جامعة القدس تعقد مؤتمر "وضع الدستور الفلسطيني: آفاق وتحديات"
نشر بتاريخ: 09/05/2011 ( آخر تحديث: 09/05/2011 الساعة: 12:44 )
القدس- معا- عقدت كلية الحقوق في جامعة القدس، أمس، مؤتمر "وضع الدستور الفلسطيني: آفاق وتحديات"، والذي استمر مدة يومين متواصلين، بدعم من الرئيس محمود عباس، وبحضور د.حسين الأعرج رئيس ديوان الرئاسة، ووزير العدل د.علي خشان، ود.نجاة أبو بكر عضو المجلس التشريعي، ورئيس الجامعة أ.د. سري نسيبة، ومشاركة شخصيات سياسية، وحقوقية من داخل فلسطين وخارجها.
بدوره، تحدث حسين الأعرج في كلمة نيابة عن الرئيس محمود عباس، قائلاً: "يشرفني أن أنقل لكم تحيات الرئيس "أبو مازن"، لانعقادكم هذا المؤتمر في كلية الحقوق بجامعة القدس، هذا الصرح العلمي المرموق والقلعة الاكاديمية الفلسطينية المتقدمة في مدينة القدس، العاصمة الخالدة لدولة فلسطين".
واضاف، أن مبادرة الجامعة لعقد هذا المؤتمر الدولي لتستحق كل التقدير، لما سيبذل له من جهد بحثي وفكري قانوني في هذا المجال من شأنه أن يسهم في مساعدة العاملين على وضع دستور فلسطيني".
وأشار إلى أن التجربة الفلسطينية على الصعيد القانوني هي تجربة غنية بكل معاني الكلمة، مبيناً أن منظمة التحرير حينما أقيمت، وضعت الميثاق الوطني الفلسطيني، والنظام الاساسي لمنظمة التحرير، ومع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية وضع لها قانون أساسي ينظم شؤون المجتمع وهو المعمول به حالياً.
ولفت إلا أنه على الرغم من اعتراف المجتمع الدولي بأن الشعب العربي الفلسطيني شأنه شأن الشعوب العربية الأخرى، هو شعب حر مستقل، إلا أن الظلم التاريخي ما زال يقع على شعبنا.
وأكد أن حكومة الرئيس "أبو مازن"، تعمل منذ عامين بتوجيهاته على اقامة أسس ومؤسسات الدولة الفلسطينية وبناها التحتية، وقد تم لغاية الآن تحقيق انجازات معتبرة وقيمة، مشيراً إلى ان هذا باعتراف الهيئات الدولية نفسها في تقاريرها بهذه الانجازات.
وقال: " لقد طوينا قبل أيام صفحة سوداء في تاريخنا وأتممنا المصالحة، وعندما وصلنا لهذه المصالحة طل علينا نتنياهو ولم يرق له هذه المصالحة"، معبراً عن أمله في عدم تكرار هذه الصفحة السوداء.
من جانبه، أشار د. محمد الشلالدة إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي بشأن صناعة الدستور الفلسطيني في ضوء جاهزية السلطة الوطنية الفلسطينية في شهر سبتمبر من هذا العام لإعداد مشروع الدستور الفلسطيني واعلان الدولة.
وأضاف، ثمة حاجة وطنية ملحة لحوار هادئ حول مشروع الدستور الفلسطيني الذي صدرت مسودته الاولى في آذار 2001 على خلفية انتهاء الموعد الزمني للمرحلة الانتقالية في اتفاقية أوسلو، باعتباره استحقاقاً ضرورياً للانتقال من مرحلة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة المستقلة.
ولفت إلى أن الشعب الفلسطيني يتساءل عن حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة، متسائلاً أنه اذا كان القانون الدولي والقانون الدستوري لم يستطيعا أن يقدما الضمانات الحقيقية للشعب الفلسطيني من أجل التحرر والاستقلال، وهذا ما يشهده الواقع، فما هو البديل القادر على ذلك؟.
وشكر د. الشلالدة رئيس دولة فلسطين محمود عباس لدعمه المؤتمر مادياً ومعنوياً، كما وشكر د. سلام فياض على دعمه لانجاح المؤتمر، مؤكداً على أن صاحب فكرة المؤتمر هو ا.د. سري نسيبة رئيس الجامعة، مقدماً لذلك شكره له ولدعمه وتشجيعه الدائم للبحث العلمي، والمؤتمرات لما لها من نتائج ايجابية.
من جهته، أشار د. سعيد زيداني نائب الرئيس للشؤون الاكاديمية في كلمة نيابة عن رئيس الجامعة، إلى أن هذا المؤتمر ينطوي تحت مستويين: الاول، نحو الفهم الاغني والاكثر عمقاً للقضايا قيد النقاش والتداول، المستوى الثاني، الفائدة المرجوة ذات الصلة باعداد الدستور الفلسطيني، وفي وقت تتفرد فيها القناعات بولادة قريبة وان كانت عسيرة للدولة الفلسطينية.
وقال: " أفترض أن ما نحن بصدده في فلسطين الآن هو التأسيس لدولة ديموقراطية ليبرالية أو لنظام حكم ديموقراطي ليبرالي، واذا كان الامر كذلك، فعلى دستور كهذا ان يعالج قضايا أساسية مثل، ماهي الحقوق والحريات الاساسية التي يجب أن يتمتع بها الانسان المواطن في الدول، والتي على الدولة حمايتها".
