الهيئة المستقلة لحقوق المواطن تنظم لقاء مفتوحا بعنوان "الشرطة والمواطن الحقوق والواجبات"
نشر بتاريخ: 11/09/2006 ( آخر تحديث: 11/09/2006 الساعة: 16:04 )
غزة- معا- نظمت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن لقاء مفتوحا بعنوان "الشرطة والمواطن الحقوق والواجبات" يوم أمس في مركز شرطة جباليا.
وحضر اللقاء عدد كبير من ضباط وإفراد الشرطة بمحافظة شمال غزة، بمشاركة الأستاذ صابر النيرب مسؤول حقوق الإنسان بمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان والمحامي صلاح عبد العاطي مسؤول التدريب بالهيئة والذي أشار إلى إن اللقاء يهدف إلى استعراض دور الشرطة في ظل الأوضاع الراهنة والتحديات التي تواجهها وسبل تجاوزها.
وفي بداية اللقاء رحب الضابط جهاد أبو سخلية بالمشاركين من ضابط وأفراد الشرطة وبالهيئة المستقلة لحقوق المواطن وشكرها علي تنظيمها لهذا اللقاء المفتوح الهام.
وأكد أبو سخيلة علي أهمية دور الشرطة في حماية مصالح المجتمع وضمان حقوق المواطنين وأشار إلى إن الشرطة وبالرغم من الصعوبات التي تواجهه عملها إلا أنها مستمرة في القيام بواجبها القانوني.
وبدورة استعرض عبد العاطي دور الهيئة في المجتمع الفلسطيني باعتبارها ديوان للمظالم تستقبل شكاوي المواطنين، وتتابعها مع الجهات المعنية، كما وتراقب الهيئة أداء السلطة ومؤسساتها العامة من اجل التأكد من قيامها بواجباتها كما حدها القانون، وتقوم الهيئة بأنشطة تدريبية وتوعوية لنشر الوعي بحقوق المواطن وتصدر الهيئة تقارير قانونية متعددة، أهمها التقرير السنوي الذي يعالج حالة حقوق المواطن الفلسطيني.
وفي مداخلته حول المواطنة والشرطة أشار عبد العاطي بان الموطنة هي التعبير القانوني عن الوجود السياسي للوطن والمواطن معاً هى المدخل الأساسي لتطوير الوطن ابتداءً من نظامه السياسي والاجتماعي والاقتصادي وامتداداً إلى النهوض الثقافي والارتقاء الحضاري، لأن افتقاد المواطنة هى الوجه الآخر لافتقاد الوطن بمدلولاته المعنوية والرمزية وليس فقط المادية، هذا يعنى أن المواطنة تتجلى في أرقى صورها بارتقاء الاستقلال الوطنى وثبات العزة والكرامة الوطنية من ناحية، كما تتجلى بتثبيت الحقوق السياسية للمواطن، ناهيك عن حقوقه الإنسانية، وتمتعه بالمساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات دون تمييز، ووجود درجة عالية من الحريات الديمقراطية، وانتفاء الحكم الاستبدادي والسلطوي، حيث تتوافق حرية الوطن مع حرية المواطن.
وأكد عبد العاطي بأن المواطنة مرتبطة بتفاعلات الداخل مع الخارج وتفاعلات الداخل مع نفسه "ونعنى بذلك أنماط العلاقات التي تربط الوطن بالقوى الأخرى، ودرجة تمتع الوطن بالحرية والسيادة الوطنية والاستقلال وانتفاء التبعية، وأنماط العلاقات الداخلية التى تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وطبيعة النظام السياسي هل هو نظام استبدادي وسلطوي أم هو نظام ديمقراطي يتمتع بدرجة عالية من الحريات وكفالة العدالة والمساواة فى العلاقة بين كافة الأفراد والجماعات والقوى السياسية دون تمييز".
ولفت عبد العاطي بان المواطنة وفق المنظور السابق لا تبنى إلا في بيئة سياسية ديمقراطية - قانونية، تتجاوز كل أشكال الاستفراد بالسلطة والقرار أو الاستهتار بقدرات المواطنين وإمكاناتهم العقلية والعملية. والقاعدة العريضة التي تحتضن مفهوم المواطنة في الفضاء السياسي والاجتماعي، هي قاعدة العدالة والمساواة. فكلما التزم المجتمع بهذه القيم ومتطلباتها، أدى ذلك على المستوى العملي إلى بروز حقائق إيجابية فى طبيعة العلاقة التى تربط بين مكونات الوطن الواحد وتعبيراته.
وشدد عبد العاطي بان مقتضى العدالة يتطلب الاعتراف بوجود التعددية في الفضاء الاجتماعي والسياسي وتنظيم العلاقة بين هذه التعدديات على أسس المواطنة المتساوية وتوحيد جهة إنفاذ القانون وحارسته وهي الشرطة، فالأمن والاستقرار وسيادة القانون ، كل ذلك مرهون إلى حد بعيد بوجود مواطنه متساوية مصانة بنظام وقانون واجهزة فاعلة لإنفاذ القانون تحول دون التعدى على مقتضيات المواطنة الواحدة المتساوية ومتطلباتها، فغياب حقوق المواطنة يؤدى إلى تداعى الشعور بالانتماء للوطن، وتباين امتلاك الأفراد لهذه الحقوق يؤدى إلى تفجر قضايا التمييز التعسفي وتفكك روابط التكامل الوطني وزيادة حالات الفوضى والانفلات الأمني.
