نشر بتاريخ: 16/07/2005 ( آخر تحديث: 16/07/2005 الساعة: 12:24 )
معا - محمد المنشاوي - لا تزال عمليات ومحاولات تجمل النظم العربية في العاصمة الأمريكية مستمرة بلا توقف، فبعد استخدام الإعلانات المدفوعة في القنوات التلفزيونية والجرائد الأمريكية، إضافة إلى كبريات شركات العلاقات العامة، لجأت بعض الدول العربية خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى استخدام نماذج نسائية ناجحة من دولها في إطار حملاتها المستمرة من أجل الظهور بصورة أفضل في العاصمة الأمريكية. وقامت هذه النماذج النسائية بالتأكيد على حدوث تطورات إيجابية فيما يتعلق بالتقدم في قضايا الإصلاح عموما، وما يتعلق بقضايا المرأة وممارستها لحقوق سياسية وقانونية متزايدة بصورة خاصة.
وفي الوقت الذي تضغط فيه إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش على حكومات الدول العربية، وتطالبها بتطوير آليات للإصلاح تلبي تطلعات مواطنيها خاصة النساء منهم، تتعامل الولايات المتحدة مع كل دولة على حدة فيما تطالبها به بخصوص قضايا الإصلاح. إلا أن هناك مبادئ عامة مثل حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون وحقوق النساء والأقليات تطالب بها الولايات المتحدة كل الدول العربية. وتعتبر قضية حقوق المرأة هي أهم القضايا التي يتم التركيز عليها هنا في واشنطن كمعيار لما يتحقق من خطوات إصلاحية إيجابية في الدول العربية.
ومنذ أن أطلق الرئيس بوش في ديسمبر(كانون الأول) 2002 مبادرته للشراكة الأمريكية - الشرق أوسطية كجزء من التزام الولايات المتحدة بالإصلاح في العالم العربي، كانت قضايا المرأة هي إحدى الدعائم الأربعة للمبادرة بالإضافة إلى الشق السياسي والشق التعليمي والشق الاقتصادي. وقد تم حتى الآن تخصيص 98 مليون دولار من إجمالي 129 مليون دولار التي خصصتها الحكومة الأمريكية للمبادرة لقضايا المرأة.
جهود السعودية
ستتحدث الأميرة السعودية "لولاة الفيصل" أمام معهد الشرق الأوسط في واشنطن الأسبوع القادم عن الخطوات التي تم اتخاذها لتدعيم الفرص التعليمية والمهنية أمام المرأة السعودية. والأميرة السعودية هي من أهم الناشطات السعوديات في مجال تعليم المرأة، وتقوم بجهود كبيرة من أجل منح المرأة السعودية حقوقا أكثر. وستركز الأميرة السعودية على جهود الحكومة السعودية في اتخاذ خطوات جادة لدعم دورا أكبر للمرأة داخل المملكة.
وفي تظاهرة سعودية أخرى خلال مؤتمر عن مستقبل العلاقات السعودية-الأمريكية عقد منذ عدة أسابيع في واشنطن برعاية مشتركة بين صحيفة الشرق الأوسط السعودية ومركز الدراسات الإستراتيجية والدولية
http://www.csis.org ، تحدثت السيدة "عبير مشخص"، وهي صحفية سعودية تعمل بجريدة "عرب نيوز"، عن سوء الفهم الأمريكي لوضع المرأة وقضاياها داخل المملكة السعودية. وانتقدت مشخص الإعلام الأمريكي بشدة قائلة إنه يبالغ في تقييم المجتمع السعودي ويرى العالم طبقا للمعايير الأمريكية، ويجهل العادات والثقافات المختلفة عند الشعوب الأخرى. وأشارت إلى أن الإعلام الأمريكي كان ينظر إلى العرب قبل هجوم 11 سبتمبر(أيلول)، اعتمادا على قصص ألف ليلة وليلة وأفلام هوليوود التي تسئ لهم. وبعد الهجوم، أصبح ينظر إلى العرب وكأنهم كلهم إرهابيون، ويكرهون المرأة. وقالت إن العرب ليسوا مثاليين ولا منزهين عن الخطأ، ، وانه لابد للغرب أن يتحلى بعقل مفتوح يضع في الاعتبار التطورات الدولية والتقارب العالمي. لكن العرب، في نفس الوقت، فخورون بجوانب مضيئة في تاريخهم وثقافتهم، حتى إذا كانت لا تشبه أو تتماشى مع تاريخ الأمريكيين وثقافتهم. وأكدت أن المقياس يجب ألا يكون تفضيل تاريخ وثقافة شعب على تاريخ وثقافة شعب آخر، وإنما لابد من فهم الاختلافات بين الثقافات بدون الحكم عليها. وركزت مشخص على الانجازات المحدودة التي تحصل عليها المرأة السعودية والتي كان من أهمها تعيين 20 سيدة في مناصب دبلوماسية في وزارة الخارجية السعودية للمرة الأولى في تاريخ المملكة.