وتحدث د. علي خشان وزير العدل عن العلاقة بين الدولة والدستور الفلسطيني، قائلا: " نحن نتحدث عن برنامج الحكومة الفلسطينية وبرنامج الرئيس محمود عباس حول انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية، ولو أردنا الحديث نظري دون مقومات عملية لاقامة الدولة، فإن البرنامج سيكون مجرد احلام، مضيفاً أنه لا بد من وجود مقومات ومكان لاقامة دولة".
وأشار إلى أن الدستور ركن اساسي لقيام دولة، والمهم أن لا نتحدث عن دولة مجردة وإنما دولة فلسطينية ديمقراطية، مؤكداً انه لن يتغير حالنا ما لم تكن موجودة، ولا يمكن تطبيقها دون احترام حقوق الانسان، واحترام فكرة المرأة.
وبين أن معظم الدساتير تتحدث عن فصل بين السلطات وتضع كثير من القوانين، وتركز على صلاحيات الرئيس والسلطة التنفيذية وهي تعطي بذلك مزيداً من الاستبداد، لانها تكون صلاحيات دون ضمانات.
وشدد على ان المهم في هذه المرحلة هو أهمية الانتقال من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الدولة، وهي بذلك تحتاج إلى دستور فلسطيني، مؤكداً على أهمية تشكيل هيئة تعد الدستور تتكون من 40-50 شخصاً.
وأشار د. علي السرطاوي من جامعة النجاح إلى أن وضع دستور فلسطيني يعتبر من أحد المتطلبات الضرورية للشعب الفلسطيني في طريقة للتحرر واعلان الدولة المستقلة، مبيناً أن مسألة وضع دستور للشعب الفلسطيني لها خصوصية خاصة.
وأضاف، وإن وضع الدستور في فلسطين ليس عملية قانونية بحتة وإنما لا بد من تأثرها بما يفرضه الواقع من محددات، وأيضاً لابد لنا عند صياغة الدستور من الموازنة بين المثالية والواقعية.
وأوضح د. جهاد كسواني من كلية الحقوق في الجامعة أنه يتوجب في الدستور أن يكون وثيقة حضارية تعكس روح الامة وحضارتها وتعبر بصدق وشفافية عن العقل الجمعي لها بكل ما يتضمن من أحكام أخلاقية وقيم انسانية، وعمق تارخي، لافتاً إلى أن الدين مثل عليا للقواعد الدستورية، والأسس الفلسفية وتحرير الدستور من الشذوذ، والابتعاد عن نظرية الحق الإلهي.
وأشار د. عبد الملك الريماوي إلى أن وثيقة الاستقلال الفلسطينية أرست أساس وفلسفة النظام السياسي الفلسطيني حاضرا ومستقبلا، بحيث يكون نظاما برلمانيا قائم على الديمقراطية والتعددية والمساواة واحترام مبادئ حقوق الإنسان، ويرسخ سيادة القانون والقضاء المستقل.
لافتاً إلى أن وثيقة الاستقلال الفلسطينية استندت على الركن القانوني لتجسيد حلم الدولة الفلسطينية وتمسك أبناء الشعب الفلسطيني بحقه الطبيعي والتاريخي وبقرارات الشرعية الدولية التي تتمثل بقرارات الأمم المتحدة وبحقهم في تقرير مصيرهم.
واستعرض د. جمال الخطيب من كلية الحقوق في الجامعة، طبيعة واختصاصات المحكمة الدستورية، مبيناً أنها ذات طبيعة قضائية خالصة، وهي مستقله وقائمه بذاتها، وأشار إلى أن المشرع رئيس السلطة الوطنية قد فوض حق تشكيل المحكمة الدستورية الأول وتعيين رئيس وأعضاء المحكمة بناءً على تنسيب الجمعية العمومية للمحكمة، اذ أصبحت المحكمة الدستورية صاحبة الاختصاص الأصيل في الرقابة على دستورية التشريعات، وان دور الرقابة ليس مطلقا متروك لاجتهاد والقاضي.
وعبر عن أمله في أن تقوم هذه المحكمة الدستورية بدعم القضية الفلسطينية وتكون حلقة الوصل ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية المظلة السياسية للسلطة الوطنية الفلسطينية.
وقدم د. اوري ديفيس من قسم الدراسات الإسرائيلية- دراسات عليا في الجامعة ورقته "آفاق دستور لدولة فدرالية واحدة"، ملخصاً لها، جاء كالتالي: اقامة جمهورية فلسطين الفدرالية الديمقراطية أو جمهورية فلسطين الفدرالية الاشتراكية، ذات سيادة كاملة، وهذا يعني دولة لها جيش معترف فيه دولياً وليست دولة منزوعة السلاح، وتشمل دولتين: دولة فلسطين العربية، ودولة فلسطين اليهودية أو فلسطين العبرية، ومدينة القدس الدولية.
وأشار إلى انه من أهم ميزات هذه الخطة انها تلتزم بالثوابت الفلسطينية وبالشرعية الدولية ولا تعطي دولة اسرائيل ذرائع بان منظمة التحرير الفلسطينية لا تعترف بدولة اسرائيل كدولة يهودية، بتفسير الامم المتحدة وليس بالتفسير الصهيوني.
وتناول د. علي أبو كف من كلية الحقوق في الجامعة، موضوع "الاشكاليات الدستورية في النظام الإسرائيلي"، مبيناً ان الدستور في اسرائيل أثار جدل كبير بين اليهود في الداخل والخارج.
وركز د. أبو كف في حديثه على المشروع الدستوري الإسرائيلي وخاصة "لجنة ليوكوهن"، والتي تعتبر المرجعية الأساسية لقانون الانتقال أو ما يسمى "الدستور المصغر".