جيش الاحتلال "يحمي" أطفال "طوبا"...؟
نشر بتاريخ: 10/04/2011 ( آخر تحديث: 10/04/2011 الساعة: 16:56 )
الخليل- معا- عبد الرحمن عبيات- أن ترى أطفالك يستيقظون في الصباح الباكر ليذهبوا إلي المدرسة فتشعر بالراحة والاطمئنان حين تراهم ينتظرون الحافلة التي ستقلهم إلى المدرسة، لكن من الصعب تصور أن تقوم بأمر أطفالك أن ينتظروا جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتقول لهم ألا يتحركوا ولا يذهبوا إلى المدرسة إلا برفقتهم، وفي حال لم يأت الجيش فحينها على أطفالك أن يعودوا أدراجهم إلى البيت.
هذه القصة ليست من نسج الخيال وإنما حقيقة، فأطفال خربة "طوبا" الواقعة جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية، لا يلتحقون بمقاعدهم الدراسية إلا إذا رافقهم جيش الاحتلال، فينتظرونه كل صباح حتى يقلهم إلى المدرسة ففي بعض المرات يأتي الجيش في الوقت المحدد أي قبل ساعة من بدء الدوام في المدرسة، وفي حال لم يأت فيعود الأطفال إلى البيت.
الإصرار على التعلم|124540|لكن الشيئ الغريب في الموضوع أن الأطفال ممنوعون من الذهاب إلى المدرسة إلا برفقة الجيش وهنا مشكلة وحل، فخربة "طوبا" الواقعة خارج سيطرة السلطة الفلسطينية تحيط بها عدة مستوطنات قائمة على أراضي الخربة- الخربة أصغر من القرية- والطريق الوحيد إلى أقرب قرية مجاورة لها يمر من وسط المستوطنات، بيّد أنه يوجد طريق آخر للطلبة لكنه محفوف بالكثير من المخاطر وهو طريق غير معبد ولا يصلح للمركبات فقط يعبره المشاة، ويبتعد عن أقرب قرية حوالي 15 كيلو متر، لكن الطريق الذي يمر من وسط المستوطنة لا يبعد أكثر من 3 كيلو مترات، ولا يكون آمنا إلى برفقة الجيش وهذا الأمن يكون نسيبا وليس بالمعنى الشامل للكلمة.
فطريق خربة "طوبا" إلى القرى المجاورة بمثابة القشة الخفيفة التي يتشبث بها الغريق لكن على الطلبة أن يمروا من هذا الطريق إذا أرادوا أن يواصلوا حياتهم الدراسية الابتدائية وحتى الثانوية والجامعية، فأهل "طوبا" محكوم عليهم أن لا يتحركوا لا يتصلوا بالعالم الخارجي إلا برفقة جيش الاحتلال، لأنهم معرضون لاعتداءات المستوطنين، فمستوطنو تلك المنطقة يزاولون مهنة الزراعة ومعظم وقتهم يقضونه في الأرض التي هي في الأصل أرض لخربة "طوبا".
فعندما يرى هؤلاء المستوطنين أي شخص توجد عليه ملامح عربية ينقضون بالاعتداء عليه بالضرب، فقبل أيام من إعداد هذا التقرير اعتدى أربعة مستوطنين على شاب كان يمر من الطريق بالسكاكين وهو الآن راقد في المستشفى الحكومي في مدينة الخليل وحالته حرجة بعد تعرضه للعديد من الطعنات من الخلف.
حاميها حراميها|124541|وحتى إن دفع أهل الخربة أطفالهم للذهاب إلى المدرسة برفقة الجيش فهم لا يشعرون بالاطمئنان، فالجيش هو بالأصل موجود هناك لحماية المستوطنين لكن وجود المراقبين الأجانب الذين يوثقون كل شيء الاعتداءات على المواطنين ويرسلونه إلى منظمات تدافع عن حقوق الإنسان وهذا لا يصب في مصلحة القيادة العسكرية لجيش الاحتلال الأمر الذي دفعها إلى مرافقة الأطفال حتى يلتحقوا بمقاعدهم الدراسية وخلال عودتهم إلى بيوتهم.
