الأربعاء: 25/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

العليا الإسرائيلية ترفض إلتماساً مقدماً بالنيابة لأكثر من 1000 غزاوي

نشر بتاريخ: 30/04/2011 ( آخر تحديث: 30/04/2011 الساعة: 22:27 )
غزة- معا- رفضت محكمة العدل الإسرائيلية العليا يوم الخميس الماضي التماساً قدمه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من خلال المحاميين ميخائيل سفارد وكارميل بوميرانتز.

وكان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قد قدم هذا الالتماس بتاريخ 21 ديسمبر 2011 بالنيابة عن 1000 شخص من ضحايا العدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة بين 27 ديسمبر 2008 و 18 يناير 2009 (عملية الرصاص المصبوب) بهدف الطعن في فترة التقادم التي مدتها نحو عامين المفروضة على تقديم قضايا التعويض.

وطالب هذا الالتماس ما تعرف بمحكمة العدل العليا الاسرائيلية بإصدار أمر يقضي بأن يمتنع مستشار الدولة عن إثارة قضية الإسقاط بالتقادم فيما يخص الدعاوى المدنية التي يتم تقديمها في المحاكم الإسرائيلية في المستقبل.

وحسب معلومات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، يقضي الحق في الوصول إلى المحكمة بأن إسقاط الدعاوى المدنية بالتقادم يمكن فرضه فقط عندما يتم وقف الحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة.

وأوضح المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان باستمرار أن الإسقاط بالتقادم أدى إلى عقبات مالية وأن الإغلاق غير الشرعي المفروض على قطاع غزة هو الآخر يؤدي، بجانب قانون الإسقاط بالتقادم، إلى إنكار الحقوق المشروعة للضحايا في الانتصاف القضائي الفعال.

وفي الواقع، يسهم قانون الإسقاط بالتقادم إلى جانب الإغلاق المفروض على قطاع غزة في خلق "مساحة من انعدام المحاسبة" في قطاع غزة، حيث تتمتع القوات الإسرائيلية بالحرية في انتهاك القانون الدولي دون وجود تبعات لذلك. ويتضمن هذا الالتماس أحد الحقوق الأساسية– المقرة على المستوى الدولي - ألا وهو الحق في الحصول على التعويض في حال وقوع انتهاك للقانون الدولي.

ويمثل الحكم الذي أصدرته محكمة العدل العليا يوم الخميس انتكاسة خطيرة بالنسبة للضحايا وسعيهم المشروع من أجل تحقيق المحاسبة والانتصاف.

وإن قرار المحكمة القاضي برفض الالتماس تشوبه العيوب من الناحية الإجرائية، فقد كان للمركز الفلسطيني الحق في الرد على الوثيقة التي قدمتها دولة الاحتلال قبل اتخاذ المحكمة قرارها في هذه المسألة. وكان التاريخ الذي حددته المحكمة لرد المركز هو 3 مارس 2011.

ورأى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأن القرار برفض هذه القضية والذي تشوبه العيوب الإجرائية يقدم مثالاً على تواطؤ القضاء الإسرائيلي في تكريس مناخ تتفشى فيه ظاهرة الحصانة والإفلات من العقاب بحيث تتم حماية كافة المسؤولين والجنود الإسرائيليين المشتبه فيهم بارتكاب جرائم دولية من العدالة، ويتم بشكل منهجي إنكار حقوق الضحايا المشروعة في الحصول على الحماية المتساوية التي يوفرها القانون.

ويشار في هذا السياق إلى أن بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة قد استنتجت بأن سلسلة الأفعال التي تقيد وصول الفلسطيني في قطاع غزة إلى "المحاكم والانتصاف الفعال يمكن أن ترقى إلى درجة الأفعال التي تستوجب المحاكمة، وإلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية". وإنه من الضروري أن يتم احترام وتعزيز حقوق الإنسان الأساسية للضحايا وأن يعمل المجتمع الدولي على تشجيع ودعم اللجوء إلى آليات العدالة الدولية.

ويشار الى ان القانون الدولي العرفي يقر بحق جميع الضحايا في الحصول على التعويض في حال وقوع انتهاك للقانون الدولي. ومع ذلك، يواجه فلسطينيو قطاع غزة في الوقت الحالي عدداً من العقبات الهامة التي تمنعهم بشكل فعال من الوصول إلى العدالة، وهو ما يشكل انتهاكاً لحقوقهم الأساسية.

