أكاديميون ونقابيون يدعون السلطة لتبني إستراتيجية بديلة للحد من الفقر
نشر بتاريخ: 09/05/2011 ( آخر تحديث: 09/05/2011 الساعة: 18:10 )
غزة -معا- دعا أكاديميون ونقابيون فلسطينيون إلى وضع سياسة تنموية واقتصادية للسلطة الفلسطينية بما يتلائم مع واقع الحركة العمالية، والقيام بمراجعة شاملة لسياسة السلطة الاقتصادية بتبنيها إستراتيجية بديلة للحد من معضلتي الفقر والبطالة.
جاء ذلك ندوة حوارية نظمتها كتلة الوحدة العمالية على شرف الأول من أيار- عيد العمال العالمي بعنوان "السياسة التنموية للسلطة الفلسطينية والآثار الاقتصادية والاجتماعية على الطبقة العاملة" اليوم الاثنين في قاعة الهلال الأحمر بمدينة غزة، والتي شارك فيها د.سمير أبو مدللة رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الأزهر، د. فضل أبو هين أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى، والنقابي عايش عبيد نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين وعصام أبو معمر مسؤول كتلة الوحدة العمالية بقطاع غزة.
بدوره أشار د.سمير أبو مدللة إلى أن الخلل الجوهري في السياسات الاقتصادية المعتمدة لدى السلطة الفلسطينية تكمن في التراجع الخطير في معدل حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ووصلوه في 73% في عام 2009 عما كان عليه في عام1999، موضحاً ان الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي قد لعبا دوراً هاماً في انهيار بنية الاقتصاد الوطني، وهذا ما تجاهلته الحكومات المتعاقبة للسلطة الفلسطينية في إتباع سياسة اقتصادية تركز على هذين العاملين، إضافة الى افتقار سياسة السلطة الاقتصادية الى المنهجية والشمولية والتكامل والتناغم بين السياسات والأهداف المعلنة.
وتطرق د. أبو مدللة إلى ان التوسع في الطلب المحلي قاد عملياً لتفاقم العجز في الميزان التجاري وانكشاف الاقتصاد للخارج وتعميق تبعيته للسوق الإسرائيلية.
وأوضح الأكاديمي الفلسطيني د.سمير أبو مدللة أن إستراتيجية الاعتماد على القطاع الخاص كمحرك رئيسي للنمو قد فشلت في إخراج الاقتصاد الفلسطيني من حالة الركود، داعياً الى ضرورة وضع إستراتيجية إنعاش اقتصادي بديلة تكون أقل عرقلة للقيود الإسرائيلية، وعلى القطاع العام ان يتصدر هذه العملية وليس القطاع الخاص.
وطالب د.أبو مدللة السلطة الفلسطينية الى مراجعة شاملة لسياستها الاقتصادية، والى تبني إستراتيجية بديلة تقوم على حشد الموارد المتاحة وتركيزها نحو تحفيز النمو الاقتصادي بتسليطها الضوء على مشكلتي الفقر والبطالة، موضحاً انه بإمكان القطاعين العام والخاص لعب دور ملموس في تلك العملية بالتكامل فيما بينهما لما تتطلبه الحاجة العملية دون تفضيلات أيدلوجية، داعياً الى تسليط الضوء على دعم وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تتعلق بالمجتمع المحلي وحاجاته وبعيدة عن الآثار التدميرية للقيود وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة في المناطق القريبة من الجدار والمستوطنات بالضفة والمناطق المهددة بالتهويد على طول الحدود الشمالية والشرقية لقطاع غزة .
ودعا السلطة الفلسطينية إلى توفير سبل الحماية للاقتصاد الفلسطيني من المنافسة الأجنبية وخاصة الإسرائيلية عبر تنشيط الحركة المجتمعية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية وتوفير السبل لإعادة اعمار غزة والعمل على دعم صمود شعبنا الفلسطيني في المناطق المنكوبة بالجدار والاستيطان وبخاصة بالقدس والأغوار.
