الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الطيراوي: لم تفشل العقيدة الأمنية لأنه لم تكن هناك عقيدة مكتوبة

نشر بتاريخ: 20/04/2011 ( آخر تحديث: 23/04/2011 الساعة: 11:05 )
رام الله- معا- هي في الأصل أكاديمية "عرفات" التي رفض الرئيس الراحل ياسر عرفات تسميتها باسمه وفضل اسم فلسطين لتكون "الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الأمنية".

وأكد اللواء الطيراوي رئيس مجلس أمناء الأكاديمية الأمنية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، في مقابلة خاصة مع جريدة "النبأ"، ان الإقبال المتزايد من قبل الطلبة ذكوراً وإناثاً للالتحاق بالأكاديمية، تقدم هذا العام نحو 2100 طالب وطالبة وتم قبول 183 طالبا وطالبة وهي القدرة الاستيعابية للطلبة.

وقال الطيراوي: "يمر الطلبة الذين استوفوا الشروط التي وضعتها وزارة التربية والتعليم العالي ومنها معدل القبول، بسلسلة من الاختبارات التي يشرف عليها لجنة مكونة من عدد من أساتذة الجامعات، في محاولة جادة للابتعاد بشكل كامل عن مفاهيم المحسوبية والواسطة، التي لا تساهم إلا في إضعاف رؤية الأكاديمية في إنشاء جيل من الكوادر الأمنية بأساسات علمية متينة".

وروى الطيراوي مراحل تأسيس الاكاديمية للعلوم الامنية التي تعتبر الاولى من نوعها في فلسطين لتاهيل وتدريس الكوادر الامنية، مشيراً إلى وجود مسرح في الاكاديمية يحمل اسم مسرح الشيخ هزاع بن سلطان آل نهيان الذي قال إنه من أوائل من تبرعوا للأكاديمية مشكوراً.

واكد اهمية الدور الايجابي الذي تلعبه الاكاديمية على مستوى بناء الكوادر الفلسطينية المؤهلة للعمل في الاجهزة الامنية وتعزيز الانتماء لفلسطين وخدمة المجتمع الفلسطيني الذي يواجه ظروفا بالغة الصعوبة والتعقيد، موضحا انه بعد قرابة 10 اعوام من البدء بإنشاء هذه الاكاديمية فان انجازات مهمة تمكنت من تحقيقها وتخريج افواج جديدة من الكوادر المدربة والمؤهلة للعمل في الاجهزة الامنية.

وفي سؤال، ومع بدء بناء السلطة الوطنية الفلسطينية كان هناك فشل في بناء العقيدة الامنية من خلال تعدد الاجهزة اضافة الى تحول القطاع الامني الى ما يشبه المؤسسات الخاصة، فأين دور الاكاديمية الامنية إذا ما تحدثنا عن بناء العقيدة الامنية الواحدة للاجهزة الامنية الفلسطينية، اجاب الطيراوي، هذا غير صحيح، لم يكن هناك فشل في بناء العقيدة الأمنية لانه اصلا لم يكن هناك عقيدة مكتوبة بل كانت عقيدة موجودة في عقلية كل واحد فينا لدى الاخوة الذين أسسوا الأجهزة الامنية وبالتالي بدأ يطبقها، والأمر الاخر لم تكن الأجهزة الأمنية عبارة عن مشاريع شخصية، والصحيح هو اننا بعد عام 1994 تمت العودة واصبح لدينا سلطة وطنية وتم تشكيل اجهزة أمنية، وهناك فكرة خاطئة لدى الناس والصحافيين وحتى الغرب بخصوص تعدد الأجهزة الأمنية وهذا الامر غير صحيح ، فالأجهزة الأمنية الفلسطينية هي جهازين فقط هما جهاز المخابرات وجهاز الأمن الوقائي، أما الأجهزة الاخرى فيعتبرها البعض أنها أجهزة امنية ولكنها في حقيقة الامر هي ليست أجهزة امنية بمعنى أن الامن الوطني هو "الجيش" ولأنه ممنوع علينا أن نسمي جيش، فسمي امن وطني وله جهاز خاص به والعسكريين اسمه الامن العسكري او الاستخبارات العسكرية وعلاقته هي مع العسكر وليس له علاقة بالمواطنين، وهناك جهاز الشرطة ولها جهاز مباحث وعمله جنائي وهذه الصورة موجودة في كل دول العالم.

