السبت: 05/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

نشر ثقافة التسامح ضرورة إنسانية وتتطلب تكامل الجهود الشعبية والرسمية

نشر بتاريخ: 31/03/2011 ( آخر تحديث: 31/03/2011 الساعة: 22:34 )
رام الله – معا -اجمع المشاركون في عدد من الورش التدريبية التي عقدها مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان ، وبتمويل من صندوق الأمم المتحدة للإنماء والديمقراطية ، في كل من ( الجامعة الأمريكية – جنين / كلية فلسطين التقنية العروب – الخليل، جمعية سلفيت للتنمية (سراج )، على ان بناء مجتمع متسامح يتطلب الوقوف وقفة واحدة لتحمل كل فرد مسؤولياته تجاه تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان وخاصة ثقافة التسامح والمساواة في كافة القوانين واللوائح والانظمة الادارية والمؤسساتية ، وايضا في سلوك وتصرف الشعب بكل فئاته ، حتى نصل إلى مجتمع مثقف متسامح موحد يحترم ذاته ويحترم راي الآخرين.

دعا المشاركون إلى ضرورة نبذ التعصب ومحاربة النظرة المقولبة ، وعدم التقليل من قدرات الآخرين ، والى ضرورة محاربة النظرة الاجتماعية الرجعية والتي تنظر إلى الفئات الأخرى في المجتمع وخاصة الأقل حظا كالمرأة والمهمشين نظرة استعلاء، وكذلك دعوا الى وجوب تبني لغة تحارب كل شكل من أشكال التمييز ضد أفراد المجتمع ، وكذلك عدم التقليل من شان ذوي الحاجات الخاصة ، واحترام خصوصية ذوي الأقليات الدينية والثقافية ، والعمل على دعمهم وإعطائهم فرص متساوية مع غيرهم من أفراد المجتمع ، ووجوب تبني القيم الانسانية التي تحمي الانسان جسدا ونفسا وتصون كرامته ، وتمت الدعوة الى وجوب محاربة وإلغاء جميع القيود التي تقلل وتقيد الأقليات ، وكذلك العمل على إيجاد مساحة اكبر من المشاركة للمرأة والأقليات داخل المجتمع ، وفتح جميع المجالات أمامهم للمشاركة واخذ فرصتهم ، ووجوب السماح لهم بممارسة جميع أنشطتهم بكل حرية واستقلالية .
وقد نظمت هذه الورش من قبل " مركز رام الله لدراسات حقوق الانسان " وهذه الورش هي من ضمن نشاطات المركز والممولة من قبل صندوق الامم المتحدة للديمقراطية ، والتي تسعى الى ترسيخ وتعزيز ثقافة ومفاهيم حقوق الانسان في المجتمع الفلسطيني.

وجرى عقد هذه الورش في مقرات كل من الجامعة الأمريكية – جنين / كلية فلسطين التقنية العروب – الخليل/ جمعية سلفيت للتنمية (سراج ) –، وحضرها مجموعة من الشباب من فئات عمرية وثقافية وبيئية مختلفة – والذين ناقشوا خلال هذه الورش ، مفهوم التسامح، وكذلك تمت مناقشة الاتفاقات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق المرأة والطفل والأقليات الدينية وذوي الاحتياجات الخاصة، وأهمية دور مؤسسات المجتمع المدني في العمل على ترسيخ فكرة التسامح بين أفراد المجتمع ومراقبتها التامة لتطبيق مواثيق حقوق الإنسان " وخاصة المتعلقة بالتسامح والمساواة" على صعيد المجتمع ، والذي سرعان ما يغيب هذا التسامح نتيجة الأزمات والنزاعات والصراعات الحزبية والسياسية أو العشائرية في المجتمع،أو الحروب في العالم ، أو بسبب بروز المصالح السياسية والتحالفات التي تعقد مع بعض القوى التقليدية والتي تهمش كثيرا من الأطراف وتقلل من شانهم .

وناقش الحضور مفهوم التسامح في فلسطين ، وخصوصا في ظل انتهاكات الاحتلال المتكررة لحقوق الإنسان ، وكذلك النظرة الاجتماعية الضيقة التي يعاني منها قطاع كبير من المجتمع الفلسطيني تجاه المرأة والأقليات الدينية أو الاثنية ، وكذلك ناقش الحضور اثر وسائل الإعلام في بناء جسور الثقة والتسامح بين أفراد المجتمع ، وركز المشاركون على ضرورة إلغاء جميع النظرات العنصرية في المجتمع والعمل على محاربتها عن طريق المناهج التعليمية ووسائل الإعلام وحتى حث رجال الدين في المساجد والكنائس على إبراز قيم التسامح بين الناس.