وفي ذات السياق، تطرق د.سمير أبو مدللة رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر، إلى أولويات السياسة الاجتماعية البديلة التي يجب ان تقوم بها السلطة الفلسطينية لتعزيز التضامن والتكافل الاجتماعي، عبر رعاية الفئات الأكثر تضرراً من الاحتلال وخاصة أسر الشهداء والأسرى والجرحى وتوفير الحياة الكريمة لهم، والعمل على حماية مصالح العمال وصغار الموظفين، والعمل على توحيد برامج الرعاية والحماية الاجتماعية بقاعدة بيانات موحدة وصندوق تمويل موحد تشارك في إدارته القوى السياسية والاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني، وتمكين المرأة من نيل حقها في الحرية والمساواة في مختلف مجالات الحياة، والقيام بتحسين مستوى الحياة في المخيمات والضغط على وكالة الغوث لتطوير خدماتها والعمل على تحسين خدمات التعليم وتطويره بما يتلائم مع ظروف الحياة بما يضمن تمكين الشباب في الحصول على حقوقهم في التعليم والعمل والمشاركة السياسية.
من جهته أشار النقابي عايش عبيد إلى دور الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في الدفاع عن العمال وحقوقهم في العمل والحصول على معيشة وحياة كريمة، موضحاً معاناة الحركة العمالية وتشرذمها نتيجة غياب الحريات العامة وحرية العمل النقابي ونتيجة وجود الاحتلال الإسرائيلي وتعاظم الانقسام الفلسطيني في انتهاك العمل النقابي وقطع التواصل مع الاتحاد العمالية الدولية التي كانت تقدم بعض المشاريع للعمال.
وعبر عن أمله ان تشق جهود المصالحة الفلسطينية طريقها لوقف استنزاف العامل في لقمة عيشه، وتعيد للاتحاد دوره في الدفاع عن مصالح العمال وحقوقهم في العيش الكريم. وطالب السلطة بوضع برامج جديدة وإقرار قوانين للعمل وتفعيل بعض منها وإنهاء كافة المعضلات الناتجة عن حالة الانقسام والسماح بالتعددية النقابية.
فيما أكد الأكاديمي فضل أبو هين، أن أكبر معضلة تقف في وجه العامل تكمن في قدرته على العمل وعجزه عن إيجاد فرصة عمل له تكفل توفير حياة كريمة له، مما ينعكس سلباً على العمال بخلق حالات نفسية واجتماعية تؤدي الى أمراض جسدية وتعاظم آفات اجتماعية كالانتحار والانهيار النفسي وارتفاع نسب الطلاق والبحث عن طرق بديلة لذلك بالهجرة الى الخارج.
ودعا السلطة الفلسطينية والمؤسسات والجمعيات العمالية الى تحمل مسؤولياتها اتجاه العمال ووضع حل جذري للتخفيف عن معاناتهم.
هذا وكانت افتتحت الندوة العمالية بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الطبقة العاملة وكافة شهداء شعبنا الفلسطيني. فيما أوضح عصام معمر الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها قطاع العمال وخاصة في قطاع غزة الناجمة عن الحصار والإغلاق والحرب الأخيرة على قطاع غزة التي فاقمت من معدلات ونسب الفقر والبطالة، إضافة الى تراجع الحكومات المتعاقبة على الإيفاء باستلزماتها اتجاه العمال بوضع برامج تشغيلية إنتاجية لهم وإنشاء صندوق الضمان الاجتماعي لحماية أسرهم من الفقر.
ورفعت خلال الندوة الحوارية عدد من الشعارات التي تؤكد على حق العمال في العمل وتدين تجاهل حقوق العمال وتدعو لخلق فرص عمل بما يكفل حياة كريمة لهم ولأسرهم، ومواصلة النضال ضد القهر والفقر والبطالة والجوع باعتباره حق مشروع كفله الأساسي، وجرت عدة مداخلات أثرت للندوة، التي حضرها حشد واسع من الطبقة العاملة من الشباب والنساء وممثلي الأطر العمالية للفصائل والقوى الفلسطينية وممثلي المجتمع المدني.