وقال الطيراوي بخصوص سؤال اين حصل اللبس عند المواطن بخصوص الاجهزة الامنية ودورها، قائلا اللبس حدث عند المواطن في عدم التخصص بمعنى ان أي جهاز اصبح يعتقل اي شخص على أي قضية بعيدة عن تخصصه، وكان المفروض أن التخصص الذي له علاقة بالشؤون المدنية والجريمة والمخدرات والرشاوي والدعارة وغيرها كان يجب أن يناط بجهاز الشرطة والمباحث، في حين تختص الاستخبارات العسكرية بالعسكريين، أما الوضع السياسي والاخلال بالنظام العام والقانون والسلاح والمتفجرات كان من المفروض ان يبقى من اختصاص المخابرات والامن الوقائي، ولكن هذا لم يحصل ما فتح المجال للتداخلات وولد رؤية لدى عامة الناس والاخرين تمثل صورة سلبية عن الاجهزة الامنية وانها متعددة الى آخره، وهذا الوضع الذي كان موجود، لكن الاجهزة الامنية تحوي ضباط وطنين امضوا في سجون الاحتلال أو السجون الأخرى فترات طويلة ولهم تاريخهم الحركي والنضالي سواء من عاد من الخارج او الاخوة داخل الوطن، وهم الان جزء من النظام الفلسطيني، وبالتالي فإن هذه الصورة التي يجري تصويرها للاجهزة الامنية هو تشويه للاجهزة الامنية الفلسطينية للأسف.

واشار الطيراوي ان وضع الأجهزة الامنية جيد قياساً بالسنوات السابقة وذلك بعد التدريب والتأهيل وفهم كل جهاز لدوره، وهذا منحها المصداقية، وحسن الآداء.

كما يتمتع قادة الأجهزة الأمنية وضباطها بكثير من الكفاءة والمهنية والمسؤولية والتي قد يشعر المواطن بها ولكن بعض التنظيمات لا تشعر بحجم المسؤولية الكبيرة في الحفاظ على الامن والقانون والسلطة من اي شخص يحاول العبث بخلق حالة في الضفة الغربية كما جرى في قطاع غزة وهناك شهداء سقطوا من ضباط الأجهزة الامنية جراء هذا العبث ولكن الأجهزة الأمنية متيقظة تماماً لمثل هذه المحاولات.

وااشر الطيراوي ان فكرة الاجهزة الامنية جاءت نتجت في ظل ان هذه التداخلات والاحتكاكات بين الاجهزة الامنية والتي كانت تأخذ طابعا اكثر من الطابع المألوف في التنافس والتي كانت تأخذ حدا أكثر لأننا كنا نبني سلطة جديدة وننشيء السلطة والاجهزة الامنية والخبرات كانت محدودة، والتدريب محدود، حيث أن الأغلبية كانت تعتمد في عملها على الهواية والرغبة والمهنية السابقة. هذه النقطة الأولى التي تتعلق بفكرة التأسيس، أما النقطة الثانية فكانت حينما أصيب ابني بحادث سير في 5/9/1995.

وجلست عنده فترة ثلاثة أشهر حيث كان يعاني من "كوما كاملة-غيبوبة"، فكنت في مستشفى "هداسا-الاسرائيلي-" انظر إلى الصور المعلقة داخل المشفى وكنت اشاهد لأجد مكتوب تحتها "هذه الصورة من يهودي في نيوزيلندا"، وانظر للحائط فاجد ان يهودي متبرع ببناءه رغم انه موجود في ايرلندا، وعندما انزل الى الكافتيريا اجد الثلاجة بتبرع من يهودي في امريكا، فوجدت ان اقامة هذا المستشفى هو عبارة عن تبرعات من اليهود في دول مختلفة من العالم، فقلت في نفسي لماذا نحن الفلسطينيون الذين شاركنا في بناء دول عديدة في العالم لا نفعل العمل نفسه ونحن قادرون على بناء مؤسساتنا، فقلت سوف اجرب ضمن اختصاصي في ذلك الوقت وبناء اكاديمية امنية فلسطينية حتى ندرس ضباط من كل الأجهزة، هذا يخفف الاحتكاك ويجعلهم قادرين على التعايش مع بعضهم البعض، ويساعد في بناء العقيدة الامنية ويسلحهم بالمهنية والعلم لأن الامن علم مثله مثل الهندسة والطب والقانون، وبالتالي هذا كان تفكيري حينها.

وعندما خرج ابني من المستشفى وذهب الى مستشفى اخر، فقلت سأجرب ان اتحدث مع بعض الاصدقاء من الاقتصاديين الفلسطينين، وطلبت من احدهم ان يساعدني في الحصول على مواد عينية وأصر أن تكون عينية وليست مادية، وصدقا لم يرفض أيا منهم طلبي والكل منهم كان يقول لي حاضر، وعندما وجدت هذا التجاوب اخذت القرار ببناء الاكاديمية فبدأت ابحث عن ارض في مدينة اريحا، فوجدت ارضا مساحتها تقدر بنحو 8 دونمات، فتوجهت الى الرئيس ابو عمار رحمه الله واخبرته بانني بصدد انشاء اكاديمية امنية واخبرته بنيتي تسميتها باسم "اكاديمية عرفات للعلوم الامنية"، فاعاد الرئيس ابو عمار الكتاب لي مع الموافقة وشطب اسم "عرفات" من الكتاب ، وبدأنا بالعمل عام 1997.

