الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

"مركز القطان" يطلق مبادرة لتبادل الخبرات بين معلمين من فلسطين والخارج

نشر بتاريخ: 20/04/2011 ( آخر تحديث: 20/04/2011 الساعة: 15:42 )
رام الله- معا- أطلق مركز القطان للبحث والتطوير التربوي مؤسسة عبد المحسن القطان مؤخراً، مبادرة تعليمية هي الأولى من نوعها في فلسطين، تتمثل في مشروع تبادل للخبرات التعليمية بين المعلمين الفلسطينيين وآخرين من دول العالم، بهدف تطوير قدرات المعلمين مهنياً، والمشاركة معاً في بناء سياقات تعليمية نوعية تبني على توظيف الدراما في سياق تعليمي، من خلال "عباءة الخبير" كإستراتيجية تعلم وتعليم.

وفي هذا السياق، استضاف المركز 6 معلمين بريطانيين يعملون في مدارس مختلفة في بريطانيا لكي يعملوا مع معلمين فلسطينيين في مدراس ورياض أطفال فلسطينية حكومية وخاصة ولمدة أسبوع، يوظفون خلالها توجه عباءة الخبير في بناء مواضيع تعليمية ضمن المنهاج.

ويترأس وفد المعلمين البريطاني الأستاذ لوك أبوت المتخصص في مجال التعليم التكاملي وفق منظومة عباءة الخبير لكي يشرف على عملية التعليم داخل تلك المدارس، ويساعد المعلمين على تطبيق التجربة وتقييمها والتأمل بها عبر لقاءات بعدية كانت تعقد على مدار الأسبوع.

وتأتي هذه اللقاءات كجزء من مشروع ممتد زمانياً، حيث سبقه تدريب وتجريب وممارسة في فلسطين، ثم اتصال وتبادل بين المعلمين في فلسطين، وفي بريطانيا، ضمن برنامجي "العلوم والطفولة المبكرة"، و"الدراما في التعليم".

وقال وسيم الكردي، مدير مركز القطان للبحث والتطوير التربوي: "حينما شرعنا في التفكير في هذا البرنامج "برنامج تبادل الخبرات بين المعلمين" كنا نستجيب لما كنا قد أسسنا له خلال السنوات القليلة الماضية من توجهات تعليمية، تأخذ بعين الاعتبار التعليم المدمج.

وأشار الكردي إلى أن أسلوب "عباءة الخبير" كتوجه في التعليم التكاملي ينسجم مع التوجهات الفلسفية في المنهاج الفلسطيني للمرحلة الأساسية الأولى في فلسطين، مضيفاً: "كنا قد بدأنا اختباره ومواءمته لسياقنا الثقافي في المدرسة الصيفية للدراما في سياق تعلمي، كأحد أبرز التوجهات التي تتبناها المدرسة إلى جانب توجهات تعليمية أخرى، كما اعتمدنا على هذا التوجه ومنهجياته في برنامج التكون المهني لمعلمات الطفولة المبكرة، الذي تم تتويجه بمشروعات تعليمية ابتكرتها معلمات هذه المرحلة اللواتي انخرطن في البرنامج.

وتابع: "وقد وصلنا إلى مشروع التبادل هذا الذي اخترنا له معلمين ومعلمات ممن انخرطوا في مدرسة الدراما في سياق تعليمي وفي برنامج الطفولة، بحيث يعمل معاً معلمون ومعلمات من فلسطين وبريطانيا على هذا التوجه التعليمي؛ تخطيطاً وتطبيقاً، لتطوير خبرة مشتركة ومتبادلة، ونطمح من خلال هذا البرنامج الذي قمنا بتوثيق كل مراحله، وبصور مختلفة، أن يشكل مادة بحثية، وكذلك مادة لتطوير توجهات ومنهجيات للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم الأساسي".