الجهود المصرية
تمثلت الجهود المصرية في الأسابيع القليلة الماضية في حضور المحامية المصرية المشهورة والناشطة في مجال حقوق الإنسان منى ذو الفقار للعاصمة واشنطن للتحدث عن موضوعات تتعلق بتعزيز الحقوق القانونية للمرأة المصرية تتعلق بتقديم تفسيرات وشروح غير تقليدية للشريعة الإسلامية. وتساءلت منى ذو الفقار في واشنطن "لماذا تستخدم الشريعة لتقييد حرياتنا ولا تستخدم من أجل إطلاقها؟ إنها يمكن أن تصبح مصدرا للتحرير، وفي الواقع فإنها كذلك. فإذا تم شرح النصوص وتفسيرها بشكل صحيح، نجد أنها مصدر للتحرر، ومصدر للمساواة ومصدر للحرية." وطرحت ذو الفقار هذه التساؤلات وأدلت بتلك التصريحات في محاضرة بمعهد الشرق الأوسط، وكررت هذه النقاط العريضة في محاضرة آخري في جمعية المحامين الأمريكيين بواشنطن العاصمة. ومنى ذو الفقار هي أكبر المشرفين على إدارة مكتب الشلقاني للاستشارات القانونية بالقاهرة، وأحد الشركاء المؤسسين للمكتب. وأشارت ذو الفقار في محاضرتها إلى أنها وزملاؤها من الناشطين وجدوا أن الشريعة الإسلامية تعطي المرأة المسلمة الحق في إنهاء عقد الزواج من جانب واحد. ثم أشارت الناشطة المصرية إلى أنها وزملاءها "ناضلنا كثيراً من أجل تغيير القانون، وأفضل ما في تغيير القانون هو أنك حين تناضل من أجل تغييره فإنك تغير الأفكار السائدة أيضاً. إننا ندعو إلى تغيير العادات والتقاليد المتبعة، وبذلك نغير الثقافة السائدة." وقالت منى ذو الفقار إنها شنت حملة ناجحة أخرى من أجل حصول أبناء المصريات المتزوجات من أجانب على الجنسية المصرية. ولكي يتحقق هذا التغيير، سجلت مقابلات مع أبناء المصريات الذين عانوا بسبب عدم حصولهم على الجنسية، ونشرت أشرطة المقابلات في جميع أرجاء البلاد. وقد صدرت قوانين جديدة خاصة بالجنسية في العام 2004. كذلك ركزت ذو الفقار على وجود أول قاضية مصرية بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا "القاضية تهاني الجبالي" منذ 2003.
ودعت الناشطة المصرية الولايات المتحدة إلى ملاحظة ما وصفته بخطوات إيجابية تتخذها الحكومات العربية، بدلا من التدخل سياسيا أو التأييد العلني لجماعات حقوق المرأة. كما شجعت الولايات المتحدة أيضاً على توفير التعليم وفرص العمل في الدول التي تحتاج إلى ذلك. وأكدت منى ذو الفقار على أنه "بمجرد أن يتحسن الوضع الاقتصادي لأي امرأة، فقيرة أو لا حظ لها من التعليم، فإن حياتها تتغير تماماً." وعند ذلك الوقت فقط يمكن أن تصبح المرأة قادرة على الحديث عن المشاركة السياسية حسبما قالت الناشطة المصرية.
