الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

تقرير امان: ضعف منظومة مكافحة الفساد وغياب التشريعي اضر بالرقابة

نشر بتاريخ: 26/04/2011 ( آخر تحديث: 26/04/2011 الساعة: 19:29 )
رام الله- معا- أعلن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، اليوم الثلاثاء، في فندق "بست إيسترن" تقرير الفساد 2010 والذي حمل عنوان: "الانقسام وضعف الإرادة السياسية غيّبا المساءلة الشعبية".

وأظهر التقرير استمرار ضعف منظومة مكافحة الفساد، رغم الانجازات العديدة التي تم تحقيقها في مجال تحقيق النزاهة والشفافية والمساءلة، لا سيما في الجوانب المالية وادارة الموارد العامة.

وأكد تقرير أمان السابع استمرار عدم تقديم اقرارات الذمة المالية من قبل الكثير من المسؤولين والموظفين العموميين، كما تتطلبها القوانين، واستمرار عدم وضوح نتائج التحقيق في العديد من قضايا الفساد التي تم كشفها، او بدء التحقيق فيها من مسؤولين ذوي علاقة، فلم يتم اطلاع المواطنين على النتائج، خاصة ان التحقيق بها جرى منذ سنوات في النيابة العامة ونقلت الى هيئة مكافحة الفساد.

واعتبر التقرير ان استمرار غياب المجلس التشريعي وعدم تجديد شرعيته الانتخابية اسهم في فقدان احدى حلقات المساءلة والرقابة على أعمال الحكومة والمؤسسات العامة ومصير نتائج التقارير التي أعدها ديوان الرقابة المالية والإدارية طيلة السنوات الماضية، والتي احتوت على عشرات من القضايا تتعلق بشبهة الفساد وسوء استغلال الموقع العام وإهدار المال العام، الأمر الذي شجع البعض على استمرار ارتكاب الخروقات القانونية، ولم يلحظ أي دور فاعل للمجلس في مساءلة ومحاسبة القائمين على العمل الحكومي، ولم تتم مناقشة التقارير التي أصدرتها الجهات الرقابية، الأمر الذي أفقد هذه التقارير مضمونها.

وأشار التقرير كذلك إلى استمرار وجود صعوبات حالت دون قيام ديوان الرقابة المالية والإدارية بالمهام الموكلة إليه حسب القانون.

وقال التقرير: لا زال موضوع شرط الحصول على السلامة الأمنية يشكل مجالاً واسعاً للتميز في الوظيفة العامة بسبب الانتماء السياسي في عملية التعيين أو التثبيت أو الترقية أو الحصول على الحقوق والامتيازات الوظيفية، كذلك اعتماد سياسة الإقصاء الوظيفي لأسباب سياسية مما شكل ظاهرة فساد سياسي في الضفة والقطاع.

وكشف التقرير أن موقف الفصائل والأحزاب السياسية لم يتبلور للتصدي بجدية لظاهرة الفساد باعتباره آفة مجتمعية يتعين محاربتها رغم مطالبتها بمكافحته أحياناً.

وأظهر التقرير استمرار ضعف الشفافية في آليات عمل المؤسسات وإجراءاتها بسبب وجود نقص في المنظومة التشريعية أو عدم إخضاع الإجراءات الإدارية والمالية لمبادئ الشفافية.

وأشار التقرير إلى تحسن في إدارة ملف المياه إلا أن إدارة تقديم خدمة توصيل المياه وتوزيعها مازالت تعاني من مشاكل عدة.

وجاء في التقرير أن استمرار تدني رواتب بعض العاملين في القطاع العام كالمعلمين والعاملين في أجهزة الشرطة في ظل ارفاع تكاليف المعيشة، الأمر الذي يخشى معه مستقبلاً احتمالية انتشار الرشوة في أوساطهم أو البحث عن وسائل غير قانونية لتأمين دخل كاف.

وكشف التقرير انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمع الفلسطيني، لاسيما في أماكن العمل، غير أن هناك تفاوت واضح في نسبة انتشار هذه الظاهرة ومدى الاهتمام وتسليط الضوء عليها وأن هذه الظاهرة ترتبط بالفساد واستغلال المنصب والنفوذ بشكل مخالف للقانون من قبل بعض المسؤولين وأرباب العمل، خاصة في ظل ضعف آليات استقبال ومتابعة الشكاوى، وتردد المتحرش بهن في الابلاغ عن ذلك.

وأشار التقرير إلى وجود ظاهرة التهرب الوظيفي في المجتمع، لغياب الأطر والاجراءات المحددة والموحدة داخل الادارات الضريبية لمكافحتها، وغياب الوعي عند المكلفين والمحاسبين والجهور، وضعف تطبيق النصوص العقابية، وعدم التشدد بالنسبة لجريمة المحاسبين القانونيين، الذين يقومون بمساعدة المكلفين على التهرب الضريبي.

وقالت رئيسة مجلس إدارة "أمان" حنان عشراوي إن المؤتمر عقد مرة أخرى في ظل استمرار الانقسام وتفاقم آثاره على الوضع الفلسطيني، بجميع مكوناته الاقتصادية والبشرية، و"لكن في الأساس على متطلبات الحكم الرشيد والنزاهة والمساءلة وسيادة القانون".