يذكر أن عباءة الخبير هي واحد من مساري توظيف الدراما في سياق تعليمي، حيث الأول الدراما التكونية التي تبنى على تأطير الطلاب في دور شخصيات قصصية درامية لاختبار العالم من وجهة نظر شخصية، في حين أن عباءة الخبير مصممة لتعليم المنهاج من خلال تأطير الطلاب في موقع الخبراء للتدخل في العالم، من هذا الموقع، وتنفيذ مهمة يطلبها زبون ما، ويمثل مرجعية المشروع المتخيل ومنظورة.

بدوره، أكد د. نادر وهبة، الباحث الرئيسي في المركز أن الهدف من برنامج التبادل هو تطوير قدرات المعلمين الفلسطينيين على التخطيط لتعليم تكاملي وفق عباءة الخبير، وتنفيذه وتأهيلهم أيضاً ليقودوا تدريب زملاء آخرين لهم على هذا التوجه في المستقبل، هذا بالإضافة إلى تشجيع المعلمين المشاركين على كتابة تجاربهم والتأمل بها وتطويرها وفق توجه المركز الداعم على تطوير أدوار المعلم ومكانته.

وقال وهبة: "يأتي هذا التبادل كجزئية من مشروع "العلوم والطفولة المبكرة"؛ لأن مشروع الطفولة يتحدث عن عدة مواضيع منها الدراما، وعباءة الخبير، والقصة واللعب، بينما برنامج التبادل يتناول جزئية واحدة وهي: عباءة الخبير، حيث تم التركيز عليها في هذا البرنامج، من حيث بناء الخطط والمشاريع، وتأهيل المعلمين".

وأضاف: "المعلمون المشاركون في التبادل، يبنون الخطط وينفذونها ويطورونها بناء على التجربة اليومية مع الطلبة في المدارس، وهناك لقاءات مستمرة جماعية للمعلمين يومياً في المركز، بإشراف لوك أبوت، وذلك من أجل تقييم العمل، وتطوير الخطط، ومناقشة التجارب، وفي نهاية الأسبوع سيكون هناك لقاء مطول مع جميع المعلمين المشاركين في التبادل وطلبة مدرسة الدراما، ومعلمين مشروع العلوم والطفولة، من أجل عرض تجارب المعلمين في التبادل، ومناقشة مراحل التعلم مع التركيز على أثر التعلم".

وكان تم اختيار ست مدارس فلسطينية، يعمل بها معلمون من مشروع "العلوم والطفولة"، وهي: دار الطفل في القدس، العناية الأهلية في القدس، جلجيليا قضاء مدينة رام الله، بيرنبالا الأساسية للبنات، المستقبل، الراهبات مار يوسف برام الله، وست مدارس بريطانية للمشاركة في برنامج التبادل وفقاً لمعايير تربوية، وتم التشبيك بين المعلمين البريطانيين والفلسطينيين عبر عدة مراسلات بين المدارس، وذلك لبناء فكرة العمل مع الطلبة، وبناء السياق، والزبون، واستمرت هذه المرحلة خمسة أشهر، وفي النهاية تم بناء خطة محدودة مرنة واضحة المعالم، وتم تبادلها بين المعلم البريطاني والمعلم الفلسطيني لتطبيقها في المدرسة.

وقال المعلم معتصم أطرش، من مدرسة جلجليا: "لحظة تاريخية في مشوار حياتي المهنية، وواقع مدرستي الحكومية، عندما رأيت "تيم تايلور" المعلم الخبير من المملكة المتحدة، يتوسط طلابي على طاولة كبيرة في الصف صنعوها من مقاعدهم، كانوا منخرطين بقوة، وقادرين على التفكير بطريقة خلاقة، وتحمل المسؤولية تجاه تعلمهم".

وتابع: "غمرتني السعادة حين أدركت أهمية هذه التجربة لي ولأطفالي الغارقين في الدراسة، فمنذ الدقيقة الأولى التي دخل فيها تيم الصف الرابع، وبدأ الحديث مع الطلبة رأيت صفاً مختلفاً، سأعمل جاهداً بعد هذه التجربة، أن أبقي على هذا المستوى من الاختلاف الذي كنت أحاول، وما زلت، أن أصل إليه منذ سنوات.

