فياض: نعكف على تحديث خطة لاعمار غزة والرواتب فور ورود ايراداتنا
نشر بتاريخ: 11/05/2011 ( آخر تحديث: 11/05/2011 الساعة: 17:03 )
رام الله- معا- أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض خلال حديثه الإذاعي الاسبوعي أن القيادة تُتابع موضوع التأخير في دفع الرواتب بكل جدية ومسؤولية، وعلى كافة المستويات ومع مختلف الجهات، لضمان إلزام إسرائيل بتحويل عائداتنا الضريبية بصورةٍ فورية، وبما يُمكننا من دفع رواتب الموظفين، والمخصصات الاجتماعية هذا بالإضافة إلى سعينا مع الدول الصديقة والشقيقة لمساعدتنا في تجاوز هذه الأزمة من خلال توفير الأموال اللازمة لذلك.
وقال: " كلي أمل في أن نتمكن من تجاوز هذه الأزمة. ومع ذلك، ولأن مهماتنا الأخرى يجب أن تستمر رغم هذه الضائقة والأزمة، فقد إرتأيتُ أن يكون حديثي هذا الأسبوع، كما كان مقرراً سابقاً، حول السياحة في فلسطين وارتباطها بتاريخ شعبنا وتراثه وثقافته ومجمل مشروعه الوطني".
وتابع: "لكن قبل الحديث عن هذا الموضوع، أود التأكيد وبوجه قطعي، على ما سبق وأعلنت عنه بشأن الرواتب، ألا وهو أننا سنقوم بصرفها فور ورود حوالة إيراداتنا من إسرائيل أو ما يكفي من المساعدات الخارجية لدفعها، وعلى خلفية هذا التأكيد، وما سبق أن أعلنت عنه مراراً أستغرب، لا بل استهجن إمعان البعض في الدس والتشكيك، بدلاً من التوحد خلف الجهد المبذول من القيادة لتشكيل ضغط قوي وفاعل يُلزم إسرائيل بالإفراج عن مستحقاتنا، وبدلاً من الالتفاف حول الجهد المبذول للمضي قدماً في تنفيذ إتفاق المصالحة الوطنية".
وشدد رئيس الوزراء أن السياحة في فلسطين تُشكل أحد أعمدة اقتصادنا الوطني، ومصدراً هاماً للدخل القومي، وهي رافعة أساسية لآفاق التنمية الاقتصادية الشاملة والمُستدامة، وهي أيضاً نافذة لشعبنا وثقافته وحضارته على ثقافات العالم وحضاراته. وقال: " ففلسطين التي شكلت عبر التاريخ مهداً للثقافات وتعايُش الأديان، تتميز بمواقع وآثار سياحية دينية وتاريخية وثقافية وتراثية تعكسُ تاريخ المنطقة وحضارتها في بيئةٍ متنوعة تتميز بطبيعةٍ خلابة وجاذبة للسياحة".
وأشار فياض إلى أن تمتع فلسطين بموقعٍ جغرافيّ استراتيجي، يؤهلها أن تكون بلداً سياحيّاً بإمتياز. وقال: "ورغم الممارسات الإسرائيلية التي ألحقت الكثير من الأذى بقطاع السياحة، من خلال الحصار والحواجز، والجدار، والاستيطان، والإغلاقات، والاجتياحات، والتوغلات، وتدمير البنى التحتية، إضافةً إلى القيود المشددة على المعابر، فقد تمكن القطاع السياحي في فلسطين من الصمود أمام هذه التحديات، وساهمت حالة الاستقرار الناجمة عن نجاح السلطة الوطنية، خلال السنوات الأخيرة، في توفير الأمن والأمان في زيادة تدفق السياح". وتابع: "تُشير الاحصائيات إلى أن النشاط السياحي شهد خلال العام الماضي، زيادةً بنسبة 75% عن عام 2009. كما ارتفع النشاط الفندقي بنسبة تصل إلى 40% مقارنةً بالعام 2009، ناهيك عن الزيادة التي تضاعفت لعدة مرات بين الأعوام 2006-2009. أما حجم العائدات من السياحة، فقد وصل إلى ما نسبته 15 % من الناتج القومي المحلي في عام 2010 مقارنةً مع 9% في العام 2009".
وأكد فياض أن السياحة ارتبطت دوماً بتاريخنا، واعتبرت مكوناً أساسياً لتراثنا وهويتنا الوطنية، الأمر الذي يعكس أحد أوجه إصرار شعبنا على الحياة والانفتاح على شعوب العالم. وقال: " وقد تضمنت خطة السلطة الوطنية محوراً أساسياً لتطوير البنية التحتية للقطاع السياحي، وإقامة المزيد من المرافق السياحية الكفيلة بتطوير السياحة، والارتقاء بجودة الخدمات السياحية لتعكس وجهاً لفلسطين يفعم بالتصميم على الحياة والبناء رغم التدمير والحصار". وتابع:" ونحن نتحدث عن السياحة وآفاق تطويرها وإسهامها في تحقيق النمو الاقتصادي، فإننا بالتأكيد نروي قصة شعب ينهض من أنقاض ركام الاحتلال وما خلفه من دمار، ليُعيد كتابة تاريخه وإسهاماته في بناء وترسيخ الحضارة الإنسانية".
