الخميس: 03/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الكلاسيكو في فلسطين بين الفنون والجنون وعلم النفس الاجتماعي

نشر بتاريخ: 27/04/2011 ( آخر تحديث: 27/04/2011 الساعة: 23:36 )
بيت لحم-معا- الكلاسيكو هو المصطلح الأكثر انتشارا هذه الأيام بين الجمهور العالمي بشكل عام والجمهور الفلسطيني بشكل خاص والمقصود طبعا لقاء قطبي الكرة الاسبانية برشلونة وريال مدريد والتي جمعتهم وستجمعهم ست مباريات في هذا الموسم ضمن الدوري المحلي والأوروبي وكاس الملك والسوبر المحلي .

الانفعال المبالغ به في الأراضي الفلسطينية والمتمثل بالمسيرات الصاخبة بعد منتصف الليل وما يرافقه أحيانا من أعمال خارجة عن المنطق مثل إغلاق الشوارع وإطلاق أبواق السيارات وتجاوز الإشارات الضوئية وتكسيرها وسرعة زائدة تؤدي لحوادث خطرة كما حدث في العام الماضي بعد خسارة ريال مدريد ووفاة مواطن في اريحا .

البرنامج الإذاعي (كلام في الممنوع) والذي يقدمه الزميل محمد اللحام عبر أثير شبكة معا الإذاعية ويبث في تمام السابعة والنصف مساء من كل اربعاء فتح هذا الملف مع مدير مستشفى الإمراض النفسية والعصبية الدكتور عصام بنورة ومدير برنامج التنمية الاجتماعية والأسرية في جامعة القدس المفتوحة الدكتور عماد اشتية .

الدكتور بنورة عقب على الظاهرة بقوله ان الاهتمام الرياضي ايجابي ويحسن النفسية ولكن المبالغة هي مرض بحد ذاتها وأمر غير طبيعي أبدا. وقد يساعد الاندماج في تشجيع أي فريق خلال المباراة على تحسين نفسيات الذين يعانون من ضغوطات نفسية وحالات قلق واكتئاب وتطور ايجابي في أوضاعهم الصحية وأدائهم، ولكن السلوكيات غير المدروسة والتي تأتي بعد الانفعال وقد تصل الى انهيارات نفسية وعصبية تؤدي الى نتائج لا يحمد عقباها.

وذكر د. عصام الحادثة التي حصلت قبل سنوات في مدينة بيت ساحور حين حصل حادث مروع قبل مشاهدة المباراة حين كان السائق منفعل ومشدود الأعصاب ومتوتر بسبب أزمة السير ظنا منه انه سيفقد مشاهدة المباراة مما قاده للسياقة بسرعة جنونية أدت إلى وقوع حادث مروع نتيجة الانفعال العصبي.

اما الدكتور اشتية فعقب بقوله :"ان المشاهد ينجذب الى البرامج التي تثير اهتمامه عادة، ونحن جزء من هؤلاء المشاهدين، ويأتي ذلك نتيجة انفعالات كما لو شاهدنا فيلم او مسلسل وبالتالي فانه امر طبيعي جدا انجذاب المشاهدين لأي من الإطراف ، فمثلا عند لعبة كرة القدم فان المشاهد ينحاز لفريق معين ضد الأخر وهذا ما ينعكس ويؤثر على انفعالاته بعد المشاهدة سواء كان رابحا او خاسر".

ولا يفترض لوم المشاهد على ذلك، ولكن المبالغة تجعلنا نقف عند هذه الظاهرة، عندما يتحول الأمر بعد المباريات الى مظاهرات لعراة الصدور او تكسير إشارات المرور والإشارات الضوئية وحوادث الدهس، مذكرا بان الشعب الفلسطيني عاش ظروف صعبة وانفعالاته تكون في مكانها الصحيح بسبب التراكمات التي عاشها، وبالتالي يجب ضبط تلك الانفعالات والتعامل بعقلانية مع كل الأمور.

وعن إمكانية ان تتحول المبالغة والهوس لحالة مرضية أوضح الدكتور بنورة ان الاهتمام في وقت من الأوقات ببعض الأمور وخصوصا متابعة لعبة كرة القدم قد يصبح حالة نفسية مرضية، وينتج عنها امور لا يحمد عقباها كالانهيارات العصبية والانفعالات غير المدروسة بشكل هستيري وغريب، ولكن بالنهاية فان التفاعل مع هذا امر هو سلوك طبيعي مئة بالمئة ولا يجب ان نكون سلبيين تجاه من ينجذبون لتلك الاهتمامات.

وهذا طبعا نتيجة غياب وسائل الترفيه والفرق الرياضية والفنية وجميع الأشياء التي تساعد على تغيير النفسية في وطننا.

وعن كيفية الابتعاد عن التعصب والاستمتاع بالمهارات قال الدكتور اشتية ان مستوى التوتر عندما يكون مرتفع ومشدود الأعصاب فالجميع يلاحظ بأنه عندما نشجع أي فريق يكون هذا المستوى من التوتر مرتفع جدا، وبالتالي ما يصدر عنه من تصرفات تكون غير طبيعية وغير صحيحة.

نصيحتي هنا بأنه يجب التعامل مع حضور المباريات على أساس الاستمتاع وليس التعصب لفريق من الفريقين الرياضيين وبالنهاية هي مجرد لعبة ونتائجها غير مصيرية لأي من المشجعين هنا في فلسطين.

ويجب التفريق ما بين الانفعال الفردي والجماعي، ونحن هنا نتحدث عن سلوك جماعي منظم، والذي يكون أحيانا خطير ومدمر، و نلاحظ ان جميع الحوادث التي تحصل داخل الملاعب اثناء او بعد المباريات تكون جماعية بحتة. والأمر طبيعي للغاية، ففي علم الاجتماع ذكر في مقدمة ابن خلدون " ان المغلوب دائما ما يكون مولع في تقليد شخصية الغالب" وهذا طبيعي.

وعن متابعة نزلاء مستشفى الإمراض النفسية والعصبية في بيت لحم علق د. عصام بأنه لا يوجد اهتمام كبير بتشجيع الفرق الرياضية وحضور المباريات من قبل النزلاء، لان معظم عروض المباريات تقام إثناء نومهم بينما ينشغل الموظفين أحيانا بمتابعة المباريات .