وأضافت: هذا العام تعذّر التواصل مع قطاع غزة نظرا لتعقيدات الوضع جراء الحصار، وانعدام الرؤية والالتزام المتكامل لمكافحة الفساد، وتبني نهج الشفافية والمساءلة، إلى جانب عائق الاحتلال بجميع ممارساته وامتداداته، والذي يشكل العائق الأساس للنمو الطبيعي للمجتمع الفلسطيني من كافة النواحي.

وأوضحت أن "أمان" استندت في عملها خلال العام 2010 على جمع المعلومات والتحليلات بموضوعية، بعيداً عن الحزبية والانحياز والمصالح الشخصية، باستخدام أدوات علمية متنوعة كالاستبيانات والمسوحات وغيرها.

وشددت د. عشراوي نجاح "أمان" في إحداث تدخلاتها نتائج ملموسة على صعيد جهود محاربة الفساد، ففي آذار 2010 قام الرئيس بتفعيل هيئة الكسب غير المشروع لتصبح هيئة مكافحة الفساد، بعد حملة ضغط نفذتها المؤسسة، إضافة إلى إصدار مجلس الوزراء قرارا بسحب المركبات الحكومية، واستجابة رئيس الوزراء لانضمام الحكومة لمؤشر الموازنة المفتوحة، ونشر الموازنة بهدف تعزيز الشفافية فيها.

وأشارت إلى أن استمرار انتهاكات الاحتلال تهدف إلى تشويه الواقع الفلسطيني، نظراً للممارسات الخارجة عن جميع القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، وأكدت أن عمل "أمن" بات أكثر إلحاحاً مع اقتراب استحقاقات أيلول، خاصة "إذا ما أردنا حكما رشيداً وحضارياً.

من جانبه، استعرض مفوض "أمان" لمكافحة الفساد الدكتور عزمي الشعيبي، نتائج تقرير الفساد للعام 2010، وأهم المعيقات التي تواجه مكافحة الفساد، ومنها استمرار الاحتلال الذي خلق بيئة مناسبة لاستمرار الفساد، وإعاقة عمل المؤسسات الأمنية المكلفة بإنفاذ القانون، وعدم إجراء الانتخابات العامة والمحلية، التي غيبت المساءلة الشعبية.

وأكد أن الانقسام أضعف نظام النزاهة الوطني، الأمر الذي انعكس سلباً على مجمل عملية البناء والتنمية والتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، خصوصاً في ظل غياب دور المجلس التشريعي الذي يمثل ركيزة أساسية في مكافحة الفساد، سواء من خلال دوره الرقابي على السلطة التنفيذية، بما يعزز التزامها بمنظومة النزاهة والشفافية والمساءلة للشأن العام والمال العام.

وكشف أن المشاركة المجتمعية في إطار مكافحة الفساد وبناء نظام نزاهة فعال لا يزال ضعيفاً وغير مؤثر، رغم نشاط بعض المؤسسات في هذا الإطار، وأوضح أن تشكيل هيئة محاكمة الفساد بمرسوم رئاسي يندرج في إطار الجهود المبذولة لمكافحة الفساد سواء على الصعيد الشعبي أو الرسمي.

بدوره، دعا رئيس هيئة مكافحة الفساد رفيق النتشة، جميع الأطراف لعقد اجتماعات تحدد آليات وخطط وطنية للتعاون في موضوع المساءلة، مشدداً على جدية الهيئة في متابعة كل ما يصلها من قضايا دون النظر إلى موقع ومنصب المتهم بممارسة أية مظاهر للفساد.

وأكد أن الإجراءات تشمل أي مسؤول مهما كان منصبه إذا ما ثبت تورطه بالفساد، وأكد أن لا أحد سيقف عائقاً في طريق عمل هيئة مكافحة الفساد.

من جهته، أبدى وزير النقل والمواصلات الدكتور سعدي الكرنز رضاه التام عما تناوله التقرير حول قطاع النقل والمواصلات، والذي جاء نتيجة للتطور الحاصل في العام 2010، واعتبر أن التحقيق مع بعض الموظفين العاملين في الوزارة حول بعض القضايا خطوة إيجابية وفي الطريق الصحيح في إطار تعزيز النزاهة والمساءلة في الوزارة.

وكشف الدكتور الكرنز عن بدء الوزارة بخلق ثقافة جديدة عبر تحقيق الأمان الوظيفي للعاملين فيها وتأهيل وإعداد الكوادر، وبين أن الوزارة من خلال تطبيقها نظام الرقابة والنزاهة أصبحت إيراداتها تصل إلى (23) مليون شيقل شهرياً خلال العام 2010 أي بزيادة قاربت 11 مليون شيقل عن السنوات السابقة.

وتطرقت وزيرة التربية والتعليم، لميس العلمي إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها الوزارة والمتمثلة في ممارسات الاحتلال، وعدم السيادة في بعض المناحي، وأكدت أن قطاع التعليم يعتبر من أكبر القطاعات المشغلة في الوظيفة العمومية.

وتحدث وزير الصحة فتحي أبو مغلي، عن محددات مكافحة الفساد في قطاع الصحة، والتحديات التي تواجهه في تغيير ثقافات مسبقة كانت سائدة بأشكال متعددة.

من جهته، دعا رئيس الممثلية النرويجية تور وينيسلاند، إلى التعامل مع نظام المساءلة والشفافية، دعماً للجهود الرامية لبناء دولة المؤسسات، وإن أكد أن الانقسام يعيق عمل الأطراف المختصة في هذا الإطار.