معاناة يومية على بوابة رأس عطية جنوب قلقيليةوالمواطنون يمتنعون اجتياز البوابة خشية استخدام للتزوير
نشر بتاريخ: 17/07/2005 ( آخر تحديث: 17/07/2005 الساعة: 09:37 )
معا - كتب نعيم سويلم - قلقيلية : من الواضح أن سلطات الاحتلال تبتكر الطرق والوسائل الحديثة والجديدة في تعذيب الفلسطينيين في محاولة منها للنيل من ارادتهم وشموخهم في الثبات والصمود على أرضهم وتصديهم لكل المخططات الرامية الى ترحيلهم وتهجيرهم عن أرضهم , أرض آبائهم واجدادهم ومنبع طفولتهم .
لكن في محافظة قلقيلية ربما يكون الأمر مختلف الى حد ما من حيث استخدام الأساليب الحديثة في تعذيب المواطنين الفلسطينيين المحاصرين بجدار الفصل الذي حوّل مدينة قلقيلية وخمسة قرى وتجمعين سكانيين في جنوب المحافظة الى معازل وكانتونات محاصرة ومعزولة عن العالم الخارجي , أو الى سجون يتحكم مزاج السّجان الاسرائيلي (الجندي ) المتمركز على البوابات الحديدية في السماح بمرور المواطنين عبر هذه البوابات أو عدم مرورهم .
لذا كان لزاما علينا في وكالة معا الاخبارية ومن حرصها على نقل الصورة الحقيقية وفضح المعاناة اليومية التي يواجهها الفلسطينيون بفعل ممارسات الاحتلال واجراءاته التعسفية , أن تفتح ملف بوابة رأس عطية وأبعاد الاجراء الجديد لسلطات الاحتلال على هذه البوابة المؤدية بالاضافة الى هذه القرية , قرى رأس طيره والضبعة ووادي الرشا وعرب الرماضين المحاصرة بالجدار العازل , حيث لا طريق لها سوى بوابة رأس عطية التي تفتحها سلطات الاحتلال يوميا ثلاث مرات في أوقات مختلفة , لمدة ساعة في كل مرة .
ففي قرية رأس عطية جنوب قلقيلية وتحديدا على البوابة المؤدية الى هذه القرية وقرى رأس طيره ووادي الرشا وعرب الرماضين والضبعة , فقد وضعت سلطلت الاحتلال حهازا خاصا لأخذ بصمات أصابع المواطنين الفلسطينيين لدى مرورهم عبر هذه البوابة , وبعد ظهور البيانات الشخصية ( الايجابية ) لهذا المواطن , يسمح له بالمرور واذا كانت البيانات ( سلبية ) يمنع من المرور عبرها وان كان بحوزته تصريح بوابة .
هذا الاجراء الجديد التي بدأت سلطات الاحتلال باستخدامه منذ مطلع الأسبوع الحالي , أدى الى امتناع العديد من المواطنين من الخروج من هذه القرى والتجمعات السكانية الخمسة , تخوفا من استخدام بصماتهم في أمور قد تؤدي بهم الى الهاوية .
وقال المواطن الذي عرّف على نفسه بأبي علي من قرية رأس عطية في حديث لوكالة معا الاخبارية , هناك الكثير من المواطنين لم يغادروا القرية منذ وضعت سلطات الاحتلال هذا الجهاز وبدأت تأخذ بصمات السكان قبل مغادرتهم أو عودتهم الى قراهم عبر هذه البوابة الوحيدة , خشية من أن تستخدم سلطات الاحتلال بصماتهم في التوقيع على مستندات أو على الأقل استخدامها في أمور قد تكون غير مشروعة , وهذا الأمر غير مستبعد على سلطات الاحتلال ذات السوابق الكثيرة في هذا المجال طبقا لما قاله أبو علي .
