الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الوطن المفقود: وجوه ملأها الأمل، ولاجئون يحلمون بالعودة الى مرابع الصبا

نشر بتاريخ: 11/09/2006 ( آخر تحديث: 11/09/2006 الساعة: 22:35 )
رام الله -معا - يزن طــه- بوجهها المتجعد الستيني وعيونها المغرورقة بالدمع، ترى فيها نظرة الأمل الحزين، فمها مطبق على تجاعيد الزمان، تجلس تلك الحاجة جميلة حمدان الساكنة مخيم البرج الشمالي في لبنان على كرسيها الخشبي، وتحمل في يدها اليمنى مفتاحا صغيرا، هو مفتاح الماضي والحاضر والمستقبل، مفتاح البيت، مفتاح العودة، ومفتاح الأمل.

صورة الحاجة حمدان تراها مجاورة لصورة قرية دير القاسي التي كانت تقع في حدود محافظة عكا قديما، صورة لشجرة نخل كبيرة، طويلة شاهدة على عمق هذه الحضارة، وخلف الشجرة هناك منزل من البناء الفلسطيني القديم، والى جانب البيت على مسافة ليست بعيدة مجموعة من بيوت القرية، علقت الصورتان بجانب بعضيهما وبجوار العديد من الصور الأخرى في قاعة متحف المقتنيات التراثية والفنية في جامعة بيرزيت، وذلك ضمن معرض الوطن المفقود، وصاحب تلك الصور هو آلان جينو، من مواليد الولايات المتحدة الأميركية، وصاحب العديد من المعارض.

شتات متعدد متنوع في صور جمعها جينو، حول تجربة خاصة له عايش فيها وخلالها العديد من الفلسطينيين في المهجر وفي الوطن فلسطين، منهم من شرد مرة وهم الغالبية، ومنهم من شرد مرتين ولا نستطيع إنكار تشردهم الثاني.

حسين العويسي كما تشير لنا بطاقة التعرف الخاصة بصورته في المعرض شرد للمرة الأولى من إحدى القرى المدمرة في فلسطين التاريخية، وشرد مرة أخرى عندما شاء القدر أن يَدمر بيته الثاني في مخيم طولكرم، يجلس في الصورة الواسعة والمأخوذة عن بعد، يجلس امام بيته المدمر جزئيا، وعلى درجات البيت يستطيع الناظر إلى الصورة أن يلاحظ بعضا من أحفاد الحاج العويسي، كل هذا وأكثر توحيه لك هذه الصورة تماما كما توحي غيرها من الصور المعلقة على جدران المعرض.

نظرة حزن وأمل وابتسامة خفيفة على الشفتين ابتسامة الأمل الذي يأبى الاندثار، استطاع آلان جينو التقاطها، نظرة سيلفيا سنيج فلسطينية مسيحية تحمل ثلاثة مفاتيح، مفاتيح حديثة لبيت قديم تتجدد صورته وذكراه في ذاكرة سيلفيا، صورة تدل وبدون أدنى شك على أن الهم الفلسطيني واحد على الرغم من تعدد الأديان فلا فرق بين الحاجة حمدان أو السيدة سينج الهم واحد والأمل واحد والحلم واحد.

في الصورة التي اختارها آلان جينو لمحمود دهوار، يحمل محمود مفتاحان في كل يد مفتاح، أحدهما قديم لبيت قديم وآخر مفتاح جديد لأمل جديد، وخلال تجوالي في المعرض كنت احاول كتابة بعض الأوصاف وبعض الملاحظات حول تلك الصور وعلني أحتاج لوقت كبير لأصف كل تلك الصور المتجاورة المتلاصقة التي ما وضعت وما التقطت الا لتعبر عن هم واحد وحيد هم اللجوء وحلم العودة.

أعجبني ذلك المسجد، مسجد يافا المركزي الذي لا زال- ونأمل أن يبقى- مكانا للعبادة، والى جانبه يقع فندق " ديفيد انتركونتيننتال" الذي يؤمه السياح والزوار.

وفي المكان الآخر وفي الجناح الآخر المجاور لمعرض الصور وفي نفس المعرض - الوطن المفقود- هناك حيث تجد اللباس الفلسطيني التقليدي- الثوب الفلسطيني- منه المعلق والمدلى بالخيوط ومنه الموضوع داخل " الفترينات"، وتجد أيضا المجوهرات والحلي ومواد الزينة الاخرى التي كانت نساء فلسطين تستخدمها في القرن الماضي وتحديدا قبل النكبة وقبل أن تتحول فلسطين الى اسرائيل أو بلغة أخرى قبل أن يشرد أهلها الى " المناطق" كما يحب الاحتلال تسميتها.

قد يتساءل سائل حول وقت هذا المعرض، ولماذا الآن، والاجابة من منظمي المعرض مركز الجاليري الافتراضي، في جامعة بيرزيت - ان هذه القضية يجب أن تبقى حية في ضمير الشعب الفلسطيني ووجدانه وألا تكون قضية تذكر ويتذكره الشعب في المناسبات وفي ذكرى النكبة فقط.