أضف إلى ذلك أن هذا الجيش لديه صلاحيات باعتقال أي طفل أو شاب يحاول أن يتخطى هذا الطريق دون موافقة رسمية من المسؤول العسكري عن المنطقة، ناهيك عن أن معظم الأطفال قد تعرضوا للضرب والاعتقال من قِبل نفس الجنود وهذا الشيء لا يجعل الأهالي والأطفال يشعرون بالأمن والآمان وحسب الأهالي فإن الطفل عوض إباهيم عوض، وصلاح عمر ابوجلدية، وعامر رياض عوض، ورياض عيسى عوض قد اعتقلوا من قِبل الجنود لعدة ساعات واعتدوا عليهم.
وهنا لا تنتهي المشكلة فالتحاق الطلبة بمقاعدهم الدراسية ينذر ببدء مشكلة جديدة تتجلى في الكيفية التي سيعود بها هؤلاء الطلبة إلى البيت في حال لم يأتي الجيش ليصطحبهم، فالطلبة وهم جالسون على مقاعدهم الدراسية تراهم يتسأل بعضهم الأخر ماذا ستفعل إذا لم يأتي الجيش.
حقوق الطفولة غائبة|124542|فمدير المدرسة التي يدرس فيها طلبة خربة "طوبا" الذي روى لنا هذه القصة يفرض على الطلبة بعدم مغادرة المدرسة إلا بصحبة المراقبين الأجانب، والمراقبين لا يتركوا الطلبة إلا في حال جاء الجيش وبعد هذه اللحظة فإن جنود الاحتلال هم المسؤولين عن سلامة الطلبة، وفي حال لم يأتي الجيش فعلى الطلبة العودة إلى المدرسة برفقة المراقبين الذي هم بدورهم يقوموا بالتنسيق مع الجيش لتسهيل نقل الأطفال في العودة إلى بيوتهم.
واضاف أن تعرض الجنود للاطفال كل يوم يؤثر كثير عليهم فالخوف والفزع يسكن عيون الاطفال والهلوسة اثناء النوم تنيجة ما يتعرضون له من اعتداءات يومية عليهم هذا ادى إلى زيادت نسبة التسرب من المدرسة، لكن لا توجدحالات رسوب بينهم بل على العكس الاهالي يصرون على تعليم اولادهم رغم الاخطار المحدقة باطفالهم.
بيّد أن المشكلة تكمن في أن الجيش يمنع المراقبين الدوليين بمرافقة الأطفال طيلة الطريق لا في طريقهم إلى المدرسة صباحاً أو في العودة إلى البيت مساء، لأن المنطقة التي يعبرونها منطقة عسكرية مغلقة يمنع على أي مواطن سلوكها إلا بعد موافقة جيش الاحتلال وهذا صعب جداً.
|124543|وإن كان الأمن والأمان حاجة إنسانية ملحة فإن أطفال خربة "طوبا" نسوا تلك المعاني لأنهم مضطرين في كل يوم مرتين أن يلتقوا بجيش الاحتلال، وهنا لا يمكن أن نتحدث عن أمن ولا آمان ولا حتى يمكن الحديث عن توفير حماية لأطفال فحسب العرف فالنفس البشرية لا تشعر بالأمان والطمأنينة مع من سلبها حريتها.
لذلك إذا اردنا أن يتحقق السلام والأمن في المنطقة علينا أن نعتني بأطفالنا حق العناية ونوفر لهم كل الإمكانيات والحوافز وأن نحافظ على حقوقهم حتى يستطيعوا ان يرسموا المستقبل لهم وللأجيال القادمة.
|124544|
|124545|