كما عرض المشاركون مجموعة من المفاهيم المنبثقة عن اهم المواثيق الدولية الصادرة عن هيئة الامم المتحدة مثل الإعلان العالمي لحقوق المرأة ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والسكانية ، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، والبروتوكول الأول والثاني للعهدين ، والاتفاقات والاعلانات العالمية والاقليمية الخاصة بحقوق الطفل وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ، والأقليات على اعتبار أنها أهم الأسس لبناء مجتمع متسامح ينظر إلى بعضه البعض على قدم المؤاخاةوالمساواة .

وهدفت الورش إلى نشر مفاهيم التسامح والمساواة ، وما ارتبط بها من قيم ومباديء ، في مجال حقوق المرأة والطفل والأقليات وجعل ذلك كله جزء من ثقافة الشباب الفلسطيني ، وان يكون له انعكاس ايجابي على حياتهم وسلوكهم ، وان تصبح هذه المفاهيم جزء من ممارستهم الحياتية واليومية ، وصولا الى غرس هذه المفاهيم والقيم والمباديء في حياة ابناء الشعب الفلسطيني كافة ، من خلال ايمان كل فرد بحقوقه الإنسانية وان كل إنسان بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو دينه وسواء كان صغيرا أم كبيرا ، سليما أم من ذوي الاحتياجات الخاصة ، والعمل على ايجادها في المجتمع كاملة غير منقوصة.

كما بين الحضور أن المسؤولية في نشر مفاهيم ومباديء حقوق الانسان والحقوق المدنية للافراد وما يرتبط بها من مباديء ، تقع على عاتق الدولة اولا ، ثم الافراد ثانيا ، ثم المؤسسات ثالثا وخاصة مؤسسات المجتمع المدني.

وقد اظهرت الورش مجموعة من الحقائق ، اهمها ، ان حقوق الانسان ، وما ارتبط بها من حقوق المهمشين ، هي حقوق متاصلة في طبيعتنا البشرية ، ولا يمكن بحال من الاحوال تجزءتها او نفيها لما تعنيه من الحرية والمساواة في الكرامة وحقوق بين بني البشر ومن جهة اخرى اظهر المشاركون أننا مازلنا عاجزين عن نشر مفاهيم التسامح بشكل كبير وواسع في المجتمع وجعلها ثقافة بين الشعب الفلسطيني بشكل لائق وتام ، لعدة اسباب ، اهمها ، النظرة الاجتماعية التقليدية ، أو الثقافة الدينية السائدة في بعض قطاعات المجتمع ، مع غياب التوعية الحقيقية وخاصة في المناهج التعليمية ووسائل الإعلام حول هذه المواضيع .

كما اشارت الى اهمية اجراء مراجعة سواء على مستوى الافراد ، او السلطة، او القوى السياسية ، او المؤسسات ، والتي مازالت عاجزة عن نشر ثقافة التسامح بشكلها الحقيقي ، فلابد من مراجعة الاليات من قبل هذه الفئات حتى نستطيع ان نصل الى وجود اليات تعمل على بناء الفرد الفلسطيني وتنشئته اجتماعيا واسريا وثقافيا تنشئة تجعله يمارس بحق القيم الانسانية التي تحمي الحقوق الذاتية والجماعية لمجتمعه الذي يعيش فيه وينتمي اليه.

واوصى المشاركون بضرورة ممارسة كل فرد دوره الانساني في نشر ثقافة التسامح وخاصة حقوق المرأة والأقليات وذوي الاحتياجات الخاصة ، والعمل على نشر هذه الثقافة في المدارس والجامعات ، وجعلها جزء من التربية الوطنية ، حتى تصبح اصلا في جميع مجالات الحياة ، لانها توصل الى ترسيخ وتعزيز ثقافة الحوار والتسامح ، واهمية ان تاخذ مؤسسات المجتمع المدني دورها وتبذل اقصى جهودها لنشر هذه الثقافة عن طريق حملات التعبئة والتاثير في صناع القرار لتبني برامج وقوانين تصب في في مجال التطور الذي حصل في مجال ترسيخ ثقافة التسامح في المجتمع وأيضا ضرورة التركيز على فئة الشباب في المجتمع الفلسطيني ، عن طريق وضع البرامج والنشاطات واللقاءات ، التي توصلهم الى ترسيخ هذه المفاهيم في نفوسهم ، ومن ثم احداث التغيير المطلوب نحو الحرية والتسامح والمساواة ، والمشاركة الايجابية الفعالة،ونبذ ومحاربة كل القيم والممارسات السلبية .