وأجاب أبو علي عن سؤال لمعا حول ما اذا كان يخشى استخدام بصمات أصابعه في أمور غير مشروعة بعد خروجه من البوابة وأخذ بصماته , " لايوجد ما أخشى منه أو اخاف عليه , فالأرض صودرت ولم يتبقى منها الآ القليل , وما الذي يمنعهم من مصادرتها اذا أرادوا ذالك ....وهل عندما صادروا ثلثي ما أملك قبل عامين وأقاموا الجدار عليها ! كان هناك جهاز لأخذ البصمات ؟ بالتأكيد لا ! وبالتالي لا يستطيع أحد منعهم من مصادرة أي أرض أو مساحة يشاؤون . وعليه سأخرج صباحا الى أرضي وأعود مساءا الى قريتي ومنزلي عبر هذه البوابة حيث لا يوجد طريق آخر , وليأخذوا بصماتي كما يشاؤون ويحلو لهم , لفلاحة ما تبقى من أرضي لأعتاش وعائلتي منها بكرامة , أفضل مئة مرة من السؤال ومد اليد للآخرين " .
أما رفيق مراعبة رئيس اللجنة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان في محافظة قلقيلية , فقد أكد هو الآخر وجود تخوف لدى الكثير من الناس في تلك المنطقة من جهاز أخذ البصمات على بوابة رأس عطية , خشية استخدامها في أغراض التزوير أو تسريب اراضيهم لجهات اسرائيلية لوجود سوابق في هذا المجال, مشيرا الى أن الناس يتخوفون من الأهداف الكامنة وراء هذا الاجراء , ألا وهو التزوير كما يعتقدون .
وأضاف أن تخوف الناس من هذا الاجراء الجديد , جعل الكثير منهم يمتنع عن الخروج من القرية وبالتالي عدم وصوله الى أرضه وفلاحتها وهو ما يعني تلف محاصيلها لعدم ريّها من جهة , وعدم جني ثمارها من جهة ثانية , مضيفا أنه سبب مشكلة كبيرة لدى الناس الرافضين للخروج بسبب هذا التخوف , خاصة وأنه لا يوجد أي مخرج للقرى الخمس رأس عطية ورأس طيره والضبعة ووادي الرشا والرماضين بفعل الجدار العازل , الآ من خلال بوابة رأس عطية .
لذالك يضيف رفيق مراعبه رئيس اللجنة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان في المحافظة , توجهنا الى الصليب الأحمر الدولي ومكتب الأرتباط المدني الفلسطيني في قلقيلية , طالبين منهم التدخل لازالة هذا الجهاز أولا , وايفادنا بمعلومات وتوضيحات بخصوص هذا الاجراء الجديد على بوابة رأس عطية , وأسباب وضع وأخذ بصمات الناس لدى عبورهم هذه البوابة العنصرية , بيّد أننا لم نتلقى أي اجابة أو ردّ أو توضيح حول ذالك حتى الآن سواء من الصليب الأحمر أو مكتب الارتباط المدني الفلسطيني .
سمارة مراعبة رئيس المجلس المحلي في قرية رأس عطية , تحدُث لوكالة معا الاخبارية ومعالم الألم والأسى كانت بادية على وجهه وقال : أولا البوابة أقيمت عنوة وبدون ارادتنا ... البوابة والجدار العازل أقيمت فوق اراضينا بعد مصادرتها أو سلبها ... وأدى الى تقطيع أوصال الناس وعزلت السكان عن أقاربهم الذين منعوا من الوصول الى هذه القرى .... وأيضا عزل الجدار والبوابة الأراضي الزراعية عن القرية وحال دون الوصول اليها الآ بتصريح خاص من سلطات الاحتلال وتساءل مراعبه : " فما بالك في الأراضي الزراعية الواقعة شرقي القرية أي في عمق الأراضي الفلسطينية التي أحتلت عام 1967 , والتي عزلها الجدار تماما عن القرية وأصبحنا عاجزين عن الوصول اليها " ؟
ويضيف رئيس المجلس المحلي في راس عطية سمارة مراعبه لمعا , ان وجود جهاز لأخذ بصمات الأصابع على بوابة رأس عطية لا يختلف عن الجدار , فكما الجدار فرضه الاحتلال علينا , فاءن جهاز البصمات فرضه الاحتلال علينا , ومن يرفض وضع بصماته على الجهاز لا يسمح له بالمرور وبالتالي لا يستطيع الوصول الى أرضه وفلاحتها وجني ثمارها .
