/03/2011 الساعة: 08:19 )
رام الله- معا- لم يكن باسم التميمي يعلم أن التخطيط لإجراء مقابلة صحافية مع مراسل وكالة "معا" في رام الله فراس طنينة، ستكون آخر مقابلة يجريها قبل اعتقاله، فتم التخطيط عبر الهاتف للمقابلة، والالتقاء في الشارع وتغيير المكان أكثر من مرة عبر الهاتف خوفاً من أن يكون هاتفه مراقباً من قبل الاحتلال.

وفي اليوم التالي لاجراء المقابلة، ذهب باسم التميمي إلى قريته النبي صالح شمال رام الله لمقابلة القنصل الفرنسي في القرية، ولكنه لم يكن يدري أن قوات إسرائيلية خاصة كانت تنتظره، فانقضت عليه بمجرد أن خرج من منزله.

التقيت باسم في مقهى شعبي وسط مدينة رام لله، فكان شاباً مثقفاً واعياً، وأكد أنه علم أنه مطارد لتواجده بالصدفة خارج منزله، يوم اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنزله، بعد أن اقتحموا منزل ناجي التميمي ابن عمه واعتقلوه، وسألوا زوجة باسم عنه.

الغريب أن المخابرات الإسرائيلية اتصلت هاتفياً على الهاتف الخليوي لباسم واخبرته أنه مطلوب لقوات الاحتلال وأن عليه تسليم نفسه، ولكنه رفض أن يسلم نفسه للاحتلال كونه عانى من الاعتقال عشر مرات.

باسم التميمي الذي واجه القضاء الإسرائيلي مراراً، يؤكد عدم ثقته المطلقة بهذا القضاء، ويعتبر أن المحكمة الإسرائيلية هي شكل من أشكال الاحتلال، كما هي المستوطنة أو الحاجز، وكونه اعتقل (10) مرات في اغلبها كان اعتقاله إداريا، ومترجمة المحكمة هي من قتلت اخته بدم بارد.

وخلال مسيرة اعتقاله الطويلة، أصيب باسم التميمي بالشلل جراء الأساليب غير الإنسانية التي يتبعها المحقق بغية انتزاع الاعترافات.

باسم اكد أن قوات الاحتلال اعتقلت سبعة أطفال دون سن (15) عاماً من القرية، وذلك جاء لدفعهم بالقوة والعنف للاعتراف علينا، قائلا: لقد وضعوا اسمي شخصيا وبعض زملائي على ألسنة الأطفال والتهمة "أننا ننظم اعتصامات ومسيرات".

ولم تقف معاناة باسم قبل اعتقاله عند مطاردته من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، بل إن ابنه الأكبر (14) عاماً، الذي يدرس في مدرسة القرية، يعاني من ظروف نفسية صعبة، جراء اعتقال مجموعة من زملائه في الصف الدراسي، ووجود خمسة من زملائه أيضاً عليهم اعترافات، فبات يعاني من تدني المستوى التعليمي، كون غالبية طلاب الصف باتوا من المطاردين والمطلوبين، ودخل في حالة ارباك نفسي واجتماعي، وبات يتقمص الدور بأنه مطلوب وأنه بات مناضلاً، وهو ما يعني أنه كلما اقتحمت قوات الاحتلال البلدة ترتفع معدلات الارتباك في البيت.

أما أصغر الأطفال فهو ذو الأعوام الخمسة، وهو الآخر بات يعاني من ظروف صعبة، فهو يرفض إلا أن ينام بجوار والدته، ويرفض النوم لوحده نتيجة شعوره بالخوف وعدم الأمان.

وقال باسم: على المستوى الانساني ونتيجة المعاناة المتواصلة من هذا الاحتلال، انا اعيش في اسرة، وحيد الام والاب، وتوفي والدي قبل خمس سنوات، ونتاج ما تتعرض له القرية من معاناة، كان لي نصيب من هذه المعاناة، حيث اعتقلت زوجتي لمدة عشرة ايام، ما أدى إلى أزمة لأطفالي وصيب أحد أبنائي برصاص الاحتلال ما فاقم المعاناة.

الاحتلال الإسرائيلي لم يكن يطارد باسم فقط، بل إنه اعتقل زوجته لمدة عشرة أيام، وما يثير المشاعر أن باسم كان يصحو على صوت والدته وهي تصلي الفجر وتدعو الله، لكنها كانت تخطىء بين اسم زوجته وشقيقته الشهيدة.

مخاوف باسم من الاعتقال ليست خوفاً من المحتل، بل لأنه يدرك حجم المشكلة التي ستقع بها والدته، على اعتبار أنه ابنها الوحيد، وكونه الذكر في النظام المجتمعي الفلسطيني وهو الضمان الاجتماعي، فهي باتت تشعر وهي بهذا العمر بأن ضمانها الاجتماعي أصابه الخلل، وهي تتوقع أن يزج به في السجن، وتساءل إن كانت ستكون على قيد الحياة حتى خروجه من السجن.

كما كان يقلق باسم من مستقبل أطفاله والتوتر الذي بدأ يؤثر على حياتهم نتاج الاقتحامات الاسرائيلية، ونتاج خوفهم على والدهم ونتاج خوفهم على مستقبلهم، إضافة إلى معاناة زوجته في قدرتها على إدارة البيت في ظل غياب مركزية الرجل حسب الثقافة الشرقية، لوجود مشكلة على المستوى النفسي والاجتماعي والمادي، كون مطاردة الاحتلال تعني أعباء أخرى على الأسرة في ظل غياب رب الأسرة عن البيت.

إيمان باسم التميمي بالقضية الفلسطينية هو الذي جعله يستعد للتضحية، وهذه المعاناة جعلته لا يرى أولاده إلا مرة واحدة منذ بدء مطاردته لمدة أسبوعين، فجاءوا إلى رام الله، والتقى بهم في الشارع، لأنه لا يملك بيتاً ثابتاً ويتنقل خشية تعرضه للاعتقال.