يواجه المدعون ثلاث عقبات رئيسية هي:

1. قيود تشريعية: بموجب القانون الإسرائيلي، فإن أية شكوى متعلقة بالأضرار المدنية يجب أن تقدم خلال عامين من وقوع الحادث، وإلا فقد الحق في التعويض بشكل نهائي. ونتيجة للحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة، والعدد الكبير لضحايا عملية الرصاص المصبوب، فإن فترة العامين هذه تعني بأن الضحايا دائماً لا يتمكنون من رفع قضاياهم خلال الإطار الزمني المحدد لذلك. قبل الأول من أغسطس 2002، كانت الفترة التي تفرضها القيود التشريعية تمتد لسبع سنوات.

2. العائق المالي: تطلب المحاكم الإسرائيلية من المدعين عادة دفع رسوم تأمين قبل أن يكون بإمكانهم البدء بإجراءات القضية. وبينما يخضع ذلك لتقدير المحكمة، إلا أن هذه الرسوم من الناحية المالية تفرض دائماً على المدعين الفلسطينيين. وهذه الرسوم ليست ثابتة، وتحددها المحكمة حسب القضية، ففيما يتعلق بالدعاوى المتصلة بالأضرار التي تلحق بالممتلكات، فإن الرسوم تشكل عادة نسبة من قيمة الممتلكات التي تقدم الدعوى بشأنها. أما فيما يتعلق بالدعاوى المتصلة بالقتل أو الإصابة فليس هنالك معايير محددة، فحسب تجربة المركز، لا يقل هذا المبلغ عن 10 آلاف شيكل (نحو 2800 دولار)، ولكنه يمكن أن يكون أكبر من ذلك بكثير، ففي إحدى القضايا التي رفعها المركز مؤخراً، طلب من المدعين دفع رسوم تأمين بقيمة 20 ألف شيكل (نحو 5600 دولار) لكل حادثة من حوادث القتل غير المشروع الخمسة التي رفعت الدعوى بشأنها. بالتالي، فإن الانتهاكات الجسيمة مكافئة للعقبات المالية الكبيرة جداً في وجه السعي نحو العدالة. وببساطة، فإن المدعين من قطاع غزة، الذين يعانون من تدهور أوضاعهم الاقتصادية بسبب الاحتلال والحصار غير القانوني، لا يستطيعون تحمل هذه الرسوم، وترفض قضاياهم وتغلق.

3. العوائق المادية: بموجب القانون الإسرائيلي، لكي تكون الشهادة صحيحة، يجب أن يمثل الشاهد أمام المحكمة لكي يخضع للاستجواب، ولكن منذ شهر يونيو 2007، لم تسمح السلطات الإسرائيلية لأي شخص من غزة بالمثول أمام المحاكم، على الرغم من توجيه تلك المحاكم رسائل تطلب حضور الشهود. وعلاوة على ذلك، لا يستطيع كافة محامي المركز دخول إسرائيل لتمثيل موكليهم أمام المحاكم على الرغم من تمتعهم بالأهلية لذلك. ونتيجة لذلك، لا يسمح للموكلين بدخول إسرائيل لمقابلة محاميهم، ويتم رفض كافة الطلبات التي يقدمها المحامون من أجل دخول قطاع غزة للالتقاء بموكليهم، وزيارة مسرح الجريمة، وغيرها من الأمور. ويؤثر ذلك حتماً على قدرة المحامين على تمثيل موكليهم، وهو ما يقوض حق الضحايا في الحصول على انتصاف قضائي فعال.

وفيما يتعلق بطعن الالتماس الذي قدمه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وترافع فيه كل من المحاميين ميخائيل سفارد وكارمل بوميرانتز في قيود فترة عامي التقادم، سعياً وراء استصدار أمر احترازي بتعليق فترة التقادم هذه. فقد سلط الالتماس الضوء على عدد من العوائق في وجه العدالة الناجمة عن السياسات الإسرائيلية، بما في ذلك الحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة.

ويتعلق الالتماس بـ 1046 من ضحايا عملية الرصاص المصبوب، يمثلون الغالبية العظمى من القضايا التي تم إعدادها في أعقاب العدوان. وتغطي هذه القضايا فعلياً كافة انتهاكات القانون الإنساني الدولي، ومن بينها أكثر قضايا العدوان فظاعة كقضايا عائلات السموني وأبو حليمة والداية. وان السياسات والممارسات المطعون فيها في هذا الالتماس تنكر بصورة شاملة حق الضحايا في الوصول إلى العدالة، وتكرس مناخاً من الحصانة المتفشية، وتساهم بشكل فعال في خلق مساحة من عدم المحاسبة في قطاع غزة.