وحول السياحة في مدينة القدس، أكد رئيس الوزراء أن القدس، بتنوعها الثقافي والديني، كانت على مدى العصور منارة جذب لشعوب العالم. وقال: "واليوم تُشكل القدس مركزاً سياحياً واعداً لمستقبل التنمية والسياحة الدينية. كما أنها بالنسبة لنا ليست فقط العاصمة الأبدية لدولتنا العتيدة، بل نحن، ومعنا العالم بأسره، ننظر إليها كرمز وكعنوان للإنسانية بكل أبعادها الثقافية والروحية. وستكون القدس بتاريخها وتراثها وأفقها الممتد نحو المستقبل أقوى من الجدران التي لا تُحاصر أهلها فقط، بل، وتستهدف محاصرة تاريخها، والنيل من مكانتها". تابع: "نحن على ثقة بأن القدس قادرة على أن تظل إرادتها في الانفتاح على العالم أقوى من كل سياسات الحصار والعزل. وهي تستحق منا الكثير من العمل. فالقدس عاصمتنا الأبدية، وبموروثها الديني والثقافي وبيوتها القديمة وأسواقها، وأزقتها لا يمكن إلا أن تبقى مفتوحة وآمنة على مدار العام لاستقبال السياح والحجاج من كل بقاع الأرض، ومعها توأمها بيت لحم مهد سيدنا المسيح عليه السلام، ومدينة أريحا، أقدم مدن العالم، التي تستحق أيضاً أن تأخذ مكانها في مصاف المدن الأثرية التاريخية العالمية".
وشدد رئيس الوزراء أن النمو في القطاع السياحي لم يكن أن يتحقق لولا الدور الهام الذي قامت به المؤسسة الأمنية في المحافظة على الأمن وتحقيق الاستقرار، وتكامل دورها وتناغمه مع القطاعات والمؤسسات الأخرى العاملة في مجال السياحة لمضاعفة الاستثمار فيه، ولولا الاهتمام ببنيته التحتية، وتشجيع المشاريع التراثية، والأنشطة الفلكورية، وترميم البيوت ومراكز القرى القديمة، والتسويق الداخلي والخارجي، والذي يُشكل في مجمله الرافعة الأساسية التي أدت إلى زيادة أعداد السياح، والذين باتوا سفراء لفلسطين في العالم ينقلون صورة الواقع الفلسطيني وتطلعات وطموحات شعبنا. وقال: " لهذا فإن إحياء هذا القطاع يُشكل هدفاً حيوياً وهاماً يتطلب منا جميعاً العمل، وبكل جدية وإلتزام لحماية طبيعة فلسطين ومواقعها السياحية الأثرية والتاريخية، وتطوير التراث الثقافي، وتوسيع رقعة السياحة لتشمل الأرياف من خلال إطلاق المبادرات والمشاريع السياحية الحيوية، وتنمية وتطوير الموارد الطبيعية والثقافية، وتوفير الخدمات اللازمة للسياح. فنحن نأمل أن تكون فلسطين وجهة كل العالم".
وأكد فياض أن السلطة الوطنية تتطلع ايضاً إلى قطاع غزة، ومكانته ليس فقط كحامٍ للهوية الوطنية، بل ومركز للنشاط السياحي الذي يتميز به الساحل ومدنه المتوسطية، وقال: "نتطلع إلى الاضطلاع بمسؤولياتنا للنهوض بهذا القطاع مجدداً وكلي ثقة بأن تُعبد المصالحة طريق الانفتاح أمام أهلنا في مدن القطاع ومخيماته وقراه لنرمم أثار الاغلاق والحصار والعزلة. فمدن الساحل، وغزة من أبرزها، كانت دوماً مدن الانفتاح والحركة التجارية، وحتماً سيكون شعبنا قادراً، وبأسرع مما يتصور البعض، على إعادة القطاع مركزاً للحياة الفلسطينية الثقافية والفنية، كما في مختلف الصعد والمجالات الأخرى". وتابع: "إنني أؤكد لكم أن الحكومة تعكف هذه الأيام على تحديث خطة السلطة الوطنية لإعادة إعمار القطاع وبما يُمكن حكومة التوافق القادمة من البدء فوراً في تنفيذ برامج إعمار القطاع وإنعاش اقتصاده. هذا بالإضافة إلى مسؤوليتها في تنفيذ المشاريع التنموية، وخاصةً في البنية التحتية وقطاعات المياه والكهرباء، للنهوض باحتياجات أبناء شعبنا في القطاع".
ودعا رئيس الوزراء المجتمع الدولي لممارسة مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية لإلزام إسرائيل برفع الحصار عن أهلنا في القطاع وفتح كافة المعابر، ولتشغيل الممر الآمن لضمان تحقيق الوحدة الجغرافية بين شطري الوطن. كما دعا قطاع الأعمال الفلسطيني والعربي للاستثمار في قطاع غزة، وتمكينه من نفض غبار العزلة ومخلفات الحصار. وختم رئيس الوزراء حديثه الإذاعي بقوله: "السياحة في فلسطين هي قصة شعب مصممٍ على الحرية وتحقيق الانفتاح على العالم وثقافاته".