الجمعة: 20/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

يا مدارس يا مدارس... طلبة يسيرون في الاتجاه المعاكس للمدارس.. والسبب الاضراب!!

نشر بتاريخ: 09/09/2006 ( آخر تحديث: 09/09/2006 الساعة: 18:10 )
رام الله- معا- يزن طه- بلباس المدرسة الأزرق، وبيديه الصغيرتين يدفع محمد أبن الأحد عشر ربيعا عربة من أربع عجلات تماما كتلك التي تستخدمها في المحلات الكبيرة، محملة ببعض الأكياس ليوصلها إلى حيث أخبره صاحبها، الذي كان يسير أمامه في شارع السينما المزدحم بالمارة والبائعين والسائقين، في مدينة بيت لحم، في ساعات الصباح الباكر، فبدلا من أن يسير محمد في طريق المدرسة سار في طريق لقمة العيش خلف زبونه، يتلقى تعليمه الجديد من زبونه بدلا من أن يتلقاه من استاذه في المدرسة في مثل هذا الوقت من العام، حيث المفروض تواجده في غرفة صفه الصغيرة وبين من يحب من زملائه وأصدقائه.

يسير والرجل أمامه وبعد مسافة معينة، قف! ضعها هنا، أشار الزبون الى محمد الذي ما توانى عن انزال البضاعة حتى فرغت العربة من حمولتها، خذ هذا أجرك، قال الزبون، وضع النقود في جيبه وأدار عربته وانفك راجعا ليبحث عن زبون جديد، لأن ظروف البلاد فرضت ذلك، حيث الاضراب الذي يعم الاراضي الفلسطينية بسبب انقطاع الرواتب، ما اضطر بعض الطلبة لاكمال عطلتهم الصيفية التي من المفروض انها انتهت مطلع هذا الشهر، ليواصل كل منهم ما كان بدأه في العطلة، من كان يعمل استكمل عمله، ومن كان يمرح استكمل مرحه.

حال محمد هذا ينطبق على حال الكثير من أطفال فلسطين في هذه الايام الذين منعوا من التوجه الى مقاعد الدراسة وذلك لانقطاع الرواتب بسبب الحصار المفروض على الحكومة الفلسطينية وتوقف الاموال والدعم الخارجي، ما ادى الى اضراب كل القطاعات الحكومية في فلسطين والتي يعمل فيها اكثر من مئة واربعين الف موظف.

في فلسطين لهذا العام كان مقررا ان يتوجه أكثرمن سبعمئة وثمانية وستون ألفا لألف وثمانمئة وأربع وعشرين مدرسة حكومية، الا انهم بدلا من ذلك توجهوا الى وجهات أخرى.

وبين مؤيد لاضراب الموظفين ومن بينهم أكثر من أربعين ألف معلم ومعلمة يعملون في المدارس الحكومية، وبين معارض لهذا الاضراب الذي يرى فيه ضياعا لجيل فلسطيني كامل ضاع ولو مؤقتا مستقبل أولئك الطلبة، فالامور كلها معلقة على كلمة واحدة هي الرواتب، فمتى وجدت الرواتب والمستحقات المالية وجد التعليم والدراسة في فلسطين، وبحكم اعدام صادر مع وقف التفيذ ينتظر الطلبة وينتظر ذويهم وحتى العام الدراسي نفسه عودة الأمور الى مجاريها بعودة الموظفين الى اعمالهم، وبعودة الطلبة الى مدارسهم.

للاهل في هذا الموضوع راي هم كالمعلمين يؤيدون اضرابا، ولكن اضراب جزئي وغير شامل أو كامل، منهم من يطالب بان يكون الاضراب لمعلمي المرحلة الاساسية واستثناء طلبة الثانوية العامة من الموضوع لان لهم وضعا خاصا حيث المنهاج جديد وطرق التدريس مختلفة وربما يحتاجون الى وقت اكبر حتى ترسخ المواضيع في عقولهم ويستوعبوا ما لهم وما عليهم في مناهج العام الجديد الذي يعتبر فلسطينيا صرفا، ومن الاهل ايضا من طالب بالغاء الاضراب كليا مع حفظ حق المعلمين خصوصا والموظفين عموما في الاحتجاج على صرف رواتبهم.

وللطالب ايضا رايه في الموضوع فهو حامل الهم الاول في هذه القضية الحيوية بل انه محورها، ويتفهم الطلبة ان لمعلميهم الحق في الاضراب لكنهم ينكرون على معلميهم منعهم من التوجه الى المدرسة وممارسة العملية التعليمية بشكلها العادي والطبيعي ومسارها الذي يجب ان تسير فيه بعيدا عن العراقيل والتشويش.

ويبقى الأمل هو سيد الموقف لدى محمد وغيره من طلبة فلسطين، ذلك الأمل الضائع كالسفينة التائهة في عرض البحر وسط عاصفة شديدة تتقاذفها الأمواج تارة الى اليمين وطورا الى الشمال، يبقى الحلم والأمل المرسى الذي يبحث عنه محمد وغيره لترسو عليه سفينة العلم، والمستقبل، ولكن ذلك سيكون في علم الغيب حتى الآن، وحتى يأذن القدر بشيء جديد سيبقى محمد في عمله وسيبقى معلموه في اضرابهم.