وأضاف سمارة مراعبه , أن الناس في القرى والتجمعات السكانية الخمسة المحاصرة بالجدار العازل ,يشعرون بالاستياء والتخوف في آن واحد , غير أنهم مرغمين على ذالك من أجل الوصول الى أراضيهم الزراعية لمتابعة العمل فيها وفلاحتها والعيش من ورائها , خاصة وأن الزراعة هي مصدر الرزق الوحيد في هذه المنطقة .
وفضلا عن امتناع العديد من المواطنين من عبور هذه البوابة وتفضيلهم البقاء داخل القرية وعدم فلاحة أراضيهم أو قضاء مصالحهم خارج القرية , فاءن استخدام هذا الجهاز الأول من نوعه على هكذا بوابة , أدى الى حدوث اكتظاظ يومي وساهم في تعطيل مصالح المواطنين وتأخير وصولهم الى أماكن عملهم ووظائفهم في الوقت المحدد , طبقا لما قال رئيس المجلس المحلي في رأس عطية .
وأردف سماره مراعبه قائلا : " ان سلطات الاحتلال تدعي كما هو معروف , أن الهدف من استخدام جهاز البصمات على بوابة قريتنا , هو التأكد من أن التصاريح التي بحوزة المواطنين هي رسمية وسارية وصالحة " كما يدعون , غير أن الهدف الحقيقي من وراء استخدام جهاز البصمات هو : " فرض سياسة العقاب الجماعي على سكان هذه التجمهات السكانية والقرى المحاصرة بالجدار , وزيادة المضايقات والضغوطات عليهم من أجل تنفيذ مخططاتهم الرامية الى التهجير القصري لسكان هذه القرى والتجمعات السكانية عن أماكن سكنهم وأراضيهم ورحيلهم عنها الى الخارج طواعية " , وبالتالي فقدانهم لهذه الأراضي والاستيلاء عليها بلا منازع , اضافة الى أهداف وأبعاد أخرى قد تكون بعيدة المدى وفق المنظور الاسرائيلي , من الصعب التكهن أو التنبؤ بها في هذه المرحلة .
واختتم سمارة مراعبه رئيس المجلس المحلي في قرية رأس عطية حديثة لمعا , أن مجلسه والمجالس في القرى والتجمعات السكانية الخمسة , تقدموا بشكوى ضد اقامة الجدار العازل في أراضيهم الى المحكمة العليا الاسرائيلية قبل حوالي الشهر , بيّد أن المحكمة لم تنظر في هذه الشكوى بعد , ولم يصدر عنها حتى الآن أي قرار بشأن الجدار العازل .
تبقى الاشارة هنا الى أن هذه المعاناة لم تقتصر على سكان القرى آنفة الذكر , فبالتأكيد هناك الكثير من صور المعاناة اليومية على بوابات الجدار العازل بفعل ممارسات الاحتلال واستخدامه لأساليب مختلفة تختلف من مكان لآخر , وقرية عزون عتمه خير مثال على ذالك , حيث وضعت سلطات الاحتلال على بوابة هذه القرية المحاصرة هي الأخرى بالجدار العازل ولا يوجد لها سوى بوابة واحدة , جهاز تفتيش اشعاعي في غرفة مغلقة , ولا تسمح قوات الاحتلال المتمركزة على البوابة للناس باجتيازها الآ بعد اخضاعه للتفتيش من خلال هذا الجهاز الذي لم يسلم منه أحد , بما في ذالك النساء والأطفال والشيوخ
علما بأن بعض التقارير الطبية أفادت , أن جهاز التفتيش الاشعاعي , له تأثيرات سلبية على صحة وسلامة المواطنين خاصة أمراض القلب والشرايين والنساء الحوامل , فيما يخشى بحدوث تشوهات على الأجنّة .
وقد طالب المجلس المحلي في قرية عزون عتمه أيضا منذ أن تم استخدام جهاز التفتيش هذا , كافة المؤسسات الدولية والحقوقية والصليب الأحمر , الضغط على سلطات الاحتلال من أجل ازالة هذا الجهاز , غير أنها لم تلقى آذانا صاغية من جانب الاحتلال , الذي يلجأ يوميا الى استفزاز المواطنين المارّة عبر هذه البوابة من خلال تأخيرهم في التفتيش أو اغلاق البوابة لفترة من الوقت لدواع أمنية على حد زعمهم .