ونوه عبد العاطي إلي أن العدوان المستمر الذي تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي قد ساهم في إضعاف قدرة السلطة والشرطة الفلسطينية التي تعرضت معظم مقراتها للتدمير ما أدي في أحيان كثيرة إلي نقص قدرتها وضعف هيبتها في مواجهة حالات خرق القانون، ونوه إلى إن هناك صعوبات متعددة تواجهه الشرطة الفلسطينية في عملها منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ولكن الشرطة الفلسطينية عليها إن تنظم نفسها وتلتزم بإحكام القانون وإنفاذه ولفت إلى أهمية إن تعمل الشرطة وفق فلسفة الشرطة المجتمعية القائمة علي إقامة شراكة مع إفراد المجتمع المطيعون للقانون، وضع برامج للاتصال المجتمعي وزيادة مشاركة المجتمع في النشاطات الشرطية وبرامج الأمان العام المجتمعية، وإيجاد حلول خلاقة تعمل على تخفيض نسبة الجريمة وتعزيز روابط الثقة بين الشرطة والمواطنين.
وبدورة شكر النيرب الهيئة علي تنظيمها لهذا اللقاء الهام وأشار إلى إن الشرطة هي الجهة المخولة بتنفيذ القانون، وإنها الجهة التي تتمتع بحق استخدام القوي المشروعة لإنفاذ القانون في المجتمع كما أنها الأكثر تأهيلا ومعرفة وخبرة للتعامل مع المواطنين وفق قواعد قانونية، كما أنها الجهة التي يمكن مسألتها قانونا في حالة انتهك القانون من قبل بعض أفرادها.
وأكد النيرب بان الشرطة هي أكثر الجهات المهنية المناط بها صيانة حقوق الإنسان باعتبار معايير ومفاهيم حقوق الإنسان هي في صلب القانون الوطني، ونوه النيرب بأنه في ظل ضعف أو غياب دور الشرطة تتعرض حقوق ومصالح المواطنين للخطر ما يؤدي إلى تفسخ المجتمع وازدياد معدلات الجريمة والفوضى، والفت النيرب بان المجتمعات التي تعيش حالات صراع سياسي اخطر ما تواجهه هو تعدد الجهات المخولة بإنفاذ القانون ما يترك أثار وخيمة علي حالة حقوق المواطن، وطالب النيرب السلطة الوطنية بالعمل الجاد على توحيد جهات إنفاذ القانون وحصرها في جهاز الشرطة ومد الشرطة بالإمكانيات المادية والمالية اللوجستية اللازمة وتعزيز كفاءة أفرادها من خلال التدريب والتأهيل اللازم لضمان سيادة القانون.
وعلى صعيد الشرطة فقد تطرق المشاركون في مداخلاتهم إلي إن الشرطة في ظل الظروف الراهنة تعاني من صعوبات مركبة فمن جهة ممارسات الاحتلال، والحصار المالي للسلطة، وما تحدثه من إضرار كبيرة علي المواطنين، منوهين بان بعض المواطنين قد أقدم علي تجاوزات خطيرة منها إدارة الظهر للقانون مسنودين من بعض التنظيمات أو العائلات الأمر الذي أسهم في خلق حالة من الفوضى والإرباك وضعف في دور الشرطة.
كما اشتكي المشاركون في اللقاء من عدد من المشكلات والتحديات التي تعيق عمل جهاز الشرطة أبرزها، نقص الإمكانيات اللازمة للعمل" التسليح والسولار اللازم للتحرك والإمكانيات اللوجستية، وغياب التوافق السياسي وتعدد الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون" التنفيذية والشرطة" كون القوى لتنفيذية وإثناء ممارسة عملها لا تتقيد بإحكام القانون وإجراءات القبض والتفتيش واستخدام القوة، الاعتداء علي الشرطة من قبل بعض العشائر والتنظيمات السياسية، في ظل حالة عدم حماية أفراد الشرطة من قبل جهاز الشرطة أثناء تطبيق الشرطية للقانون، الحصار المالي وتوقف الرواتب وعجز الشرطة عن تامين احتياجات العمل الأساسية، سوء الإدارة وعدم تعين كفئات وفق معايير سلمية فالتعيينات تتم في الغالب علي أساس سياسي أو عشائري، تعارض الصلاحيات بين الأجهزة لمكلفة بإنفاذ القانون، المحسوبية في تطبيق القانون ومشاكل أخرى.
وفي ختام اللقاء طالب المشاركون بضرورة توحيد أجهزة أنفاذ القانون وتوفير الإمكانيات اللازمة لعمل الشرطة وتوحيد مرجعية القرارات الأمنية ودعم الشرطة معنويا وماديا لضمان قيامها بدورها من قبل المسؤولين.