ورشة عمل: شبان يتسلحون بالإبداع لقهر عطش الأغوار
نشر بتاريخ: 02/04/2011 ( آخر تحديث: 02/04/2011 الساعة: 21:27 )
جنين- معا- أطاح شبان وشابات ظهر اليوم بالعطش الذي تعيشه مدينتهم وتجمعاتهم في طوباس والأغوار. وأمضى المبدعون ثلاث ساعات تقريباً في التعبير عن يومي الأرض والمياه بقالب إبداعي نقل المعاناة وأشار إلى نهب الاحتلال للمياه والأرض.
ونظمت الورشة التي استضافتها وزارة الثقافة في طوباس، مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين ووزارة الإعلام، في إطار التعبير عن يومي الأرض والمياه العالمي بأسلوب إبداعي يعكس الثمن الباهظ الذي يدفعه الفلسطيني بعد انتزاع أرضه وسرقة مياهه.
وكتبت رجاء أبو صلاح قصيدة تساءلت عن المعادلة المقلوبة في المياه، إذ يحرم منها أصحابها، وتمنح لمستوطنين جاءوا من أوروبا. فيما حملت أوراق شذا صوافظة تساؤلات من العيار الثقيل، حين تتبعت سرقة الماء والأرض والهواء والحياة.
وخطت انتصار أبو صلاح أغنية من التراث الشعبي، حفلت بتعبيرات وثقت قصة القرصنة والاستلاب لسر الحياة الفلسطينية. وشقت رنا دراغمة نصوصها بتساؤلات من العيار الثقيل، ومنها" لم تبك سمائي، ولم تصل المياه بستاني."
واتجهت كلمات رحمة شريف إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وفيها دعوة لزيارة بلاد يٌحرم أهلها من مياههم وأرضهم، وينعم بها مستوطنون جاءوا من آخر الدنيا.
واختارت ريشة محمد صوافطة تقديم مفارقة الألوان، فالفاصل في المشهد شجرة زيتون معمرة، يمنها إسرائيلي أخضر، ويسارها اصفر فلسطينيي جففه الاحتلال. الأول المؤقت يرويها بالماء المنهوب، والثاني الدائم يقدم لها دمه. وهي المقارنة ذاتها التي حولها يحيى عويضات في قطرة ماء انقسمت إلى شطري وجه: بائس وعطش، وآخر ضاحك يسرق سر الحياة من أهلها.
واختزلت تغريد فقهاء في لوحاتها حكاية النهب، الذي لم تسلم منه بقايا نهر ضربه الجفاف، لكن الاحتلال أسرع إلى بقعة الماء لإعلانها منطقة إسرائيلية ورفع علم دولته عليها.
وذهبت إسلام مبسلط لتقديم مقارنة ربطت بين عين ماء وأطفال يطاردهم العطش، ولا يستطيعون الوصول للنبع لوقفه. غير أن ولاء دراغمة تساءلت في نصها عن معنى العطش فوق نبع ماء يجري من تحت أقدام أصحابه، لكنه يذهب إلى مستوطنين.
وقص سعد أبو عامر، حكاية معاناته أهالي الفارسية، وكيف أن إيصال المياه إليها بات أمرا محفوفا بالمخاطرة والمنع، فالمستوطنون وجيش الاحتلال لا يكفون عن مطاردة أصحاب الصهاريج الباحثين عن بقايا الأمل.
وتتبع سليمان الجراعي في قصته مقاطع من حوار بين أم وطفلها، الذي لم يستوعب جفاف بيارة برتقال عائلته، لكن السبب ليس ببعيد عن ناظريه، ويأتي من مستعمرة نهبت كل شيء، ولم تشبع.
وقالت تهاني فتحي، إن أطفال الأغوار يحلمون بقطرة ماء، وهذا ليس بالشيء الطبيعي، ويختلفون في ذلك عن نظرائهم في العالم من شرقه إلى غربه.
وروت أحلام سليمان حكايتها الواقعية، وكيف أن عائلتها انطلقت للزراعة لتوفير أقساط تعليمها، ولم يتوقعوا أن يقضي الاحتلال على أملهم في توفير المال، في اللحظة التي قرر فيها الجنود والمستوطنون قطع المياه عن المزرعة، لتجف ويجف أمل أحلام، التي اضطرت للعمل لتوفير ثمن رسوم تعليمها، لكنها قررت دراسة القانون، لتدافع عن حقها.
واختارت الشابة الألمانية آنا بوليك التي رافقت صديقتها الفلسطينية، وبدأت بوليك برسم تلال يعلوها برج للاحتلال، فيما يصعد مستوطنان سرقا كميات مياه كبيرة على ظهريهما من مزارع فلسطين، جفت أشجار برتقاله. تقول: زرت الأغوار، وعشت معاناة أطفالها وأهلها، وتعمدت في اللوحة أن تنساب من العبوات الكبيرة التي سرقها المستوطنان بضع قطرات. لقد أطلقت على لوحتي"امسك حرامي" وحرصت على أن أكتبها باللغة العربية، رغم أنني لا أجيدها، ولا أعرف غير نحو 50 كلمة منها.
تفيد: سأنقل لمواطني برلين، حيث أعيش، ما شاهدته، أنه شيء مرعب بالفعل. صحيح أنني زرت أثيوبيا وتنزانيا وكينيا، وشاهدت الجفاف في تلك البلدان، لكن لا أحد يسرق المياه من تحت أقدام الناس، ويسلبهم حقهم في الشرب وروي المزروعات.
رأت آنا بعينها، كيف أن مستوطنات الأغوار خضراء، فيما تعاني التجمعات الفلسطينية من ندرة المياه وشحها. كما عرفت أن المستوطن الإسرائيلي يستولي على 5 أضعاف ما يحصل عليه المواطن الفلسطيني.
وقال عبد السلام العابد مدير مكتب وزارة الثقافة في طوباس، إن الإبداعات الشابة استطاعت التعبير بذكاء وقوة عن معاناة الواقع الأسود.
فيما أشار مدير فرع الشمال في مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين سامي داوود إلى أن الحياة في الأغوار لا تطاق بالنسبة للفلسطيني، لكن المستوطن الإسرائيلي ينهب سبعة إضعاف ما يحصل عليه الفلسطيني.
وذكر الكاتب الصحافي عبد الباسط خلف إن وزارة الإعلام و مجموعة الهيدرولوجيين ووزارة الثقافة سيطلقون معارض فنية في نابلس وطوباس، للتعبير عن أحلام أطفال وشبان استطاعت إبداعاتهم ترجمة واقع استلاب الاحتلال لقطرات الأمل والحياة، في أخفض بقاع الدنيا.