واشار الطيراوي انه تم شطب اسمه من الكتاب لانه لا يريد تسمية أي مؤسسة باسمه، بل ارادها ان تكون باسم فلسطين.

واوضح ان العمل بدأ بإقامة الأكاديمية دون وجود أية امكانيات وبدأنا نحفر واحضرنا متطوعين للعمل ولكننا وجدنا ان الامكانيات المطلوبة اكثر بكثير مما تحتاجه الاكاديمية، وكان هناك شخصية اميركية وهو نائب لتينت اسمه الجنرال جوردن، وصل في زيارة الى فلسطين فاصطحبته الى أريحا لمشاهدة قواعد الكلية طامعا في الحصول على تبرع مالي، وعندما شاهد الخرائط، قال لي هذه فكرة عظيمة لكن كم تبلغ ميزانيتك لتنفيذ هذا المشروع؟ فضحكت فسألني كم تملك من المال؟ فقلت له ولا دولار! فقال لي: أنت مجنون، فقلت له أنا عندي إرادة ان ابني بلدي وقبل أن نقيم دولتنا علينا بناء مؤسساتها

وقال، "وبدأنا نحن بالعمل من خلال جهودنا الذاتية، وساعدنا في ذلك العميد فؤاد الشوبكي بتزويدنا بجميع احتياجات الاسمنت، وساعدونا بعض الاخوة الموجودين في السلطة بأوامر من الرئيس ابو عمار، واصبحت المباني قائمة دون تأثيث، وبدأت الانتفاضة الثانية عام 2000، حيث اوقفنا العمل خوفا من اقدام الاسرائيليين على تدميرها، ومع انتهاء فترة الانتفاضة عدنا لمتابعة البناء، والحقيقة ان اكثر الناس الذين ساعدوا في اقامتها هم الماليزيون من خلال صديقي رئيس المخابرات الماليزي، وبدأت الدول حسب خطاباتنا معهم التي كانت تنص على ان أي دولة تريد المساعدة يمكنها اختيار الاسم الذي تريده ليكون ضمن الكلية، مثلا الاتراك اختاروا اسم مكتبة اتاتورك، الاسبان اختاروا اسم غرناطة على قاعة المختبرات، الماليزيون اختاروا لمختبر الحاسوب اسم التمييز والابداع، ويوجد مسرح في الاكاديمية اطلقت عليه اسم مسرح الشيخ هزاع".

وحول الانجازات قال الطيراوي، ان ثماني دونمات اصبحت الان 130 دونما، ولدينا مشاريع بناء كليات عديدة ومشاريع مثل بركة سباحة أولمبية، ونادي الفروسية في أريحا والذي أصبح تابع لنا أيضاً. لدينا مؤسسات وعندنا برامج للتطوير خلال السنوات القادمة ونأمل أن يكون لدينا مختبر أمني ومختبر جنائي أيضاً. بالاضافة الى وجود مختبر لغات ويدرس فيه اللغتين الانجليزية والاسبانية وهذا العام تم تحضير دبلوم في اللغة العبرية.

واضاف، عندما بدأنا بإنشاء الاكاديمية بدأت السلطة الوطنية تهتم بالامر، واصبح هناك اهتمام من قبل الرئيس محمود عباس، ومجلس الوزراء وفعلا قاموا بشراء الدونمات المحيطة والآن نحن في طور التوسع ومواصلة المشوار.

وحول سؤال هل يعتبر تدريس اللغة العبرية مؤشراً على تدريس الاكاديمية "التنسيق الامني" مع الجانب الاسرائيلي، ما رأيك؟ قال هذا غير صحيح لأنه إذا أردت معرفة عدوك عليك معرفة لغته، ويجب ان يعلم الجميع أن كل المؤسسات الأمنية والعسكرية الاسرائيلية تدرس اللغة العربية، وإذا أردنا ان نفهم خطط قوم ونعرف كيف يفكرون، علينا دراسة لغتهم,

