طبيب فلسطيني يعيد الأمل إلى فاقدي البصر في فلسطين
نشر بتاريخ: 16/09/2006 ( آخر تحديث: 16/09/2006 الساعة: 14:11 )
نابلس- معا- محمود برهم- الدكتور عبد الفتاح عرفات, الذي يتحرك في بدلته الطبية الخضراء اللون من غرفة إلى غرفه رغم انه تجاوز العقد الخامس من العمر, صالة الانتظار تبدو مليئة بالمراجعين من الجمهور الذين تنوعت أعمارهم ومذاهبهم من كل حدب وصوب.. آيات القرآن المعلقة على جدران الصالة تشير إلى نعمة البصر على الإنسان والى تدين من أمر بتعليقها.. ورغم أن رنين الهاتف الذي لم يتوقف شغل احدى الممرضات التي كانت تسكته بالرد عليه الا أنها لم تبخل بكلماتها برسم الابتسامة على وجوه المراجعين من المرضى وإعطائهم الأمل بالشفاء في مركز النور لطب وجراحة العيون في نابلس الواقعة شمال الضفة الغربية.
الدكتور عبد الفتاح عرفات الذي ولد في احد أحياء البلدة القديمة بنابلس عام 1957 كان ترتيبه السادس بين اخوته السبعة.. استمع إلى نصيحة والدته لدراسة الطب بعد أن كان ضمن العشرة الأوائل على مستوى فلسطين في امتحان شهادة الثانوية العامة في عام 1974وكان أصغر شاب في منطقة الشرق الأوسط يحصل على "البورد" الأردني في طب وجراحة العيون من الجامعة الأردنية في العاصمة الاردنية عمان حيث لم يتجاوز عمره وقتها سن الثامنة والعشرين ربيعا.
عاد إلى مسقط رأسه حاملا معه طموحات كثيرة كانت جزءاً من أحلامه بغربته وتوقظه أحيانا من منامه لتفتح عيونه على عيون الناس التي لا زالت عيونهم بحاجة الى من يفتحها كباقي عيون البشر.. ويفكر مليا بعام 1962وهو العام الذي تم فيه زراعة أول قرنية للعيون في فلسطين بمدينة القدس وتوقفت بعدها.. لينشئ مع مجموعة من الأطباء الفلسطينيين مجمعا طبيا يحتوي على معظم التخصصات ليتولى بنفسه رئاسة المركز الخاص بالعيون.
بعد سنوات من الانتظار قرر في عام 2005 أن يقوم بنفسه بزراعة احدى القرنيات لامرأة من نابلس تدعى رحمة خليل فى العقد الخامس من عمرها تبرع بهما والد أحد الفتية الذين توفوا بحادث سير من قرية قبلان جنوب نابلس.. هذه المرأة التي تقطن قرية الساوية بين نابلس ورام الله فقدت بصرها كليا طيلة عشرة اعوام نتيجة مرض الم بها.. وفقدت معه الأمل وعاشت على ذكرى مشاهد رافقتها على مدى سنين.. كانت تحلم أن ترى الطبيعة مرة أخرى كما عرفتها في شبابها.. وتشاهد أشعة الشمس بجمالها وان ترى كل مايراه بني البشر رغم إحساسها به.
حلم تحقق على ايدي الدكتور عرفات.. وأمل بعث من جديد.. الى من كانت تحلم برؤية ما كانت تتمنى رؤيته.. انجاز سجله طبيب فلسطيني من نابلس.. وانتصار على الظلام سجلته امرأة تجاوزت الخمسين من عمرها.. تقول:" ان الشكر للعرفاتين بعد الله أولهما الرئيس الراحل عرفات الذي تحمل كافة مصاريف العملية على نفقته الخاصة وللعرفات الثاني الدكتور عبد الفتاح عرفات.. مزيج من الأحاسيس لشخص أعطى.. وآخر اخذ.. وكلاهما بلغ غاية السعادة بما حصل عليه.
إن ما يقارب ألف مريض فلسطيني بحاجة إلى زراعة القرنيات في فلسطين ينتظرون من يتبرع بقرنياته حتى بعد وفاته.. بعد أن أصبح الأمل ليس بعيدا من أن يعود إليهم نور عيونهم من جديد.. بعد أن توفرت كافة المستلزمات الطبية لذلك في الأراضي الفلسطينية.. وأقرت الديانات السماوية الثلاث بشرعية التبرع بها بعد الوفاة للأناس الذين هم بحاجة لهذه القرينيات ليتمكنوا من ان يمضوا بقية حياتهم في أحسن ظروفها من اجل خدمة الإنسانية جمعاء.
ألف دولار أمريكي هي تكلفة إجراء العملية الجراحية للقرنيات للشخص الواحد في فلسطين إن وجد متبرع يتبرع بقرنياته بعد وفاته.. إلا أن الكثيرين من المراجعين بأمراض العيون المختلفة يجدون استحالة توفير نصف هذا المبلغ لاسيما في هذه الظروف الصعبة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية للعلاج من مرضهم الذي قد يحتاج فقط إلى عدة أنواع من الأدوية غالية الثمن.. ويساعد الدكتور عبد الفتاح عرفات هؤلاء المرضى بان يتبرع هو الأخر بثمن إتعابه واستخدام أجهزته الطبية ملقيا الكرة في ملعب المؤسسات الإنسانية والصحية الفلسطينية والعربية والدولية التي تعلن بأنها وجدت من اجل هؤلاء المحتاجين.
حياة.. الاسم الذي أطلقه الدكتور عبد الفتاح عرفات على احدى بناته الثلاث من الإناث إضافة إلى ذكر واحد قررت أن تسير على درب والدها فأصبحت الآن تدرس في كلية الطب في جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس.. تسير على حلم تحقيق انجاز كما حقق والدها فى مجال الطب وجراحة العيون.. الذي أصبح الآن يعيش بعد هذه السنوات الطويلة على تحقيق حلم واحد وحيد وهو إنشاء منزل يملكه على طريقته الخاصة فهل سينجح ؟.