وأضاف: "البناء الذي أسعى إلى تأسيسه، ساعدني تيم في وضع ركن أساسي له، ونصب لي ولأطفالي مساراً جديداً للتقدم، خطوة أخرى إلى الإمام".

بدورها، قالت المعلمة البريطانية ايما سميث: "ما وجدته هنا، هو الشغف للتعليم، وهو مهم للغاية، مع حب التطور والعمل، وهي الطاقة المتواجدة لدى المعلمين والطلبة معاً، فمهمة عباءة الخبير هي اتخاذ القرارات منذ الصغر، فالبداية كانت مخيفة، والمهم أن تكون قادراً على التغيير في الخطة من خطوة لأخرى لضمان الأمان في عباءة الخبير".

وأضافت: "لاحظت أموراً عدة جيدة أثناء الزيارة والعمل في المدرسة، بان الطالبات معظمهن جريئات في الكلام والعمل أيضاً، وهناك طالبات خجولات، لكن بالنهاية استطعن الحديث والاندماج بالمجموعة، كما استطعت التعلم من الطالبات، وبخاصة أنني لم أعرف لغتهم، لكنهن منحنني الثقة، وبخاصة أنني لا أعطيهن تعليمات وإنما نعمل ونحاول معاً".

وفي السياق نفسه، قالت المعلمة أميرة ياسين، مشاركة في برنامج التبادل: "عندما عملت مع "لوك" كنت أتساءل عن أفكاره (ومن أين له هذا كله؟) وعندها اكتشفت أنها الخبرة، مع أهمية استخدام "نحن" وليس "أنا". ما أخافني هو كيفية البداية في المشروع، حيث قمنا بتحضير قصة وفيديو وصور عن التلوث لبداية المشروع، لكن مع قدوم المعلمة "إيما" تغيرت الخطة من ناحية إيجابية، وقامت بالدور حتى تسهل مرحلة الأمان في عباءة الخبير".

وأكدت المعلمة إيمان نصار، من مدرسة بيرنبالا أهمية التجربة وتبادل الخبرات مع معلمين آخرين في سياق عباءة الخبير، مشيرة إلى أن الخوف والقلق والتوتر سيطر عليها قبل العمل مع الطالبات، خوفاً من عدم تحقيق الأمان في بداية مشروع عباءة الخبير مع الطالبات.

بدوره، قال الطالب محمد ناصر، من الصف الرابع، مدرسة جلجليا الأساسية: "تعلمت من المعلم تيم، كيف أصنع دفتر وأرسم التراث الفلسطيني، وسنقوم بإنتاج فيلم عن التراث والثقافة الفلسطينية على أن يتم عرضه على طلبة بريطانيين في بريطانيا".

وعند الانتهاء من هذه الزيارة، سيتم بناء برنامج مفصل لزيارة المعلمين الفلسطينيين إلى بريطانيا، وسيمر المعلمون بالخبرة العملية نفسها لكن في المدارس البريطانية، كما سينفذون الخطط مع المعلمين البريطانيين أنفسهم المشاركين معهم في التبادل، من أجل توسيع خبرة المعلمين والمعلمات، بحيث يرون سياقاً آخر للتعليم غير السياق الفلسطيني، ويستفيدون من هذا السياق، وتوظيفه في السياق الفلسطيني، وذلك خلال 18 -26 حزيران المقبل.

يذكر أن من النتائج المتوقعة لهذه المبادرة أن يكون هناك تكون مهني للمعلمين، ومعلمون مختصون ومدربون في عباءة الخبير، ومعلمون قادرون على ربط السياق، وبناء عباءة الخبير في سياقات مختلفة، وتشابك المدارس الفلسطينية والبريطانية فيما بينها عبر المعلمين في عباءة الخبير. كما سيتم إنتاج فيلم في نهاية التبادل حول تفاصيل المشاريع التي تم تطبيقها في المدارس الفلسطينية من ناحية المحتوي والتفاصيل، وكتابات تأملية من قبل المعلمين، وشهادة تقديرية موقعة من مدرسة "لوك أبوت"، في بريطانيا للمعلمين المشاركين في التبادل، وذلك بعد الانتهاء من تطبيق معايير عباءة الخبير.