وحول سؤال هل واجهتك صعوبات ومحاولات تشكيك في انجاز مثل هذه الكلية،الصعوبات كانت كثيرة جداً، ولكنني أنظر إلى الأمام ولا أنظر للخلف إلا من أجل العبرة وفي النهاية الناس ترى بأم عينها ما هو موجود على الارض، وانت تعرف ما معنى ان يكون عندنا في الاكاديمية طالبات في سكن داخلي لمدة عام أو أربعة أعوام بعيدين عن اهلهن، هن أمانة عندنا طيلة هذه المدة، ولولا ثقة الأهل في طاقم الأكاديمية، لا يمكن لاحد ان يرسل ابنته للدراسة في الاكاديمية. أذكر أنه في أول دورة في الاكاديمية اتخذنا قرار بعدم اشراك الطالبات، فجاءت بنت واحدة وقالت: لا، انا اريد ان اكون مشاركة في الدورة، اصرت وتحدتنا وكانت موجودة وعندما قبلنا التحدي معها التحقت طالبة أخرى فأصبح لدينا طالبتين واحدة من مدينة الخليل وأخرى من مدينة قلقيلية. وفي العام الماضي كان عندنا 50 فتاة، أما العام الحالي فلدينا 94 فتاة.

وحول الامتيازات وحوافز للطالبات، قال لا يوجد فرق بين طالب وطالبة في الاكاديمية، وفي قبول الطلاب لا يوجد اي تمييز بين الطلاب والطالبات، باستثناء طول القامة فقط حيث أن المعدل أقل بالنسبة للإناث، و دون ذلك لا يوجد اي فرق سواء في التدريبات، بالعكس فإن هناك طالبات تفوقن على الطلاب حيث حصلت طالبة على المرتبة الاولى في تخصص علم النفس الامني كما حصلت خمس طالبات على المراتب الاولى والعام الحالي فتحنا أربعة تخصصات لبرنامج البكالويورس: نظم المعلومات وعلم النفس الامني، قانون وعلوم شرطية، إدارة عامة وعلوم عسكرية، حيث قبلنا فيهما 122 طالبا وطالبة كما اننا نمنح درجة الدبلوم لمدة عام للعاملين في الاجهزة الامنية الراغبين بتطوير مهاراتهم من خلال الدراسة في الاكاديمية حيث يتم تاهيلهم بطريقة مهنية وتطوير قدراتهم في مجالات العمل الجماعي واعادتهم لجهازهم مع تحديد مستوى قدراتهم.

واوضح الطيراوي معايير قبول الطلبة في الاكاديمية، المعيار الاساسي هو السلامة الامنية بمعنى ان لا يكون عميلا للاحتلال او مشبوها وهناك بعض الدول تشترط السلامة الامنية للجد الرابع.

هل السلامة الامنية مرتبطة فقط بالعمالة مع اسرائيل خاصة انه مع بدء الانتفاضة الثانية عملت بعض الفصائل على اختراق الاجهزة الامنية وتجنيد عناصر منها لصالح احزاب وفصائل، قال الطيراوي، اولا كان هناك فهم خاطئ لدى بعض الفصائل بخصوص العمل والانخراط في مؤسسات السلطة في مرحلة النشوء، ثم ادركت تلك القوى الخطأ التي وقعت فيه وبدأت تصوبه من خلال انهاء حالة العزوف وبدأوا بالانخراط والعمل في مؤسسات السلطة بما في ذلك الاجهزة الامنية التي تعتمد قاعدة ان الولاء اولا لفلسطين وثم للجهاز بمعنى ان تحافظ على اصراره وتؤدي الواجبات المطلوبة منك والحفاظ على القانون والوطن ومصلحته.

وحول سؤال هل كان ذلك ينطبق ايضاً على حركة حماس، اوضح الطيراوي لقد خدم في جهاز المخابرات الذي كنت أقوده أعضاء وعناصر من أغلب الفصائل بما في ذلك عناصر من الشعبية والديمقراطية وجبهة النضال الوطني والجهاد وحماس، ولم أطرد أحد سوى عناصر من حركة حماس في غزة لأنهم كانوا ينقلون أخبار الجهاز لحماس ويقومون بالتجسس لصالح تلك الحركة، في حين ان بقية الاعضاء من الفصائل الاخرى كانوا ملتزمون وعقائديون ودافعوا عن السلطة حينما وقع الانقلاب.

هل ممكن لحركة حماس ان ترسل طلاب للالتحاق بالكلية ما هو موقفكم؟ قال الطيراوي اهلا وسهلا، ولكن لا اقبل بالمطلق ان يبعث لي اي فصيل او حزب طلاب للالتحاق وهذا مرفوض بالمطلق، لان هذه اكاديمية لكل الشعب الفلسطيني وليست مسيسة، ونحن ندرس العلم والانتماء للوطن والمحافظة على النظام والقانون، والارض والعرض، والطلبات تقدم فردية بعيدة عن التنظيمات.