جهود الكويت
تمثلت الجهود الكويتية في مظاهرة احتفالية أعقبت منح المرأة الكويتية حق التصويت في بداية الشهر الماضي، وتمثلت هذه المظاهرة في زيارة وفد نسائي كويتي كبير للعاصمة الأمريكية كبير بهدف إطلاع الأمريكيين على طبيعة الصراع الطويل الذي خاضته المرأة الكويتية للحصول على حقوقها طبقا لما ذكرته لولاة الملا رئيسة الوفد. وتزامنت زيارة الوفد النسائي الكويتي زيارة رئيس الوزراء الكويتي للعاصمة واشنطن. وضم الوفد الكويتي كل من: . السيدة لولاة الملا السكرتير العامة المنتدى الاجتماعي والثقافي للمرأة
. السيدة أمل الخالد مديرة التسويق والعلاقات العامة بوكالة الأنباء الكويتية
. السيدة ندى المطوع أستاذة بالجامعة المفتوحة وباحثة في العلوم السياسية
. السيدة عروب الرفاعى مديرة قطاع الموارد الثقافية والعلمية بالمجلس القومي للثقافة والآداب والفنون
وتم خلال مقابلات أعضاء الوفد الكويتي في واشنطن التركيز على الخطوات الأخيرة التي منحت المرأة الكويتية حقوقا سياسية تتمثل في حق التصويت والترشح بعد سنوات من النقاش. وكتبت صحيفة واشنطن بوست Washington Post عن رئيسة الوفد لولاة الملا وعن كفاحها خلال السنوات الأربع والعشرين السابقة من اجل الحصول على حقوق المرأة السياسية، وكتبت الصحيفة بالتفصيل عن جهود الملا في تعبئة فئات كبيرة من المجتمع الكويتي خلال السنوات الماضية بما ساهم في الحصول على الحقوق السياسية للمرأة الكويتية الشهر الماضي. وحاول أعضاء الوفد الكويتي التأكيد على أن منح المرأة حقوقها السياسية يمكن أن يسرع نسق الإصلاحات السياسية والاقتصادية المتعثرة حاليا في الكويت. وكذلك تم إلقاء الضوء على سابقة اختيار أول امرأة لمنصب وزير في تاريخ دولة الكويت، وكان رئيس الوزراء الكويتي قد اختار السيدة معصومة المبارك كوزيرة للتخطيط الشهر الماضي.
هل لهذة الجهود أي صدى؟
ورغم ما تقوم به الحكومات العربية من جهود لدعم حقوق المرأة العربية، كشفت دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة فريدم هاوس Freedom House أنه بالرغم مما تحقق من تقدم في بعض بلدان الشرق الأوسط، فإن النساء هناك لازلن يعانون من التمييز وعدم التمتع بكامل الحقوق القانونية والمدنية. وكانت الدراسة التي تعتبر الأولى من نوعها اشتملت على عرض للوضع المدني والقانوني للنساء في جميع أرجاء الشرق الأوسط.
وهناك عدة حقائق موثقة تجعل من محاولات بعض الحكومات العربية الظهور بمظهر حامل لواء حقوق النساء في واشنطن بدون جدوى، ومن أمثلة هذه الحقائق التي لا تخفى على المختصين في واشنطن بشئون المنطقة:
. عدد البرلمانيات المصريات يبلغ سبعة نساء فقط وكلهم من الحزب الوطني فقط بين مجلس الشعب المكون من 444 عضوا.
. لم تنجح أي امرأة في الانتخابات الأردنية من المرشحات البالغ عددهن 54 وتمثل النساء في البرلمان الأردني ستة نساء فقط تم تعيينهم بالبرلمان بسبب نظام تخصيص مقاعد للنساء.
. لا يحق للمرأة السعودية حتى الآن أن تقود سيارة أو أن تخرج بدون محرم.
. حق حصول المرأة على جواز سفر في معظم الدول العربية ما يزال يستلزم موافقة زوجها أو أبوها. وهذا يتعارض مع مبادئ الحرية والمساواة بالمعايير الأمريكية.
وتوج تقرير ريدم هاوس، وهو بعنوان "حقوق النساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: المواطنة والعدالة"، عملية أبحاث مكثفة على مدى عشرين شهرا قام بها فريق مرموق من العلماء والمحللين وخبراء في حقوق النساء غالبيتهم من دول المنطقة. وخلص التقرير إلى وجود فوارق هامة بين معدل التطور في منح النساء بعض الحقوق السياسية والقانونية بين الدول العربية. وعرضت الدراسة لبعض الصور الايجابية مثل زيادة فرص المرأة في الحصول على الفرص التعليمة.
وتعرض الدراسة تقارير عن كل بلد على حدة وتقديرات كمية وأبحاثا مختلفة تتناول موضوعات بعينها. وقد تبين لفريق الدراسة انه في غالبية البلدان فان النساء محرومات من حقوقهن في كل مؤسسات المجتمعات العربية، مثل جهاز القضاء وقطاعات الاقتصاد والتعليم والرعاية الصحية والإعلام. وفاقم من هذه الفجوة المنهجية بين الجنسين قوانين تعسفية وتقصير في تنفيذ القوانين الحالية التي تهدف إلى ضمان المساواة والإنصاف في المعاملة.
وكشفت الدراسة على أن عدم تكافؤ الجنسين في المنطقة مستشر بفعل حكومات متقاعسة وتقاليد سلطوية، وجميعها تقوض رفع شان النساء مما يترك العديد منهن جاهلات لحقوقهن وغير معدات للدفاع عنها.
نشر الموضوع في تقرير واشنطن